بقلم/ رائد الجحافي
يصر نائب السفير الألماني بصنعاء (فيليب هولسابفيل) على اطلاق تصريحات تقلل من مشروعية قضية الجنوب وذهب السفير الأمريكي ( جيرالد فايرلستاين )في وقت سابق إلى إطلاق تصريحات حاول من خلالها إثارة مخاوف الجنوبيين، وكذلك الحال مع الوفود الدبلوماسية والسياسية الأجنبية التي تقوم بزيارة اليمن غالبا ما يجري الترويج تصريحات تركز بدرجة رئيسية على موقف دول تلك الوفود الداعمة للوحدة اليمنية وبغض النظر عن وجود تلك التصريحات من عدمها إلا أن الاعلام اليمني الرسمي والمعارض والمستقل يحرص على التعاطي مع تلك التصريحات بسياسة دقيقة يجري فيها إبراز موقف هذا وذاك من الوحدة اليمنية، وفي ظل بروز قضية الجنوب من خلال تصاعد الانتفاضة الشعبية الجنوبية التي ترتقي اليوم إلى مرتبة ثورة بكل ما تحمله من معان، فان الخطاب الاعلامي اليمني يهدف إلى ضرب الجانب المعنوي للثورة الجنوبية، وبلغ الأمر حد اللجؤ إلى جهات وممثلين دوليين وانتزاع تصريحات تحمل بين السطور تلميح بتهديدات يعمل الاعلام اليمني على تفسيرها وفق مراميه، وإذا ما تابعنا ماهية ما يجري لوجدنا أن بعض تلك التصريحات لا تمثل مواقف رسمية للدول بقدر ما تحمل امرين الأول تبنى تلك التصريحات من منطلق دبلوماسي يهدف إلى حل الأزمة اليمنية ولكن وفق قناعات خاطئة تقوم على أساس تصورات بأن الجنوب المشكلة الابرز يبقى العائق أمام أي حلحلة للمشكلة (الأزمة) اليمنية، - وهذه الخلاصة سليمة - وأن الجنوب كمشكلة يسهل حلها بأسلوب الضغط الدولي مع الالتزام بمعالجة مظالم الجنوبيين وإذا ما جرى إقناع الجنوبيين بعدم مشروعية مطالبهم فانهم سوف يستسلمون واجمالا لصالح طرفي الوحدة استمرار وحدتهم، وهكذا يجري تسويق واقع القضية الجنوبية خارجيا وبمساعدة شخصيات تدعي أو تستغل جنوبيتها، والأمر الثاني أسلوب التواطؤ الذي يعمل به بعض الدبلوماسيين وفق سياسة المصالح والذين يقبلون لعب هكذا دور دون احترام لمبادى واخلاقيات العمل الدبلوماسي، وفي كلا الأمرين يبرز خطأ فادح لحسابات كتلك تقوم على مجرد تكهنات ليس الا، وتعزز بناء اوهامها تلك غياب طرف الاتصال الجنوبي الحقيقي لأن غالبية من يجري التواصل معهم أما أشخاص يتلبسون بقناع جنوبي أو جنوبيين لا يجيدون لغة الحوار الدبلوماسي ولا يفقهون صور الربط بين السياسة والحق المشروع والمكفول دوليا، فتبرز أمام الأجنبي جموح سطحية التفكير واللاوعي لدى الجنوبيين بقضيتهم، في حين أنه لو كان لنائب السفير الألماني أن يقوم بزيارة إلى ثانوية في عدن ويقوم بفتح باب النقاش مع تلامذة تلك المدرسة لغادرها والخجل يملى نفسه عندما يدرك مدى الوعي السياسي والقانوني الذي يتثقف به أولئك التلاميذ في الوضع القانوني لقضية الجنوب، فاليوم لم يعد كالأمس من حيث الوعي في ظل العولمة والمعلوماتية، ومجرد خبر بسيط سرعان ما ينتشر كلمح البصر، هذا بالاضافة إلى أن شعب الجنوب الذي يعيش ثورته ويلمسها في روتين حياته، المعاناة، الظلم، المعتقلات، الشهداء، مظاهر الانتشار العسكري في المدن والارياف، المعاملة القاسية، الحرمان وغيرها من الصور والاشكال التي ظهرت مع اجتياح الجنوب هذه الأمور جعلت شعب الجنوب يحيا ثورة وجد فيها ملاذ آمن وبنى عليها ملامح مستقبله بتصور ينبع من ارادة صلبة وايمان راسخ قوي لا تهزه أي تصريحات أو شائعات على الاطلاق ومع ثورته بات هذا الشعب يتابع كل ما يعني قضيته وبات يدرك مصلحته ويعرف متى ولماذا تأتي تصريحات هذا أو ذاك الدبلوماسي، ويبقى الشيء الوحيد والأخير هو الذي يتمحور بين ردحات الاستفهام التالي: متى يعي العالم أن الشيء الذي يبحث عنه لن يتحقق إلا متى ما استعاد الجنوبيين دولتهم كاملة السيادة.