مثلما تحتفظ الشعوب الحية في ذاكرتها الوطنية من محطات انكسار وهزائم تحتفظ أيضا بمحطات مضيئة من تاريخها النضالي المشبع بالالق الثوري الرافض للظلم والاستبداد بكل الوانه .
واياً كان حجم المعاناة التي تتعرض لها هذه الشعوب لكنها وباصعب الظروف والمحن تستدعي ذاكرتها الوطنية لتفرد صنحات ارثها النضالي المشرق المكلل بالانتصارات الكبيرة لتستلهم من منجزاته ومناسباته الوطنية المجيدة كل معاني الاباء والشموخ لمواجهة تحديات الحاضر الجسيمة .. وشعبنا الجنوبي الحر والابي واحداً من هذه الشعوب الحية تحفل ذاكرتة الوطنية بمحطات نضالية كثيرة ومشرفة واجه فيها قوى الظلم والاستبداد واستعمار آدمية الانسان بكل اشكاله وفي حقب زمنية ليست ببعيدة واستطاع هذا الشعب بقواه الوطنية كافة إن يجترح ملاحم بطولية رائعة على دروب الحرية والعزة والكرامة مقدماً خيرة ابنائه ثمناً لحريته واستغلاله وغيرها من المنجزات الوطنية التي ظل شعب الجنوب وما زال يمجدها ويخلد تضحيات رجالاته الميامين ويعتز كثيراً بتاريخهم النضالي المشرف ولذلك وحدة رأينا أبناء الجنوب في ساحات النضال السلمي يحرصون على الاحتفاء الكبير بالاعياد الوطنية المجيدة كذكرى الثورة والاستقلال كمنجزات وطنية خالدة يستلهمون منها معاني الاباء والشموخ ويجعلون من مناسباتها محطات الانطلاق لنضالهم السلمي الجسور على طريق الحرية وفك الارتباط المنشود ! على إن المتتبع لما تنشرة اليوم بعض الصحف من كتابات مسيئة لتاريخ شعب الجنوب ولمرحلة نضالية عصيبة من هذا التاريخ والتي مثلت علامة فارقة في نضوج الوعي الجنوبي في حقب استعمارية مظلمة تحرر فيها الجنوبيون من سلطان الخوف والمذلة والمهانة وتم فيها الانتقال إلى الفعل الثوري المنظم في ثورة شعبية عارمة كسرت اغلال الطغاة والمستعمرين ثورة اعادت لابن الجنوب حريته وكرامته في مرحلة مفصلية من التاريخ اخرجت أبناء الجنوب ونقلتهم من كهوف الظلم والظلام من دياجير الفقر والجهل والتخلف إلى فضاءات الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والتقدم على كل الصعد ..وبكل الاحوال تظل تلك المرحلة التاريخية من نضال الجنوبيين بنجاحاتها واخفاقاتها تظل امراً يعني كل الجنوبيين وتمثل جزءً هاماً من تاريخهم النضالي المستمر ضد الظلم والاستبداد اياً كان شكله أو لونه أو رائحته .
كما إن الاخطاء والاخفاقات تظل مسألة واردة وطبيعية في سفر الاعمال الوطنية العظيمة والكبيرة كتجربة الثورة والبناء الوطني الجنوبي سابقاً . واياً كان حجم تلك الاخطاء وجسامتها إلا إن ذلك لم ولن يقلل من قيمة وعظمة تلك المنجزات وذلك الارث النضالي الكبير لشعب الجنوب واي اساءة من قريب أو بعيد لذلك التاريخ بتقديرنا يمثل اساءة لتاريخ الجنوبيين عامة لان التاريخ النضالي للشعوب بايجابياته وسلبياته يظل ملكاً للشعوب يتوارثة الابناء عن الاباء والاجداد وهو ارثاً غاليا ينبغي الحفاظ عليه في حالتنا الجنوبية الحاضرة فالعبث بارثنا النضالي بقدر ما يمثل عمقاً لمأساتنا كجنوبيين بقدر ما يمثله من غباء سياسي دفين لمن لا زال مصراً على نكأ جراحات الماضي وبعبثية مقيته لتصفية حسابات سياسية قديمة وعلى حساب قضية شعب منكوب ووطن مسلوب بحجم (القضية الجنوبية) تصفية حسابات عتيقة عفا عليها الزمن وطمرتها اوجاع الحاضر المثخن بالآلام وجور المعاناة التي يكتوي بنارها اليوم كل أبناء الجنوب شباباً وشيبان نساءً واطفال مترفون ومعدمون سياسيون ومستقلون تلك المعاناة التي وصلت إلى كل بيت وكل اسرة جنوبية وافرزت وضعاً خطيراً ينذر باجتثاث الشجر والحجر قبل البشر . فيا هاؤلاء اتقوا الله في انفسكم وفي شعبكم وتاريخه النبيل وتكرموا بوقف نزيف اخلاقكم لنقف جميعاً مع الارادة الجمعية الجنوبية التي تتوق اليوم لترسيخ التسامح والتصالح في واقعنا الجنوبي كنهج حياة وسلوك وثقافة عامة وما يخدم وحدة الصف الجنوبي باتجاه تحقيق غايات هي اسمى واقدس وانبل من هذه الاعمال الصبيانية المبتذله ... إن الجنوبيين اليوم قد استوعبوا كل الدروس والعبر وشبوا عن الطوق وعقدوا العزم على الانطلاق بقوة نحو المستقبل المنشود ومستعدون للتوقيع بمداد دمهم لنسيان الماضي بخيرة وشرة في سبيل انجاز استحقاقات الحاضر على طريق الحرية والانعتاق المنشود وبما ترتضية الارادة الجنوبية الحرة لكل الجنوبيين .. على إن السؤال المعني بالاجابة عليه كل من لا زال يفتش وينبش في نفايات التاريخ الجنوبي عما يعينة في مواجهة استحقاقات الحاضر والمستقبل والسؤال هو (لمصلحة من يتم الاساءة والعبث بالارث النضالي الجنوبي الاصيل ؟) .
والله المستعان