بيروت (رويترز) اليستر ليون
دعا رئيس اليمن الجنوبي السابق علي سالم البيض للانفصال في بلاده مجددا وناشد الامم المتحدة العمل على تحضير استفتاء في الجنوب. وقال لرويترز من منفاه في النمسا "ان الحل المنطقي اليوم الذي في صالح البلدين هو العودة الى نظام الدولتين السابقتين اما الصيغة او العلاقة التي تربط بينهما فلنترك للشعبين ان يقرراها بكل حرية."
والبيض وهو من مواليد 1939 كان رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) من عام 1986 الى 1990 وهو من وقع على اتفاق الوحدة مع رئيس الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) علي عبد الله صالح إيذانا ببداية تأسيس الجمهورية اليمنية في 22 مايو ايار 1990 ورفعا علم الوحدة في عدن عاصمة الجنوب
نص مقابلة الرئيس علي سالم البيض لوكالة رويترز
ما هي شكاوى الجنوبيين الرئيسية ، وكيف ينبغي التعبير عنها؟
الشكوى الاساسية للجنوبيين اليوم هي ان بلدهم واقع تحت الاحتلال باسم الوحدة.الثروة الجنوبية تنهب،والاراضي الجنوبية تم توزيعها بين المتنفذين في السلطه اليمنيه ،كما تم تركيز كل السلطات بيد الاسره الحاكمه في صنعاء ، وجرى تسريح اكثر من 80 في المائة من موظفي دولة الجنوب المدنيين والعسكريين.
نحن إزاء واقع مأساوي على الصعيدين الاقتصادي والسياسي،بلدنا تحول الى ثكنة عسكرية وسجن كبير، واهلنا مقموعون وشبابنا مطاردون،حتى صحيفة "الايام" المستقلة اقفلوها، وهم يحاصرون رئيس تحريرها الاستاذ هشام باشراحيل ويمنعمونه من الخروج من منزله، منذ مايو الماضي.
ومثلما تعلم كافة الدول العربية والاجنبية والامم المتحدة اننا وقعنا اتفاقية الوحدة سنة 1990 بين جمهورية اليمن الديمقراطيه الشعبيه والجمهوريه العربيه اليمنيه ،وقد نصت على ان تكون الوحدة على اساس الشراكة بين بلدين،ولكن بعد الوحدة بعام بدأ طرف الجمهوريه العربيه اليمنيه يتراجع عن الاتفاقية،وأخذ يستولي على السلطة والثروة ويبعد الجنوبيين تدريجيا،ولكننا عارضنا ذلك،واردنا ان تكون معارضتنا بالوسائل السلمية والسياسية،فتوصلنا الى "وثيقة العهد والاتفاق" للخروج من المأزق ووقعناها في الاردن بتاريخ 20فبراير 1994م برعاية الملك الراحل حسين بن طلال والامين العام للجامعة العربية،ولكن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح رفض الالتزام بتنفيذ "الوثيقة" وشن الحرب على الجنوب في 27 ابريل 1994،وسيطر عليه بالقوة العسكرية،وهو الامر الذي اضطر قيادات وكوادر دولة الجنوب السياسية والعسكرية اللجوء الى الخارج كسلطنة عمان والامارات والسعودية ومصروسوريا .
منذ ذلك الحين انتهى اتفاق الوحدة، لان طرف الجمهوريه العربيه اليمنيه انهى الشراكة وسيطر على الجنوب،وجرى التعامل معه كبلد محتل فتم نهب ارضه وثرواته وتحويل مواطنيه الى مواطنين من الدرجة الثانية،وصار ابناء الجنوب لا مكان لهم في بلدهم
استمرت المعاناة الجنوبية طيلة هذه السنوات،ولكنها تفجرت على شكل ثورة غضب يعبر عنها الحراك السلمي اليوم،حيث نزل الملايين الى الشوارع في كل الجنوب يرفعون علم دولة الجنوب السابقة،ويطالبون بحقهم في تقرير المصير، ورحيل الاحتلال.
2. ما هو أفضل حل للجنوب،وهل تفضلون قيام دولة مستقلة؟
نحن بصدد التحضير لمبادرة نتقدم بها إلى الامم المتحدة حول الوضع في الجنوب.وقد قطعنا شوطا هاما بالتشاور مع شخصيات قانونية وسياسية عربية واجنبية لاعادة طرح قضية الجنوب انطلاقا من قراري مجلس الامن الدولي 924و931،اللذين صدرا خلال حرب سنة 1994 ضد الجنوب.
ومثلما هو معروف فقد حدد هذان القراران مخرجا يقوم على دعوة طرفي الشراكة الوحدوية للحوار حول الصيغة المناسبة للطرفين،ورفض جواز فرض الوحدة بالقوة.ونحن اليوم نطالب المجتمع الدولي بتفعيل هذين القرارين مع الأخذ في عين الاعتبار المستجدات الراهنة.
اننا نناشد الامم المتحدة لتحمل مسؤولياتها، من اجل تشكيل لجنة لتقصي الحقائق مهمتها العمل على تحضير استفتاء في الجنوب ،وإن تطرح على الجنوبيين سؤالا واحدا،هل هم مع استمرار الوضع الحالي أم انهم مع تقرير المصير؟.إذا كانت ارادة الجنوبيين مع تقرير المصير، فلا اتصور ان هناك قوى دولية سوف تقف ضد ارادتهم وتجبرهم على الرضوخ للاحتلال.
3.هل يمكن ان يكون الجنوب دولة قابلة للحياة ؟
نعم يمكن ذلك، فالجنوب فيه كل المقومات اللازمة لبناء دولة قابلة للحياة،وهي الثروة البشرية والارض والموارد الاقتصادية.
سكان الجنوب بنوا دولة حديثة بعد الاستقلال عن بريطانيا سنة 1967،استطاعت ان تمحو الامية وتحصل على شهادة من الامم المتحدة بأنها الافضل على صعيد التعليم في العالم العربي،واعطوا المرأة حقوقها،واقاموا نظاما صحيا يعتمد على تأمين حياة المواطن،ووحدوا كافة السلطنات والمشيخات التي كانت قائمة في دولة واحدة ذات حدود معترف بها دوليا،وعاشوا في امان،وقبل ان يتوحدوا مع الجمهوريه العربيه اليمنيه كان اقتصادهم في صحة جيدة وبدأ ينفتح على قوانين السوق وقدمنا مشروع الاصلاح الاقتصادي الشامل،ولم تكن على دولة الجنوب ديون على عكس دولة اليمن التي لا يحكمها نظام ولا قانون حتى اليوم،فهي يديرها شخص واحد عن طريق الهاتف،أما مؤسسات الدولة فهي ليست سوى ديكور عام.
اليوم يمتلك الجنوبيون ثروة بشرية متعلمة ومدنية وحديثة،ولديهم ثروات نفطية وسمكية وزراعية،وبلدهم يمتاز بموقعه الجغرافي الهام والاستراتيجي، ومرفئ عدن اساسي في المنطقة،بالاضافة الى انهم يمتلكون ثروات مالية ضخمة في دول الجوار، وقد ابدى لنا الكثير من رجال الاعمال الجنوبيين استعدادهم للاستثمار في الجنوب بعد استعادة الاستقلال.ولذا فإن الجنوبيين قادرون ان يعيدوا بناء الدولة بسرعة كبيرة.
بكل صراحة اثبتت تجربة ال 19 سنة الماضية ان امكانية توحيد جمهورية اليمن الديمقراطيه الشعبيه والجمهوريه العربيه اليمنيه مستحيلة،ليس بسبب تعارض المشاريع السياسية فقط،بل بسبب اختلاف العقليات وطرق التفكير،ولست وحدي من يعترف بوجود الاختلاف.ولا اعني بذلك ان احدهم افضل من الآخر،ولكن طرق التفكير لا تلتقي بسبب اختلاف عوامل التاريخ والجغرافيا والتربية والمصالح والاعتراف بالآخر.
إن الحل المنطقي اليوم، الذي في صالح البلدين، هو العودة إلى نظام الدولتين السابقتين،أما الصيغة او العلاقة التي تربط بينهما فلنترك للشعبين ان يقرراها بكل حرية ومن دون قسر أو الزام.
4. ما هو حجم مخاطر اندلاع حرب أهلية جديدة في الجنوب ، بالإضافة إلى تلك القائمة ضد الحوثيين ؟
ليست هناك مخاطر لاندلاع حرب اهلية في الجنوب بين الجنوبيين،لأن الجنوبيين موحدون اليوم على هدف استعادة الاستقلال وبناء دولتهم المستقلة وعاصمتها عدن.إن الخطر الفعلي على الوضع في الجنوب هو ان يقوم نظام صنعاء بتفجير الموقف عسكريا من اجل افشال مشروع الحراك الجنوبي في الحصول على الاستقلال بطريقة سلمية.
لقد لاحظنا منذ عدة اشهر ان هناك استعدادات من طرف نظام صنعاء لتفجير الموقف في الجنوب،حيث شكل مجموعات عسكريه بلباس مدني للتخريب،وزاد من عدد قواته في الجنوب،واتخذ قرارا بمنع المظاهرات واستخدام الرصاص الحي ضد متظاهري الحراك السلمي، وقد سقط العديد من الشهداء والجرحى وآخرهم في مدينة عتق في الخامس والعشرين من الشهر الحالي ،عندما اطلق النار على المتظاهرين الذي كانوا يحتفلون بطريقة سلمية بعيد الاستقلال.
أعود وأكرر اننا من جانبنا نحن متمسكون بالاسلوب السلمي ،لكن ممارسات السلطة قد تفرض سقفاً جديداً. نحن نحاول اليوم أن نعطّل عضلات النظام القائمة على الدبابات والطائرات، ونقوم بالحراك السلمي لمنعه من الفتك بشعبنا كما فعل في صعدة.ولكن النظام اثبت انه لا يراعي هذه الاعتبارات،وهو يؤكد كل يوم ان ليس لديه غير القوة وسيلة لمواجهة الاوضاع المتأزمة في الجنوب .
نحن نحذر من ان سياسة القوة والحديد والنار قد تقود إلى قلب الطاولة على الجميع،فإذا كان النظام يواجه المتظاهرين العزل بالرصاص الحي،فمن يضمن ان صبر الناس على هذه الهمجية يمكن ان يستمر من دون رد،خصوصا وان السلاح موجود بوفرة؟.
أدعو الجميع لكي نحتكم إلى حل قضايانا بالحوار السلمي،وتحريم اللجوء إلى القوة،نحن من جانبنا ملتزمون بالخيار السلمي ولا نريد الانجرار الى نزاعات وحروب،ولكن قدرتنا على احتمال قتل أبناء شعبنا ليست بلا حدود.
5. إلى أي مدى تشارك الحوثيين مظالمهم؟
الوضع في صعدة مأساوي وخطير جدا ،فهناك تقارير صادرة عن منظمات انسانية دولية تتحدث عن وضع يفوق وضع دارفور خطورة،ولم اكن مبالغا حين قلت ان السلطة ارتكبت جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب،ولا بد من محاكمتها امام المحاكم الدولية.هناك اكثر من مائة وخمسين الف مواطن لم تصلهم المساعدات الانسانية مهددون مع قدوم فصل الشتاء،ولذا لابد من تحرك عاجل لاغاثتهم.
6. هل تشارك الرأي القائل بوجود مخاوف واسعة النطاق من ان تنظيم القاعدة يكتسب المزيد من القوة في اليمن؟
لا يمكن ان يكون الجنوب حاضنا لتنظيم القاعدة،فالناس هناك يفكرون بطريقة مختلفة وهم بعيدون عن التطرف،وقد عبرنا عن رفضنا لهذا التنظيم وتحركاته منذو ظهوره ,ولا أذيع سرا اذا قلت لكم ان العديد من زعماء تنظيم القاعدة هم ضباط في الرئاسة لدى علي عبد الله صالح،وهذا امر يعرفه الاميركيون والاشقاء في السعودية ومصر،وهم يعرفون من قام بتهريب الضالعين بالهجوم على المدمرة كول من سجنهم.ومن حكم معرفتي حين كنت في صنعاء فإن المسؤول عن كل هذه الشبكات هم متنفذين في سلطة صنعاء ،وكل ما يصدر عن هذه القاعدة في اليمن هو من تدبير اجهزة قصر الرئاسة،لذلك ادعو العالم والعرب ألا ينخدعوا بدعاية تهديد وخطر تنظيم القاعدة في الجنوب، لأن كلمة سر هؤلاء في القصر الجمهوري.
7. ما هو مستقبل علي عبدالله صالح؟
المستقبل الوحيد الذي يليق به هو ان يحاكم امام الشعب في الجنوب لان تجاوزاته لا تقل عن تجاوزات الرئيس العراقي السابق صدام حسين، والقضايا التي يجب ان يحاكم بسببها كثيرة.هناك ملف التفريط بمصير بلد بأكمله،فهو قاده من حرب إلى أخرى.وهناك ملفات الفساد ونهب ثروات البلاد ، واكبر القضايا الخطره اعطاء الاوامرباطلاق النار على المتضاهرين سلميآ وقتل الابرياء العزل من السلاح
اننا نناشد المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان ان تساعدنا في احقاق العدالة، لتقديم علي عبد الله صالح وعصاباته الى محكمة الجزاء الدولية على غرار ديكتاتور صربيا سلوبودان ميلوسوفيتش.
8. تحت أي ظروف سوف يمكنك العودة إلى اليمن؟
عودتي الى الجنوب مع اخوتي المنفيين ستكون قريبة بعون الله،والظرف المناسب تقرره تطورات الأشهر القادمة،فنحن نعمل على تصعيد نضالنا السلمي ليصل، الى مرحلة العصيان المدني الشامل،الذي سيطرد الاحتلال ويرفع راية الجنوب.