المصدر أونلاين ـ العرب ـ وهيب النصاري
كشف رئيس منظمة سجين في اليمن عبدالرحمن برمان عن وجود سجناء سياسيين وناشطين حقوقيين في معتقلات الاستخبارات واستخدام وسائل التعذيب للسجناء خلال التحقيق معهم لانتزاع اعترافاتهم بجرائم لم يرتكبوها.
وقال رئيس المنظمة إن سجون الاستخبارات وأقسام الشرطة والبحث الجنائي تمارَس فيها عملية التعذيب منذ بداية القبض على المتهمين المخالفين للقوانين اليمنية، مشيراً إلى أن السجون تكتظ بالمعتقلين من دون إحالتهم إلى القضاء.
وأكد أن معظم السجون في اليمن غير قانونية وهي لا تخضع لرقابة هيئة السجون وإشراف النيابة العامة بل لدرجة أنها منتشرة في معظم المؤسسات الحكومية ورئاسة الدولة.
وتحدث لـ "العرب" عمَّا تتعرض له السجينات من انتهاكات وتحرشات داخل السجون وفي أثناء التحقيق وأوضاع المعسرين في السجون اليمنية ومدى قانونية حجزهم والمواطنين اليمنيين المعتقلين في السجون السعودية والإماراتية والعمانية وتعرضهم للتعذيب في ظل غياب دور السلطات اليمنية وغيرها من القضايا المتعلقة بالسجون، فإلى نص الحوار..
- حدثنا عن أوضاع السجون في اليمن.
تمنع المنظمات والمؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان من الوصول إلى السجون ومعرفة أوضاع السجناء، إلا أنه يتم التعرف على ما يدور داخل السجون من معاناة وانتهاكات من الخارجين منها كسجون الأمن السياسي والأمن القومي (الاستخبارات) بعضها انفرادية وتحت الأرض وهي بالإجماع سيئة؛ حيث يمكث السجناء في الظلام داخل زنازين انفرادية، ويقيَّد المتهمون في قضايا الإرهاب وقضايا سياسية مثل الناشطين الحقوقيين الذين يتم اختطافهم، وفي الغالب تستطيع المنظمات الحقوقية الوصول إلى السجون الاحتياطية المكتظة بالمساجين.
وبمجرد وصول السجين يتعرض لابتزاز من السجان الذي يتعمد نقله إلى مكان غير مناسب بهدف أخذ مبالغ مالية وقد وعد وزير الداخلية بمعالجة ما يتعرض له المحتجزون في السجون الاحتياطية التي تنعدم فيها النظافة والماء للاغتسال إلا مرة واحدة في الأسبوع أو في الشهر.
كما أن سجون أقسام الشرطة والبحث الجنائي والأمن السياسي والأمن القومي يمارس فيها التعذيب لدرجة أن التعذيب شيء أساس وممنهج؛ فأي مواطن يصل إلى هذه الأماكن يضطر إلى الاعتراف بجرم لم يرتكبه نتيجة التعذيب، وقد صدرت أحكام قضائية على أشخاص اتُّهموا بقتل واعترفوا واتضح بعد فترة أن القتيلة "فتاة" على قيد الحياة فرت من أسرتها ولكن نتيجة تعذيبهم اعترف المتهمون بأنهم قتلوها من دون وجود علاقة تربطهم بالقضية وهذا نموذج ما يحدث في داخل السجون في اليمن.
- ما نوعية الانتهاكات التي يتعرض لها السجناء في اليمن؟
منذ بداية القبض عليهم بطرق مخالفة للقوانين اليمنية، تجد أقسام الشرطة تتدخل في قضايا مدنية وجنائية والتي تعتبر من اختصاص القضاء كونه لا يجوز القبض على أي مواطن إلا بناء على أمر صادر من النيابة العامة أو القضاء، عدا حالات الجريمة المشهودة يجوز للأمن التدخل والقبض على الجناة فقط.
كما أن أقسام الشرطة تقوم بابتزاز من يتم القبض عليهم ويتعرض للضرب والإهانة لدرجة حرمانه من توكيل محامٍ أمام أجهزة الأمن رغم أن القانون والدستور اليمني نصا على حق الدفاع إحالته أو وكالة مكفولة عليهم، وكذلك ألزم قانون المحاماة وجود المحامي الذي يضمن عدم حدوث الانتهاكات والتلاعب بالقضايا من خلال إغراء المتهمين دون علمهم، إضافة إلى منع الزيارات للسجناء الذين تقوم أجهزة الأمن باختطافهم دون الكشف عن مصيرهم ما يجعلهم يعترفون بجرائم لم يرتكبوها مع أن السجين يظل بريئا إلى أن يصدر حكم نهائي بإدانته.
- ماذا عن قضية المعسرين اليمنيين المعتقلين في السجون على ذمة ديون؟
يوجد في اليمن آلاف المعسرين داخل السجون رغم تشكيل لجان سنويا إلا أن إشكالية تدخل الوساطات والمحسوبية التي يتم الإفراج عن أشخاص بعدها لا يخضعون للشروط الموجودة، فتجد شخصا اختلس أموال الدولة وآخر معسرا مسجونا سنتين على مبلغ 35 ألف ريال يمني، ما يقارب 165 دولارا وثالثا على مبلغ 150 ألف ريال يمني ما يعادل 250 دولارا منذ سنتين داخل السجن مع أنه وفقا للشريعة الإسلامية والقانون يتم الإفراج عنه أو يترك بينه وبين دائنه ويتم حجز أمواله عدا الأساسية من سكن وأثاث ولا يجوز حجز الشخص المعسر كونها ستولد مشكلة اجتماعية أسرية.
وبدأنا في منظمة سجين تبني قضية المعسرين ولدينا مشروع سنقدمه إلى الاتحاد العالمي للمنظمات الإسلامية –الشبكة العالمية الإسلامية لمنظمات المجتمع المدني- وخلال الأشهر المقبلة سنعمل على هذه القضية ونتواصل مع رجال الأعمال للإفراج عنهم وسنسعى إلى إرساء مبدأ أنه لا يجوز حبس هذا السجين على قضية الإعسار.
- تحدثتم في السابق عن قضية تعرض السجينات اليمنيات لتحرشات واغتصابات داخل السجون.
حدث أن تعرضت سجينات لمحاولات التحرش وعملية الاغتصاب في السجون أو في أثناء التحقيقات وتوجد سجينة تم اغتصابها وحملت وعند تنفيذ حكم الإعدام عليها بتهمة قتل زوجها كشفت أن السجان أغراها واغتصبها.
وكون هذه المرأة السجينة لا تجد من يحافظ عليها تجد نفسها وسط حراسات السجون الذكور مع أن لدينا شرطة نسائية، وكثير من النساء تعرضن للتحرش ومحاولات الاغتصاب في أقسام الشرطة.
كما أن العرف القبلي في اليمن أنه عند اعتقال المرأة في سجون يشرف عليها ويحقق معها ذكور يتخلى عنها المجتمع ولا تقبلها حتى أسرتها ولو ثبتت براءتها، وقد حدث أن قُبض على امرأة في سيارة أجرة "تاكسي" مع السائق باسم حالة الخلوة الشرعية وتمت إحالتهما إلى النيابة وحضرت قبيلة وأسرة السائق تدافع عنه كونه مواطنا صالحا وأخرجوه من السجن بينما المرأة تخلى عنها أقرب الناس إليها من أب وأشقاء ورحلت إلى السجن المركزي من دون قضية لرفض أسرتها تسلمها وبعد سنوات شوهدت تتسول في الشارع.. مآسٍ كثيرة تجرِّم المرأة اليمنية من دون تهم.
وإن كانت حالة التحرش والاغتصاب محدودة إلا أنه في ظل حجز المرأة وسط محققين وسجانين ذكور وسجون ملتصقة بسجون الرجال فإن ذلك يعتبر بحد ذاته انتهاكا فاضحا لحقوق السجينات؛ لأن المجتمع عند خروجهن لن يقبلهن بعكس إن كنَّ في سجون تديرها وتحقق فيها شرطيات قد يتقبلهن المجتمع عند خروجهن.
- هل الانتهاكات التي تتعرض لها السجينات تختلف عن سجون الرجال؟
تتعرض السجينات للانتهاك من أول لحظة يتخلى أهلهن عنهن ونادرا ما نجد امرأة يقف أهلها معها ويوكلون محاميا للدفاع عنها، ويتم التعامل مع السجينة خلال مراحل التحقيق على أنها مجرمة، خاصة في حال تخلي أسرتها عنها، وفي جلسات المحكمة عندما يتطوع محامٍ للدفاع عنها غالبا ما يورطها من دون علمه كونه لم يطلع على ملف قضيتها كاملا، وتصدر أحكام قضائية على نساء بريئات.. وحدث قبل فترة أن صدر حكم قضائي بإعدام امرأة مع علمهم أن اعترافها انتزعه ضباط من البحث الجنائي بالتعذيب وبناء عليه صدر الحكم الذي في بدايته أكد أن المحققين لا يصلحون للعمل في البحث الجنائي نتيجة تعذيبها، إضافة إلى أن منطوق الحكم قال: "إن قتل مسلم معصوم الدم اسمه مجهول الهوية"، وهو ما يسقط الحكم كون الشريعة الإسلامية والقوانين اليمنية لا تجيز تنفيذ حكم الإعدام إلا بشرطين، الأول: الدليل الشرعي، والثاني: طلب أولياء الدم وهما لم يتوفرا باعتبار الاعترافات تمت عبر وسائل تعذيبها مع أطفالها لدرجة أنها أُجهضت داخل السجن وبعد 7 سنوات نشرت قضيتها في بعض الصحف اليمنية وأعيدت إلى الاستئناف وتم الإفراج عنها بالاكتفاء بالمدة وغيرها من الضحايا يتم التعامل معهن في أثناء إصدار الأحكام من دون حرص من قِبَل بعض القضاة لعدم وجود من يتابع قضيتها، والعادات والعرف القبلي في اليمن لها دور كبير في تعرض النساء لانتهاكات لدرجة أن القبيلة تضغط على الأطفال لعدم العفو عن أمهم بتهمة قتل زوجها كونه من العيب أن تقتل المرأة الرجل ويحصل العكس ويشفع الأبناء عن والدهم.
- في ظل الانتهاكات التي يتعرض لها السجناء هل توجد تسهيلات لزيارات السجون الخاصة بالنساء والرجال من قِبَل المنظمات الحقوقية في اليمن؟
بالنسبة للسجينات ممنوع دخول المنظمات إلا بعض المنظمات التي لديها علاقات مع شخصيات متنفذة في الدولة لزيارات سجون محددة وتمنع من سجون أخرى، ولا ندري ما السر وراء منعنا كمنظمات من زيارة سجون النساء، وفي حالة السماح لمنظمات وباحثين والتي تكون في الغالب بناء على وساطات يتم تجنيد أحد السجانين لمرافقتهم في أثناء مقابلات السجينات، ما يجعلهن يتحفظن عما يتعرضن له من انتهاكات في السجون.
- ماذا عن السجناء السياسيين في اليمن؟
مئات السجناء السياسيين في اليمن موزعون على سجون الأمن السياسي والأمن القومي (الاستخبارات) لا يُسمح بزيارتهم وفي حال السماح بعد عدة أشهر من اعتقالهم وقد يكون بعد سنوات ويسمح لعدد محدود هم الزوجة والأبناء ويمنع المحامون والناشطون في مجال حقوق الإنسان.
ومن السجون التي يُمنع زيارتها: السجن الحربي العسكري وهو مغلق تماما وتصلنا معلومات تفيد عن سجناء فيه منذ الثمانينيات لا يعلم أهلهم شيئا عنهم ظانين أنهم متوفون في أثناء الصراعات الداخلية في اليمن، وحتى اللحظة لم يتسنَّ لأية منظمة التأكد من مدى صحة هذا نتيجة أنه سجن مغلق لا يستطيع الذباب الوصول إليه.. مأساة السجن الحربي كبيرة.
- في بلد ديمقراطي إلا أن بعض المواطنين يشكون من السجون الخاصة لمشايخ قبائل ومتنفذين في اليمن ما مدى قانونيتها؟
رغم تقلصها في الفترة الأخيرة بعد حملة قامت بها منظمة هود اليمنية منذ 1998م ضد هذه السجون فإنها ما زالت موجودة بشكل كبير ليست سجون المشايخ فقط بل السجون الخاصة تعددت في المؤسسات والشركات الحكومية في اليمن منها المؤسسة الاقتصادية التي تمتلك سجونا في جميع فروعها التي يسجن موظفوها وعملاؤها والمتعهدون المتأخرون عن تسديد ما عليهم من مبالغ مالية، وكذلك وزارة الأوقاف والإرشاد لديها سجن وبعد الكشف عنه طالبنا بإغلاقه كونه معتقلا سريا وردت الوزارة بنفيها وقالت يعتقل فيه الناس منذ سنوات طويلة مع أن وزير الأوقاف الحالي حمود الهتار كان قاضيا ورئيس أول منظمة حقوقية في اليمن وما زال السجن موجودا ويمارس عملية الحجز.
- معذرة.. هناك سجون تابعة لجهات حكومية غير قانونية؟.
كل سجن لا يخضع لمصلحة السجون يعتبر سجنا غير قانوني، وزادت السجون غير القانونية، وجميع الوزراء والمسؤولين الكبار بالدولة يتملكون سجونا منهم وزير الداخلية لديه سجن يعتقل فيه المشايخ على أنه موقف فقط وكذلك رئيس الدولة علي عبدالله صالح لديه سجن داخل القصر الجمهوري، مع أنه يجب أن تخضع تلك السجون لمصلحة السجون وتحت إشراف النيابة العامة والتي من الغرائب أنها تفتش في بعض السجون غير القانونية والمفترض إغلاقها فلا تستطيع إغلاق سجون المؤسسة الاقتصادية وبقية الوزارات وجميعها سجون غير قانونية.
- تحدثت عن تلقي المنظمة شكاوى من سجناء يمنيين في دول الخليج.
يوجد المئات من السجناء اليمنيين في سجون دول الخليج، خاصة في السعودية؛ حيث عدد اليمنيين في سجن أبها فقط يصل لما بين 350 و500 شخص من دون سجون التوقيف والشرطة المليئة بالسجناء اليمنيين الذين يدخلون المملكة عن طريق التهريب للبحث عن عمل ويوجد أشخاص داخل السجون لديهم إقامات ولكن نتيجة عدم متابعة السلطات اليمنية لحقوق مواطنيها في دول الخليج.
وهناك حالات تعرضت لتعذيب في 3 دول خليجية هي: السعودية والإمارات وعمان والتقت المنظمة بهم، والسجناء في المملكة يعاملون معاملة داخل السجون بحسب جنسيتهم حيث إن اليمني يعامل غير الفلبيني والباكستاني والهندي كون حكومتهم لا تتابع قضاياهم، وقد قامت رئيسة الفلبين بزيارة للسعودية قبل فترة من أجل قضية 5 سجناء وعادت برفقتهم ونتمنى من الرئيس صالح أن يتوسط لدى سلطات المملكة لتفرج عن مئات المعتقلين منذ سنوات دون إحالتهم إلى القضاء والتي تعتبر جريمة وفق القانون السعودي الذي ينص على أنه لا يجوز حبس أي مواطن أو مقيم إلا بناء على أوامر قضائية.. ويوجد يمنيون منذ سنوات داخل السجون وهم متهمون بقضايا لم يتم التأكد منها منهم 83 معتقلا في سجن القصيم بتهمة الإرهاب لم يحالوا إلى القضاء.
وتتحمل الحكومة اليمنية المسؤولية تجاه مواطنيها في السجون داخل البلد وخارجه، وفي اليمن ما يقارب 10-12 ألف سجين كثير منهم لا يستحق أن يكون في السجن كونه سُجن دون إصدار أحكام نهائية.
- هل يتم إبلاغ السلطات اليمنية من منظمتكم عن وضع السجناء في السعودية وبقية دول الخليج؟ وما مدى الاستجابة؟
يتم إبلاغ الخارجية اليمنية دون تفاعلها لمتابعة قضايا مواطنيها في الخارج لدرجة أن سفارات بلادنا في السعودية تهمل قضايا اليمنيين ولا تقدم المساعدة لهم.
ونتمنى من السلطات السعودية أن تتجاوب مع منظمتنا كون ما يتم من انتهاكات للمواطنين اليمنيين في سجون المملكة ليس توجه الحكومة وإنما أخطاء أشخاص والدليل على ذلك أن الداخلية السعودية شكلت لجنة للتحقيق في قضية تعذيب مواطن يمني في أحد أقسام شرطة أبها وهو ما جعلنا نتواصل مع سلطات المملكة وذلك أجدى الحلول.
- ماذا عن السجناء اليمنيين في دولة قطر؟
خلال زيارتي لدولة قطر التقيت مواطنين يمنيين ولاحظت ارتياحا كبيرا جدا من التعامل مع اليمنيين المقيمين، لا تجد فرقا بين المواطن القطري والمقيم في المعاملة سواء من قِبَل الأجهزة الأمنية أو غيرها يتعاملون وفق القوانين التي تساوي بين المقيمين في قطر فلا فرق بين السجن والفندق يعامل الشخص باحترام وفق القوانين.
كما أننا لم نتلقَّ أي شكوى من مواطن يمني تعرَّض لانتهاكات في قطر واليمنيون ينالون جميع حقوقهم بعد الانتهاء من خدمة العمل وتختلف معاملة المقيمين في قطر عن بقية دول الخليج.