ملتقى جحاف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ملتقى جحاف: موقع ومنتدى إخباري سياسي اجتماعي ثقافي عام يختص بنشر الأخبار وقضايا السياسة والاجتماع والثقافة، يركز على قضايا الثورة السلمية الجنوبية والانتهكات التي تطال شعب الجنوب من قبل الاحتلال اليمني
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر|

الــــهـــــروب كتاب يبين الجوانب الخفية للعالم الحر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
وضاح الجنوب
وضاح الجنوب
المدير العام
اس ام اس
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

صوره افتراضيه

عدد المساهمات : 2568

تاريخ التسجيل : 29/05/2009

الــــهـــــروب كتاب يبين الجوانب الخفية للعالم الحر Empty
مُساهمةموضوع: الــــهـــــروب كتاب يبين الجوانب الخفية للعالم الحر الــــهـــــروب كتاب يبين الجوانب الخفية للعالم الحر Emptyالسبت 6 فبراير - 13:51

الــــهـــــروب كتاب يبين الجوانب الخفية للعالم الحر 2d58bfaf-b5e1-4e1d-8845-e602b167b75d_main

تأليف: كارولين جيسوب
ترجمة وإعداد: محمد أمين
كتاب «هروب» ESCAPE ليس قصة أسطورية لمجتمع عاش في عصور غابرة، ولا لقبيلة تتخذ من أدغال أفريقيا أو غابات الأمازون موطنا لها، إنها حكاية طائفة تعيش في عصرنا الحاضر، وفي قلب العالم الحر، الولايات المتحدة الأميركية.
ففي المنطقة الواقعة بين ولايتي أريزونا ويوتا، تعيش طائفة صغيرة لا يتجاوز تعداد أفرادها عشرات الآلاف، وتتبع لإحدى الكنائس المعزولة، ويطلق عليها اختصاراً FLDS.
هذه الطائفة لها طقوس وعادات وتقاليد غريبة، لدرجة تعارضها مع القوانين الأميركية.. لكن السلطات الأميركية كثيرا ما تغض النظر عن مخالفاتها.
ويخضع أفراد هذه الطائفة لأوامر زعيم الطائفة الذي يتمتع بهالة من القدسية، لدرجة أنهم يطلقون عليه صفة «النبي»! وهذا النبي المزعوم يتزوج ما طاب له من النساء حتى ليصل عدد زوجاته - احيانا - إلى سبعين زوجة، معظمهن من صغيرات السن.
وبيد هذا «النبي» سلطة تزويج الرجال والنساء، واختيار الأزواج، ومباركة هذه الزيجة وتحريم تلك.
ويعتبر تعدد الزوجات من سمات هذا المجتمع، ومن دون أي ضوابط، حتى ان الرجل يجمع اكثر من خمس عشرة زوجة، وقد يكون من بينهن شقيقات، ويزيد عدد الابناء أحيانا على الاربعين، وكلما زادت قوة الرجل ونفوذه لدى «النبي» تمكن من الظفر بعدد أكبر من الزوجات.
يلقن أبناء هذه الطائفة أن العالم الخارجي ليس سوى مجموعة من الأعداء الأشرار الذين يتربصون بالطائفة ويريدون القضاء عليها، ويمتنعون عن إرسال أبنائهم إلى المدارس الحكومية، لأن المعلمين فيها هم من «المشركين»، ويحظرون دخول الكتب «الدنيوية»، بما فيها كتب الأطفال.
ولا يُسمح للعائلات باقتناء أجهزة التلفزيون، أو تناول الحلويات، كما تمنع مدارسهم تعليم الطلاب والطالبات أي ثقافة جنسية، حتى أن «الفتاة لا تعرف شيئا عن الجنس إلا ليلة زفافها» كما تقول المؤلفة.
والمرأة في هذا المجتمع ممنوعة من قيادة السيارة، إلا في حالات استثنائية جداً، على أن تكون السيارة بلا لوحات، او بلا ترخيص، حتى لا تتمكن من الفرار إلى خارج الطائفة، كما فعلت مؤلفة الكتاب.

لقد حان وقت الفرار. انها اللحظة التي انتظرتها منذ اشهر. لقد كانت اللحظة المناسبة تماما. وكان علي ان اتصرف بسرعة وبلا خوف، فلا قبل لي بالفشل، فالخطر يشمل تسعة ارواح.. ابنائي الثمانية وانا.
الزمن كان يوم الاثنين (الحادي والعشرين من ابريل 2003)، وعند الساعة العاشرة ليلا، تبين لي ان زوجي غادر البيت مبكرا في رحلة عمل. وكان ابنائي الثمانية في المنزل، بمن فيهم ارثر ابن الخمسة عشر ربيعا، وهو اكبرهم، الذي عادة ما يسافر للعمل في مجال البناء. وكان لا بد لأمرين ان يحدثا معا، كي اتمكن من الفرار. وقد حدثا: ان يكون زوجي خارج المنزل وان يكون ابنائي كلهم فيه، لذا كان علي ان اتحرك خلال ساعات قليلة.
الخيار كان بين الحرية او الخوف. لقد كنت في الخامسة والثلاثين من عمري واتوق للخلاص من حياة زوجية مع زوج يعيش مع عدة زوجات اخريات غيري. انه العالم الوحيد الذي عرفته. لقد جئت من ستة اجيال من مجتمع يبيح للرجال تعدد الزوجات، وكنت جزءا من طائفة عرفت بالكنيسة الاصولية لاواخر القديسين المعروفة بالاختصار FLDS. لقد عاش عشرة آلاف نسمة من هذه الطائفة في تجمع صغير على طول الحدود بين اريزونا ويوتا.
في سن الثامنة عشر، اجبرت على الزواج «المرتّب» بميريل جيسوب الذي كان في الخمسين من عمره، والذي بالكاد كنت اعرفه. واصبحت زوجته الرابعة وانجبت منه ثمانية ابناء خلال خمسة عشر عاما.
وابني الاكبر يبلغ خمسة عشر عاما الآن، اما الاصغر فلا يتجاوز الثمانية اشهر. اما ابني هاريسون فقد كان في الرابعة من عمره ويعاني شكلا من اشكال الاعاقة، بالاضافة الى اصابته بالسرطان في الجهاز العصبي.
كان اول شيء افعله حين ادركت ان بوسعي الهرب، هو الذهاب الى منزل شقيقتي ليندا لاستخدام الهاتف، فلم استطع استخدام هاتف منزلي لانه كان مراقبا. وكانت لدى زوجات زوجي الست الآخريات بعض الشكوك، فقد كانت لديهن فكرة بانني مستقلة وحرة في تفكيري، ولذلك ظلت اعينهن علي. ولو شككن في تصرف ما لانبرت احداهن للاتصال بميريل على الفور.

معسكر اعتقال

وكانت شقيقتي عضوا في مجموعة FDLS، ولكن زوجها لم يكن من متعددي الزيجات. وكانت تعرف من حوارات سابقة بيننا، كم كنت اتوق الى الفرار - لقد كنا نشعر ان هذه الطائفة تتجه نحو المزيد من التطرف، وانها اصبحت مخيفة تحت زعامة «نبيها» المزعوم وارين جيفس. فمنذ ان تولى جيفس منصب «نبي» الطائفة بعد وفاة والده رولون جيفس، ظل يزعم انه تجسيد للمسيح وان والده كان الله (!!) وبدأ يتحدث من منظور رهيب حول نقل اتباعه الى ما اسماه «المكان الوسط». وكنا نخشى ان يكون هذا المكان اشبه بالسجن الذي لا فكاك منه.
ولم يكن جيفس يؤمن بأن الناس أحرار في خياراتهم. وكان زوجي عضوا قويا في مجموعة FLDS وكان مقربا جدا من جيفس. وكان الخوف أن يكون زوجي بزوجاته السبع وأبنائه الـ 54 من أوائل المنتقلين إلى العالم الجديد، فذلك سيكون أشبه بمعسكر اعتقال لي ولابنائي، وهناك سنكون جواسيس لنقل الأخبار عمن لا يطيعون كلمة «الرب»! لم يكن هذا القدر من التطرف قائما في طائفة FLDS في أيام الصبا بل جلبه معه «نبي» الطائفة الجديد وارين جيفس. فقد كان الأطفال يلتحقون بالمدارس الحكومية، لكن هذا الوضع توقف بعد تولي جيفس زعامة الطائفة لأنه كان يعتقد أن المعلمين في هذه المدارس «مشركون» وأنها ملوثة. وأمر جيفس كل أطفال FLDS بالانخراط في مدارس تشرف عليها الكنيسة وتسمى PRISTHOOD SCHOOLS. ويزعم جيفس أن أطفالنا هم «بذور منتقاة من الله» وان واجبنا نحن شعب الله حمايتهم من كل ما هو غير نظيف.
وفي المدارس التي تديرها FLDS يتم غسل أدمغة الأطفال بدلا من تعليمهم. فقد تعلم أبنائي أن الديناصورات لم تكن موجودة على الإطلاق وأن الإنسان لم ينزل على سطح القمر. لقد عرفت سبب تأخر المستوى التعليمي لتلاميذ الطائفة.

فخ

كنت أعمل معلّمة في إحدى المدارس العامة، وكنت أحب الأدب وجمعت أكثر من ثلاثمائة كتاب للأطفال، ولكن بعد تولي جيفس منصب «النبي» أصدر مرسوما يحظر فيه كل المواد الدنيوية، بما فيها الكتب، من الاستخدام داخل الطائفة، وأمرنا زوجي بالطاعة، وبالفعل فقد تمت مصادرة واتلاف كل المواد الادبية، بما في ذلك كتب أبنائي. وكان معروفا في أوساط الطائفة أن جيفس يتزوج الفتيات الأصغر فالأصغر ويتزوج المزيد منهن. وأشارت بعض التقديرات إلى أن عدد زوجاته بلغ السبعين امرأة. وحدث ذات مرة أن عدت إلى المنزل من زيارة إلى المستشفى، فلم أجد ابنتي ذات الاثني عشر ربيعا وتدعى بيتي، وقوبلت أسئلتي عنها بالتجاهل فأصبت بالاحباط، فأبلغني أحدهم في النهاية أنها دعيت إلى منزل «النبي»
وكانت الساعة تقترب من الحادية عشرة ليلا حين حاولت الاتصال بإحدى المنظمات التي تساعد الزوجات لدى الازواج المتعددي الزوجات على الهرب، لكن احدا لم يتمكن من التصرف العاجل لمساعدتي. وشعرت ان الفخ يكاد يُطبق عليّ مع اقتراب منتصف الليل. اتصلت انا وشقيقتي بشقيقنا في مدينة سولت ليك. وكان شقيقي ارثر قد ترك الطائفة قبل اربع سنوات ليتزوج من المرأة التي احبها، والتي هي ابنة زوجة والدي. فحين تزوج والدي من زوجته الثالثة كان لديها ثمانية ابناء، واحب ارثر ابنتها ثيلما ولم يُسمح لهما بالزواج. وحين رسم «النبي» بزواج ثيلما من رجل لا تحبه، فرّت مع شقيقي وتركا طائفة FDLS وتزوجا وعاشا حياة سعيدة في سولت ليك.

عالم من الأشرار

وحين اتصلت ردّ علي ارثر فسألته «اذا تمكنت من الفرار الليلة، هل يمكنك مساعدتي؟» فرد علي قائلا: «اسمعي يا كارولين، سوف افعل كل ما في وسعي، ولكن المسافة تستغرق ساعات ولن اصل قبل الخامسة صباحا». فأجبته: «هل ستفعلها» وحاولت ان ابدو متماسكة قدر الامكان. لقد كانت المسافة بيننا تتجاوز الثلاثمائة ميل وعليه ان يقود سيارته طوال الليل للوصول الينا. وقال لي: «انا قادم».
واتفقنا على ان نلتقي في محل «زاوية كنعان» الذي يبعد ثلاثة اميال عن البلدة على جانب ولاية يوتا من الحدود بين ولايتي يوتا واريزونا. وقال ارثر انه سيجلب معه مقطورة ليسحب الفان الخاص بي الى مدينة سولت ليك. وكانت السيارة مسجلة باسمي (فالنساء في هذه الطائفة يمكنهن قيادة السيارة لكن السيارة اما ان تكون بلا لوحات او بلوحات منتهية الترخيص، وذلك حتى يوقفنا البوليس اذا حاولنا الهرب). وقد امكن لسيارة شقيقي الــ SUV استيعابنا انا وابنائي الثمانية. وكان علي ان آتي برواية لابنائي لتبرير خروجهم من المنزل معا، فهم لن يوافقوا لو عرفوا انني اخطط للهرب. لقد كان ابنائي يشعرون بالرعب من العالم الخارجي، فقد تعلّمنا ان العالم خارج الطائفة كله من الاشرار، وقرب نهاية العام، كان جزء اساسي من ثقافتنا، ويسود الاعتقاد بأن الله حين يدمّر الاشرار، فإن كل الناس خارج الطائفة سوف يهلكون وان ابناء الطائفة هم الناجون. وحين كنت طفلة يافعة اذكر نظرات الازدراء والتقزز من الآخرين حين نخرج الى المدينة بلباسنا التقليدي الطويل. وكان الناس يطلقون علينا لقب الــ POLYS في اشارة الى تعدد الزوجات واحيانا كانوا يرشقوننا بالحجارة. وكانت مواقفهم العدائية تلك، اثبات على ان كل الاشرار في العالم الخارجي انما يريدون تدميرنا. كان الوقت بعد منتصف الليل حين غادرت منزل شقيقتي ليندا، وكان الوضع هادئا حين عدت الى المنزل. واخذت كيسَيْ قمامة سوداوين من المطبخ ودخلت خلسة الى غرفة الابناء لجمع ملابسهم او بعضا منها. ولانني اعتدت اخذ الملابس الى المصبغة، فلم يكن ذلك سيثير اي شكوك لدى احد يراني احمل هذه الملابس.

مجازفة

وقد عدت الى غرفة نومي الكائنة في السرداب وعبأت ما استطعت من ملابس في اكياس واوقفت سيارتي بالقرب من السرداب حيث امكنني نقل الملابس بسهولة الى السيارة واخذت معي- اضافة الى ملابس الاطفال- الصور العائلية والتقارير الطبية والادوية الخاصة بهاريسون. وكان هاريسون في الرابعة من عمره ولكنه عاجز عن المشي ولا يستغني عن الحفاظات وأخذت اقتصد في اعطائه الادوية بانتظار ايجاد فريق طبي جديد لعلاجه- وللمفارقة، فان حالة هاريسون الصحية ساعدتني في الهرب لان والده كان يعتقد انه ليس بوسعي المغادرة في ظل الحالة الصحية المتردية لابني الذي يحتاج الى الاكسجين عند النوم لمساعدته على التنفس، وكنت اخشى على حياته دون ماكينة الاكسجين، ولكنها مجازفة كان لابد من الاقدام عليها.
وعند الساعة الرابعة فجراً، بدأت بافاقة الجميع وقلت لهم اننا سوف نقوم بزيارة آرثر لالتقاط الصور العائلية ومن ثم القيام برحلة تسوق، شعر ابنائي الكبار بالقلق ولم يكونوا راغبين في الذهاب معي، ولكني اصررت على اصطحابهم.
وقد دخلت زوجة اخرى من زوجات ميريل علينا بينما كانت ابنتي بيتي ترتدي ملابسها مما اثار شكوكها واخذت توجه الاسئلة لبيتي، وكان الوقت حوالي 4.20 صباحاً فاتصلت بزوجي وابلغته اننا مستيقظون ونستعد للخروج، وقال لي والدي لاحقا ان ميريل اتصل به عند الساعة 4.25 وسأله: ما الذي تفعله كارولين؟ انها تهم بمغادرة البيت برفقة ابنائها، فقال له والدي انه لا يعرف عن الامر شيئا. وبالفعل، كنت اتصرف بشكل طبيعي جدا خلال الاسابيع الماضية، وكانت علاقتي حميمية جداً مع زوجي خلال هذه الفترة حتى يطمئن تماماً.
واتصل ميريل بالبيت ثانية في محاولة يائسة للعثور علي، وسمعت النداء علي عشرات المرات بواسطة سماعة الاذاعة الداخلية، فلم اجب، لانني كنت اعرف انني لن استطيع المغادرة اذا تحدثت اليه، وكانت الساعة حوالي 4.30 ولم يتبق لي سوى دقائق للتصرف. واركبت ابنائي في «الفان» واحداً تلو الآخر، ولم يبق سوى هاريسون فدخلت الى البيت واطفأت جهاز الاكسجين وحملته وأخذته الى السيارة، وتأكدت من وجود جميع ابنائي في السيارة، فلم أجد بيتي، واحترت هل اغادر واترك له واحدا لانقذ البقية؟ فكان قراري اما ان نغادر جميعا واما نبقى جميعاً. وحين عدت وجدت بيتي تبكي بحرقة في غرفتها، فقالت لي «انك تتصرفين بشكل خاطئ. لماذا لا تبلغين والدي عما تنوين فعله؟».

لا مجال للعواطف

وحين امسكت ذراعها، بدأت تقاوم وتحاول الخلاص مني فسحبتها بقوة وقلت لها «لن اتركك ورائي وسوف تأتين معنا»، ولكنها واصلت الصراخ والبكاء ولكني دفعتها الى داخل الفان وشغلت الماكينة، وكنت اخشى من ان مكالمة واحدة من ميريل لرجال الشرطة ستوقفنا، فافراد الشرطة المحلية اعضاء في FLDS، كما ان هناك دوريات تجوب المنطقة على مدار الساعة تتبع FLDS واذا لاحظونا فسوف يوقفونا للتأكد من موافقة زوجي على سفرنا.
لقد كان الظلام دامساً، وأخذت اراقب بالمرآة ما اذا كانت هناك اي سيارة تتبعنا فلم ار شيئا وانطلقت بأقصى سرعتي.
وبعد ميلين نفد الوقود من سيارتي وادرك الاطفال وجود خطأ ما، فشعروا بالخوف، فرأيت محل «كينعان كورنرز» من بعيد ولكن الفان توقف تماما، فأبلغتهم ان البنزين قد نفد، لكن كان هناك اناس يمكن ان يساعدونا وخرجت من الفان وسرت باتجاه أرثر واويل اللذين كانا بانتظارنا.

هستيريا

لقد هجمت عليهما وضممتهما ولكن لم يكن ثمة وقت للعواطف وقلت لشقيقي ان ابنائي لا يعلمون شيئا ولا يمكننا ابلاغهم الان عما نخطط له، لكن الحقيقة بدأت تفرض نفسها ويصعب اخفاء ما نحن بصدده.
فحين عدنا الى «الفان» ابلغت الاطفال بأن هذين الرجلين يريدان مساعدتنا من اجل الحصول على الوقود، فنظر ابني الى شقيقي وقال «هل هذا هو خالي آرثر؟» فلم انطق بكلمة واحدة، لم اكن ارغب في الكذب عليه، ولكن كان الجميع سينفجر غضبا لو علموا حقيقة ما يحدث.
ومن ثم سارت الرحلة بشكل طبيعي خلال العشرين دقيقة الاولى، ولكن لم اكن اعرف اين سنختبئ حين نصل الى مدينة «سولت ليك»؟
فقد كنت واثقة من ان ميريل سيقتفي اثارنا، فلن اتمكن من الاقامة مع شقيقي او اي من الاقارب لانه سيأتي لتفتيش هذه الاماكن وكان علي ان اجد شخصا لا يتوقع ميريل ان امكث عنده، ولكن من هو هذا الشخص؟ ربما اطرق ابواب غرباء حتى اجد من يوافق على ايوائنا.
وفجأة حين وصلنا الى تقاطع الطريق السريع واتجهنا الى مدينة سولت ليك بدلاً من سانت جورج حيث كانت يعالج هاريسون انفجرت بيتي قائلة: «انك تسرقيننا وسيأتي والدي ليأخذنا» وكانت تصرخ بشكل هستيري فقلت لها اهدئي با بيتي فلا يمكن لام ان تسرق ابناءها فقالت: نحن لسنا لك، نحن ملك لــ «النبي» ولا حق لك فينا. قلت لها حسنا: «دعي الابناء يقررون ذلك في المحكمة التي تعطي حق الحضانة للام». فالتفت الينا اندرو ابن السنوات السبع ليقول: «ألسنا ذاهبين لالتقاط الصور بعد زيارة الطبيب؟ فردت عليه بيتي: «لسنا ذاهبين لالتقاط الصور، بل ان والدتنا تأخذنا الى الجحيم» والتفت اندرو نحوي وتساءلت لماذا تفعلين بنا هكذا؟ لماذا تأخذيننا الى الجحيم؟ لقد كان آرثر هادئا لكنه كان يغلي من الداخل، لقد وضعت بتصرفي هذا، الجميع في مخاطرة وهو يدرك ذلك.
واخيراً اخذ يصرخ على بيتي ان تخرس، وكرر الطلب منها ان تهدأ وقال لها «لن تستطيعي ان تغيري شيئا في هذا الوضع» فصرخت بيتي بأن «النبي» سوف يرسلنا الى الجحيم! وبعد خمس ساعات وصلنا الى مدينة سولت ليك واختبأنا هناك، وشعرت بأنني اصبحت حرة للمرة الاولى في حياتي منذ 35 عاما، لقد كان عندي ثمانية اطفال ولا املك سوى عشرين دولارا فقط، وخلال ساعات كان ميريل يطاردني كالفريسة.

الطفولة المبكرة

ولدت في الأول من يناير عام 1968 وكنت الابنة الثانية لوالدي، ونشأت في اسرة يمارس ابناؤها تعدد الزوجات، ولاسيما عائلة والدتي في مدينة هيلديل بولاية يوتا. وتبدأ ذكريات الطفولة بالفعل في مدينة سولت ليك، حيث انتقلنا للعيش هناك حين كنت في الخامسة من عمري. وكان والدي متزوجا من والدتي فقط بالرغم من ايمان العائلة بتعدد الزوجات. وكان لوالدي مشروع عقاري صغير يعيش منه، وكان لنا منزل جميل مع حديقة مزروعة بالأشجار في سولت ليك، على العكس من الشقة الصغيرة الضيقة التي كنا نعيش فيها في كولورادو.
لكن الفارق الكبير الذي احدثه انتقالنا الى مدينة سولت ليك هو ان والدتي نوريلون كانت سعيدة. فقد أحبت المدينة واصبح والدي يعود الى المنزل يوميا بعد العمل على العكس مما كان عليه الوضع في مدينة كولورادو. وكان عمل والدي مزدهرا، وكانت والدتي تمتلك ما يكفي من المال لشراء احتياجات المنزل والألعاب لابنائها. وكنا ثلاث بنات قبل ان يرزق والدي بمولود ذكر بعد ذلك، وكانت والدتي في غاية السعادة، لان الذكر في ثقافتنا اعلى قيمة من الانثى. لقد كنت أحب والدي أرثر بلاكمور حبا كبيرا، وكان يفضلني من بين شقيقاتي. كان والدي طويلا ونحيلا وشعره داكن، وكنت اعتقد انني امتلك الأب الأجمل في العالم.
وعشنا في سولت ليك لمدة عام واحد، لكنه كان عاما سعيدا ومميزا في حياتنا، لكن والدي قرر ان نعود الى كولورادو سيتي بولاية اريزونا والتي تبعد حوالى 350 ميلا جنوب مدينة سولت ليك، ولا تبعد سوى مرمى حجر عن هيلديل بولاية يوتا، حيث ولدت. وسبب قرار العودة هو ان والدي لم يكن يرغب لشقيقتي ليندا ان تدرس في مدرسة حكومية، على الرغم من انها ستدخل مدرسة حكومية ايضا في مدينة كولورادو، لكن معظم المدرسين هنا هم من اعضاء FDLS ومن المحافظين المتشددين، فالدين ليس مادة تُدرس في المدارس الحكومية في سولت ليك لكنهم يدرسونه هناك في كولورادو سيتي. وحين عدنا الى مدينة كولورادو عمل والدي على توسيع منزلنا، لكن الحياة لم تعد سعيدة، فقد تغيرت والدتي واصبحت تنام لساعات اطول، وتشعر بالوحدة بسبب غياب والدي الطويل عن المنزل.

أم مثالية

لقد اصبحت والدتي تعاني الاكتئاب وتتحدث عن رغبتها في الموت، بل انها المحت الى امكان اقدامها على الانتحار. فشعرنا ان حياتنا اصبحت في خطر واخذنا نتأمل كيف سيكون حالنا لو انتحرت والدتي في الوقت الذي يقضي فيه والدي معظم وقته خارج المنزل. وسألت والدتي ذات صباح «اذا توفيت والدة اطفال، ما الذي سيحدث لهم؟ ومن يتولى رعايتهم؟».
ولا اعتقد ان والدتي لاحظت إلحاحي. فلم تكن لديها فكرة حول تأثير كلماتها علينا. فكان جوابها عاما «االاطفال سيكونون بخير وسوف يتزوج الوالد بأخرى والزوجة الثانية ستتولى رعايتهم». في هذا الوقت كنت في السادسة من عمري، فنظرت اليها وقلت: «اعتقد ان من الافضل ان يسارع والدي الخطى للزواج بأخرى».
وبدأت ألحظ اشياء اخرى في العالم من حولي.
ومنها ان بعض النسوة كن يذهبن الى الاسواق للتسوق وقد ارتدين النظارة السوداء. وما كان يشدني تجاه والدتي كان جمالها غير العادي واناقتها المميزة. وكانت، مثل والدي، طويلة ونحيفة، وكانت تختار افضل الاقمشة لملابسها وملابسنا. لقد كان المجتمع من حولنا ينظر الى والدتي باعتبارها اما مثالية على نحو استثنائي. لكن هذا كان على السطح فقط، ففي الواقع كانت والدتي تشعر بالاحباط وذات مزاج متقلب. وكانت تضربنا كل يوم تقريبا وتتهمنا دائما بعمل اشياء لاثارة غضبها.
لقد كنت اخاف والدتي، لكن ذلك جعلني متخصصة في دراسة سلوكها. كنت اراقبها عن كثب وكانت لا تصفع الواحد منا اكثر من مرة واحدة. وكانت اصعب اللحظات حين يصبح مزاجها عكرا فتقسو علينا وخاصة في اوقات المساء.
وفي كل مرة كانت تضربني، كانت (والدتي) تقول انها تفعل ذلك لانها تحبني، ولذلك كنت اتمنى لو انها لا تحبني.
لقد كنت اخاف منها. وكانت تعانقني بعد كل وجبة عقاب. ولكن ذلك لم يكن ليخفف آلام الضرب المبرحة.

منقول من صحيفة القبس الكويتية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الــــهـــــروب كتاب يبين الجوانب الخفية للعالم الحر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» الدكتور المعطري : نؤكد للعالم الحر أننا لسنا مع الارهاب» فيديو يبين تورط اعضاء حزب الاصلاح في اطلاق النار على الجنوبيين(المعلا)» مقطع فيديو يبين نجاح العصيان المدني في ردفان الحبيلين اليوم الاثنين الموافق 3/5/2010.» الصحافي القعشمي يدعو أبناء الجنوب إلى جعل فعالية أكتوبر رسالة قوية للعالم» للتبيين للعالم ان شعب الجنوب شعب يحب السلام ويتعايش معه طاهر طماح : أفرجنا عن الجنديين لوجه الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى جحاف :: الملتقيات الادبية والشعرية :: الملتقى الادبي العام-