في تاريخ الأمم والشعوب وبخاصة التاريخ الاسلامي هناك قادة يقف التاريخ أمامهم وقفة إجلال وإكبار، والتاريخ لعظمته الكبيرة لا يقف إلا أمام ـ الكبار ـ من صانعيه وإلاَّ فهو "أي التاريخ" كم "هرس" في مسيرته من "أشخاص" وألقى بهم إلى زوايا النسيان رغم أنهم كانوا ملء السمع والبصر لكونه ـ أي التاريخ ـ لا يحترم إلا أولئك الأفذاذ الذين يصنعونه بفروسيتهم الشامخة وبأخلاقهم أخلاق النبلاء.
فتش في أوراق التاريخ جيداً واستخبر أحداثه فسوف تخرج بيقين ثابت بأن يعطيك بكل صدق وحيادية ما تريد أن تعرفه، فها هو يخبرنا عن نماذج شتى من الذين مروا في حياة أممهم وشعوبهم فأذاقوهم أصناف العذاب ومرارة العيش وضنك الحياة لأنهم لم يكونوا "قواداً لشعوبهم" ولكنهم كانوا "منقادين" لشهواتهم فنسوا رسالتهم الحقيقية وحرصوا على إشباع رغباتهم الآنية فقذف بهم التاريخ إلى زوايا النسيان.
وهناك قادة عندما تقلب صفحات تاريخهم سوف يأخذك الإكبار لهم وبهم بما فعلوه وصنعوه من مجد لأمتهم بذلك البعد الأفقي لمفهومية الرسالة التي يحملونها، فنجد أن التاريخ قد أعطى لأولئك القادة مكانة سامية وخاصة القادة الذين حرروا أوطانهم من الظلم والاضطهاد وحرروا ذاك الانسان الذي كان مقهوراً في وطنه فأصبح يتذكر كل يوم تطلع عليه الشمس عظمة تلك القادة..