رداً على المواقف المتصلبة لفريق الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار اليمني وإعلانه تمسكه بخيار الاستقلال واستعادة ألدوله كحل للقضية الجنوبية في تقريره النهائي المتعلق بالرؤى والضمانات لحلها وعدم قبوله أملاءات لجنة التوافق لتعديل قراره أو تأجيله وكذا قراره بتجميد تصويت أعضاءه في الفرق الأخرى حتى تحدد تلك الفرق مواقفهم الواضحة والصريحة من القضية الجنوبية ومن قراره وجهة السلطة بإيقاف إعمال مؤتمر الحوار إلى أواخر شهر أغسطس الجاري لإيجاد مخرج حقيقي لهذا المأزق الذي ترى بأنه يهدد بنسف الحوار ومخرجاته
وقد ازداد هذا الموقف تعقيداً بعد ما أضحى للجميع وللرأي العام المحلي والخارجي بشكل عام أن هناك انقسام حقيقي بين ممثلين الشطرين شمالي مع الاحتفاظ بالجنوب وعدم استقلاله أو منحه أي خصوصية وجنوبي مع الاستقلال واستعادة ألدوله أعاد إلى لأذهان انقسام نتائج أول انتخابات برلمانية في ابريل 1993م بعد إعلان الوحدة
بالاضافه إلى إن التهديدات التي أطلقها بن علي عن حتمية اللجوء إلى بدائل أخرى موجعه لنيل الجنوب استقلاله ومنها التهديد ضمنياً باللجوء إلى الكفاح المسلح لإخراج الشماليين من ارض الجنوب كالنعاج حد وصفه ودحرهم كما فعلوا في عامي 72-1979م إذا لم يقبلون برؤية فريقه لحل قضية الجنوب قد زادت من الطين بله وهددت بنفس الحوار كلياً كون قضية الجنوب هي الأساس الذي يقوم عليه الحوار
هذا وقد كان ممثلين المشترك والأحزاب والتكتلات السياسية اليمنية قد تأرجحت في رؤاها للحلول والضمانات فيما يتعلق بالجنوب بين حلول خجولة وحلول مخيبه للآمال تراجعت فيها عن كل المحفزات أو ماتراها تنازلات كانت قد قدمتها في رؤاها السابقة عن الجذور والخلفية واقترحت المركزية واسعة الصلاحيات والأقاليم الشكلية المتعددة وهي في مجملها لا تخرج عن أوضاع ما هو قائم حالياً في اليمن إلا بقدر لا يذكر سيكون نصي أكثر مما هو واقعي وسيختفي ويتلاشى بمرور الزمن كما اختفى وتلاشى دستور الوحدة مع عدم ذكراي تقاسم واضح للثروة و اللسلطه بين الشمال والجنوب ولا ذكر لأي ضمانات حقيقية لتنفيذ المخرجات وعدم الانقلاب عليها مستقبلاً سوى بالشرعية العددية كما حدث في 1993م أو بالعنف والقوه كما حدث بعد حرب 1994م
هذه المستجدات والتداعيات في مجملها دفعت هادي وحكومة الوفاق حضور الاجتماع الطارئ الذي دعت إليه قيادة الإخوان أواخر يوليو الماضي بحضور ثلة من العلماء وأصحاب الربط والحل في اليمن كالشيح حميد وعلي محسن والزنداني وغيرهم
بحث الاجتماع بشكل عام الكيفية التي سيتم بها تجاوز القضية الجنوبية والوضع الذي وضعهم فيه فريق القضية الجنوبية دون أي صدام معهم أو الدخول في أي نفق مظلم أخر بعد إن تعثر الحوار من وجهة نظرهم مع من يعتبرونهم ممثلين للحراك الجنوبي ووصلوا معهم إلى مفترق طرق في مرحله هامه وحاسمه غير قابله للمناورة أو التزييف أو التضليل الخداع
الاجتماع الطارئ والاستثنائي للسلطة السياسية والدينية خرج بقرار يقضي بالاتفاق على التمديد لهادي من سنتين إلى أربع سنوات ولو بأجراء انتخابات شكليه توافقيه كما سبق في 2011م أو كتلك التي نفذها صالح في عام 1999م بحسب طلب هادي بل إن احد المشائخ الحاضرين أفتى بالقول (يمدد هادي ولا يبالي ) ثم قال أنت رئيسنا حتى يذهب الشيطان من رؤوس إخواننا في الجنوب واتفق الحاضرين إن استمرار هادي ومن معه من الجنوبيين في الحكم هي الضمانة الوحيدة لعدم انفصال الجنوب واستمرار شرعية حكمه وهو الأمر الذي فعله صالح منذ ما بعد حرب 1994م
وتنفيذا لهذا الاتفاق والإجماع الداخلي بين إطراف السلطتين السياسية والدينية والسلطة الاجتماعية القبلية المشييخه في اليمن سافر هادي إلى قطر ثم إلى أمريكا وحالياً إلى السعودية لشرح مبررات الاتفاق وطلب مباركة ودعم الاتفاق والحصول على المساعدات المالية السريعة لتقديم بعض التعويضات للجنوبيين التي يرونها ضرورية لكي تثبت السلطة حسن نيتها ومصداقيتها وتعمل على استمالتهم إلى صفوفها و دفعهم إلى تغيير مواقفهم وأهداف ثورتهم
كما ارسلة الحكومة اليمنية العديد من مبعوثيها بصفه سريه إلى عدد من الدول الراعية للمبادرة لشرح هذا الإجراء وطلب تأييده ومساعدتها على تنفيذه
ومما سيق نستنتج إن نظام صنعاء يراهن على الوقت لحل قضاياه المستعصية سواء في الشمال أو الجنوب وان الحوار مجرد شماعة وسيضل مفتوحاً إلى ما شاء الله دون أي مخرجات فقط لكسب الوقت واستمالة الفريق الجنوبي أو دفعه للملل والقبول بالأمر الواقع أو الدفع بتغيير ممثليه المتمسكين بمطالب الاستقلال كما حصل مع الصر يمه وغيره وإيجاد تمثيل شكلي يشرع أي مخرجات يرتضونها هم وليس شعب الجنوب
كما تسعى سلطات صنعاء لكسب الوقت لكي تتمكن الخروج من أزمتها التي تعيشها منذ أكثر من عامين وتستعيد بناء أجهزتها وإنهاء الانقسام في مؤسساتها الامنيه والعسكرية والتئام جراحها والتصالح مع مكونات مجتمعها بما يمكنها مستقبلاً من الأخذ بزمام المبادر واستعادة سيادة القرار وفرض الخيارات التي تراها مناسبة دون وصايه إذا لم يصل المؤتمرين في مؤتمر الحوار إلى النتائج التي ترتضيها أو قام الجنوبيون بأي تحرك تصعيدي أو ثورة مضادة لتغيير الوضع القائم
لذالك نتساءل هل يدرك أبناء الجنوب المشاركين في الحوار والثائرين في الميدان والسياسيين الذين ملئوا الدنيا ضجيجاً وعوى مدى خطورة مخططات سلطات صنعاء ومن دار في فلكها في الداخل والخارج على شعبهم وثورتهم ؟
وهل سيبادرون إلى اتخاذ التدابير اللازمة لإفشالها وابقائها في تلك الشرنقة حتى تعترف صاغرة بحق شعبنا في تقرير مصيره واستعادة حريته ودولته؟
أم أنهم سيضلون دافنين رؤوسهم في الرمال كالنعام أو يسيرون على غير هدءا كالخرفان التي تسوقها رائحة الطعام ؟
محمد الحميدي