بسم الله الرحمن الرحيم

ولنا في التاريخ عبرة
أن استمرار الثورة السلمية الجنوبية والمستمدة أهدافها من الواقع الإنساني ومن الشريعة الإسلامية ومن الضمير الإنساني الحي. فهي ثورة عارمة لم تكن فقط ثورة في الميدان وإنما ثورة في الضمير وثورة في ميدان النفس البشرية وتصوراتها ومشاعرها وأطماعها ودوافعها.
ثورة استمدت أهدافها من معانات شعب ومن تجاربه ومن أخلاقه وقيمه.
ثورة انطلقت من ميدان القوة والرفض ضد الظلم والقهر والاستبداد والاحتلال.
ثورة انطلقت من إدراك الجنوبيون لتاريخ الجنوب الدامي التي مرت به من المؤامرات الدامية عن طريق أيادي خفية في السلطة كانت تنتمي لجهات خارجية التي أرادت إن تفتك بالجنوب وبأهله وتسخره لمصالحها الخاصة .
فتلك دروس وعبر يجب ألا تتكرر ويجب إن نتعظ به.
فتلك الأحداث والمؤامرات والمصائب التي مرت على الجنوب من أيام الاستعمار الأول حتى حاضرنا أيام الاستعمار الثاني كل تلك الأحداث التي كانت تتلاعب بأبناء الجنوب أيادي خفية حاقدة على شعب الجنوب وإرادته القوية الصلبة أيادي أرادت أن تمكر بنا فمكر الله بهم وفضحهم أيادي أرادة أن تخرجنا من دائرة الإيمان بالله وتوحيده من دائرة الفطرة الإنسانية التي فطر عليها إلى دائرة الإلحاد والكفر والغواية والإنكار .
وظلت تلاحق الجنوبيين عن طريق الاستخبارات حتى وقع الجنوب في الفخ الأكبر بأحداث 1986م الدامية التي كان ورائها سلطة صنعاء وجحافلها التي احتضنتهم الجنوب هاربين من الشمال وأعطتهم أفضل المناصب .. ولكن إذا أكرمت اللئيم تمردا .
وبعدها جاءت الوحدة ... وكيف مرت من اغتيالات ومؤامرات وفتاوى والتكفير وإباحة الدماء وإعلان الجهاد على الجنوبيين حتى أنتجت حرب 94م واحتلال الجنوب وتدمير البنية التحتية وتجهيل أهله وقتل خيرة شبابه ونهب أرضه وفوق ذلك أراد الاحتلال إدخال المذهبية لزرع الفتن ونبش أحزان الماضي والثأر من أجل أن تعم الجنوب فوضى لانهاية لها .وما زالت تحاول .
حتى أصبح الإنسان الجنوبي يشعر ويدرك ويفهم من خلال معاملة سلطة الاحتلال للإنسان والثروة والأرض في الجنوب. أدرك وأيقن بأن الأحداث والمؤامرات والمصائب التي مرت على الجنوب وإنسانه كلها وبما فيها أحداث 86م إنها ليست من صنع الإنسان الجنوبي ولاهي من أخلاقياتهم ولاهي من قيمهم النبيلة ولا هي من صفاتهم أو مبادئهم وإنما هي من صنع سلطة صنعاء وغدرها وخيانتها بالتنسيق مع القيادات المستوطنة في الجنوب المتمركزة على أفضل المناصب ......
ونحن في هذه الأيام وفي أحلك الظروف بحاجة إلى وعي وإدراك وتعقل وتبصر..وعزيمة وإيماناً قوي حتى نجتاز الصعاب ونصل إلى الهدف الأسمى والنصر المؤزر بأذنه سبحانه وتعالى .
فحرب 94م هي هزيمة المنتصر وانتصارا للمنهزم.
فنتصر العدو في الجانب العسكري ونهزم في جميع جوانب الحياة الإنسانية منها الأخلاقية والشعورية والاجتماعية والفكرية ...
فهزيمة 94م جلبت للجنوبيين الخير الكثير والنعمة الكبرى التي لم نكن نتصورها أو نحلم بها أنه الانتصار الأعظم .. انتصار الشعور والإحساس وانتصار النفس البشرية انتصار المعرفة الواضحة والرؤيا المستنيرة والحقائق واستقرار المشاعر على هذه الحقائق استقرار اليقين في القلب, وتمحيص النفوس وتميز الصفوف وانطلاق الجماهير متحررة من سلطة عمياء . أنه انتصار مبدأ التصالح والتسامح وتوحيد الصف الجنوبي فكرة وهدفاً. ورفضها للظلم والاحتلال..
وانظر إلى سلطة صنعاء وشعبها في الشمال فهي انهزمت في شتى جوانب الحياة البشرية غارقة بالفوضى والويلات فأصبح شعب ممزق حروب وصراعات مذهبية وطائفية فكرية وعقائدية سياسية وحزبية وقبائلية أصبح شعب مقهور وسلطة على حافة الانهيار والسقوط .
سلطة متخبطة مرتبكة منتظرة لما يحصل لها من هول ما هو آت..جنوب قادم على الاستقلال لا محالة..حوثي على أبواب صنعاء . جيش يتقهقر لا يستطيع أن يدافع عن نفسه في صعده . قادة تبتاع وتهرب ألوية تدمر. معسكرات تسقط . مخازن أسلحة بملايين الدولارات تسلم. سلطة تستنجد بالجيران وتسلم الأمر إليهم.لسفك دماء شعبها وإبادتهم وإحراقهم بدون ذنب .. فلا ندري ما فاعل بهم رب العالمين الذي حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده
ولله في خلقه شؤون
قال تعالى( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ))
أنظر كيف انقلبت الموازين رأساً على عقب ٍ
هذا بسبب مكرهم وخداعهم ونقضهم للعهود والمواثيق والظلم والفساد سفكوا الدماء قتلوا الأنفس الزكية التي حرمها الله استباحوا أرض الجنوب وثروته وحرموا أهله من أبسط الحقوق ...
وما خفي كان أعظم؟؟!!
ولا يحق المكر السيئ إلا بأهله
وقال تعالى: (( وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وأن كان مكرهم لتزول منه الجبال )).
وقال تعالى: (( ومكروا مكراً ومكرنا مكراً وهم لا يشعرون, فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنَّا دمرناهم وقومهم أجمعين )).
وقال أيضاً: (( واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولاتكٌ في ضيق مما يمكرون )).
فمعنى المكر باللغة العربية هي: الغدر والخيانة والاحتيال والخداع والفساد.. وما شابه.
وأما المكر من الله فهو الجزاء على مكرهم وخداعهم وغدرهم...تفسير فتح القدير والطبري.