استعراض لما نشرته وسائل الاعلام عن الصراعات والخلافات التي تجري في اوساط الجنوب والحراك الجنوبي لعلنا نستخلص منها حلول ومعالجات للمرض:
قبل عام نشر موقع العرب اليوم هذا التقرير الاخباري التالي/
أزمة الجنوب اليمني تدخل أخطر مراحلها.. والسيناريو القادم كارثي
جانب من تجمعات هيئات الحراك الجنوبي اليمنيصنعاء: خالد الهروجيصعدت هيئات "الحراك الجنوبي" فعالياتها المناهضة للسلطات اليمنية بالتزامن مع الذكرى الـ42 لاستقلال جنوب اليمن في الثلاثين من تشرين الثاني ـ نوفمبر 1967، بعد حالة الهدوء النسبي التي سادت المحافظات الجنوبية طوال الشهرين الماضيين، في تطور لافت كشف أيضاً عن خلافات حادة في أوساط الشخصيات التي تقود الحراك والفعاليات الاحتجاجية. ويأتي هذا التصعيد ليزيد من خطورة الأزمة المتفاقمة في اليمن، خاصة مع استمرار الأعمال العدائية التي تستهدف المواطنين الذين ينتمون للمحافظات الشمالية، وقتل العديد منهم بسبب انتمائهم المناطقي، إلى جانب تنفيذ عمليات مسلحة ضد منتسبي القوات الأمنية الموجودة في تلك المحافظات، والاشتباك معها مما أدى إلى وقوع الكثير من القتلى والجرحى في صفوف القوات الأمنية والمواطنين.
وخلال الفترة ما بين آب أغسطس 2007 وكانون الأول ديسمبر 2009، قتل وأصيب العشرات من أبناء المحافظات الجنوبية والشمالية وقوات الأمن في المواجهات التي كانت تحدث أثناء المسيرات والفعاليات الاحتجاجية التي تنظمها جماعات "الحراك الجنوبي" بدون تصاريح مسبقة بالموافقة على إقامة هذه الفعاليات حسب ما تقول السلطات اليمنية، علاوة على بعض الأحداث التي تعتبرها السلطات الحكومية تخريبية مثل قطع الطرقات الرئيسية في بعض المناطق الجنوبية، في حين يقول منظمو هذه الفعاليات إنها سلمية، وإن السلطات تستخدم الأسلحة في مواجهتها.
ووفقاً لسياسيين يمنيين، فإن أزمة الجنوب اليمني وصلت في الوقت الراهن إلى مرحلة غير مسبوقة من الخطورة، ليس فقط لاتساع دائرة المواجهات بين قوات الأمن والمشاركين في فعاليات "الحراك الجنوبي" التي ترفع فيها أعلام دولة الجنوب الشطرية، والتي تدعو إلى انفصال جنوب اليمني عن شماله، وما يسببه ذلك من ارتفاع في أعداد الضحايا، ولكن أيضاً بسبب التعبئة المناطقية المكثفة في أساط أبناء المحافظات الجنوبية، وغرس بذور الحقد والكراهية في نفوسهم ضد كل إخوانهم الشماليين، فضلاً عن نظام الحكم وجهازه الأمني.
وعلى الرغم من الاستهجان الواسع لأعمال التقطعات واستهداف المواطنين الأبرياء والعبث بالممتلكات العامة والخاصة في بعض المناطق الجنوبية، إلا أن ذلك لم يحد من خطورة ما يحدث في تلك المناطق، خاصة مع تعدد دوائر الخلاف بين قيادات الحراك وبعض الشخصيات الجنوبية المؤثرة، وبين هذه الشخصيات وقيادات الخارج المختلفة أيضاً فيما بينها، وبالتالي سعي كل طرف إلى كسب المزيد من الأنصار من خلال تصعيد خطابه وأنشطته المناهضة للسلطة ورفع درجة التوتر، كل في منطقة نفوذه للظهور بمظهر القائد القوي القادر على قيادة هذا الحراك.
وأكد سياسي يمني مقرب من هيئات الحراك أن خلافات حادة ما تزال تتفاعل على أكثر من صعيد. وقال سياسي طلب عدم الكشف عن اسمه لـ"العرب اليوم" إن الظهور المفاجئ لنائب رئيس دولة الوحدة علي سالم البيض بعد فترة طويلة من الانقطاع وتصريحاته غير المدروسة أحد أسباب هذه الخلافات. وإلى جانب خلافه الحاد مع رئيس أول حكومة بعد الوحدة حيدر أبوبكر العطاس، فقد كان السبب في نشوب الخلاف بين قيادات الحراك في الداخل، نظراً لترحيب البعض بعودته إلى معترك الحياة السياسية، ورفضه من قبل البعض الآخر.
وأوضح ذات المصدر أن الرافضين للبيض يبررون رفضهم بتلاشي شعبيته مقارنة بالعطاس الذي ما زال يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الجنوبيين، علاوة على أن الكثير من قيادات الحراك يطمحون من خلال هذه الجهود في الفوز بالمناصب العليا في الدولة الجنوبية في حال تحقق حلمهم بالانفصال، أو تمثيل الجنوب في الشراكة في السلطة مع الشمال عند استمرار الوحدة والتوصل لاتفاق مع النظام الحاكم حالياً، باعتبارهم أحقَ بهذه المكاسب من البيض وغيره من قيادات الجنوب المقيمة في الخارج التي تنتظر قطف الثمار حسب قوله.
نشطاء الحراك وقيادات ما يسمى (مجلس قيادة الثورة السلمية في الجنوب) عقدوا في السابع من ديسمبرالحالي اجتماعاً موسعاً يهدف إلى تجاوز الخلافات وتفعيل الحراك. ووفقاً للبيان الصادر عن الاجتماع، فقد أقر توسيع رئاسة "مجلس الثورة" بإضافة أربعة أعضاء جدد يمثلون المحافظات التي لم تكن ممثلة فيه، وتشكيل لجنة تحضيرية تتولى مهمة الترتيب لعقد مؤتمر وطني عام لأبناء الجنوب في موعد لا يتجاوز الشهرين، كما أقر الاجتماع إقامة العديد من الفعاليات على مدى الستة أشهر القادمة، والتظاهر كل يوم خميس في جميع محافظات الجنوب للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين في سجون من سماه البيان "الاحتلال".
وقال البيان الذي حصل "العرب اليوم" على نسخة منه إن الاجتماع أشاد بـ"شعب الجنوب الأبي التواق للحرية والاستقرار لما يقدمه هذا الشعب الجبار من تضحيات وصمود في سبيل التحرير والاستقلال". وحسب البيان، فإن المجتمعين أكدوا على وحدة الصف الجنوبي في الداخل والخارج، والالتفاف خلف "علي سالم البيض الرئيس الشرعي للجنوب" على حد وصف البيان.
اجتماع قيادات الحراك الجنوبي جاء بعد أسبوع واحد على إصدار الجهادي السابق الشيخ طارق الفضلي الذي انضم قبل عدة أشهر لقوى الحراك بعد خلافه مع السلطة التي كان جزءاً منها وحليفاً لها لعدد من القرارات المتصلة بتفعيل الحراك الجنوبي، وتضمنت قرارات الفضلي تغيير مسمى المجلس الأعلى للحراك وتشكيل هيئة تنفيذية تديره، علاوة على قرارات أخرى عين بموجبها أميناً عاما للهيئة وناطقاً باسمها ورؤساء دوائر ولجنة تحضيرية للمؤتمر العام الوطني الجنوبي، بالإضافة إلى وضع مبادئ وأهداف المجلس وأسسه التنظيمية.
قرارات الفضلي تجاهلها الاجتماع الذي ضم قيادات الحراك، وقوبلت بالنقد والسخرية من قبل عدد من الشخصيات الكبيرة والمؤثرة، التي اعتبرت هذه القرارات بمثابة المرسوم.
وقال أحد القياديين في اتصال هاتفي لـ"العرب اليوم" إن هذه القرارات عبثية ومحاولة فاشلة للوصاية على هيئات الحراك، مشيراً إلى أن دعوة المجلس للالتفاف حول الرئيس السابق علي البيض والتي تضمنها البيان الصادر عن الاجتماع، جاءت رداً على قرارات الفضلي التي تجاهلت القيادات الجنوبية المقيمة خارج البلاد. وفي طليعتها البيض والعطاس وغيرهما، إضافة إلى إصدار مثل هذه القرارات بدون التشاور مع قيادات الحراك الحقيقية.
ويعتقد سياسيون يمنيون أن خروج الفضلي من تحت عباءة السلطة، وانضمامه إلى صفوف مناهضيها والداعين إلى حق تقرير المصير للجنوب اليمني يمثل عنصر قوة لهيئات الحراك، نظراً لما يتمتع به من قوة ونفوذ كبيرين في محافظة أبين، خصوصاً والجنوب عموماً باعتباره سليل إحدى السلطنات التي كانت تحكم الجنوب اليمني أيام الاستعمار البريطاني، في حين يرى آخرون أن الفضلي قد يكون عامل ضعف، بسبب نهجه المستقل الذي يعكس رغبته الرامية في تزعم الحراك، إلى جانب أنه ما زال محل شك جميع قيادات الحراك التي لم تنس بعد مواقفه السابقة الداعمة للسلطة وعلاقة النسب التي تربطه بأحد أقطابها.
وكانت أزمة الجنوب اليمني قد بدأت بالتشكل مطلع عام 2006 بفعاليات ومظاهرات محدودة كان ينظمها بعض أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية للمطالبة بإعادة المحالين قسرا للتقاعد في القطاعين المدني والعسكري إلى وظائفهم، والتعبير عن رفضهم لما يقولون إنه ظلم واقع عليهم، غير أن هذه الأزمة أخذت في التطور شيئاً فشيئاً، حتى دخلت مرحلة المواجهة في الثاني من أغسطس 2007، ومن ثم تحول مسارها الحقوقي السلمي إلى مسارات أخرى تتسم بالحدة والمواجهة العنيفة، بل والمسلحة مع قوات الأمن، الأمر الذي أدى إلى تغييب المطالب الحقوقية، وظهور المطالب السياسية الداعية إلى الانفصال وعودة الأوضاع في اليمن إلى ما قبل عام 1990.
الأزمة التي وصلت إلى أخطر مراحلها، مرشحة للتفاقم أكثر مما هي عليه اليوم، لتزيد الأوضاع تعقيداً في اليمن لعدم تمكن السلطة من السيطرة على مجرياتها واحتواء تداعياتها من جهة، وعدم اتخاذها إجراءات حاسمة وقويه لمعالجة الجذور التي تسببت في تفجر الأزمة من جهة أخرى، بالرغم من طول عمر الأزمة الذي يمتد لأكثر من ثلاثة أعوام، بالإضافة إلى غياب أي مؤشرات تلوح في الأفق لجهة الانفراج، خاصة مع استمرار الخلاف الدائر بين السلطة والمعارضة حول العديد من القضايا السياسية، وسعي كل طرف لاستثمار الأوضاع الراهنة وتداعياتها لصالحه.
وتؤكد مجريات الأحداث في المشهد السياسي، أن السيناريو القادم لليمن سيكون كارثياً، إذا لم تلتق كل الأطراف للحوار الجاد والنقاش حول كل الإشكالات التي تواجه البلاد؛ وفي مقدمتها قضية الجنوب، والحرب مع الحوثيين، وتدارس السبل الكفيلة بمواجهة أخطار تنظيم القاعدة الذي تؤكد الكثير من المصادر أنه يعيد تنظيم صفوفه وترتيب أوضاعه، وقد يدخل في تحالفات تكتيكية مع جماعات الحراك والحوثيين.