بقلم الكاتب الكويتي حسن علي كرم..
من الاخبار الواردة من صنعاء ان ثمة توجهاً لدى السلطات اليمنية الشمالية يقضي بنقل العاصمة من صنعاء الى عدن في الجنوب المحتل، وحسب ورود الخبر ان ذلك يحصل بدعم من موفد الامم المتحدة الى اليمن جمال بن عمر، وللعلم فان هذه المحاولة الثانية التي سبقتها محاولة مماثلة قبل سنوات غير انها فشلت، لاسباب لم تتغير وهي سياسية ومالية وامنية كثيرة.
ولكن على ما يبدو ان هذه المرة قد دخلت الفكرة الى حيز التنفيذ، خاصة اذا كانت مدعومة من الامم المتحدة وبتواطؤ دولي والسؤال هنا.. ما شأن الموفد الأممي جمال بن عمر حتى يتدخل في اختيار العاصمة؟.
نقل عاصمة من مكان الى مكان ليس بالعملية السهلة فهي ليس نقل شنطة ملابس من شقة الى شقة انما يتطلب ذلك استعدادات وتجهيزات بنيوية ضخمة وقد يستمر لسنوات طويلة. من نقل مقار الوزارات والدور الحكومية وانتقال مقار السفارات الاجنبية المعتمدة وامور لوجستية كثيرة واموال ضخمة في دولة مثل اليمن التي تعاني الفقر والموارد المحدودة وتعتمد على المعونات الخارجية..!!
السؤال هنا ماهو المغزى من نقل العاصمة من صنعاء الى عدن في ظرف لا يغيب عن الجميع، ان شعب الجنوب العربي يناضل بشتى الوسائل السلمية من اجل فك عرى الوحدة وعودة الدولة الجنوبية الى احضان ابنائها؟.
فالجنوبيون يعبرون عن الوجود الشمالي في بلادهم على انه مظهر احتلالي ويطالبون العالم بمساعدتهم على خروج المحتل خاصة لازالوا يعيشون مأساة الحرب الظالمة وغير المتكافئة التي شنها عليهم الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح في مايو (أيار) 1994 الامر الذي اجبر الرئيس الجنوبي والذي كان يشغل منصب نائب الرئيس في دولة الوحدة علي سالم البيض بعد اسبوعين من العدوان الشمالي الى فك الارتباط واعلان الاستقلال.
لا ريب ان الهدف من نقل العاصمة اليمنية من صنعاء الى عدن هو بقصد تكريس الاحتلال والاعتراف بالامر الواقع ونسيان دولة الجنوب، وهذا يتناقض مع الدعوة للفيدرالية وبالتالي لن يحصل النقل وان حصل، فسيحصل على جماجم وجثث الشعب الجنوبي الذي اثبت قوة النضال وعزيمة التحرير..
الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي، ورئيس وزرائه التوافقي محمد سالم باسندوه، الاثنان من الاصول الجنوبية ولعل باسندوه يعرف جيداً كل حواري وازقة ودروب عدن، فهو ابن عدن ولد فيها وترعرع بين ربوعها وترحاله الى صنعاء في اكتوبر (1965) وتوليه هناك مناصب قيادية وسياسية وهو اليوم يقود حكومة الوفاق والتوافق لايعني كل ذلك انه قد فات عنه ماتمثله هذه المدينة التاريخية المطلة على اهم موقع جغرافي بحري، فعدن ليست بالمدينة التائهة او النكرة وانما ملتقى الشرق بالغرب ولها وضعها ولها اهميتها التاريخية والاقتصادية كميناء للجنوب والبلدان المجاورة، وللعالم بصفة عامة، والجنوبيون المناضلون لن يتنازلوا عن عاصمتهم ولن يستكينوا مادامت بلادهم محتلة.
اختيار عدن عاصمة للدولة اليمنية مغامرة خاطئة وقرار غير مضمون النتائج، فهل كتب على اليمنيين ان يدفعوا المزيد من الدماء على المغامرات الفاشلة..؟!
* الوطن الكويتية