ملتقى جحاف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ملتقى جحاف: موقع ومنتدى إخباري سياسي اجتماعي ثقافي عام يختص بنشر الأخبار وقضايا السياسة والاجتماع والثقافة، يركز على قضايا الثورة السلمية الجنوبية والانتهكات التي تطال شعب الجنوب من قبل الاحتلال اليمني
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر|

اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال الحراك… و القاعدة 8\10

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
وضاح الجنوب
وضاح الجنوب
المدير العام
اس ام اس
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

صوره افتراضيه

عدد المساهمات : 2568

تاريخ التسجيل : 29/05/2009

اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال الحراك… و القاعدة 8\10 Empty
مُساهمةموضوع: اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال الحراك… و القاعدة 810 اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال الحراك… و القاعدة 8\10 Emptyالخميس 15 أبريل - 0:15

نشرت جريدة الجريدة عدد من الحلقات حول الاوضاع في اليمن واليكم هنا الحلقات الثلاث الاخيرة


صنعاء – محمد الأسعدي

شارك في الإعداد أحمد علي وغمدان اليوسفي
من السهل جداً إطلاق التهم ضد الأشخاص والجماعات، لكن إثبات تلك التهم بالوقائع والوثائق يظل صعباً. حين أعلنت الحكومة اليمنية وجود علاقة بين تنظيم «القاعدة» وقيادات في الحراك الجنوبي، قوبل الأمر بسخرية من مراقبين، مفادها أن الحكومة تبحث عن صيغة تبرر لها ضرب قيادات وعناصر «الحراك» بضوء أخضر من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، تحت مظلة مكافحة الإرهاب.

لكن الحكومة كانت على ما يبدو مستندةً إلى «قرائن تاريخية»، وإن كانت لم تثبت حتى الآن، عقب إعلان طارق الفضلي انضمامه إلى الحراك الجنوبي في أبريل 2009، وأدى هذا الانضمام إلى خلط الأوراق في الصراع بين الحراك والسلطة بسبب علاقات الفضلي المتداخلة سواء بأشخاص في هرم السلطة، أو بماضيه وتزعمه الجهاديين في حرب صيف 1994 ضد الحزب الاشتراكي اليمني.

أعقب انضمام طارق الفضلي إلى «الحراك الجنوبي» في اليمن، إعلان زعيم «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» أبوبصير الوحيشي في 14 مايو 2009، دعم التنظيم لحركة الاحتجاجات في جنوب اليمن، إذ قال إن «ما يحدث في لحج والضالع وأبين وحضرموت لا يقره عقل ولا يرضاه إنسان، ويحتم علينا المناصرة والتأييد». وبادرت السلطات الأمنية اليمنية إلى اعتبار انضمام الفضلي (في محافظة أبين) إلى «الحراك»، وتصريحات الوحيشي، خطوة باتجاه تحويل المحافظات الجنوبية إلى مأوى لعناصر تنظيم «القاعدة»، ولجميع الخارجين على القانون، وأعلنت أنها بدأت ملاحقة عناصر التنظيم في محافظات أبين وشبوة الجنوبيتين، إذ يوجد فيها أبرز قياداته، بحسب ما ذكرته وزارة الداخلية.

ضربات... وضحايا بالعشرات

نفذت الحكومة اليمنية خمس ضربات استباقية بواسطة الطيران الحربي ضد ما قالت إنهم عناصر تنظيم 'القاعدة' في محافظتَي أبين وشبوة، وكذلك في مناطق متفرقة من محافظات صنعاء ومأرب والجوف شمال شرق البلاد.

وكانت البداية عندما أعلنت وزارة الدفاع اليمنية في 17 ديسمبر 2009، مقتل 24 من أعضاء تنظيم 'القاعدة' في ضربة استباقية بمنطقة المعجلة في محافظة أبين، غير أنها اعترفت لاحقا بسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين في تلك الضربة.

وقال نائب رئيس الوزراء اليمني لشؤون الدفاع والأمن رشاد العليمي أمام مجلس النواب، إن عناصر تنظيم 'القاعدة' كانت تختبئ وسط المدنيين.

وعلى إثر ذلك، وجه الرئيس علي عبدالله صالح حكومته بدفع تعويضات مالية لأسر الضحايا المدنيين الذين سقطوا في تلك العملية.

ووجدت تلك العملية ترحيبا دوليا واسعا وصل إلى درجة تهنئة الرئيس الأميركي باراك أوباما وعدد من رؤساء العالم، الرئيس اليمني على نجاح تلك العملية النوعية ضد عناصر تنظيم 'القاعدة'.

أما محلياً، فقد أثارت موجات سخط عارمة من قبل الأحزاب السياسية ومجلس النواب الذي قرر استدعاء الحكومة لشرح خلفيات العملية التي راح ضحيتها، في آخر حصيلة رصدت، 42 شخصا معظمهم من النساء والأطفال.

تلك الاحتجاجات لم تثنِ الحكومة عن مواصلة ما أسمتها 'ضربات استباقية' ضد عناصر 'القاعدة' في جنوب وشمال البلاد، لكنها كانت أكثر دقة في استهداف عناصر 'القاعدة' في جولتها الثانية، إذ نفذت عملية ضد محافظة شبوة في 24 ديسمبر 2009، وقالت إن 30 من أفراد التنظيم قتلوا فيها.

وأعلنت وزارة الداخلية أن من بين القتلى زعيم التنظيم ناصر الوحيشي، ونائبه السعودي سعيد الشهري، والشيخ الشاب أنور العولقي، المطلوب بإلحاح من قبل الولايات المتحدة الأميركية، لكن المعلومات اللاحقة نفت مقتل العولقي.

هذه الضربات وإعلان 'قاعدة الجهاد في جزيرة العرب' تبنيها محاولة النيجيري عمر الفاروق تفجير طائرة أميركية، عشية أعياد الميلاد، وضعا اليمن في الواجهة واستقطب حضوراً إعلامياً دولياً كبيراً.

وتلا ذلك مقتل ثلاثة من أعضاء تنظيم 'القاعدة' في 16 مارس 2010 بواسطة ضربة جوية في محافظة أبين بعد رصدهم، وقالت الأجهزة الأمنية إنهم أيضا من ناشطي 'الحراك الجنوبي' ومقربون من طارق الفضلي، الذي يدعو الى انفصال الجنوب ويناهض سلطة صنعاء بشدة، بعد أن كان حليفاً مقرباً من الرئيس صالح.

تلك الضربات تزامنت مع تهديد وزارة الداخلية اليمنية باستهداف الفضلي، متهمة إياه بإيواء عناصر من تنظيم 'القاعدة'، الأمر الذي جعل هيئات الحراك تصدر بيانا تحذر فيه الحكومة من المساس به، معتبرة أن الهدف من اتهامه بالارتباط بـ'القاعدة' هو تشويه صورته أمام أبناء شعبه وأمام الرأي العام العربي والعالمي، مما 'يسهل على السلطة تدبير عملية قذرة ضده'، حسب البيان.

«الحراك»… و«القاعدة»

يرفض عدد من الشخصيات السياسية والمتابعين لما يدور في المحافظات الجنوبية من أحداث، ربط الحكومة اليمنية قيادات الحراك بتنظيم 'القاعدة'.

القيادي في 'الحراك' ناصر الخبجي، الذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة السلمية، أحد تيارات ما يعرف بـ'الحراك الجنوبي'، نفى لـ'الجريدة' وجود أي ارتباط بين الحركة الاحتجاجية السلمية في الجنوب وتنظيم 'القاعدة'، معتبراً أن 'ما تروج له السلطة في صنعاء يهدف الى تقويض الاحتجاج الشعبي المطالب باستقلال الجنوب'.

وقال الخبجي -وهو نائب برلماني لم ترفع عضويته النيابية وحصانته منذ انضمامه إلى الحراك منتصف 2008 حتى تاريخ نشر هذا التقرير- إن 'الحراك الجنوبي يختلف تماما في ثقافته وتوجهاته وأهدافه مع تنظيم القاعدة، كما أن الجنوبيين يرفضون العنف والإرهاب''.

وفي وقت سابق، نفى محافظ محافظة أبين المهندس أحمد الميسري في تصريح بثته قناة 'الجزيرة' في 20 ديسمبر 2009، أن يكون هناك أي علاقة بين الحراك السلمي في الجنوب وبين أنشطة تنظيم القاعدة الإرهابي.

وأكد الميسري أن هناك فرقا عقائديا وسياسيا بين الحراك الجنوبي وتنظيم 'القاعدة'، الذي قال إنه يتحرك بحرية بسبب ضعف المؤسسات الأمنية للدولة.

وقال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور عيدروس النقيب، إن 'المحاولات الحثيثة التي تبذلها السلطة وأجهزتها الإعلامية لربط الحراك السلمي الجنوبي بالقاعدة، تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، أهمها تشويه صورة الحراك وتسويقه كمظهر من مظاهر الإرهاب، وخلق المبررات للتعامل العسكري مع مطالب الحراك، وهو التعامل الذي تجلى منذ اليوم الأول حتى قبل أن يرفع نشطاء الحراك مطالب فك الارتباط'.

ووصف النقيب ربط 'الحراك' بتنظيم 'القاعدة' كـ'نوع من الهروب إلى الأمام بدلا من المعالجة السياسية لجذور المشكلة، ومحاولة تحقيق حركة استباقية في مجال كسب التأييد الخارجي'.

ويرى الكاتب السياسي محمد عايش أن 'محاولة الحكومة اليمنية ربط الحراك الجنوبي بتنظيم القاعدة يأتي في محاولة لخلط الأوراق في سياق التوظيف السياسي لورقة الإرهاب، بما يعزز اتجاه الحكومة اليمنية إلى قمع مكونات الحراك الجنوبي الذي تنبع جذوره من مشكلات سياسية واقتصادية وحقوقية بشكل أساسي'.

ويعتبر عضو الدائرة السياسية في حزب 'التجمع اليمني للإصلاح' عبده سالم، أنه مع 'استمرار الحكومة في الترويج لفكرة وجود علاقة بين الحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة، فإنها بذلك تكون قد قدمت خدمة جليلة للحراك الجنوبي، وقد يؤدي ذلك إلى تغيير استراتيجية أميركا تجاه اليمن، عبر فتح قنوات اتصال مع قيادات الحراك من اجل التعاون في الحرب على تنظيم القاعدة، كما سبق لها أن دعت طالبان إلى الحوار مقابل تخليها عن دعم وإيواء تنظيم القاعدة في أفغانستان'.

الفضلي… و«القاعدة»

الباحث المتخصص في شؤون تنظيم 'القاعدة' سعيد الجمحي، يشير إلى أن السلطة لم تطلق على الحراك الجنوبي صفة 'الحراك القاعدي'، إلا بعد انضمام الفضلي إليه في أبريل 2009.

ويبين الجمحي أن كل محاولات التبرؤ التي بذلها الفضلي للتخلص من هذه التهمة (تهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة)، ووصل به الحال إلى القيام بأفعال يعتبرها تنظيم 'القاعدة' ردة وكفراً صريحاً، مثل رفع العلمين الأميركي والبريطاني، وتمنيه عودة الاستعمار إلى جنوب اليمن، لم تشفع له عند النظام.

ويستغرب الجمحي كيف 'أن الجماعات المتطرفة وفي مقدمها القاعدة لم تهاجم الفضلي كعادتها في مثل هذه المواقف، بل اعتبره البعض من تلك الجماعات نوعاً من التكتيك السياسي لا يؤاخذ فيه الفضلي، باعتباره يندرج تحت قوله تعالى: (إلّا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان)'.

ويضيف الجمحي، وهو صاحب كتاب 'تنظيم القاعدة في اليمن' الصادر عن 'مركز دراسات المستقبل' في صنعاء، أن 'اللافت للنظر أن الخطاب الذي وجهه زعيم القاعدة أبوبصير إلى الحراك الجنوبي جاء بعد أسابيع من اتهام السلطة اليمنية لطارق الفضلي باحتضان عناصر إرهابية تابعة للقاعدة، كما أن غالب الزايدي، القيادي في تنظيم القاعدة، دافع عن الفضلي في حوار مع صحيفة يمنية'.

ونفى الزايدي في ذات الحوار تهمة انضمام الفضلي إلى الحراك بسبب مصادرة الدولة أراضيه، مؤكداً أنه 'كغيره من شباب المجاهدين خدعتهم الدولة فشاركوا في حرب 1994، ودخلوا في صف الحزب الحاكم'.

ويضيف الزايدي: 'الآن أعتقد أن الحقائق بدأت تتضح له وبدأ يراجع (الفضلي) أخطاءه'.

أوجه الاختلاف

يؤكد الدكتور عيدروس النقيب أن 'أهداف الحراك وأهداف القاعدة تتناقض بعضها مع بعض كليا، فالأول يسعى إلى إقامة دولة مدنية فشل النظام في إقامتها، والثاني يسعى إلى إقامة الدولة الإسلامية على صعيد الكرة الأرضية، كما يختلفان في الوسائل، فالحراك يتخذ من الفعاليات السلمية الاحتجاجية (المسيرات والاعتصامات والمهرجانات) وسيلته الوحيدة، بينما يتخذ القاعدة من الأعمال العنيفة (التفجيرات، الاغتيالات) وسيلة لبلوغ أهدافه'.

ويوضح النقيب: 'أي تحالف بين القاعدة والحراك لو وجد كان يمكن أن تكون نتائجه مختلفة عما يدور على الأرض من فعاليات وأفعال، خصوصاً أن نهج التنظيم تكون نتائجه مدمرة كما يعلم الجميع، وهذا ما يرفض الحراك اللجوء إليه'.

نقاط الالتقاء

يعتقد الباحث في شؤون 'القاعدة' سعيد الجمحي أن 'الحراك والقاعدة يجتمعان في مناصبة العداء للسلطة، وترد السلطة على ذلك باعتبار الحراك والقاعدة مشكلة ذات طابع مشترك وبالتالي مواجهتها بأسلوب مشترك، بواسطة المواجهة العسكرية'، ويرى أن ذلك 'سيؤدي إلى تحريك أزمات متعددة'.

ويقول الجمحي: 'كما أن محاولات تنميط الحراك في قالب تنظيم القاعدة ووصم الجميع بالإرهاب بما يسهل امتلاك الحق في الملاحقة والتجريم، سيكون له عواقب وخيمة'.

ويعود عيدروس النقيب ليقول إنه 'لا يمكن إنكار أن بعض الجهاديين السابقين قد انضموا إلى الحراك'، في إشارة كما يبدو إلى طارق الفضلي، لكن هذا الانضمام حسب رأيه، 'جاء بعد أن مروا بفترة في إطار أعلى الهيئات القيادية في الحزب الحاكم، وبالتالي فإن اتهامهم بالانتماء إلى القاعدة يصبح بلا معنى، لأن مثل هذا الاتهام يمكن أن يطبق على فترة انتمائهم إلى الحزب الحاكم'.

«صفقة»

جرت الضربات الاستباقية ضد قيادات تنظيم 'القاعدة' في المناطق الممتدة بين محافظات مأرب شمالاً ومحافظتي شبوة وأبين جنوباً بمباركة أميركية، كما أعلن انها تمت بناء على معلومات استخباراتية وصور لمواقع ينشط فيها تنظيم 'القاعدة' وفرتها الاستخبارات الأميركية. وقررت الولايات المتحدة رفع حجم المساعدات العسكرية الى اليمن إلى 300 مليون دولار لدعم ملاحقة تنظيم 'القاعدة'، ودعم مشاريع تخدم المجتمعات المحلية في ثمان محافظات منها أبين وشبوة وعدن ولحج والضالع بقرابة 121 مليون دولار.

واعتبر عضو الدائرة السياسية في حزب 'الإصلاح' ما تقدم عبده سالم 'إشارة واضحة إلى أن هناك صفقة تمت بين الحكومة اليمنية وأميركا تتلخص في الإعلان عن دعم أميركا وحدة اليمن واستقراره مقابل قيام الحكومة اليمنية بالحرب على الإرهاب والقضاء على تنظيم القاعدة الذي يحاول الانتشار والتمدد في المحافظات الجنوبية، التي كانت ولاتزال المجال الحيوي لعناصر التنظيم'.

الرابح الأكبر

تنظيم 'القاعدة' في اليمن هو الرابح الأكبر من انفلات الأوضاع الأمنية في الجنوب، كما يؤكد سعيد الجمحي، فـ'التنظيم يوجد في المناطق التي تغيب عنها الدولة، وتعجز عن السيطرة عليها خاصة المحافظات ذات الإطار القبلي'.

ويعلل الجمحي أن 'التكوين القبلي بتأثيراته الاجتماعية قضية اعتمد عليها القاعدة ليس في اليمن فحسب، بل في كل الدول التي نشط فيها، والتركيبة الاجتماعية القبلية سهلت انتشار فكر القاعدة، خاصة لو صاحب ذلك مظالم اجتماعية وهزات اقتصادية تكون بمنزلة ذرائع يركز عليها التنظيم'.

ويذهب الجمحي إلى القول إن 'القبول بفكر القاعدة وإمكان التجنيد لتنظيم القاعدة يكونان أسهل في المحافظات الجنوبية وفي مقدمها محافظة أبين، ومعيار ذلك ما نشهده من انتشار كبير للجماعات الجهادية، ففي هذه المحافظة بصمات واضحة للقاعدة، ولو طالعنا المجلة الالكترونية التي يصدرها التنظيم (صدى الملاحم) نجد تأكيدات لهذا الانتشار والتمرد باعتراف التنظيم نفسه'.

طارق الفضلي: من السلاطين إلى «الجهاد»... ثم «الحراك»

طارق الفضلي شيخ قبلي ونجل أحد السلاطين الذين كانوا يحكمون محافظة أبين إقطاعياً، في أثناء الاحتلال البريطاني، تم تفكيك سلطنتهم بعد استقلال جنوب اليمن في عام 1967، ووالده كان آخر سلاطين السلطنة الفضلية.

وُلِد طارق الفضلي في مدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية في ستينيات القرن المنصرم، ولم يكمل تعليمه وانخرط في المعسكر الجنوبي بشمال السعودية حوالي ثلاث سنوات، بعدها غادر إلى أفغانستان للالتحاق بمعسكر «المجاهدين العرب» ضد الاحتلال السوفياتي، ثم عاد إلى المملكة ومنها إلى اليمن الشمالي سابقاً.

سجنه الأمن السياسي اليمني (المخابرات) ثلاث سنوات، وأطلق سراحه بعد الوحدة في عام 1990، ثم أُعيد سجنه بناءً على رغبة الحزب الاشتراكي الشريك في الحكم حينئذ بتهمة محاولة اغتيال أحد قيادييه، ثم أُطلق سراحه أثناء حرب صيف عام 1994، التي شارك فيها ضد الاشتراكيين.

انتُخب بعد ذلك لعضوية اللجنة العامة (اللجنة المركزية) للحزب الحاكم (المؤتمر الشعبي العام)، وأُسقط منه في عام 2005، وعُيِّن عضوا في مجلس الشورى.

يُعتقَد أن الشيخ طارق الفضلي على صلة بالجهاديين في «أبين» وتم استجوابه أكثر من مرة، وكان مشتبهاً فيه بالتورط في تفجير فنادق عدن عام 1992، التي كانت تستخدمها القوات الأميركية المقاتلة في الصومال.

في عام 2009 أعلن انضمامه إلى ما يسمى «الحراك الجنوبي»، عقب حملة عسكرية وجهها الرئيس علي عبدالله صالح لتعقب عدد من الجهاديين في مدينة جعار ثانية كبرى مدن محافظة أبين، وهو ما اعتبره البعض توجهاً ضد الفضلي وأتباعه.

بدرت منه تصرفات وُصِفت بالغريبة، إذ دعا بريطانيا وأميركا إلى احتلال اليمن ثم رفع العلم الأميركي في منزله، وفي مارس 2010 عُقِدت معه هدنة سرية قام بها وزير الدفاع اليمني، ولم يُعلَم فحواها، بعد أن أعلن ثورة حجارة في أبين، واستهدف أنصاره من خلال تلك الثورة مواطنين شماليين يعملون في أبين الجنوبية.

ويربط الفضلي نسب مع النظام في الشمال، إذ إنه صهر القيادي العسكري الشهير علي محسن صالح الأحمر، الأخ غير الشقيق للرئيس علي عبدالله صالح.

في الحلقة التاسعة

تقدم 'الجريدة' في الحلقة التاسعة، قراءة ديموغرافية لمكونات 'الحراك الجنوبي'، بناءً على اللقاءات التي أجراها أعضاء فريق الملف مع قيادات وعناصر في 'الحراك' في عدن وأبين ولحج والضالع، كما تشرح الحلقة وجوه الاختلاف بين فصائل ومكونات 'الحراك'، وتتناول المطالب التي تتبناها الفصائل المختلفة.

نقلا عن جريدة الجريدة

http://www.aljarida.com/AlJarida/Article.aspx?id=155077


عدل سابقا من قبل وضاح الجنوب في الخميس 15 أبريل - 0:21 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وضاح الجنوب
وضاح الجنوب
المدير العام
اس ام اس
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

صوره افتراضيه

عدد المساهمات : 2568

تاريخ التسجيل : 29/05/2009

اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال الحراك… و القاعدة 8\10 Empty
مُساهمةموضوع: اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال قراءة تحليلية في مكونات وخطاب الحراك 9/10 اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال الحراك… و القاعدة 8\10 Emptyالخميس 15 أبريل - 0:18

عدن - محمد الأسعدي
شارك في الإعداد عادل الأحمدي
تركز نظريات الحركات الاجتماعية والسياسية في الأساس على أسباب ظهور تلك الحركات. وعلى الرغم من أن أي ظاهرة من هذا النوع تأتي نتيجة لسلوك أفراد أو جماعات تشترك في نفس الأفكار، وهو ما يمثل الجذر الأساس لبروز الحركة، فإن ثلاثة من أساتذة علم الاجتماع السياسي، وهم دوغ ماك آدم، وجون ماك كارتي، وماير زالد من ثلاث جامعات أميركية مختلفة، أجمعوا في كتابهم حول 'الحركات الاجتماعية' (Comparative Perspectives on Social Movements)، على أن هناك دوراً هاماً تلعبه التناقضات المادية والايديولوجية بين فئات الحركة الواحدة أثناء حشد التأييد حول القضايا المشتركة.

كما يتفق المؤلفون في كتابهم الصادر عن جامعة 'كامبردج'، على أن نجاح أي حراك اجتماعي أو سياسي لابد من أن تتوافر له ثلاثة عوامل هي: وجود بيئة سياسية مشجعة (فرصة سانحة) بما في ذلك المبررات القوية وذات الطابع العام، ثم توافر آليات تنظيمية تعمل على حشد التأييد وتوحيد الجهود التي من خلالها يتم تنظيم عناصر الحركة، وثالثاً يأتي عامل التأطير الذي من خلاله تتم الموازنة بين الفرص المتاحة لنشاط الحركة والآليات التنظيمية، بحيث يتم إيصال الرسالة التي تتبناها الحركة.

وبناءً على ما سبق، نقدم هنا قراءة تحليلية - ليست علمية - لظاهرة الحراك الجنوبي في بعض محافظات اليمن الجنوبية والشرقية، وتشمل الاختلافات البينية في تركيبة مكونات الحراك المختلفة. ونعتمد في قراءاتنا على تفسير الظواهر السلوكية التي أفرزها على ما يبدو العامل الديموغرافي في فصائل الحراك منذ إعلانه رسمياً منتصف عام 2007 حتى الآن.

يمكن القول إن الحراك في جنوب اليمن هو لفيف من عدة أطياف سياسية واجتماعية وقيادات مدنية وعسكرية قد لا تربطها في الغالب وحدة الدافع، بقدر ما هي مجمعة الآن - وليس إجماعاً مطلقاً - على وحدة الغاية والوسيلة.

ومن خلال تتبع خلفيات فصائل الحراك الجنوبي، ونطاقات نشاطها الجغرافي، ومنسوب مطالبها عند البدء وفي وقتنا الراهن، نخلص إلى أن الحراك جمع بين قوى تضررت من خروج الاستعمار البريطاني عام 1967 وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب، إضافة إلى قوى سعت إلى الاستقلال لكنها أُزيحت بعد صعود اليسار إلى منصة الحكم، مضافاً إليه قوى يسارية صعدت إلى منصة الحكم لكنها تضررت بسبب أحداث يناير 1986 الدامية في عدن، وقوى لم تكن راضية عن صيغة اتفاقية الوحدة التي أعلنت عام 1990، ثم قوى أسهمت بحماس في تحقيق الوحدة الوطنية، لكنها تضررت من حرب 1994، فضلا عن قوى أسهمت واستفادت من ذات الحرب، وتبوأت مناصب عليا في الدولة، لكنها تعرضت للتهميش في ما بعد.

ويضيف إلى هذه التركيبة رئيس اتحاد العمال فرع عدن عثمان كاكو 'وجود قوى تتمترس خلف 'لحراك في السلطة في الشمال والجنوب- لأن ما يجري بات عبارة عن علاقة مصالح وليس انتماءً'.

ونضيف هنا شريحة واسعة من المتضررين قد تصنف تحت كل أو بعض تلك القوى، سواء بسبب سوء السياسات الحكومية، أو ارتفاع منسوب الفقر وزيادة معدل البطالة في أوساط الشباب، أو سوء الإدارة أو كل ما سبق.

وإن كان التباين الايديولوجي أو التنظيمي - بمفهومهما الدقيق - مغمور بين الظواهر السلوكية والممارسات اليومية لفصائل الحراك في 'مثلث النار' (الضالع ولحج وأبين)، إلا أن هناك اختلافات نتجت عن التنوع في التركيبة السياسية كما سلف الوصف. وبالتالي فلكل من هؤلاء الفصائل المكونة للحراك دوافع مختلفة يمكن إجمال تبايناتها كما يلي:

- اختلاف حول توصيف الوحدة: هل كان قيام الوحدة في 1990 خطأ، أم أن الخطأ كان في 'تحويل الوحدة إلى ضم وإلحاق' من قبل صنعاء؟ وهل إذا كانت حرب 1994 مشروعة، أم ان الذين شاركوا فيها مع الوحدة من أبناء الجنوب كانوا مخطئين؟ وهل كان ينبغي التعامل مع الأشخاص الجنوبيين الذين يشغلون مناصب في السلطة الحالية، أم أن يتم مخاطبتهم كعملاء وخونة؟

- اختلاف حول الاستعانة بالغرب: هناك مَن يغازل الغرب بشتى الوسائل، كفصيل طارق الفضلي، بينما يرى آخرون أن هذا 'الارتماء' المبكر، قد يُفضي إلى وضع أسوأ مما نحن عليه، ويفقد الحراك طابعه الوطني والجماهيري.

- اختلاف حول الزعامة: وهذا هو السبب وراء عدم تشكل قيادة موحدة للحراك إلى هذا الوقت، فمثلاً نجد العميد ناصر النوبة، لا يخفي اعتراضه على أن يكون علي سالم البيض هو قائد الحراك. بينما تجد آخرين أيضاً يرفعون صور البيض، ليس لاعتقادهم بأنه أهلاً للقيادة، ولكن من باب 'اللي شبكنا يخلصنا'.

- اختلاف حول الريادة الميدانية في إشعال الحراك: تجد أبناء محافظة الضالع يقولون إنهم أول مَن أشعل الحراك، وتجد آخرين يقولون إن أول شرارة حقيقة بدأت على يد 'النوبة' من أبناء محافظة شبوة. وهناك آخرون يقولون إنه حسن باعوم، باعتباره لم يهدأ منذ حرب 1994. وستجد من يُظهِر أسفه من أن طارق الفضلي وأصحاب أبين خطفوا الأضواء مؤخراً.

- اختلاف في سرعة الاستجابة من منطقة إلى أخرى: مناطق 'الضالع، والصبيحة وردفان في لحج، و لودر في أبين' هي الأسرع استجابة عند أي دعوة إلى أي نشاط، بينما تقل سرعة الاحتشاد في حواضر المدن كافة. ويكاد يكون ضعيفاً أو غائباً في المهرة وعدن، وفي وادي حضرموت.

- اختلاف في لغة الحراك: أيضاً على أساس جغرافي، فمثلاً نلاحظ الفروق أثناء مخاطبة الحراك للسلطة، فالذين كانوا في الاشتراكي يخاطبون النظام في صنعاء بالقول: 'أعطيناكم دولة'، أما في مناطق الثروة (مثل شبوة وحضرموت) يقولون: أعطيناكم ثروة. وطيف ثالث يقول: 'ساعدناكم في التخلص من الاشتراكي'.

- اختلاف بشأن الحوار مع السلطة: هناك مَن يرفض الحوار من حيث المبدأ، حتى وإن قبلته السلطة ودعت إليه، بينما يرى آخرون أن مجرد الجلوس على طاولة الحوار هو مكسب كبير أمام العالم، إذ إنه اعتراف من السلطة بأن لهؤلاء حقا، وهذا الطيف الأخير يختلف بعد ذلك حول مَن يحق له الجلوس على طاولة الحوار.

- اختلاف حول سقف المطالب المُرضية: هناك مَن يرى أن قبول السلطة بالفدرالية هي خطوة باتجاه الانفصال، وهناك من يرى أن الحراك لا مبرر له، إذا أفضى إلى فدرالية تعطي للجنوب مساحة كافية من الاستقلالية المالية والإدارية. ويرى طيف ثالث أنه لا تنازل عن مطلب استعادة الدولة و'إعادة البراميل' - وهو ما يعني ترسيم الحدود.

- ماهية وشكل الدولة التي يريدون: ثمة تباينات ناشئة عن عدم وجود تصور حقيقي لماهية وشكل الدولة التي يريدونها إذا ما حدث انفصال، وإن كانت عناصر الحراك الناشطة تختلف في المسميات كـ'الجنوب العربي' و'اتحاد إمارات الجنوب'، و'جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية'، لكن لم تظهر أي صيغة للدولة التي ينشدون تحريرها. وقد وصل الأمر إلى أن إحدى العائلات الجنوبية المقيمة في صنعاء تتلقى تهديدات من أقارب لهم في الحراك بأنهم بعد استقلال الجنوب سيُحرَمون من حق الجنسية، ما لم يبيعوا منازلهم وممتلكاتهم ويغادروا العاصمة، وقد يمنعون تأشيرات دخول البلد الجديد، حسب رواية مصدر موثوق.

- اختلاف حول استخدام لغة الكراهية واستعداء أبناء المحافظات الشمالية: هناك من يرى أن هذا أسلوب خاطئ ويفقد القضية الجنوبية تعاطف المواطنين في الشمال، وأن الذي يتضرر منه هو الضعفاء والأبرياء، بينما يعتبر آخرون المواطنين من المحافظات الشمالية مخبرين وعملاء للسلطة، ويرى هؤلاء أن بث الكراهية سيئاً من حيث المبدأ، لكنه ضروري لإنجاح الانفصال، عبر زرعه في القلوب.

اختلاف حول نهج الحراك 'سلمي أم مسلح؟': هناك من يتبرأ من نزوع الحراك نحو العنف، ويقول إن السلطة هي مَن زرع في أوساط الحراك مَن يمارسون العنف والشغب. كما أن هناك مَن قد يرفض العنف تكتيكاً إعلامياً وزمنياً لكنه ومن خلال أدبياته وبياناته التعبوية يتضح عدم الممانعة من اللجوء إلى المواجهة. في المقابل، هناك مَن يرى أن الحراك هو 'ثورة ضد احتلال'، يجوز فيها استخدام كل الأساليب، ومن بينها السلاح، كما أعلن طارق الفضلي في أبين عقب انضمامه إلى الحراك الجنوبي في أبريل 2009.

يُذكَر أن السواد الأعظم من أبناء مدينة عدن لا يفضلون زعامات الحراك القادمة من أبين أو لحج أو الضالع، ويعتبرون هؤلاء فرقاء يتناحرون على السلطة - ويدفع الثمن أبناء عدن الذين هم مزيج من يمنيين (من الشمال والجنوب) وصوماليين ومن عرقيات هندية.

ورغم كل التباينات السابقة فإن جميع من ينطلق إلى الشارع يتفقون على أن خروج الجماهير هو مكسب حقيقي يعلي من شأن هذه المناطق التي تنتمي إليها هذه الجماهير، ومتفقون كذلك على رفع شعار موحد وهو 'فك الارتباط'. وعوامل الاتفاق هذه تمثل القوة الضاغطة على السلطة، ومن دونها لن يكون لـ'الحراك' حضوره الحالي.

الموقف من «الحراك»

الاختلاف الناشئ بين فصائل الحراك، يقابله أيضاً اختلاف في وجهات نظر الآخرين للحراك، سواء في الجنوب أو الشمال، إذ هناك من يرى أن الحراك مؤامرة دولية، بينما يرى آخرون أن ثمة ما يستحق الخروج لكن لا شيء يبرر الدعوة إلى الانفصال. أيضاً هناك من يقول إن الحراك تحوّل من مساره الطبيعي من مطالب حقوقية شرعية إلى مشروع سياسي استغله أشخاص لتحقيق مصالح شخصية بحتة، أو لابتزاز النظام والانتقام منه.

كما أن أحزاب المعارضة المنطوية تحت 'اللقاء المشترك' تدعم مطالب 'الحراك' الحقوقية، لكنها ترفض مطالبه بـ'فك الارتباط'، أو اللجوء إلى العنف. وهذا أيضاً على ما يبدو رأي المحيط الجغرافي لليمن والمنظومة العربية، التي تنصح بالتعقل وتدعو الدولة إلى معالجات حقيقية.

حراك الفتيان

بالنظر إلى وجوه المشاركين في مسيرات وفعاليات الحراك في جنوب اليمن، نلاحظ أن أغلبية جماهير الحراك هم من جيل الوحدة، التي يكتمل عقدها الثاني في 22 مايو 2010، سواء أولئك الذين تفتح وعيهم السياسي بعد الوحدة وإن كانوا من مواليد ما قبلها، أو الذين ولدوا في فترة إبرام اتفاقيات وإعلان الوحدة. ولهذا الأمر كما يرى مراقبون، دلالات وأسباب عدة، منها القصور في أداء وزارات التعليم والشباب والثقافة بدورها في زرع وتثبيت الثقافة الوطنية، وتجاهل مخاطبة الوجدان وإهمال شريحة الشباب (ذكوراً وإناثاً)، وارتفاع معدل البطالة، وعدم كفاءة الدولة في التوظيف، وانشغال السلطة والمعارضة بالتزاحم الحزبي طوال العقدين الماضيين على عناوين الصحف.

كما يحمل هذا الاحتشاد الفتي للحراك دلالات عدة منها: أن إطروحات الحراك سرت في أوساط الفتيان والأطفال، الذين لم يعرفوا مآسي التشطير من قبل ولم يشهدوا تحولات كبيرة تكسبهم خبرة سياسية، وكذلك لا يقلبون الاحتمالات من أجل اتخاذ قرارات سليمة. كما أن هذه الفئة قليلة الكلفة أثناء حشدها، وهم الأكثر استعداداً للاندفاع وللتضحية والأكثر صدقاً في الانضواء وإثبات الولاء. ويلعب الفراغ الأسري والوظيفي دوراً في جعلهم ينخرطون في أي نشاط قد يخلق لديهم مبرراً للبقاء، وذلك بحكم ارتفاع معدلات البطالة التي تتجاوز الـ40 في المئة وغياب المؤسسات والمرافق المخصصة للشباب ليشغلوا فيها أوقاتهم ويسهمون بفاعلية في محيطهم.

سقف المطالب

هل سيتراجع قادة الحراك عن الدعوة إلى الانفصال في حال قيام الدولة بإصلاحات حقيقية، وتعاملت مع قضاياهم ومطالبهم العامة بإيجابية، أم أن الانفصال أصبح مطلباً بحد ذاته، لا تراجع عنه؟

الإجابة عن السؤال السابق صعبة من الناحية العلمية والميدانية أيضا، في ظل الحصار الأمني المفروض على معاقل الحراك في مثلث النار (الضالع ولحج وأبين) والمخاطر التي قد يتعرض لها الصحافي (من الشمال) في حال محاولة زيارة هذه المناطق. وللتوضيح هذا لا يعني أن هناك توجهاً في الحراك لمضايقة الصحافيين، ولكن قد يكون هناك أفراد متهورون يستهدفون مضايقة أبناء الشمال، أكانوا زوّاراً أم مقيمين.

ومما يزيد من صعوبة الأمر هو أن الحراك ليس لديه قيادة واحدة، بالتالي يثابر الجميع الآن ويزايد بعضهم على بعض في رفع سقف المطالب إلى الحد الذي يجعل من الحراك، وكأنه يغرد خارج مضمار السياسة. ومطلب 'فك الارتباط' يضع الجميع في ورطة: قوى الحراك وفصائله والسلطة من جانب وأحزاب المعارضة التي تدعي قدرتها على إدارة الشارع من جهة أخرى. فضلا عن التحفظ الحذر القادم من المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي تجاه ما يجري في جنوب اليمن.

نقطة نظام

أحدهم قال: 'حقيقة لقد حصلنا إلى الآن على أكثر مما كنا نريد، وتم حل كل قضايا المتقاعدين وأغلبية مشاكل الأراضي، والآن لا نريد أن يذهب الحراك بمجرد مطالب، بل نريد مكاسب سياسية أكثر'.

قد يصل الحراك إلى مرحلة يمكن تسميتها بمأزق النضال، إذ تحصل على ما تريد قبل أن تستنفد حماسك، وهناك مَن وجد في الحراك انتعاشة نفسية، وعملاً يومياً. ومثل هؤلاء لا يعنيهم النتائج ولا الإصلاحات، بقدر ما يخيفهم أن يأتي يوم يصبحون فيه بلا حراك، وقد يصبحون ضحايا حماسهم.

ولهذا يحذر الشيخ ياسر العواضي من أن الحراك عند انتهاء مشروعه السياسي ومبررات خروجه، 'قد يتحول إلى حراك عصابات، بسبب أن أشخاصاً وجدوا أنفسهم سنوات يتصدرون المشهد الاجتماعي، فقط لأنهم في الحراك. وهؤلاء أشخاص لا يجيدون غير التأليب وإحداث الفرقعات. وما لم يتم استيعابهم أثناء حلحلة الأزمة كلها، فلن يجدوا لهم موقعاً في مرحلة ما بعد الحراك'.

ما سبق قراءة عامة وإجمالية، ويمكن القول إنه عند حدوث إصلاحات حقيقية يلمسها المواطن العادي ويعاد فيها الاعتبار الحقيقي إلى القانون والنظام، ويتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات، فإن جزءاً من الحراك، وهو الأغلب، سيعلن رضاه بهذه الإصلاحات. لأن مثل هذا التحول كفيل بشغل الناس بشؤونهم عن الخروج إلى الشارع.

وقد يلتزم جزء آخر الهدوء إلى حين التأكد من استمرارية هذه الإصلاحات وفاعليتها، بينما سيستمر جزء ثالث على ما هو عليه، خصوصاً أولئك الذين لن يجدوا لهم موقعاً في التسميات السياسية المصاحبة لهذه الإصلاحات.

خلاصة

الواضح أن عوامل نهوض حركة سياسية قد توافرت في ظاهرة الحراك الجنوبي، ولكن مع وجود خلل في التوازن بين تلك العوامل، مما يؤدي إلى اضطراب في منظومة الحراك. وتفشي الفساد وسوء إدارة الدولة والسياسات الخاطئة وتنامي المظالم وفرت مجتمعة بيئة خصبة لظهور الحراك، وهذا الحال ينطبق على الوضع في الشمال. والعامل الثاني يتمثل في خروج المتقاعدين من عسكريين ومدنيين والتفاف الناس حولهم. لكن عامل التأطير السليم وما يرافقه من اختلافات بينية من حيث الدوافع والتكتيكات شكل تحدياً أمام الحراك في تحقيق إنجازات على الواقع.

وإن كانت فصائل الحراك مجتمعة أو متفرقة استطاعت أن تؤرق النظام بصلابة مواقفها وتنامي مطالبها، إلا أن مثل هذا الوضع يمنح السلطة فرصة - ربما أخيرة - لتلعب على هذه الاختلالات وتشتت جهود قوى الحراك المختلفة، في سبيل إيجاد حلول جذرية لمسببات المشاكل لا للأعراض. أيضا ليس من أجل استقطاب فصيل ليضرب به آخر، بل من أجل اجتثاث جذور الأزمة كلها.

ومن الأهمية بمكان أن من الآثار السلبية لهذه التعبئة التي اتسمت بالمناطقية (شمال، جنوب)، الحاجة إلى مجهود كبير لإزالتها من قلوب الشباب الذين سيكونون رجال الغد، وهذا ما يحِّذر التربيون من آثاره على المدى البعيد.

كما أن التعبئة الشديدة التي حُقِنت بها جماهير الحراك ستجعل من الصعوبة على قادة الفصائل إعلان درجة من الرضا إزاء أية إصلاحات، مهما كانت كافية، إلا بعد بذل مجهود كبير في أوساط الناس، لأن هناك شبه تخوين لمَن يقبل بأقل من 'فك الارتباط' على الأقل في وقتنا الراهن. كما تعتمد القضية على كيفية تصوير الدولة لأي إصلاحات في نظر الناس. إذ يمكن لهذا الطيف الحراكي أو ذاك تسفيه أية إصلاحات والتقليل من شأنها ومن جدواها، لذا قد يستلزم الأمر بذل مجهود كبير متزامن مع أية معالجات يصب باتجاه خطاب الأشخاص وتغيير معايير الحكم على الأشياء والأحداث.

ومن الأهمية إدراك الفوارق الشاسعة بين ظروف الأزمة السياسية بين السلطة والحزب الاشتراكي عقب 1993، وكذلك ظروف الحرب الأهلية صيف 1994، والأزمة القائمة اليوم في الجنوب. وعلى الدولة ألا تعتقد أن مجرد اتهام قيادة الحراك وعناصره بـ'الشرذمة الانفصالية' سيكفل التأييد الشعبي الواسع كما حدث في صيف 1994. ببساطة مدخلات الأزمة اليوم واللاعبون فيها أنتجت واقعاً مختلفاً تماماً عما حدث حينذاك.

«الوحدة»... منذ أول توقيع حتى آخر طلقة

بدأت لقاءات واتفاقيات الوحدة منذ ما قبل عهد الرئيس علي عبدالله صالح، وتحديداً منذ حكم القاضي عبدالرحمن الإرياني، ثم الرئيس إبراهيم الحمدي في الشمال الذي اغتيل في عام 1977، وقبلها كان هناك عدد من الاتفاقيات، منها اتفاقية القاهرة 1972 وطرابلس 1972 والجزائر 1973.

وتواصلت الجهود في عهد الرئيس صالح، فعُقِدت عدة لقاءات أهمها لقاء الكويت في 28 مارس 1979 برئاسة صالح من الشمال، والرئيس عبدالفتاح إسماعيل من اليمن الجنوبي، وتم عقد مؤتمر للصلح بين الشطرين إثر مواجهات على الحدود، واتفق الجانبان على استئناف التفاوض بشأن مشروع الوحدة اليمنية، وضرورة انجاز الوحدة وتسهيل كل الطرق التي تؤدي إلى قيام دولة واحدة وإنهاء التشطير.

وحضر هذا المؤتمر المغفور له، بإذن الله، أمير الكويت الراحل سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح، وجمع من الدبلوماسيين والمراقبين العرب والدوليين.

ثم توالت اللقاءات وعُقِد اتفاق صنعاء 1980 واتفاق عدن 1980 واتفاق عدن 1981 واتفاق تعز 1981 واتفاق تعز 1982، ثم قمة تعز 1988، واتفاق تنقل المواطنين 1988، وبيان لقاء صنعاء 1979.

وأُعلِن قيام الوحدة بين شطرَي اليمن يوم 22 مايو 1990 قبل موعدها المقرر يوم 30 نوفمبر 1990، بقيادة كل من الرئيس علي عبدالله صالح والرئيس علي سالم البيض، وأُعلن قيام الجمهورية الواحدة «الجمهورية اليمنية» بعلم واحد ونشيد وطني واحد واسم واحد وحكومة واحدة أُعلن تشكيلها في الحال، وترأس الدولة الجديدة علي عبدالله صالح ونائبه علي سالم البيض، وترأس الحكومة حيدر أبوبكر العطاس (جنوبي) ثم أقيمت أول انتخابات برلمانية في عام 1993، وترأس البرلمان ياسين سعيد نعمان (جنوبي).

واستمر شهر العسل بين الطرفين عامين بعد الوحدة، ثم بدأت سلسلة اغتيالات لقادة جنوبيين وبدأت الأزمة بين الرئيس ونائبه لينفجر الوضع في مايو 1994، وينتهي بخروج علي سالم في 7 يوليو منهزماً لاجئاً خارج البلاد حتى اليوم.

في الحلقة الأخيرة

تلقي 'الجريدة' في الحلقة العاشرة والأخيرة من الملف الشائك، نظرة سريعة على أبرز مواضيع الحلقات السابقة من أجل تقديم المشكلة بصورتها الكلية، إضافةً إلى تبيان موقف المجتمع الدولي وتحديداً الولايات المتحدة، مما يجري في اليمن. ويختتم الملف بقراءة استراتيجية للحلول التي تطرحها الأحزاب والناشطون والمنظمات الدولية، الهادفة إلى إعادة الاستقرار إلى المناطق اليمنية الساخنة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وضاح الجنوب
وضاح الجنوب
المدير العام
اس ام اس
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

صوره افتراضيه

عدد المساهمات : 2568

تاريخ التسجيل : 29/05/2009

اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال الحراك… و القاعدة 8\10 Empty
مُساهمةموضوع: اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال أزمة الجنوب كنتيجة لمشكلات استراتيجية (الاخيرة) اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال الحراك… و القاعدة 8\10 Emptyالخميس 15 أبريل - 0:24

صنعاء – محمد الأسعدي
شارك في الإعداد عبد العزيز المجيدي
على مدار أسبوع القمة العربية التي انعقدت في مارس الماضي بمدينة سرت الليبية، احتفت وسائل الإعلام اليمنية الرسمية بمبادرة اليمن التي تقدم بها الرئيس علي عبدالله صالح لإصلاح المنظومة العربية، وجعلت منها حدثاً كتبت فيه قصائد شعرية وغنائية.

في السنوات الأخيرة، تقدم اليمن بمبادرة لإصلاح الأمم المتحدة، وأخرى لإصلاح العمل العربي المشترك، وثالثة لرأب الصدع الفلسطيني، وبذل مساعٍ لحل أزمة الصومال، وكلها لا شك جهود محمودة، وأغلبها يحوي مضامين تستحق النظر فيها، لكن لسان حال الشارع اليمني يقول: 'نحن أَولى باهتمام الدولة، بدلاً من صبّ جهودها في صيغ مبادرات لإصلاح العالم والمنطقة، خصوصاً أن الأزمات أرهقت كواهل المواطنين في الشمال والجنوب'.

ويشهد اليمن اليوم تحديات استراتيجية بالغة الأهمية في مستوى تعقيدها وخطورتها، كما يواجه تحديات اقتصادية وأمنية، لكن التحدي الأكبر على المديين القريب والبعيد هو كيفية الحفاظ عليه كـ'دولة موحدة'.

ذات يوم كان مجرد ذكر كلمة 'الانفصال' في الصحافة اليمنية ضرباً من المغامرة، وقد يترتب على الأمر أخطار لا تُحصى، لكن منذ يوليو 2007 بات رفع علم 'اليمن الجنوبي' أمراً وارداً.

بحلول 22 مايو 2010، سيحتفل اليمن، الذي يطل على أهم طرق الملاحة الدولية والمحاذي لأكبر دولة منتجة للنفط، بمرور عقدين على توحيد شطريه الشمالي والجنوبي، لكن اليمن هذه المرة سيبلغ الذكرى الـ20 وقد أصبحت مطالب العودة إلى ما قبل الوحدة أكثر حضوراً في أجزاء من بعض المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت تمثل قوام اليمن الجنوبي قبل عام 1990.

فتداعيات الاضطرابات التي تشهدها تلك المحافظات تتشكل في الميدان على نحو يهدد الاستقرار، في ظل تصعيد متبادل بين السلطة وقوى الحراك الجنوبي.

وعلى نحو شبه يومي، لا تمرّ نشرات الأخبار من دون ذكر 'الجنوب' كساحة احتجاجات، وأحياناً صدامات بين قوات الشرطة وعناصر 'الحراك الجنوبي' في بعض المدن، فضلاً عن تطورات القضية، التي تأتي من خارج البلد الفقير والمنهك بالأزمات.

مشاكل استراتيجية

تظل مشكلة اليمن في عدم قدرته على استيعاب التمويل الخارجي المقدم من المانحين، أكبر مصدر للإحراج، خصوصاً أن أيادي السلطة ممدودة لمزيد من الدعم، ولم تتمكن الحكومة من صرف مخصصات المشاريع التنموية الممولة من المانحين.

يُذكر أن اليمن تسلم حتى نهاية 2009 فقط، 20 في المئة من تعهدات المانحين في مؤتمر لندن 2006، التي بلغت 5.1 مليارات دولار، ولم يصرف إلا 80 في المئة ممّا تسلمه.

ويجري حالياً اختبار نظام صرف آلي يسهل عملية الصرف من التمويل الخارجي في إطار مشروع تجريبي، تموله الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، على ثلاثة قطاعات حيوية هي التربية والزراعة والصحة، ويتوقع أن يزيد هذا النظام طاقة اليمن في استيعاب مبالغ أكبر من المانحين قروضاً كانت أم مساعدات، كما سيعزز النظام الجديد الشفافية ويقلل فرص الفساد المالي، حسب قول مسؤول في وزارة المالية، وينفذ هذا المشروع فريق يمني بواسطة مؤسسة تدبير النظم الدولية الأميركية.

ويمكن أن يشكل الجنوب تحديا كبيرا، لكن تفاقم المشكلة هناك مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، يجعل اليمن برمته بقعة مضطربة تتخوف القوى الإقليمية والدولية من انزلاقها إلى الفشل، فالنفط الذي يوفر 70 في المئة من الموازنة العامة للبلد، مهدد بالنضوب، كما يقع أكثر من 50 في المئة من سكان البلاد البالغ تعدادهم نحو 23 مليون نسمة تحت خط الفقر، إضافة إلى أن اليمن يغرق في صراعات سياسية داخلية، كما حدث في صعدة المحافظة الشمالية التي شهدت 6 حروب بين الحوثيين والجيش منذ يونيو 2004، وامتدت إلى السعودية في نسختها الأخيرة عام 2009، يرافق ذلك إخفاق حكومي في إدارة الموارد المحدودة بكفاءة وفاعلية، من جراء تفشي الفساد بحسب تقارير دولية واعترافات مسؤولين رفيعي المستوى.

طارق الشامي، رئيس دائرة الإعلام والثقافة في حزب 'المؤتمر الشعبي العام' الحاكم، يؤكد أن السلطة 'ستشكّل لجانا من أعضاء مجلسي النواب والشورى والسلطات المحلية في المحافظات الجنوبية، للوقوف أمام أي مطالب'، وهذا النوع من المعالجات لا يبدو انه سيقدم حلا أمثل ممّا سبق.

ويتحدث عن وجود 'توجه جاد من الدولة لإجراء إصلاحات دستورية وقانونية'، تكفل الانتقال إلى نظام الحكم المحلي كامل الصلاحيات، بالتزامن مع إصلاحات 'تنموية واقتصادية تحد من الفقر والبطالة'.

المشكلة في الجنوب باتت أكبر حسب ما يعتقد رئيس منتدى التنمية السياسية علي سيف حسن، الذي يرى أنه 'لا يمكن معالجتها بهذه الوسائل التقليدية'.

يفضل حسن قراءة ظاهرة الحراك باعتبارها 'تعبيرا عن حالة رفض وغضب في الجنوب'، ويقول إن القضية الجنوبية 'قضية استثنائية، فهي قضية موقع وجغرافيا معطلة لا تقوم بدورها وانعكست على المواطنين وعدم قيامهم بدورهم،' مشيراً إلى ما يكرره أبناء الجنوب من شعورهم بـ 'التهميش'، لكنه لا يذكرها صراحة.

ويتابع: 'عدن معطلة رغم أنها بوابة اليمن إلى العالم، وحضرموت كذلك رغم أنها بوابة اليمن إلى الخليج'.

كابوس التشطير

أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء الدكتور محمد الظاهري يقول إن استمرار المعالجات بذات الطريقة 'سيقود إلى خطر التشطير والتجزئة '، ويضيف: 'إذا استمرت السلطة في تحايلها السياسي وعجزها عن القيام بواجبها، أخشى أننا سنصل إلى أكثر من يمن وأخاف حربا أهلية، على أولئك أن يدركوا أن أي مساس بالوحدة لا سمح الله، لن يعود الوطن إلى شطرين، كما يعتقد البعض: شطر شمالي وشطر جنوبي، بل سيتجزأ وستكون هناك دويلات ونتوءات عديدة، وسيتقاتل أبناء الشعب من بيت إلى بيت ومن طاقة إلى طاقة ولن يجدوا طريقا آمنا ولا طيرانا ولا سفينة تبحر'، هكذا حذر الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في أبريل 2009 في معرض تحذيره من المخاطر التي يمكن أن تؤدي إليها دعاوى إنهاء الوحدة اليمنية.

ويضيف الرئيس صالح: 'عليهم أن يأخذوا العبرة مما حدث في دول أخرى، وأن ينظروا إلى ما يحدث في العراق، مليون ونصف المليون قتيل بعد أن انهار النظام العراقي، وينظروا إلى ماذا يحدث في الصومال، إذ يتقاتل الصوماليون من بيت إلى بيت، لهذا فالوحدة هي منجز عظيم ضمتنا جميعا ومسؤوليتنا جميعا أن نحميها ونصونها ونبحر بهذه السفينة ونقودها إلى بر الأمان، دون أن نسمح لأي كان أن يستهدفها بمشاريعه الصغيرة والأنانية'.

وتجاه هذه المخاوف، بذلت الدولة مساعي باتجاه الحلول، لكن هناك من يرى أن الجهاز التنفيذي في الدولة هو من يعطل الحلول.

يقول رئيس اتحاد نقابات عمال اليمن-فرع عدن عثمان كاكو، إن 'السلطة التنفيذية تستولي عليها سلطة نافذة'. ويضيف أن 'هناك حربا وصراع مصالح في السلطة من أبناء الشمال أو الجنوب، الذين يؤججون الحراك في الشارع الجنوبي'.

ويعتقد مراقبون أن كثيرا من فرص حل المشكلة قد تسرب، وهناك شك في قدرة السلطة على تسوية الأمور بتلك البساطة بعد سنوات من الإخفاق في التعاطي الآمن معها، وبناء على ذلك، ينصح تقرير مركز دراسات الشرق الأوسط في واشنطن، الإدارة الأميركية بدعم الوحدة واستقرار اليمن، وهذا ما أكدت عليه كل زيارات المسؤولين الأميركيين لليمن، لكنه نبه صناع السياسة الأميركية إلى أن يكون الدعم مشروطا بـ'التزام يمني باحترام المؤسسات الديمقراطية وحكم القانون والحريات الصحافية وحقوق الإنسان'.

ويجمع خبراء محليون وأجانب في الشأن اليمني، على أنه اصبح من الصعوبة بمكان تقديم حلول دون مشاركة واسعة من النخب المحلية وبإشراف وسيط خارجي يتسم بالمصداقية، لكن إقناع صنعاء بهذا قد يأخذ وقتا طويلا، فالدعوات المحلية إلى إجراء حوار واسع وشامل، مع جميع الأطراف يواجه بمناورات دائمة كما تقول الأحزاب.

'لا يوجد أي تحفظ عن الجلوس مع أي قوى سياسية على طاولة الحوار سواء في الداخل أو الخارج،' يقول طارق الشامي، ولا تخلو هذه المرونة المفترضة من شروط، فالحوار يمكن أن يحدث بالنسبة إلى السلطة 'مادام أنه يندرج تحت سقف الدستور والوحدة والجمهورية'، حسب قوله.

ويبدو من استئناف المراسلات بين حزب 'المؤتمر' الحاكم وتكتل 'اللقاء المشترك' المعارض منذ مطلع أبريل 2010، بخصوص التحضير للحوار الوطني، دليل على تقارب في الرؤى السياسية، وإن كانت أحزاب المعارضة تتعامل بحذر مع تفاعل الحزب الحاكم، في ظل تواصل الهجمة الإعلامية عليها في الصحف الرسمية.

تفاوت وتهاون

محلياً تحظى القضية الجنوبية باهتمام من كل أطراف المعادلة السياسية مع تفاوت في الإحساس بخطورتها. ويقول رئيس منتدى التنمية السياسية ان 'معظم الأطراف تملك الاهتمام، لكنها تفتقد القدرة والجسارة الكافية للإسهام في المعالجة، مشدداً على أن هناك فرقا بين الاهتمام والقدرة.

بنظر رئيس منتدى التنمية السياسية، وهو من أبناء محافظة الضالع في الجنوب، فإن معالجة المشكلة في الجنوب تحتاج إلى 'جسارة سياسية غير عادية، وأحزاب اللقاء المشترك المعارض وقيادات الحراك الجنوبي غير قادرة على امتلاك هذه الجسارة'.

ويضيف حسن أن الرئيس صالح وحده القادر على أن يكون جسوراً لمواجهة هذه الأزمة بشكل سلمي 'يعيد إلى الأذهان جسارة الرئيس نفسه، عندما قرر الذهاب إلى عدن لتوقيع اتفاقية الوحدة عام 1989 وترك الجميع خلفه في صنعاء'.

تقديرات حسن تتفق إلى حد ما مع ما ذكره التقرير الأميركي الذي أكد أن حل الأزمة الجنوبية سلميا 'يعتمد جزئياً على رغبة الرئيس صالح في التدخل إلى تسوية وكذلك معالجة مظالم الجنوب بطريقة جديدة'.

سيناريوهات

بالنسبة إلى الحراك الجنوبي، ليس هناك ما يشير إلى انه يفكر في التسليم بقوة الأمر الواقع، ما يعني أن وتيرة الاحتجاجات ستظل على حالها إن لم تتصاعد، وقد تتسع رقعة الاضطرابات في البلاد مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، وقد نشاهد حراكاً في المحافظات الشمالية،' كما يقول الدكتور الظاهري في صنعاء ويؤيده الرأي عثمان كاكو، رئيس اتحاد نقابات العمال في عدن.

من جملة السيناريوهات المحتملة 'استمرار حالة التمرد في الجنوب'، وفي هذه الحالة، فإن 'قابلية الاقتصاد للنمو والتطور ستتعرض لتهديدات أكثر، بينما يمكن للفوضى الداخلية أن توفر مساحة إضافية لتنظيم القاعدة كي توسع نفوذها، بحسب التقرير الأميركي.

وإذا انزلقت الأوضاع إلى هذه الحال، فإن آثار ذلك لن تقتصر على اليمن وحده بل ستشمل جواره الجغرافي والمصالح الدولية المباشرة وغير المباشرة، فاليمن بلد مهم بالنسبة إلى المصالح الحيوية للعالم، فهو يطل على أهم طرق الملاحة العالمية، إذ يعبر بمحاذاة شريطه الساحلي نحو 3 ملايين برميل تتدفق للعالم نفط يوميا، ويحاذي اكبر دولة منتجة للنفط في العالم وهي المملكة العربية السعودية.

ربما هذا هو ما يدفع رئيس منتدى التنمية السياسية علي سيف حسن إلى القول: 'العالم لن يسمح للأوضاع المضطربة بالاستمرار، فلا اليمن ولا الإقليم يستطيع تحمل بقاء الأمور على ما هي عليه'، لذلك يتوقع أن 'يمارس العالم الخارجي ضغوطا كبيرة نحو حل المشكلة،' مستبعدا أن يتدخل فيها بشكل مباشر.

لكن ما من احد يجزم بأن ذلك قد يحدث على وجه التحديد، لتظل التطورات مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها الانفجار الكبير.

أولويات

يسعى فريق ممن يطلقون على أنفسهم بـ'الإصلاحيين الشباب'، وعلى رأسهم نجل الرئيس الأكبر أحمد، الذي يقود الحرس الجمهوري والقوات الخاصة، إلى تقديم حلول استراتيجية سريعة لما أطلقوا عليه 'الأولويات العشر'، وتتمثل في إحلال 100 شاب يمني من الكفاءات المتميزة، والتي تلقت تعليماً نوعياً في الغرب، بمواقع القرار في قطاعات الدولة المختلفة، وحل مشكلة الأراضي (في الجنوب)، وتفعيل دور العاصمة الاقتصادية عدن، ورفع الدعم عن المشتقات النفطية من دون إحداث أي تضخم في الأسعار، وخلق فرص عمل للشباب في اليمن والخليج، وكذلك تحسين صورة اليمن، من أجل جذب وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وتوفير حلول لمشكلة المياه، وتفعيل دور الدولة تعزيز سلطة القانون.

وتلقى هذه الأولويات اهتمام المانحين، إلا أن هناك قيادات بارزة في الحكومة وسلطات الدولة تعارضها وتحاول تعطيلها لأنها كما يبدو تمس مصالح الجيل الأول، حسب أحد مؤسسي هذه المجموعة.

وبناءً على تقييم للوضع القائم في اليمن، أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عن مشروعين هما الأكبر منذ معاودة نشاطها في اليمن منذ قرابة 10 سنوات، في إطار استراتيجية تمتد من 2010 حتى 2012، ويهدف المشروعان إلى محاولة معالجة أو إزالة عوامل الاضطراب في ثماني محافظات منها خمس جنوبية: أبين وعدن ولحج والضالع وشبوة، وتقدر قيمة المشروعين بحوالي 121 مليون دولار أميركي، وقد تمتد فترة المشروعين من ثلاث إلى خمس سنوات، يتوقع أن يتم البدء فيها في يونيو.

مقترحات حلول

أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني د. ياسين سعيد نعمان قال في كلمة له حول 'وثيقة الإنقاذ الوطني' التي تقدمت بها المعارضة: 'وثيقة الإنقاذ تقدم أفكاراً مهمة على هذا الصعيد من الممكن أن تشكل أساساً لحوارات جادة ومثمرة، ولن يكون مفيداً تفريغ الأزمة بإصلاحات جزئية لاتمس جذر المشكلة لأن هذا لن يعني أكثر من مجرد ترحيل لهذه الأزمة وتواطؤ مع مخرجاتها المخيفة التي أخذت تنقل المشكلة من أيدي اليمنيين لتضعها في إطار مختلف عن الحاجة الفعلية إلى معالجة الأزمة ومظاهرها الأساسية'.

في مارس 2010، أطلق حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) مبادرة دعت إلى الأخذ بالنظام الاتحادي الفدرالي على أساس إقليمين، تقترح المبادرة تطبيق نظام حكم محلي كامل الصلاحيات للوحدات في إطار كل من إقليمَي أو ولايتَي الدولة'.

ويقول إن هذا النظام 'يضمن لليمن استمرارية وحدته، في ظل دولة فدرالية واحدة متماسكة، بدستور واحد، ومواطنة واحدة، ورئيس واحد، وعلم واحد، وجيش واحد، وسياسة خارجية واحدة'.

وكان رئيس حزب 'رأي' عبدالرحمن الجفري قال ان 'الحل يبدأ بالجلوس على طاولة الحوار ويكون مفتوحا لجميع اللاعبين السياسيين، بمن في ذلك قادة الحراك في الداخل والخارج والحوثيون، ولا يُستثنى أحد'.

عثمان كاكو يقول إن 'الحل يبدأ بثقافة الاعتراف بالمشاكل الموجودة وعند الاعتراف بالآخر، وأن تتم إعادة النظر في الخطاب السياسي الذي وصفه بـ'خطاب موتور على مستوى عام وملتف لا يتناول الواقع بثقافة الاعتراف'، مضيفاً أن 'اليمن في حاجة إلى عقل سياسي يفكر ثم يقرر، لا العكس'.

تشكيك وتشجيع وحياد

في ختام هذا الملف بشأن قضية جنوب اليمن، تجدر الإشارة إلى أنه، خلال رسمنا لخطة الملف، كنا على يقين أن مثل هذا العمل سيلاقي جمهوراً واسعاً من القراء من داخل اليمن وخارجه– من يمنيين أو عرب، مع ما يجري أو ضده. وأقدمنا على المهمة ونحن على يقين أننا سنتعرض لكثير من الانتقادات وربما التشكيك في مدى مهنيتنا في ما ننقله إلى الناس على صفحات 'الجريدة'. وحدث بالفعل أن تلقينا قدراً لا بأس به من التشجيع، ومعلومات إضافية، وأيضاً في المقابل تلقينا كثيراً من الكلام القاسي والنقد غير البنّاء من إخوة يتوقعون من صحافي ما أن يخاطب رغباتهم ويغفل الطرف الآخر. وخلال إعداد 'الملف'، تجردنا من كل الانتماءات التي قد تؤثر في حيادية الطرح، وهناك من تفاعل بإيجابية عالية وساند بالرأي والنصيحة، التي عملنا بكثير منها حيثما وجدناها لا تتحيز لطرف.

تلقينا نقداً ممن يتعصبون للوحدة عاتبين علينا من إتاحة فرصة لأصحاب 'الحراك' للتعبير عن آرائهم، ومعتبرين أننا تخلينا عن أهم الثوابت الوطنية وهي الوحدة، لكننا بمجرد أن سمعنا أصواتاً كهذه من أصدقاء أعزاء وشخصيات قيادية في الدولة شعرنا أننا فعلاً حياديون ونقف في الوسط، وكان في ذلك عزاؤنا.

وسيظل هذا الجهد متواضعاً ومحدوداً لأنه من المستحيل أن يشمل الملف كل شيء وكل جانب وطرف بالتفصيل الوافي، خصوصاً أننا طرحنا هذه السلسلة على قراء 'الجريدة' بلغة يمكن متابعتها، بعيدة عن السرد التاريخي المجرد، أو اللقاءات المطولة المملة.

محمد الأسعدي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

اليمن... من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال الحراك… و القاعدة 8\10

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» الجريدة تفتح ملف جنوب اليمن.. من حلم الوحدة إلى كوابيس الانفصال» اليمن..كابوس القاعدة وشبح الانفصال » الكاتب الكويتي حسن علي كرم:اليمن بين مطرقة الوحدة وسندان الانفصال» التركيز على العصيان في اليمن ، وليس القاعدة بقلم المحلل الامريكي المختص بشؤن اليمن بريان أونيل» احتمالات الوحدة أو الانفصال باليمن
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى جحاف :: الملتقى الاخباري والسياسي :: الملتقى السياسي العام-