للشعوب معايير واضحة في إظهار مدى تمسكها بالحرية وإصرارها على الحياة بكرامه وتأتي في مقدمة تلك المعايير مقدار التضحيات التي قدمتها قي سبيل انتزاع حريتها وتحقيق أهدافها السامية،
الحركة الوطنية للمقاومة الشعبية السلمية في الجنوب كواحدة من هذه الشعوب قدمت ولازالت تقدم حتى اليوم ألاف الشهداء والجرحى في سبيل نيل استقلالها واستعادة دولتها على مدى 18 عام كان أخرهم الشهيد البطل/ شرف محفوظ ابن العشرين ربيعاً الذي اغتيل على يد زوار الفجر من قوات الأمن المركزي بمحافظة عدن في منزله بمدينة المنصورة بينما كانت والدته ماثله بين يدي ربها0
وتحاول السلطات اليمنية من خلال ممارسة إعمال القتل والعنف ضد أبناء الجنوب إلى احتواء ثورتهم السلمية التي أعلنوا قيامها في 7/يوليو/ 2007م فتقوم بقتل نشاطيهم أو خطفهم واغتيالهم ثم تنعتهم بصفات تتنافى مع حقيقة استشهادهم وإزهاق أرواحهم في سبيل قضيتهم 0
لذا نتساءل متى ستدرك هذه السلطة ونظامها المستبد أن الحياة لا تملك أي قيمه عند الجنوبيين إلا إذا اقترنت بنيل حريتهم وكرامتهم واستعادة دولتهم0.
ومتى ستدرك ان الشهداء هم الماضي القريب بالنسبة لنا ومصدر قدرتنا على الحياة في الحاضر وقوة الدفع التي توجهنا دون خوف نحو المستقبل وهم قادتنا المعنويين والبوصلة التي توجه طريق ثورتنا ومنهم نستمد إلثقه والإيمان بانتصار قضيتنا 0
إن فلسفة حياة الشهيد بالنسبة لثوار وأنصار ثورة التحرير والحركة الوطنية للمقاومة الشعبية في الجنوب هي المرآة الكبيرة التي نتعرف من خلالها على أنفسنا ونجد فيها درجة تمثيلنا للخصائص النضالية لشعبنا وهي المؤشر الأكثر وضوحاً وكمالاً لمقاييس الثورة والنضال السلمي في مواجة جبروت وصلف النظام ليمني0
ومن هذا المنطلق فإننا لن نجد أمامنا خياراً آخر غير النضال المستمر مهما كانت التضحيات ومهما كان عنفهم لأن شهدائنا لم يكتفوا بقول الكلمة الأخيرة بل ضحوا بحياتهم في سبيل تحقيق تلك الكلمات وبالتالي لا تراجع إمامنا حتى نحقق أهداف ثورتنا0
إن المهمة الأساسية لنا اليوم كثوار تكمن في حماية وتطوير القيم التي خلقها شهداؤنا، فالبسمة المرسومة على شفاه الأطفال والأمل المرسوم في وجوه العجائز يعبر عن قرب انتصار قضيتنا بعد أحقاب اليأس الطويلة0
كما إن ما نتمتع به اليوم من قيم وحقوق مادية و معنوية انتزعها ثوارنا من براثين النظام هي على الإطلاق من صنع الشهداء0
. فمنهم بدأنا المسير ومن ذكراهم نستمد ضمان الاستمرار والنصر، ولم يتبقى لنا إلا السير بخطى واثقة في الطريق الذي اختطوه بدمائهم والحفاظ على الميراث الذي تركوه كما نحفظ ماء عيوننا حتى نحقق النصر0
إن مايجب على ثائرين وثائرات الجنوب هو توفير كل متطلبات بقاء رايات النضال التي سلمها الشهداء لنا مرفوعة وشامخة شموخ جبال ردفان وشمسان. فعلى صخرة روابطنا الوثيقة بهم ستتحطم كل المؤامرات التي تستهدف قياداتنا وشعبنا ووحدة ثورتنا0
إن وحدة الهدف والقيادة المنبثقة من واحديه القضية هو اليوم مايتوجب علينا جميعاً إن نعمل من اجله في ضل المؤامرات الداخلية والخارجية التي تهدف لضرب وحدتنا وخلق انقسامات ومكونات وهميه تحت مسميات الحوار الوطني أو الحوار اليمني اليمني0
ويجب علينا إن ندرك بأن مايسمى بالمبادرة الخليجية اليمنية لا تعني قضيتنا بقدر ما تعني النظام والمعارضة في اليمن وأزمة تداول السلطة بينهما وان إي محاولات لجر الحركة الوطنية لثورة التحرير في الجنوب للمشاركة في مؤتمر الحوار اليمني اليمني ما هو إلا مؤامرة لوئد القضية الجنوبية وتشريع استمرار الاحتلال وما علينا إلا التمسك بخيارات شعبنا التي عبر عنها فخامة/ الرئيس البيض في خطابه الذي ألقاه في 21مايو 2012م بالعاصمة بيروت بمناسبة الذكرى الثامنة عشر لإعلان استعادة ألدوله الجنوبية وفك الارتباط مع الجمهورية العربية اليمنية وكذاء البيان الصادر عن المجلس الأعلى للحراك السلمي الشهر الماضي والذي يرفضى الحوار اليمني اليمني ويدعوان نظام صنعاء للتفاوض على الجلاء اليمني من ارض الجنوب 0
لقد كانت مسيرة الحراك السلمي وحركه المقاومة الجنوبية أشبه بمحاولة عبور حقول من الألغام دون تجربة مسبقة، وكانت نتائج حرب 1994م وما تمخض عنها من سياسات النهب والفيد والإقصاء لموظفين دولة الجنوب وطمس للهويه بمثابة انفجار أول حقل من حقول الألغام تحت إقدام الجنوبيين 0
فقد أسقطت تلك الحرب ألدوله الاتحادية وألغت دستورها ومشروعية قيامها واستمرارها واستعادة الجمهورية العربية اليمنية وضمة إليها ألدوله الجنوبية وإباحة مؤسساتها وممتلكاتها وأرضها وشعبها كغنائم حرب 0
لذا كانت المهمة جسيمه و معقده لكن غير صعبه أو مستحيلة إمام عزيمة وإرادة أبناء الجنوب الذين هزموا بالأمس الامبراطوريه التي لا تغيب عنها الشمس وحققوا بفضل تضحيات شهدائهم النصر تلوا الأخر فا ستردوا بعض حقوقهم واستعادوا رموزهم الوطنية و عبروا عن هويتهم الثقافية وتاريخهم وأوصلوا قضيتهم إلى كل الشعوب المحبة للحرية والانسانيه وألهموا بثورتهم وأسلوب نضالهم الشارع العربي ليثور ضد ألانظمه الدكتاتورية فاجبروا الأعداء قبل الأصدقاء على الاعتراف بهويتهم الجنوبية وانتماءهم القومي المستقل عن الهوية اليمنية 0
لقد عمل شعبنا قبل قيام ثورة التحرير على إزالة كثير من العوائق التي كانت تشتت وحدته وتثقل كاهله من بقايا الماضي المليء بالهزائم والانكسارات، وأعلن التصالح الجنوبي الجنوبي في 13 يناير 2006م فوحد بذالك الحركة الوطنية وصفوف قوى الثورة لمواجهة استبداد النظام اليمني الذي اتخذ من أساليب القمع والإبادة مبرراً لوجوده في الجنوب وسن فوانيين على أساس حقائق مزيفة ترفض الاعتراف بوجود شعبنا وانتهاء ألدوله الاتحاديه0
لقد وضعة نتائج حرب 1994م العدوانية شعبنا أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما الاستسلام وقبول الأمر الواقع أو رفض نتائج الحرب و الاستمرار في النضال لاستعادة دولته ونيل حريته بالوسائل والخيارات المتاحة 0
لذا كان الكفاح المسلح الذي تبنته حركة تقرير المصير (حتم ) التي انطلقت من الضالع عام 1995م وحركة العدالة والتنمية بالمهرة هو الخيار المتاح في البدايات الأولى لتشكل خلايا المقاومة الرافضة لنتائج تلك الحرب وبسبب عدد من الظروف الموضوعية تم تجميد هذا الخيار والتحول إلى الخيارات السلمية كالمقاومة الشعبية في الداخل التي نفذتها اللجان الشعبية التي تأسست في 1998م وكذالك المعارضة السياسية في الخارج كجبهة موج وتجمع تاج وصولاً إلى قيام المجلس الأعلى للحراك السلمي كإطار نضالي يوحد جهود كل تنظيمات وفصائل المقاومة الشعبية لتحرير الجنوب الذي برزت من بين صفوفه قيادات سياسيه وجماهيريه تمتعت بنكرات الذات وقبول التحدي في مواجهة الاحتلال وقادة العمل الثوري والجماهيري الفاعل والمنظم كالزعيم / حسن احمد باعوم الأب الروحي للثورة الجنوبية0
لقد أتى إعلان تأسيس المجلس الأعلى للحراك السلمي للتحرير والاستقلال واستعادة دولة الجنوب كنتاج طبيعي لنضال شعبنا منذ انتهاء الحرب في 7/7/ 1994وحتى قيام مجلس الحراك في 7/7/2007م والذي اعتبر أهم حدث في تاريخ شعبنا المعاصر،ومن خلاله استحوذ شعبنا على أنجح وسائل النضال لاسترجاع حقوقه المسلوبة. واستطاع شعبنا إن يقدم نفسه للعالم وينقل قضيته إلى مختلف وسائل الإعلام الخارجي ويسترجع أيضا ثقته المفقودة بنفسه 00
ان تأسيس المجلس الأعلى للحراك السلمي لم يأت نتيجة لرغبات شخصيه أو اجتماع مجموعة من إفراد الحركة الوطنية المتفقه في الأهداف والمصالح بلٍ جاء تأسيسه بعد نضال مرير وقاسٍ خاضته مختلف فصائل الحركة الوطنية الجنوبية للتحرير وفي ظروف غير متكافئة مع النظام واختلال موازين القوى بينهما خاضت خلالها الكثير من المعارك مع مختلف مؤسسات النظام الرسمية و الحزبية والقبلية،و استشهد خلالها العديد من الثوار والأنصار وجرح واعتقل وشرد وأقصي مئات الإلف منهم 0
لقد ظهر الحراك السلمي الجنوبي على المسرح السياسي والعملي منذ يومه الأول بشكل قوه تمرست في النضال وخلق من خلال نشاطه الثوري ومواقف أنصاره الفدائية العظيمة أسباب وعوامل وجوده في ظروف افتقار الواقع الجنوبي لهذه العوامل. كما كانت الانشطه والفعاليات التي ينفذها في مراسيم دفن الشهداء وأربعينيات التأبين أهم مرتكزات هذه الانطلاقة.
إن ظروف نشأة الحراك هذه تجعلنا أكثر ثقة بالمستقبل لأننا تمكنا من صنع الحياة من الموت في أحلك وأصعب الظروف وبقيام هذا الكيان يصبح الحراك السلمي ليس قائداً وموجهاُ لنضال الشعب الجنوبي فحسب بل والحامل السياسي لقضيته دون منازع0
ان الحراك الجنوبي اليوم يتعرض لهجمات شرسة من قبل قوات النظام اليمني وحكومة المشترك بهدف تصفيته من مختلف مناطق ومدن الجنوب وتستخدم السلطة العنف المفرط والغير مبرر ودون اي مراعاة للقوانين والأعراف الدولية أو الإنسانية حتى في حدودها الدنيا كما حدث مؤخراً في مدينة المنصورة و قبلها في المعلاء وكريتر بعدن والمكلا وتريم وسيؤن بحضرموت وكذاء في الضالع وردفان ولحج وأبين وشبوه وغيرها من مناطق الجنوب ولم يستجيب هذا النظام لنداءات المنظمات الانسانيه والحقوقية ولا نداء منظمة العفو الدولية التي تزور محافظة عدن 0
يعتقد نظام صنعاء انه من خلال إتباع أساليب العنف والقوه ضد ثوار الجنوب يستطيع كسر إرادته وتوجيه الضربة القاضية إلى حراكه السلمي واجتثاث ساحاته ألقائمه في عدن لتسويق مفهوم واحديه ثورتي التغيير والتحرير وتوحد أهدافها تحت شعار إسقاط النظام لاغير0
إلا إن صمود ثوار الحراك رغم خسائره البشرية قد فاجئ الجلادين واثبت لهم بأن الحراك قوياً ومازال قادراً على الحياة والاستمرار في ثورته وامتلاكه لقدرات عاليه من تكتيكات العمل الثوري لجمع قواه و خوض جولات جديدة من إعمال المقاومة.
أن انعدام إمكانات صمود المقاومة الجنوبية في هذه الظروف من الناحية النظرية هي مادفع النظام إلى محاولة فرض الاستسلام على ثورة شعبنا. لكن الأمر بالنسبة لمناضلي الحراك كان مختلف تماماً.بغض النظر عن تلك الظروف لان الهدف بالنسبة لهم هو أن تبقى الراية مرفوعة ولتحقيق ذالك عملوا على ابتكار أساليب ووسائل جديدة للمقاومة السلمية عجزة إن تقف إمامها أو تثنيها آلة بطش النظام وبذالك فقط وبتضحياتهم وبطولاتهم وصمودهم تمكنوا من تحطيم جدران الظلم وإفشال كل محاولات فرض الاستسلام على ثورتهم0
إن تضحيات وبطولات ثوار الحراك السلمي قد زادت من الميراث النضالي الثوري لثورة تحرير الجنوب ووفرت للثائرين فرصة استرجاع الثقة بالذات وبالمقاومة الشعبية الوطنية مهما بلغت درجات بطش قوى النظام، وأظهرت إمكانية انتصار المقاومة على الاستسلام والأهم من كل ذلك أنها شكلت أهم حلقات التواصل الثوري بين مختلف كياناته0
لذالك فأنه من الأهمية بمكان إجراء تقييم كامل للأعمال السياسية والتنظيمية والميدانية لعمل المجلس الأعلى للحراك وتدشين مرحلة جديدة من النضال السلمي التحرري بعد إن أصبح اليوم يغترف نظام صنعاء وإن على مضض بقضيتنا ووجود شعبنا، واستطاع شعبنا أيضا إن يجدد تاريخه و هويته ويستعيد العديد من مؤسساته النقابية والحزبية ومنظمات المجتمع المدني للانتقال إلى المرحلة الاخيره من مراحل ثورة تحررالجنوب0
كما إننا اليوم نجد أنفسنا أكثر من أي وقت مضى بأمس الحاجة إلى الإقتداء بالشهداء والسير بخطى ثابتة على الدرب الذي أناروه لنا بدمائهم. فهم بالنسبة لنا الماضي الذي نعتز ونفخر به والحاضر الذي نعيشه 0
ولا نملك هناء إلا إن ننحني بهاماتنا ونتوجه بالتحية والاحترام إلى كل اسر شهداء الثورة الجنوبية في كل مدينه أو قرية من وطننا الحبيب في داخل الوطن أو خارجه ونعدهم ونعاهدهم عهد ووعد الأحرار بأن الرايات التي تركها أبناؤهم وبناتهم البررة ستظل وستبقى مرفوعة خفاقة حتى ننال استقلالنا ونستعيد دولتنا ونحقق كامل الأهداف التي قدموا أرواحهم ودمائهم لأجلها0
محمد ألحميدي

انت رائع يا أستاذ محمد ربنا يكثر من امثالك

مقال تحليلي وفية الكثير من النقاط التي تستلزم الوعي والالمام بها فكل ثورة تمر بمنعطفات نتيجة لطثرة المتربصين بفشلها لكن ارداة شعبنا الجنوبي هي من ستقلب الطاولة على كل المتامرين وسنصل الى الاستقلال الثاني باذن الله قريبا