الدينُ يتحول إلى محور انتخابي في سويسرا شرح الصورة: يرى خبراء سويسريون أن الشعور المعادي للإسلام يـُستخدم لتحقيق أغراض سياسية (Keystone)
.أصبح الدين أحد المواضيع الرئيسية لحملة الانتخابات الفدرالية المقبلة، رغم أن الاهتمام بالدين لا يعكس توجهات المجتمع السويسري.فالسويسريون أصبحوا علمانيين أكثر فأكثر. ويقول المحللون إن قرار بعض السيـاسيين تركيز الاهتمام على الإسلام مرتبط بالاستراتيجية أكثر منه بالعقيدة والإيمان.
كان الدين في السنوات الأخيرة عاملا تافها في المشهد السياسي السويسري، حتى أن فكرة إزالة علامة "المسيحية" عن الاسم الرسمي غازلت حتى الحزب الديمقراطي المسيحي، أحد الأحزاب الرئيسية الأربعة في البلاد، والذي لا علاقة له بالاعتبارات الدينية.
في هذا السياق، يقول يورغ شتولز، أستاذ علم الاجتماع في جامعة لوزان ومدير مرصد الديانات في سويسرا "يتساءل بعض أعضائه (الحزب الديمقراطي المسيحي) إن كان يمكنهم مواصلة حمل هذه العلامة إذا أرادوا تمثيل الجميع"، مضيفا أن "تغيير إسم حزب ما خطوة كبيرة، خاصة أن الديمقراطيين المسيحيين لهم قاعدة انتخابية كبيرة بين الكاثوليك."
ووفقا لنتائج التعداد الفدرالي لعام 2000، أصبح المجتمع السويسري أكثر علمانية ومشهده الديني أكثر تنوعا، إذ لم تعد المسيحية تسيطر على سويسرا كما كان الشأن في الماضي. من جهة أخرى، بات الدور الاجتماعي التقليدي الذي اضطلعت به الكنائس ضعيفا في الحياة اليومية للسويسريين.
وعن هذا الجانب، يقول السيد شتولز "إن مشاكل الكثير من الناس يمكن أن تـُحل بطريقة غير دينية. فإذا كـُنت تعاني من مشكلة ذهنية، يمكنك أن تذهب لطبيب نفسي [مثلا]. وإذا فقدت عملك، هنالك استحقاقات البطالة".
عودة سياسية؟لكن يبدو أن الدين يسجل عودة ملفتة إلى المسرح السياسي، بفضل نشطاء سياسيين من حزب الشعب السويسري (يمين متشدد).
فسعيُ هؤلاء إلى طرح استفتاء شعبي يدعو إلى فرض حظر على بناء المآذن، التي يقولون إنها تهدد السلام الديني وتخلق متاعب أكثر مما تحدث من فوائد، يعيد المسائل العقائدية إلى بؤرة الضوء.
إذا عدنا للتاريخ، سنجد أن الدين لعب دورا هاما في الحياة السياسية السويسرية، وغالبا ما تمحورت الحروب المحلية حول الدين والمُواجهة بين الكاثوليك والبروتستانت. كما أن سويسرا الحديثة تأسست في عام 1848 على إثر آخر صراع من هذا النوع.
غير أن السيد شولتز يعتقد أن ما يقوم به سياسيو اليمين حاليا هو مجرد لعبة سياسية، وأنهم ليسوا مهتمين بالدين في حـد ذاته.
وصرح في هذا الـصدد: "إن حزب الشعب يقوم فقط بإعادة تدوير موضوعه المفضل المتمثل في إثارة الخوف من الأجانب. وفي هذه الحالة، يكون الإسلام هو الأجنبي، لذلك يـعاد استخدام الشعارات القديمة مع وضع الإسلام في مكان الهدف".
رسميا، يوجد حزبان فقط على الصعيد الوطني يدعيان الاستناد إلى القيم الدينية: الحزب الإنجيلي والاتحاد الديمقراطي الفدرالي. فهما يشغلان معا خمسة مقاعد من أصل 200 في مجلس النواب السويسري، وهي غرفة البرلمان التي تمثل الشعب.
لا وجود للُوبي مسيحيوعلى مدى السنين، تراجع التمثيل الديني القوي في البرلمان الفدرالي، إذ يشير شولتز إلى أنه خلافا للولايات المتحدة، لا توجد في سويسرا مجوعات ضغط مسيحية قوية بإمكانها التأثير على السياسة.
وأضاف أستاذ علم الاجتماع في جامعة لوزان أن "الديمقراطيين المسيحيين مازالوا يحظون بدعم قوي من الكاثوليك، لكن مواقفهم لم تـعُد تدعم مذهب الكنيسة، ما عدا موقفهم من القيم العائلية".
ويقر شولتز بأن الحزب الإنجيلي ربما يكسب بعض الناخبين خلال الانتخابات القادمة، لكنه يقول إنه من غير المرجح أن تنمو قاعدة دعمه بشكل كبير نظرا لجاذبيته المحدودة.
ويشعر شولتز أن بعض الناخبين قـد يتفقون مع بعض السياسات المرتبطة بقضايا مثل الأخلاقيات الجنسية، لكنهم سيعارضون سياسات أخرى.
ويمكن قول الشيء نفسه عن الاتحاد الديمقراطي الفدرالي، القريب من حزب الشعب في بعض النقاط، مثل معاملة الأجانب.
ويعتقد شولتز أن الأحزاب التي تقوم على أساس عقائدي لا يمكن أن تتوقع النجاح الذي حظيت به الحركة المسيحية المحافظة في الولايات المتحدة، بما أن الدين لا يتصدر قائمة انشغالات الشعب السويسري، مضيفا "لا يمكنني القول ان الإله قد مات، لأن الكثير من الناس مازالوا يؤكدون أنهم يؤمنون به أو بقدرة أعلى، لكن مكانته تغيرت مقارنة مع ما كان عليه الوضع في الخمسينات".
سويس انفو – سكوت كابر - لوزان(ترجمته من الإنجليزية وعالجته إصلاح بخات)