ملتقى جحاف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ملتقى جحاف: موقع ومنتدى إخباري سياسي اجتماعي ثقافي عام يختص بنشر الأخبار وقضايا السياسة والاجتماع والثقافة، يركز على قضايا الثورة السلمية الجنوبية والانتهكات التي تطال شعب الجنوب من قبل الاحتلال اليمني
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر|

استراتيجية وتفجيرات القاعدة (1):تنظيم «القاعدة» أهدافه أفغانية وقادته لم يفهموا الجهاد وتفجيرات الرياض والدار البيضاء كشفت خلل فهمهم للإسلام

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
رائد الجحافي
رائد الجحافي
مؤسس الملتقى
اس ام اس لا إلـــه إلا الله محمد رسول الله

عدد المساهمات : 2797

تاريخ التسجيل : 30/06/2008

العمر : 44

الموقع : الجنوب العربي - عدن

استراتيجية وتفجيرات القاعدة (1):تنظيم «القاعدة» أهدافه أفغانية وقادته لم يفهموا الجهاد وتفجيرات الرياض والدار البيضاء كشفت خلل فهمهم للإسلام Empty
مُساهمةموضوع: استراتيجية وتفجيرات القاعدة (1):تنظيم «القاعدة» أهدافه أفغانية وقادته لم يفهموا الجهاد وتفجيرات الرياض والدار البيضاء كشفت خلل فهمهم للإسلام استراتيجية وتفجيرات القاعدة (1):تنظيم «القاعدة» أهدافه أفغانية وقادته لم يفهموا الجهاد وتفجيرات الرياض والدار البيضاء كشفت خلل فهمهم للإسلام Emptyالأحد 3 يناير - 7:34

كتابا جديدا لقادة الجماعة الإسلامية المصرية ينتقد استراتيجية وتفجيرات «القاعدة

القاهرة: عبد اللطيف المناوي

يأتي كتاب «استراتيجية وتفجيرات القاعدة، الأخطاء والأخطار»، لقادة الجماعة الاسلامية المصرية، والذي تنفرد «الشرق الأوسط» بحقوق نشره، استكمالا لكتبهم الأربعة السابقة لتصحيح المفاهيم، عقب مبادرة وقف العنف التي أطلقها قادة الجماعة في عام 1997 . غير انهم في كتابهم الجديد الذي بين أيدينا يركزون على تصحيح ما يعتبرونه المفاهيم الجهادية لتنظيم «القاعدة» بقيادة اسامة بن لادن، ومساعده المصري الدكتور أيمن الظواهري زعيم جماعة الجهاد المصرية . ويرى أحد مؤلفي الكتاب ، كرم زهدي، الذي أفرجت السلطات المصرية عنه أخيرا انه حين يناقش استراتيجية «القاعدة» فهو لا ينحو منحى الآخرين من وصم «القاعدة» وأقطابها بالعمالة لأميركا والخيانة للأوطان، والارتزاق من أجل دراهم محدودة.

ويعترف قادة الجماعة الاسلامية ـ مؤلفو الكتاب ـ والذين ما زال بعضهم في السجن بأن التفجيرات الأخيرة في الرياض والدار البيضاء في مايو (ايار) 2003 كشفت الخلل في الاستراتيجية التي تتبعها بقوة «القاعدة» في فهم الجهاد أو تنزيل الأحكام الشرعية عليه، وجعلتهم يتصدون بهذا الكتاب لرؤية تنظيم «القاعدة» تمحيصا وتقييما . والكتاب يقول عنه مؤلفوه انه يأتي من باب الدين النصيحة وينقسم الى تمهيد وفصلين، ويتناول التمهيد المفهوم بين رؤيتين : رؤية المبادرة التي أعلنتها الجماعة الاسلامية المصرية في الخامس من يوليو (تموز) 1997 والتي بمقتضاها أوقفت الجماعة أعمال العنف بينها وبين الحكومة، والبيانات المحرضة عليها داخل مصر وخارجها، ورؤية «القاعدة» التي عبر عنها اعلان الجبهة الاسلامية العالمية لمواجهة الصليبيين واليهود والأميركيين، والتي انضوى تحتها عدد من الجماعات الاسلامية في بلدان عدة بقيادة اسامة بن لادن . ويورد قادة الجماعة الاسلامية الأسباب التي دعتهم الى اطلاق مبادئهم، ويرون ان المبادرة لم تكن اعمالا لمبدأ التقية أو من قبيل الخدعة التكتيكية لأن الجماعة الاسلامية تنطلق من الفكر السني، بل المبادرة تقرر ـ كما يؤكدون ـ ان الجهاد فريضة ماضية الي يوم القيامة ولكنها فريضة لها ضوابط، يجب توفرها لكي يصح تنفيذها، وهذه الأمور تقف على طرف النقيض من رؤية «القاعدة» التي تجعل الجهاد هو الاستجابة الوحيدة الصحيحة لمواجهة الواقع وترفع منطق التحدي فوق مبدأ الحسابات . ويظهر الخلاف بين رؤيتي «القاعدة»، والجماعة على أكثر من مستوى : في فهم الاحكام الشرعية وتنزيلها علي الواقع، وفي فهم الواقع واستيعاب تحدياته التي يزخر بها، وعلى صعيد ترتيب الأولويات وهو ما سنبينه بالتفصيل في حلقاتنا المقبلة . ويتناول المؤلفون بداية تنظيم «القاعدة» ويصفونها بانها ولدت من رحم الجهاد الأفغاني، وبالتالي فأهدافها أهداف أفغانية في المقام الأول وهو ما تولد عنه تحالف قوي بين «القاعدة» وحركة طالبان التي ما لبثت ان سيطرت على 90% من أراضي أفغانستان، ويقسم المؤلفون تاريخ تنظيم «القاعدة» الى مرحلتين : الأولى من قبل سيطرة حركة طالبان على الحكم في أفغانستان الى تاريخ الاعلان عن قيام الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين والاميركيين . والمرحلة الثانية من اعلان الجبهة حتى الآن حيث تبلورت أهداف هذه المرحلة في ارغام أميركا على الانصياع لمطالب «القاعدة» سواء في الخليج أو الشيشان أو كشمير أو داغستان أو فلسطين . ويعتقد قادة الجماعة الاسلامية، وبعد دراسة طويلة للاستراتيجية الاميركية في التعامل مع قضايا العالم الاسلامي، سوف نوردها في الحلقات المقبلة، ان الاستراتيجية الأميركية تجاه أفغانستان، خاصة في مطلع تسعينات القرن الماضي لم تكن تبرر تبني «القاعدة» لاستراتيجيتها على النحو الذي اعتمدته، بل انهم ـ قادة «القاعدة» ـ أقحموا الأمة الاسلامية في صراع لا طاقة لها به، ولا رغبة لها فيه . ويلاحظ المؤلفون ان النتائج التي نجمت عن استراتيجية «القاعدة» تصب في غير مصلحة الأمة الاسلامية، بل انها أدت الي نتائج سلبية كثيرة منها : 1ـ انهيار الدولة الاسلامية الوليدة في أفغانستان . 2ـ مطاردة «القاعدة» والحركات الاسلامية في اطار العولمة الأمنية . 3ـ الاضرار بمصالح وقضايا الاقليات الاسلامية بالخلط المتعمد بين حركات المقاومة للاحتلال والارهاب . 4ـ افساح المجال أمام تحقيق الأهداف والطموحات الاسرائيلية . ويناقش الكتاب أيضا الخلل في فهم تنظيم «القاعدة» للجهاد عبر أربع زوايا: مغزى الجهاد، الجهاد فريضة من فرائض الاسلام، الجهاد وسيلة لا غاية، الجهاد وسيلة من وسائل كثيرة لرفع راية الاسلام . ويفند المؤلفون استدلالات زعماء «القاعدة» الخاطئة في تبرير تفجيراتهم من احداث 11 سبتمبر حتى احداث الرياض 2003, حتى يصلوا الى حقيقة مؤداها ان أغلب الضحايا في التفجيرات كانوا من المسلمين أو من جنسيات أخرى غير مستهدفة وهو ما نجم عنه ان اصبحت هذه الدول التي تمت فيها التفجيرات متكتلة ومتحدة ضد الحركات الاسلامية بشكل عام، وليس «القاعدة» فقط . واذا كان الجميع يدين هذه العمليات ومنفذيها فان مؤلفي كتاب استراتيجية وتفجيرات «القاعدة» يرون ان هذه التفجيرات أراد بها منفذوها خيرا لكن لم يدركوه، وأرادوا بها مصلحة ولكن لم يحصدوها . ويقيم قادة الجماعة الاسلامية في كتابهم الجديد هذه التفجيرات من خلال مناقشة موضوعية مستندة لأدلة شرعية من القرآن الكريم والسنة الشريفة . ويتناول الكتاب بعض العلاقات الفقهية الخاصة بمفهوم الجهاد وارتباطه بالواقع المعاصر، والعلاقة الارتباطية بين الحكم الشرعي للجهاد ومن هم مكلفون بالفتوى في الواقع المعاصر، ويرى المؤلفون ان هاتين الجدليتين تحدثان عادة خللا في ادراك الواقع على حقيقته . واجابة على سؤال يطرحه المؤلفون : هل يصح استهداف شخص ما بالقتل على أساس جنسيته. ويدلل الكتاب على خطأ فتوى زعيم «القاعدة» اسامة بن لادن بجواز قتل المدنيين الاميركيين وهو ما سنتناوله بالتفصيل في حلقات مقبلة . كما يتناول الخطأ في استدلالات زعماء «القاعدة» بجواز تفجيراتهم عبر أربعة مناهج : الخطأ في تنزيل الحكم الشرعي الخاص باباحة انغماس المسلم في صف العدو، وبجواز تفجيرات الطائرات المدنية والشاحنات الملغومة، الخلل في تنزيل احكام الاغارة والتبيت للقول باباحة استخدام التفجيرات العشوائية، الخطأ في تنزيل الاحكام الخاصة برمي الترس، وجواز الرمي بالمنجنيق للقول بجواز التفجيرات العشوائية، الخطأ في استهداف الاجانب والسياح بدعوى عدم انطباق احكام الامان عليهم وهو ما سنتناوله بالتفصيل في الاعداد القادمة . يصل المؤلفون بعد هذه الرحلة الطويلة في ختام الكتاب الى سؤال مهم وهو ما البديل لكل هذا، يرى قادة الجماعة الاسلامية ان البديل هو سياسة اميركية أكثر عدلا، والتوحد بين ابناء الأمة تحت مظلة الحرية للجميع والمشاركة للجميع، وتوجيه الطاقة المختزنة للجهاد والتضحية لدى أبناء الأمة حينما يوجد محتل غاشم، أو مستعمر آثم . والكتاب ألفه ثمانية من قادة الجماعة الاسلامية المصرية هم كرم زهدي وناجح ابراهيم وعلي الشريف وأسامة حافظ وحمدي عبد الرحمن وفؤاد الدواليبي وعاصم عبد الماجد وعصام دربالة.



* مبادرة وقف العنف عام 1997



* في هذه الحلقة يتناول قادة الجماعة الاسلامية المصرية الاستراتيجية الاميركية تجاه قضايا العالم الاسلامي بالعرض والتقييم ، في محاولة للاجابة على عدة اسئلة مهمة تطرحها الاحداث الجارية على الساحة العالمية : هل الاستراتيجية الاميركية هي التي استهدفت العالم الاسلامي أولا ، وهل نحن في حالة دفاع عن النفس وهو ما يتيح للقاعدة ان تفعل ما بدا لها؟



ويرى المؤلفون ان قراءة «القاعدة» للاستراتيجية الاميركية لا تتسم بالدقة ، بل ـ حسب قولهم ـ بالظلم والاجحاف ، فالمتابع للاستراتيجية الاميركية سيجد ان محركها الأول المصلحة الاميركية وليس العامل الديني ، وهو ما يفسر أحداثا كبيرة بدت فيها اميركا وكأنها داعم لبعض القضايا الاسلامية مثل حالة دعم الجهاد الافغاني عام 1979 ضد الوجود السوفياتي . ويقسم قادة الجماعة الاسلامية هذه الاستراتيجية الى ثلاث مراحل تبدأ الأولى من انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 حتى نهاية الحرب الباردة في ديسمبر (كانون الاول) 1991، بسقوط الاتحاد السوفياتي ، وتبدأ الثانية من 1991 حتى اعلن الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين ، وبدء تنفيذ العمليات ضد اميركا ، وتمتد الثالثة من أحداث سبتمبر (ايلول) 2001 حتى الآن . ويصل المؤلفون في نهاية دراستهم للاستراتيجية الاميركية الى ان استراتيجية «القاعدة» ، أهم عامل أسهم في تسريع وصياغة تلك الاستراتيجية الاميركية السلبية ضد العالم الاسلامي .



* مراحل الاستراتيجية الأميركية تجاه قضايا العالم الإسلامي من 1945 ـ 2003:



* تقتضي الدقة والموضوعية عند البحث عن الاستراتيجية الاميركية تجاه الاسلام وقضايا العالم الاسلامي ان نميز بين المراحل المختلفة التي مرت بها تلك الاستراتيجية وفقا لتطور المستجدات سواء على الساحة العالمية أو الاسلامية أو في الداخل الاميركي، اذ يمكن ان نميز بين عدة مراحل مرت بها هذه الاستراتيجية طوال الستين عاما الماضية كالآتي:



المرحلة الأولى: مرحلة تأمين المصالح الاميركية في العالم الاسلامي ضد أخطار الشيوعية (1945 ـ 1991).



وكان هذا التطويق للخطر الشيوعي يعني ـ في المقام الأول ـ احكام الحصار حول الاتحاد السوفياتي ومنعه من الوصول للمياه الدافئة سواء في المحيط الهندي أو الخليج العربي أو البحر المتوسط، وكان هذا الحصار يتطلب اقامة حزام من دول موالية لاميركا يحيط بالحدود السوفياتية من الجنوب والشرق والغرب.



ولقد كان عدد كبير من هذه الدول المرشحة لهذا الدور توجد في نطاق العالم الاسلامي مما أوجد فرصة الالتقاء بين الأهداف الاميركية الساعية لتطويق الخطر الشيوعي والرؤية الاسلامية للشيوعية باعتبارها مروقا من الدين، ومن هذا المنطلق عرضت اميركا ـ خاصة في ظل تعاظم أهمية منطقة الخليج مع توالي الاكتشافات البترولية بها ـ على عدد من الدول الاسلامية التعاون لتطويق الخطر الشيوعي من خلال اقامة مجموعة أحلاف تشارك فيها دول المنطقة، وكان أشهرها «الحلف الاسلامي» الذي عرض على بعض الدول الاسلامية مثل باكستان والعراق وتركيا ومصر الدخول فيه، لكن جاء الرفض المصري آنذاك في منتصف الخمسينات من القرن الماضي ليضع حدا لمثل هذا المشروع الطموح.



ومع استمرار الحرب الباردة واعتماد الاستراتيجية الاميركية على اسرائيل لمنع وقوع منطقة الشرق الأوسط في يد الشيوعية، وكحارس أمين للمصالح الاستراتيجية الاميركية بها، بدا ان اميركا تسير في اتجاه مناوئ للاسلام وقضاياه.



المرحلة الثانية: 1991 ـ الحادي عشر من سبتمبر 2001:



من البحث عن استراتيجية جديدة الى التصعيد والضغوط المتبادلة بين اميركا و«القاعدة»:



بعد انهيار الاتحاد السوفياتي انتقل العالم من القطبية الثنائية المبني على وجود قطبين متوازنين الى نظام القطب الاميركي الأوحد مما دفع البعض الى تسمية هذا العصر بالعصر الاميركي.



* الفترة الأولى: اعادة رسم الاستراتيجية والبحث عن عدو جديد (تمتد من 1991 الى 1996)



* ولقد وجدت اميركا نفسها في بداية هذه المرحلة تنغمس في منطقة الخليج لانهاء مغامرة صدام حسين باحتلال الكويت في أغسطس (آب) 1990 وللحفاظ على هيمنتها على البترول كسلعة استراتيجية.



وبالمنطق الاميركي لم يكن هناك خيار آخر غير التدخل العسكري أمام صانع القرار، ومن هنا تواكب مع هذا التدخل طرح قضية الاستراتيجية الاميركية الجديدة وبدأ البحث عن العدو البديل للشيوعية.



وبدا ان القيادة الاميركية بقيادة جورج بوش الأب في هذا الوقت كانت تعيش مرحلة الارتباك الناجمة عن الانتقال الى نظام القطب الواحد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وتبدى ذلك في تبشير الرئيس الاميركي بنظام عالمي جديد يقوم على العدالة والحرية; وهي دعوة حاول ترجمتها من خلال التدخل في الشرق الأوسط ودفع أطراف الصراع العربي ـ الاسرائيلي الى الجلوس على مائدة المفاوضات في مؤتمر مدريد للسلام، وأيضا التدخل الاميركي في الصومال لانهاء حالة الحرب الأهلية الذي سرعان ما انتهى الى انسحاب سريع مهين بعد تكبد اميركا بعض الخسائر البشرية في صفوف جنودها.



وما ان اعتلى بيل كلينتون منصب الرئاسة سنة 1992 حتى بدأت الادارة الديمقراطية الجديدة تتجه لتبني استراتيجية جديدة في اطار الاستجابة لبعض الأطروحات التي طرحها عدد من المفكرين الاميركيين التي يمكن الاشارة اليها عبر استعراض أهم ثلاثة كتب صدرت باميركا في خلال عقد التسعينات:



الكتاب الأول، وصاحبه «ريتشارد نيكسون» الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الاميركية وترجم الى العربية بعنوان الفرصة السانحة، وفكرته الأساسية تدور حول ان: الانتصار الذي حققته اميركا على الاتحاد السوفياتي ولد فرصة سانحة للهيمنة الاميركية على العالم وللسيادة الكونية وتحقيق النصر الحاسم على شتى المنافسين، وأخذ في رسم الدوائر المحتملة للأخطار وأشار فيما يتعلق بالعالم الاسلامي بضرورة التفريق بين الحكومات الاسلامية المعتدلة حيث يمكن التعاون معها والحركات الأصولية المتشددة التي تحتاج لمعاملة حاسمة ضدها، مع امكانية التلاقي مع أي طرف اذا كانت المصلحة الاميركية تستدعي هذا.



وبهذا دشن نيكسون التفكير الاستراتيجي الجديد في اتجاه الانتصار الشامل الدائم اغتناما للفرصة السانحة.



ثم يأتي الاسهام الثاني من «فرانسيس فوكوياما» أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة هوبكنز وذلك من خلال كتابه الشهير «نهاية التاريخ».



وكان تناوله للاسلام ينحو الى وصفه بالشمولية وانه لا يمكن وجود مثال للدولة الديمقراطية في العالم الاسلامي الا في حالة تركيا لانها تخلت صراحة عن تراثها الاسلامي.



وهو بهذا يضع الاسلام في خانة العداء مع المفاهيم الليبرالية المتفوقة.



أما الكتاب الثالث، وهو لعالم السياسة الاميركي «صموئيل هنتنجنتون» الأستاذ بجامعة هارفارد والصادر سنة 1996 تحت عنوان «صدام الحضارات» والذي عرض فيه فكرته عن وجود حضارات متنوعة في العالم، وان هذه الحضارات الخلافات بينها أساسية وغير قابلة للحل، ومن ثم ستقع الصراعات عند الخطوط الفاصلة بينها وان على انصار الحضارة الغربية ألا يتدخلوا في هذه الصراعات الا اذا كانت تنطوي على تعريض المصالح القومية الحيوية للخطر.



واعتبر «هنتجنتون» ان الاسلام هو الحضارة الوحيدة التي جعلت بقاء الغرب موضع شك مرتين على الأقل ـ يقصد بها الفتوحات الاسلامية الأولى والفتوحات العثمانية ـ وان المشكلة الحقيقة للاسلام ليست الأصولية الاسلامية لكنها الاسلام في حد ذاته لأن له مشاكل مع الحداثة.



وبهذه الكتب الثلاثة أصبح مطروحا ـ وبقوة ـ على ذهن صانع القرار الاميركي استراتيجية النصر الحاسم وسيادة الديمقراطية وصدام الحضارات، ومن هنا بدأ يظهر مفهوم العولمة بدلا من النظام العالمي الجديد.



وهذا يعني ان الفترة الممتدة من 1991 الى 1997 شهدت جدلا كبيرا في اميركا حول الاستراتيجية الجديدة وتحديد العدو الجديد، وتقييم الموقف من الاسلام أو الخطر الأخضر كما يسمونه، وأسهم في طرح هذه المسألة بالحاح التفجير الذي وقع في مركز التجارة العالمي في فبراير (شباط) 1993 واتهم فيه بعض المنتمين للتيار الاسلامي.



ورغم هذا فلم تشهد الاستراتيجية الاميركية تغيرا انقلابيا في اتجاه التصعيد ضد كل ما هو اسلامي، فلقد شهدت هذه الفترة عددا من المواقف الاميركية المنسجمة مع الطبيعة الاميركية البراغماتية المصلحية أو النفعية; وذلك عندما دعمت اميركا الجهود المبذولة لنيل دولة البوسنة والهرسك حقها في الاستقلال عن يوغوسلافيا، وتدخلت عسكريا لحفظ الأمن بها زمن التطهير العرقي الذي كان يجري على قدم وساق.



وجاء أيضا العرض الاميركي على نظام طالبان بتقديم الدعم لحركة طالبان نظير التوافق الاستراتيجي بينهما كدليل آخر على سيادة المنطق النفعي على الاستراتيجية الاميركية، وهذا المنطق النفعي ذاته هو الذي كان يسهم في تشكيل الموقف الاميركي السلبي تجاه ايران أو النظام السوداني، فضلا عن رفض اميركا للتوجه الاسلامي للبلدين.



واستمر هذا المنطق الاميركي سائدا حتى بزوغ الفترة الثانية من هذه المرحلة والتي سنعرض لها الآن.



* الفترة الثانية من 1996 الى الحادي عشر من سبتمبر 2001:



«التصعيد والضغوط المتزايدة»



* وشهدت هذه الفترة بدء عمليات تنظيم «القاعدة» في السعودية، ثم أعلن زعيم «القاعدة» عن قيام الجبهة العالمية لقتال الصليبيين واليهود، ثم الاعلان عن فتوى قتل المدنيين الاميركيين في أي مكان وزمان، واتبع ذلك القيام بعدد من العمليات العنيفة ضد أهداف اميركية في اليمن والسعودية وكينيا وتنزانيا، مما جعل خطر «القاعدة» يتعاظم بصورة غير مسبوقة مما نجم عنه رد فعل أميركي ضاغط على دولتي السودان وأفغانستان، وتم قصف بعض المواقع في السودان بزعم وجود مصنع لانتاج الأسلحة الكيميائية وتبعيته لأسامة بن لادن، ثم قصف عدد من المواقع في أفغانستان بزعم انها معسكرات تدريب تابعة لـ«القاعدة».



وبدأت اميركا في اتباع استراتيجية الضغوط المتزايدة على حركة طالبان عندما رفضت الحركة تسليم أسامة بن لادن وتنوعت هذه الضغوط بدءا من الضغوط الاقتصادية عن طريق الأمم المتحدة واصدار قرارات من مجلس الأمن بمنع رحلات شركة الطيران الأفغانية وحظر ارسال أي أسلحة لنظام طالبان.



ومع تزايد الضغوط الاميركية سواء عن طريق قرارات مجلس الأمن أو عن طريق باكستان بدا ان الصدام مقبل لا محالة.



لكن لا ننسى في هذا المقام دور اليمين المسيحي الأصولي الذي بدأ ينمو في داخل الولايات المتحدة او تعاظم دوره في التأثير على التوجهات الخارجية والداخلية للادارة، ونشأ تحالف بين اللوبي اليهودي واليمين المسيحي الأصولي انصب تأثيره على قضية الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وايجاد ذريعة للتدخل في شؤون الدول المختلفة خاصة الاسلامية تحت عنوان: «مساندة الأقليات المضطهدة في العالم» وهذه مسألة سنزيدها تفصيلا بعد قليل.



* المرحلة الثالثة: وتمتد من أحــداث الحادي عشـــر من سبتمبر 2001 وإلى يومنا هذا «استعادة الهيبة واستباق الأخطار» و* تبدأ هذه المرحلة بحالة الذهول التي انتابت اميركا ساسة وشعبا من جراء الهجوم الذي شنته بعض الخلايا التابعة لـ«القاعدة» على عدة أهداف على الأراضي الاميركية بواسطة عدد من الطائرات المختطفة، والذي استهدف الاصطدام ببرجي مركز التجارة العالمي بنيويورك مما أدى الى تدميرهما واستهداف الاصطدام بوزارة الدفاع الاميركية ـ البنتاغون ـ مما أدى الى دمار واسع بها.



جاء هذا الهجوم في ظل اعتلاء الحزب الجمهوري الحكم بعد فوز مشكوك في صحته لمرشحه جورج دبليو بوش، والذي قرر على الفور في تصريح له: «انها حرب صليبية جديدة»، ثم عاد وادعى انه لم يقصد هذا المعنى وان المقصود انه بصدد حرب عادلة على الارهاب.



لقد كان الحدث في الحادي عشر من سبتمبر 2001 مدهشا، ومثيرا للتساؤلات على كل المستويات، فلم يسبق استهداف الأراضي الاميركية بعمل بهذه الضخامة، حتى الاتحاد السوفيتي لم يجرؤ على القيام بمثل هذا العمل ابان اشتداد الحرب الباردة بينه وبين اميركا.



ومن هنا تتابعت التفاعلات تحليلا وتفسيراً، ولنقتنص من بين هذه التفاعلات بعض النماذج المعبرة عن ما أثارته أحداث الحادي عشر من سبتمبر من آراء واتجاهات: قال أ.د. كوخ عمدة نيويورك الأسبق: «لم أعرف في ديانة أخرى يهودية أو مسيحية انها تكافئ من يقتل غيره بجائزة قوامها 72 عذراء، ان المشكلة الأساسية في الاسلام وليست غيره» أ.هـ.



ولقد انتهجت الادارة الاميركية بقيادة جورج بوش الابن التي يغلب عليها الارتباط بدوائر اليمين المسيحي الأصولي الاستراتيجية الجديدة متمثلة في:



ان مواجهة الارهاب و«القاعدة» لن تكون عن طريق الأطباء وعربات الاسعاف ـ بقصد معالجة آثار أي عمليات ارهابية ـ لكن عن طريق القدرات العسكرية المتفوقة لاميركا.



على العالم ان يحدد هل هو معنا أم ضدنا؟ ومن ليس معنا فهو مع الارهاب.



ان اميركا ستواجه الأخطار المحتملة مستقبلا سواء كان مصدرها الارهاب أو دول محور الشر ـ أو الدول المارقة في تعبير آخر ـ وذلك من خلال انتهاج استراتيجية الحرب الاستباقية ـ أي استباق الأخطار ـ أو استراتيجية الحرب الوقائية، وبهذا قررت اميركا مواجهة الأعداء المحتملين خارج حدودها، وحددت الأجهزة الاميركية الأعداء الآنيين والمحتملين كالآتي:



1ـ الارهاب: وتم اصدار لائحة اميركية لتحديد الجماعات التي توصف بالارهابية وتأتي منظمة «القاعدة» على رأسها.



2ـ الدول المارقة «دول محور الشر»: وتشمل هذه القائمة دولا هي: ايران وسورية وكوريا الشمالية وليبيا والسودان والعراق وكوبا، والتي تم تصنيفها على أساس المزاعم الاميركية المتعلقة بدعم الارهاب أو امتلاك أسلحة دمار شامل كيماوية أو نووية.



وأعلنت اميركا في استراتيجيتها الجديدة انها سوف تتصرف بمفردها سواء لنشر الحرية وتسييد قيم الديمقراطية في العالم أو لمواجهة الارهاب والأخطار المحتملة.



هذه الاستراتيجية جاءت واضحة من دون مواربة في وثيقة استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة الاميركية التي وقعها الرئيس الاميركي جورج بوش الابن في 2002/9/21 أي بعد قرابة عام من أحداث الحادي عشر من سبتمبر.



ويمكن ان نقف على أبعاد هذه الاستراتيجية من خلال ما قالته كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي في ادارة جورج بوش الابن: «ان اميركا بعد الانتهاء من الملف العراقي ستقوم بتحرير العالم الاسلامي من أجل احلال الديمقراطية ومسيرة الحرية في المنطقة وان الادارة الاميركية تملك التفوق العسكري الذي لم تملكه أي دولة في التاريخ وهو ما يمكنها من استثمار هذا التفوق لتوفير محيط تزدهر فيه القيم الاميركية» أ.هـ.



يمكن ان نبين ملامح استراتيجية «تحرير العالم الاسلامي» التي أشارت اليها رايس في النقاط الآتية:



1ـ القضاء على حركة طالبان وحرمان «القاعدة» من المأوى الآمن لها.



2ـ عولمة الملاحقة الأمنية لتنظيم «القاعدة» وأي تنظيمات اسلامية أخرى تعتبرها أميركا مهددة لها أو لمصالحها أو لحلفائها.



3ـ دفع دول العالم الاسلامي الى تبني القيم الاميركية والغربية والتحرر من قيم وتقاليد الثقافة الاسلامية والتي تولد ـ في اعتقادهم ـ العنف; وهو ما يستوجب تغييرا في المناهج التعليمية القائمة التي تشجع على ثقافة التطرف وهو ما يعد ترجمة لرؤية فوكوياما في مقاله الذي سبق الاشارة اليه.



4ـ تتريك العالم الاسلامي وذلك على حد قول بعض أركان الادارة الاميركية، أي تعميم النموذج التركي الذي يسمح بوجود تيار اسلامي في الساحة السياسية أقرب للعلمانية منه للاسلام كحل يسمح بالتنفيس عن آمال هذا التيار ويسحب البساط من تحت أقدام المتطرفين الاسلاميين.



5ـ الضغط على الحكومات في الدول الاسلامية لانتهاج سياسة تسمح بملاحقة الارهاب من ناحية واتاحة الفرصة أمام الاسلاميين للمشاركة في الحياة السياسية من ناحية أخرى.



6ـ الاسهام الاميركي في حل بعض المشكلات السياسية في العالم الاسلامي مما يحسن صورة أميركا لدى الرأي العام الاسلامي وبما لا يخل بالمصالح الاميركية.



وهكذا تأتي هذه الاستراتيجية في طورها الأخير مستهدفة إحداث تغيير عميق سواء في وجود التيارات الاسلامية أو الهوية والقيم الاسلامية في ظل حشر الانف الاميركي في شؤون دول العالم الاسلامي تحت مظلة الدفاع عن قيم الديمقراطية وحقوق الانسان والطفل والمرأة تارة، وملاحقة الارهاب تارة أخرى، وذلك في ظل تحقيق استراتيجية الهيمنة الاميركية على العالم بأسره.



* «القاعدة» هي السبب فيما تفعله أميركا



* اذا كان كل ما سبق يمثل استعراضا مفصلا لتطور الاستراتيجية الاميركية تجاه العالم الاسلامي وقضاياه، فيمكن الآن استخلاص عدد من النتائج:



1ـ ان الاستراتيجية الاميركية تجاه العالم الاسلامي وقضاياه لا تسير دائما على منوال واحد، وهي تتلون وفقا لما تقتضيه المصالح الاميركية.



2ـ ان توجهات الاستراتيجية الاميركية تجاه قضايا العالم الاسلامي طوال الستين عاما الماضية ـ في اغلبها ـ أتت سلبية وظالمة.



3ـ ان التعامل الخاطئ مع الاستراتيجية الاميركية في بعض المواقف أدى الى ضياع بعض الفرص الجيدة التي كان يمكن توظيفها لمصلحة الشعوب والدول الاسلامية.



4ـ ان الاستراتيجية التي تبنتها القاعد تجاه أمريكا والصليبيين واليهود أسهمت في تسريع صياغة استراتيجية أمريكية أشد سلبية تجاهها وتجاه العالم الاسلامي.



وخلاصة القول: ان استناد «القاعدة» على سلبية الاستراتيجية الاميركية تجاه العالم الاسلامي وقضاياه لتبرير خيارها الاستراتيجي لا يصح الاحتجاج به أو الاستناد اليه، لان استراتيجية «القاعدة» هي في الحقيقة أهم عامل أسهم في تسريع وصياغة تلك الاستراتيجية الاميركية السلبية; ولأن استراتيجية «القاعدة» أهدرت الفرصة السانحة كي تستفيد من معطيات الوضع الدولي وتوجهات الاستراتيجية الاميركية نحو منطقة وسط آسيا وبما يحقق المصالح الأفغانية بدلا من ابتناء استراتيجية تؤدي الى الاطاحة بدولة طالبان الاسلامية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.jhaaf.com
رائد الجحافي
رائد الجحافي
مؤسس الملتقى
اس ام اس لا إلـــه إلا الله محمد رسول الله

عدد المساهمات : 2797

تاريخ التسجيل : 30/06/2008

العمر : 44

الموقع : الجنوب العربي - عدن

استراتيجية وتفجيرات القاعدة (1):تنظيم «القاعدة» أهدافه أفغانية وقادته لم يفهموا الجهاد وتفجيرات الرياض والدار البيضاء كشفت خلل فهمهم للإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: استراتيجية وتفجيرات القاعدة (1):تنظيم «القاعدة» أهدافه أفغانية وقادته لم يفهموا الجهاد وتفجيرات الرياض والدار البيضاء كشفت خلل فهمهم للإسلام استراتيجية وتفجيرات القاعدة (1):تنظيم «القاعدة» أهدافه أفغانية وقادته لم يفهموا الجهاد وتفجيرات الرياض والدار البيضاء كشفت خلل فهمهم للإسلام Emptyالأحد 3 يناير - 7:38

استراتيجية وتفجيرات القاعدة (2) ـ طريق «القاعدة» يقود الى الدم وحديث أسامة بن لادن عن فسطاطي الإيمان والكفر يعكس خللا في فهم الواقع



ادعاء توفر فرصة الانتصار أشبه بمن أراد الانتصار بالسيف على خصم قد تسلح بالبندقية بعد أن نجح في اكتشاف البارود * التاريخ يدل على أن المصالح الإسلامية والأميركية يمكن أن تتلاقيا ومقولة حتمية الصدام مع الولايات المتحدة خاطئة



يستكمل قادة الجماعة الاسلامية المصرية رؤيتهم للواقع العالمي من خلال زاوية نظر مختلفة. وفي هذه الحلقة تستكمل «الشرق الأوسط» عرضها لـ كتاب : قادة الجماعة الاسلامية الجديد «استراتيجية وتفجيرات القاعدة.. الاخطاء والاخطار» ونتناول اليوم تقييم قادة الجماعة لاستراتيجية القاعدة في (العمل الجهادي) سبرا لاغوارها وتحديدا لابعادها ، ومعرفة بمخاطرها ومثالبها . وينطلقون من ان الترويج للحرب علي اساس ديني بين أمة الاسلام واليهود والصليبيين او على اساس فسطاط الايمان وفسطاط الكفر على حد تعبير أسامة بن لادن يؤكد ان هناك خللا في فهم زعماء «القاعدة» للواقع ، ولقدرات الأمة الاسلامية . ويرجع عصام الدين دربالة ـ أحد مؤلفي الكتاب ـ هذا الخلل الى خلل في قراءة قدرات الأمة، وقدرات الذات ايضا . ويصل المؤلفون الى ان أهم العوامل التي تقف وراء هذه القراءة الخاطئة للواقع تكمن في التعامل مع معطيات هذا الواقع والنظر الى متغيراته عبر مجموعة خاطئة من الافتراضات او المقولات التي تحكم تفكير العديد من العاملين ليس في القاعدة فحسب بل في مضمار العمل الاسلامي عموما . ما فعلته القاعدة في تصور مؤلفي الكتاب أنها جبهت العالم كله ضدها، وهو ما يخالف سنة الرسول ، وخاصمت ترتيب الأولويات ، واعتمدت على الجمود في الوقت الذي يتطلب اللين , بالاضافة الى تبنيها أهدافاً ضبابية ، بل مستحيلة . في هذه الحلقة نقرأ تقييم قادة الجماعة الاسلامية لعمل قادة تنظيم القاعدة الجهادي . 1 ـ استراتيجية «القاعدة».. «خلل في قراءة الواقع» تأسست استراتيجية «القاعدة» على خلل بِّين في قراءة الواقع من جوانبه المختلفة، مما حرمها من اكتشاف الفرص المتاحة امامها، وأوقعها في اختيارات مبنية على الاماني والآمال أكثر من ابتنائها على الواقع والحقائق; ولعل السبب في ذلك يتمثل في جملة الافتراضات الخاطئة التي حكمت تفكير القائمين آنذاك. وتوضيحا لما سبق نقول: ان استراتيجية التحدي والمواجهة لأميركا واليهود والصليبيين وغيرهم لا يمكن تصورها الا مع افتراض وجود خلل في قراءة الواقع بكل ابعاده، سواء المتعلقة بالذات او الغير في ظل غلبة الاهمال والاستخفاف بمعطيات السياسة الدولية. وكذلك فان الترويج للحرب على اساس ديني بين أمة الاسلام واليهود والصليبيين، او على أساس فسطاط الايمان وفسطاط الكفر على حد تعبير أسامة بن لادن، أمر لا يمكن ان يصدر الا مع وجود خلل في قراءة واقع الأمة وقدراتها في اللحظة الراهنة.

خلل في قراءة قدرات الأمة والذات:



فأين قدرات الأمة الاسلامية اليوم التي تستطيع ان تواجه تحالفا بين اليهود والصليبيين والأميركان يدفع إلى تكونه تنظيم «القاعدة» دفعا؟ وأين التكافؤ بينهما سواء على مستوى القدرات العسكرية او التقنية او الاقتصادية او على مستوى وحدة القرار السياسي؟ كي نستطيع القول بوجود فرصة انتصار.



واذا كانت الأمة الاسلامية اليوم غير مؤهلة او مستعدة او راغبة في الدخول في غمار مواجهة على اساس ديني، فهل تنظيم «القاعدة» او الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين والأميركان لديهما القدرة على ذلك ؟! ان ادعاء توفر فرصة الانتصار في ظل هذه المعطيات اشبه بمن أراد الانتصار بالسيف على خصم قد تسلح بالبندقية بعد ان نجح في اكتشاف البارود.



ان ادخال الأمة في مواجهة على اساس ديني في ظل تخلفها ووهنها وتشرذمها أمر يفتقر الى أدنى درجات الحكمة والواقعية، فمن الظلم للأمة وأبنائها ادخالها معركة تتسلح فيها بالكلاشينكوف في مواجهة خصم يدير معركته بالأقمار الصناعية والاسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات.



ولذلك كان من الطبيعي ألا تجد استراتيجية «القاعدة» رواجا لها بين حكومات دول اسلامية، او دعما من تيارات وحركات اسلامية، وبدلا من ذلك كانت ملاحقة أعضاء «القاعدة» وتسليمهم هي اللغة السائدة.



فصحيح انه يمكن لـ«القاعدة» ان تكسب بعض الأنصار من جراء الإحساس بالظلم وصحيح انه يمكن للقاعدة توظيف هؤلاء المتعاطفين لأداء ادوار متنوعة، بدءاً من تقديم المساعدات المادية وانتهاء بتقديم الأرواح; من جراء الاحساس بعدم وجود بديل آخر او حل لتلك الازمة التي تمر بها الأمة الاسلامية اليوم.



هذا كله صحيح، لكن الذي ينبغي التنبيه اليه، والتفطن له، ان هذا التعاطف في أغلبه من جنس تعاطف أهل العراق مع الامام الحسين، حين قال الفرزدق للحسين عندما سأله عن أحوالهم: «قلوبهم معك وسيوفهم عليك»، والمقصود ان هذا التعاطف لا يقوى على مواجهة حقائق الواقع او فوارق القوة، وسرعان ما يتحول إلى تعاطف مكتوم ثم الى لوم واحباط، عندما يجد أصحابه سُحُب الفشل تخيم على تلك الاستراتيجية وان مشروع القاعدة يتجه الى الانكسار بدلا من الانتصار.



ان الخلل في قراءة قدرات الذات وقدرات الخصوم والخلل في معرفة قدرات الأمة واستعداداتها يجعل استراتيجية «القاعدة» أشبه بالبذرة التي يراد استنباتها في الهواء وقبل الأوان.



استراتيجية «القاعدة» ومجموعة الافتراضات الخاطئة:



وهذه الافتراضات قد يكون من بينها ما هو صحيح في حالة معينة، لكن افتراض صحتها على الدوام يوقع في خلل كبير في فهم مجريات الأحداث ومن ثم اختيار الموقف المناسب تجاهها.



ومن أمثلة المقولات الافتراضية التي يتم التعامل معها كثوابت تحكم رؤيتهم للواقع، وتفسيرهم لها على اساسها ما يلي:



المقولة الأولى: ان الخطة الدولية لاستئصال الاسلام والحركات الاسلامية تسير على قدم وساق بغض النظر عما تقوم به «القاعدة» او غيرها تجاه أميركا وحلفائها، وما دام الأمر كذلك فلن نخسر شيئا اضافيا بمهاجمتهم في عقر ديارهم.



والحقيقة ان مثل هذه الخطة الدولية المفترضة للقضاء على الاسلاميين في العالم لم تكن موجودة قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 بل كان هناك من الشواهد ما يبين عدم وجود إجماع دولي على خطة من هذا القبيل.



المقولة الثانية: ان المصالح الأميركية لا يمكن ان تلتقي مع المصالح الإسلامية، فالعداء مستحكم والصدام واقع لا محالة.



وهذه المقولة وان صحت في بعض الازمنة او بعض الامكنة، فالتاريخ والواقع يشهدان بعدم صحتها في حالات اخرى، ولعل تجربة الدعم الأميركي من خلال السعودية وباكستان والامارات للمجاهدين الأفغان ضد الجيش الروسي في أفغانستان طوال عقد الثمانينات من القرن الماضي، ما زالت ماثلة في عقول بعض أقطاب «القاعدة» الى اليوم ولعل في الفرصة التي سنحت لنظام طالبان للالتقاء المصلحي مع العرض الأميركي مثالا آخر ـ سوف نتعرض له بعد قليل ـ لخطأ مثل هذا الافتراض وتعميم القول به، فما زالت المصالح هي الدين الرسمي لأميركا وعلى أساسها تتحدد مواقفها وتتقرر علاقاتها.



المقولة الثالثة: ان الصلح او التفاوض او التحالف مع أميركا قرين للخيانة وباب للعمالة، ولا خيار الا الصدام. وهذه المقولة تتجاهل ان الاسلام اتاح لأتباعه سلوك أي من هذه الاستراتيجيات من دون حرج، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عقد صلحا مع مشركي قريش، وتحالف مع اليهود على الدفاع عن المدينة ولم يكن أي من ذلك موصوما بالعيب، وهذه مسألة سنزيدها بيانا بعد قليل.



المقولة الرابعة: ان أميركا لن تتحمل في صراعها مع القاعدة حدوث خسائر بشرية في جنودها، وكما كانت الخسائر البشرية في صفوف الأميركان سببا في انسحابها من فيتنام في السبعينات من القرن الماضي، ومن الصومال في تسعينات ذات القرن، فكذلك سوف يتم الانسحاب من الخليج والسعودية لهذا السبب.



وهذه المقولة قد تكون صادقة تاريخيا في الحالات المذكورة، لكن الخلل في القياس عليها مع اهمال الفوارق بين الحالة الصومالية والفيتنامية والحالة الخليجية، ففي الحالة الفيتنامية كانت هناك قوى عظمى تستند اليها المقاومة الفيتنامية بصورة تحقق استنزافا متزايدا لأميركا مع وجود خيارات اخرى ـ كالتواجد في الفلبين ـ امام أميركا لمعادلة النفوذ السوفياتي في منطقة جنوب شرقي آسيا، وفي الحالة الصومالية لم يكن هناك أي ثروات او تنافس على مناطق نفوذ يغري أميركا على البقاء والاستمرار.



أما في الحالة الخليجية فالوضع مختلف، فليس أدل على هذا الاختلاف من ارسال أميركا اكثر من 500 ألف من قواتها الى منطقة الخليج سنة 1990 لارغام العراق على الانسحاب من الكويت وفي صحبتهم عشرة آلاف نعش لاعادة ضحاياها من الجنود بداخلها الى أميركا، وهو ما يكشف مدى الاستعداد الأميركي لتحمل خسارة بشرية عالية في سبيل الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في بترول الخليج، ولعل الأحداث بعد ذلك جاءت لتؤكد مثل هذا التوجه وذلك عندما ارسلت أميركا زهاء 400 ألف من جنودها كي تقوم باسقاط نظام صدام حسين واحكام السيطرة على النفط.



المقولة الخامسة: من جملة الافتراضات الخاطئة التي تنبني على مقولة صحيحة قول البعض: لا يهمنا ان يواجهنا العالم بأسره، ولا يهم فارق القوة وبيننا وبين أميركا; لأننا لا نقاتلهم بعدد ولا عدة ولكن ننتصر عليهم بطاعتنا لله، واذا كان الله معنا فمن ينتصر علينا؟



ولعل هذا ما أجاب به الملا عمر عندما بدأ القصف الأميركي على أفغانستان في أعقاب الحادي عشر من سبتمبر عندما سأله أحد الصحافيين في لقاء نادر معه: هل أنت واثق من النصر؟ فأجاب: «نعم; لأن الله معنا». والحقيقة انه لا خلاف في ان طاعة الله سبب اساسي من اسباب النصر، لكن من جملة طاعة الله الأخذ بأسباب الله التي جعلها موصلة للنصر، ومن جملة طاعة الله الالتزام بسنن الله التي جعل الاقدار تسير على هداها.



وفي ظل هذه الافتراضات الخاطئة، لا يمكن قراءة الواقع قراءة صحيحة مما يؤدي إلى عدم اكتشاف الفرص السانحة التي قد لا تتكرر، وهو ما حدث في مطلع سنة 1997 حينما لاحت امام حركة طالبان فرصة لو تم اقتناصها لتغيرت مجريات الأحداث الى اتجاه مغاير تماما للذي حدث وانتهى بسقوط نظام طالبان، وهذه الفرصة السانحة او بالأحرى الضائعة تحتاج وقفة خاصة معها:



2 ـ استراتيجية «القاعدة».. واهدار الفرص الذهبية:



مع صعود حركة طالبان الى سدة الحكم في سنة 1996 وسيطرتها ـ عبر الدعم الباكستاني ـ على أكثر من 90 في المائة من أراضي أفغانستان، بدأت تلوح في الأفق فرصة ذهبية لدعم هذا النظام الوليد، متمثلة فيما عرضته أميركا على سلطات طالبان سواء عن طريق باكستان او عبر بعض الوسطاء، وكان هذا العرض يتضمن دعما عسكريا واقتصاديا لحركة طالبان في مقابل التوافق الاستراتيجي مع المصالح الأميركية الجيواستراتيجية والاقتصادية في منطقة وسط آسيا.



ومن هنا جاء العرض الأميركي بمنح أفغانستان ثلاثة مليارات من الدولارات كمنحة لا ترد، وثلاثمائة مليون دولار سنويا نظير ايجار لمرور خط الانابيب الذي ينقل الغاز الطبيعي من منطقة بحر قزوين عبر أفغانستان، ومنها الى باكستان فالمحيط الهندي ليجد سبيله الى أميركا وأوروبا واليابان، وكان هذا التوافق الاستراتيجي يمنح الطرفين مزايا عديدة، فعلى الجانب الأفغاني:



1 ـ الحصول على عائد اقتصادي من ايجار خط أنابيب الغاز الطبيعي مما يسهم بلا شك في بناء دولة قوية.



2 ـ الحصول على دعم عسكري يمكن من خلاله حسم الصراع مع التحالف الشمالي المعارض الذي ظل يسيطر على حوالي 10 في المائة من أراضي أفغانستان.



3 ـ قيام تحالف استراتيجي مع باكستان يؤمن مستقبل الحركة ضد أي محاولات تستهدفها من جيرانها.



أما على الجانب الأميركي فكان هذا التوافق يحقق له جملة من المزايا هي:



1 ـ وجود قوة اسلامية سنية متمركزة في وسط آسيا معادلة للقوة الاسلامية الشيعية الايرانية، مما يسهم في احكام الحصار على ايران ويمنعها من التفكير في التمدد شرقا.



2 ـ ايجاد عمق دفاعي لباكستان كحليف هام لأميركا بالمنطقة.



3 ـ ايجاد ركيزة موالية في وسط آسيا بجوار الصين من جهة الغرب، وروسيا الاتحادية من جهة الجنوب.



4 ـ وضع حد لوجود تنظيم «القاعدة» بأفغانستان الذي بات يهدد الولايات المتحدة الأميركية ويستهدف وجودها بالخليج.



ولقد كانت أميركا مستعدة للمضي في هذا الاتفاق قدما من دون اشتراط أي شروط تتعلق بقضية تطبيق الشريعة في أفغانستان.



ومع اعترافنا بفروسية هذا الموقف من حركة طالبان ورعايتها لهذه المعاني شرعا، فاننا نرى انه كان بوسعها ان تجد حلا يحفظ لرجال القاعدة حقهم وسلامتهم ويحقق في نفس الوقت مصلحة الدولة وبقاءها وازدهارها.



3 ـ استراتيجية «القاعدة».. أهداف مستحيلة وضبابية الاستراتيجية الفعالة عند خبراء الاستراتيجية هي تلك التي تبنى على أهداف ممكنة التنفيذ، محددة بوضوح بعيدة عن التعميم والغموض.



واذا طبقنا ذلك على الاهداف التي صيغت من أجلها استراتيجية «القاعدة» لوجدناها على العكس من ذلك، فهي اهداف يقترب بعضها من دائرة المستحيل، ويتسم البعض الآخر منها بغموض وضبابية.



فهدف إخراج القوات الأميركية من الخليج على وجه الخصوص، يمكن ادراجه في عداد الاهداف غير ممكنة التنفيذ في ظل موازين القوى بين القاعدة وأميركا، وفي ظل الاهمية الاستراتيجية القصوى لمثل هذا التواجد بالنسبة للمصالح الأميركية في العالم، فالوجود الأميركي في الخليج ليس من قبيل الترف الأميركي، انما يعبر عن اختيار أميركي حاسم باعتبار منطقة الخليج إحدى اهم دوائر المصلحة القومية الأميركية العليا، ولا أدل على ذلك من قول وزير الخارجية الأميركي الاسبق جيمس بيكر في ادارة جورج بوش الأب عندما سئل عن سر ارسال أكثر من 500 ألف جندي أميركي إلى صحراء الخليج الحارقة إبان احتلال العراق للكويت في أغسطس (آب) 1990 فقال: نحن هناك من أجل ثلاثة حروف فقط هي: «Oil»، وكان هذا الرد كافيا لنيل مساندة الكونغرس لخطة عاصفة الصحراء لتحرير الكويت.



وقد يقول آخر: ان الهدف هو دفع أميركا للتورط العسكري في اكثر من بؤرة في العالم الاسلامي، مما يتيح الفرصة لاستنزافها بشريا واقتصاديا مما يؤدي الى انهيارها مثلما انهار الاتحاد السوفياتي بعد تورطه في أفغانستان.



ونقول: ان هذا الهدف ـ على فرض وجوده ـ يعني ان «القاعدة» سعت قاصدة لاستدراج أميركا إلى التدخل في أفغانستان حتى لو أدى ذلك الى احتلالها وتغييب النظام الاسلامي بها وهذا قول احسب ان أقطاب «القاعدة» لا يرتضونه لأنفسهم ولا نرضاه لهم.



والأقرب للحقيقة ان هذا لم يكن هدفا لـ«القاعدة»، لأن «القاعدة» كانت تعتقد ان اقصى رد فعل أميركي ضد هجماتها ـ حتى في الحادي عشر من سبتمبر ـ لن يتعدى اطلاق بعض الصواريخ على بعض المواقع والمعسكرات في أفغانستان على غرار ما تم عام 1998عقب الهجوم على سفارتي أميركا في كينيا وتنزانيا ولقد كان الامر لا يحتاج إلى مثل هذا الاستدراج لأميركا الى أفغانستان او غيرها لأن الوجود الأميركي القابل للاستنزاف البشري والاقتصادي موجود في اماكن عديدة بطول العالم وعرضه.



4 ـ استراتيجية القاعدة وفن تجبيه الأعداء مارس تنظيم «القاعدة» فنا غير مرغوب فيه او مقدورا على تحمل نتائجه، وهذا الفن هو: فن تجبيه الأعداء. ولا ينفي صحة هذا القول ان «القاعدة» قد اعلنت ان خصمها الاساسي يتمثل في أميركا والصليبيين واليهود; لأن هؤلاء ـ اعني اليهود والصليبيين وأميركا ـ يمثلون نصف العالم.



ويضاف الى هذا ان «القاعدة» قد ادخلت نفسها في صراعات مع العديد من الدول على خلفية أمرين هما:



الدعم المستمر للعديد من الحركات الاسلامية ضد الانظمة القائمة ببلدانها سواء في الشيشان وداغستان او كشمير او الفلبين او غيرها.



القيام بعمليات على أراضي بعض الدول موجهة ضد أميركا مما يؤدي إلى إخلال بهيبة هذه الدول وأمنها وربما يؤدي لوقوع ضحايا من جنسيات تابعة لدول مختلفة، مما يدخل كل هذه الدول في دائرة الصراع.



وإذا كنا نقف بقوة مع دعم أي حركات اسلامية تسعى للتحرر من مستعمر لكن عندما يكون ثمن ذلك عدم انتصار هذه الحركات وتعريض سلامة دولة مسلمة للخطر يكون الامر هنا محل نظر.



وكي نستشعر مدى التوحد بين دول العالم الذي صنعته القاعدة ضدها، نشير إلى قائمة الدول التي ادخلتها «القاعدة» في الصراع ضدها سواء بطريق مباشر او غير مباشر:



ـ الولايات المتحدة الأميركية قوى عظمى نووية.



ـ الصليبيون: وسيتم إدخال ـ تحت هذا المسمى ـ كل العالم المسيحي بأوروبا والأميركتين وآسيا وأفريقيا.



ـ اليهود.



ـ روسيا الاتحادية: على خلفية دعم ثوار الشيشان وداغستان وهي قوة نووية عظمى.



ـ الهند: على خلفية الدعم للثوار المسلمين الكشميريين، وهي قوة نووية آسيوية كبرى. ـ فرنسا: على خلفية تحركات بعض الخلايا النشطة التابعة لـ«القاعدة» وضرب ناقلة البترول الفرنسية قرب السواحل اليمنية.



ـ كينيا وتنزانيا: على خلفية تفجير السفارتين الأميركيتين.



ـ أستراليا: على خلفية قتل رعاياها في تفجير بالي باندونيسيا.



ـ الفلبين: على خلفية الدعم المقدم لجماعة أبو سياف في جزيرة مورو ـ مجموعة الدول العربية والاسلامية التي كانت مسرحا لعمليات القاعدة مثل: السعودية واليمن والكويت والجزائر والمغرب واليمن واندونيسيا وباكستان وطاجكستان.



هذا بالاضافة لايران على خلفية الخلاف مع حركة طالبان، والتحالف الشمالي الأفغاني المعارض بقيادة برهان الدين رباني.



هذه بعض ملامح قائمة الاعداء.. واذا كان البعض سيقول: ان «القاعدة» لم تقصد حدوث هذا فان ردنا عليه سيكون: ان تجبيه الأعداء بهذه الصورة يعتبر خطأ فادحا سواء تم ذلك عن قصد او بغير قصد.



إذا ما نظرنا إلى استراتيجية القاعدة لوجدناها سارت في اتجاه معاكس، فبدلا من مساعدة حركة طالبان على حسم المعارضة الداخلية لها في الشمال، اندفعت في اقتحام صراعات ولدت مزيدا من الاعداء والضغوط عليها وعلى طالبان، وبدلا من ان تدعم القاعدة مبدأ بناء دولة اسلامية قوية اذ بها تتحرك بعقلية التنظيم السري في اهدافها واساليبها، وبدلا من ان تحدد القاعدة أولويات المواجهة لديها اذ بها تدخل في صراع مع اكثر دول العالم مما ولد محيطا معاديا يحيط بها وبحركة طالبان.



وبدلا من ان تحصر «القاعدة» صراعها مع عدو واحد يمكن ان تكون قدرتها تسمح لها بتوقع الانتصار عليه، اذا بها ـ وهي تنظيم سري ـ تتعامل وكأنها تمتلك قدرات دولة عظمى، وتندفع صوب الدخول في مواجهات ضد أميركا تصل الى قمتها بضربها في عقر دارها ـ وهو ما لم يجرؤ عليه الاتحاد السوفياتي من قبل ابان الحرب الباردة ـ والى الدخول في صراعات مع دول اخرى على خلفية دعم الحركات الاسلامية في الشيشان وكشمير وداغستان والفلبين وغيرها، والسؤال أين الأولويات؟ وأين القدرات التي تسمح بكل هذا؟



وهكذا عندما تتبنى «القاعدة» تلك الاستراتيجية من دونما وجود ترتيب صحيح للأولويات، او مراعاة لمحدودية القدرات فان النتائج لا بد ان تكون مأساوية.



5 ـ استراتيجية «القاعدة.. استراتيجية «الجمود» الذي يتأمل في استراتيجية «القاعدة» سيجد انها تقوم على اختيار طريق واحد لحل الصراعات التي اقتحمتها، وهذا الطريق هو طريق استخدام القوة فحسب، وهذا الطريق لا ينتهي السير فيه الا ببذل آخر قطرة دم من انصارها. وهذا الجمود والعكوف على استراتيجية واحدة لا يحقق المرونة اللازمة لتحقيق الاهداف الموضوعة ولا يسمح باعادة النظر في ترتيب الأولويات او المواءمة بين القدرات وفاعلية الاستراتيجيات. وكما غفلت «القاعدة» عن هدى النبي صلى الله عليه وسلم في اختطاط الاستراتيجيات، غفلت ايضا عن سمة المرونة في التعامل من الواقع.



لم يكن بوسع «القاعدة» ان تفعل ذلك لأنها ـ وللأسف ـ لا ترى الا استراتيجية واحدة هي استراتيجية الصراع.



* شواهد تشكك في وجود حرب ضد الإسلام



* إن الولايات المتحدة الأميركية خلال سنوات عقد التسعينات شاركت قواتها في عدد من النزاعات الدولية وكان تدخلها العسكري يصب في اتجاه دعم طرف إسلامي من أطراف النزاع ومن أمثلة ذلك:



ـ مساعدة الكويت والسعودية عسكريا ضد الخطر العراقي البعثي، بعدما قامت القوات العراقية باحتلال الكويت في 2 أغسطس (آب) 1990 .



ـ التدخل العسكري الأميركي هو الذي وضع حدا للمذابح التي استمرت أربع سنوات وقام بها الصرب ضد المسلمين في البوسنة والهرسك، والتي بلغ عدد ضحاياها 250 ألف مسلم في سنة 1995، ولم يتم حسم المشكلة إلا بالتدخل الأميركي وتوقيع اتفاقية دايتون سنة 1995 .



ـ التدخل العسكري لحلف الأطلنطي بقيادة أميركا في 24 مارس سنة 1999 ضد يوغوسلافيا لإرغامها على وضع حد للتطهير العرقي في إقليم كوسوفو ذي الأغلبية المسلمة هو الذي أجبرها بعد 79 يوما من القصف الجوي المتواصل على قبول اتفاقية رامبوييه، وتوقيع اتفاق مع حلف الأطلنطي في 10 يونيو 1999 بعد ثلاث سنوات عصيبة فشلت خلالها أوروبا في وضع حد للأزمة وعجز مجلس الأمن عن إنهائها.



ـ إن ادعاء التوحد الديني للمسيحيين تحت راية الصليب لا يوجد اليوم إلا في مخيلة من يدعونه.



* يجب أن لا نقع في فخ صراع الحضارات



* أسهمت استراتيجية القاعدة، في تعزيز التيارات الصليبية والمعادية للإسلام في اميركا والغرب، مما جعل صوت دعاة الحرب الشاملة للإسلام أكثر حضورا وحظوظا.



وإذا كنا نرى أن الحرب الصليبية هذه لم تكن قائمة حقيقة فقد يقول قائل: وما المانع من إشعال حرب ضد أميركا والغرب على أساس ديني لاستنهاض همم الأمة ولإيقاف هذه المخططات في بدايتها؟

فنقول: نختلف مع هذا المنطق لا لأن الأمة غير مستعدة لهذا الخيار فحسب، ولكن أيضا لأننا نرى أن استنهاض الأمة من رقادها ومساعدتها على الإقلاع الحضاري لمواصلة عطائها من جديد يتطلب منا أن لا نقع في فخ صدام الحضارات، وهو ما يستوجب سياسة التواصل الحضاري مع الحفاظ على الهوية الإسلامية والدفاع والجهاد ضد أي اعتداء على الثوابت الشرعية والمصالح العليا للدين والوطن والأمة.

ونرى أن الإسلام أتاح للمسلمين التواصل مع كل أحد والتفاعل مع كل الحضارات في إطار من التعاون على الخير وإحقاق العدل، وهذا حديث سنزيده بيانا في أكثر من موقع في هذا الكتاب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.jhaaf.com

استراتيجية وتفجيرات القاعدة (1):تنظيم «القاعدة» أهدافه أفغانية وقادته لم يفهموا الجهاد وتفجيرات الرياض والدار البيضاء كشفت خلل فهمهم للإسلام

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» كشفت مصادر مرافقة للوفد الأمني الخليجي الذي زار مدينة عدن السبت الماضي لـ " التغيير " أن الجانب الكويتي أبدى قلقه وتخوفه من قيام تنظيم القاعدة بشن هجمات محتملة على مقرات ومنشآت خليجي عشرين أثناء إقامة البطولة . » زعيم «الجهاد» اليمني لـ «الشرق الأوسط»: «القاعدة» شماعة ولا علاقة لنا بالمقصوفين.. والجنوب فتن وتناحر» مقتل 12 جندياً يمنياً في كمينين لـ تنظيم القاعدة ( السنحانــــــــــي)) » لماذا قتلوا فاطمة؟؟((صورة القيادية في تنظيم القاعدة))» هل تنظيم القاعدة مجرد فزّاعة أم مُفزع فعلاً؟د فيصل
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى جحاف :: الملتقيات العامة :: ملتقى الحوار والمناقشة-