أبو هريرة يكلم الشيطان
الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) يجمع الحب ، الذي يجمع من الصدقة ، والتمر ، والرطب ، يجمعه في جرين ( حوش ) ويجعل له حارساً ، فجعل أبا هريرة يحرس هذا المال .
قال أبو هريرة : فأتيت أول ليلة أحرس في ظل القمر ، فأتى شيخ كبير ( الشيطان عليه لعنة الله ) ، فأقبل على عصا ، ومعه كيس ، فتكلم مع أبو هريرة ، فقال : أريد من مال الله ، أنا ذو عيال ، وأنا شيخ ( وفي لفظ البخاري أنه حثا دون استئذان ) فقبضه أبو هريرة ، وقال : والله لأرفعنك إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
قال : اتركني ( وشكا العيال وشكا الحاجة ) فأطلقه .
وفي الليلة الثانية أتى ، وأخذ يحثو من التمر ، فقبض عليه ثم تركه .
وفي الليلة الثالثة قال أبو هريرة : والله لأرفعنك إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
قال : يا أبو هريرة ، أخبرك بشيء إذا قلته في ليلة لا يقربك الشيطان .
قال : ما هو ؟
قال : آية الكرسي ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) (البقرة: من الآية255) سبحان الله ! فأخذها أبو هريرة ، وذهب إلى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وقال : يا رسول الله أتاني رجل كيت وكيت وكيت .
فتبسم ( صلى الله عليه وسلم ) وقال : ( تدري من تكلم من ثلاث يا أبا هريرة ) .
قال : لا .
قال : ( ذاك الشيطان ، أما إنه صدقك وهو كذوب )(1).
صدقك مرة ، ولكن كل مرة كذب ، إلا هذه المرة .
وفي الحديث قضايا :
أولها : المسلم لا يأنف من الفائدة ، والحكمة ضالة المؤمن ، يأخذها أنى وجدها ، يأخذها من الكافر ، ومن غيره ما دامت فائدة ؛ لأن لشيطان علم أبا هريرة آية الكرسي ، فما قال : لا آخذها لأنها من الشيطان .
ثانيها : أن الشيطان يتمثل بما يمثله الله فيه .
ثالثها : فضل آية الكرسي ، وأنها تقال عند النوم ، وأن من قالها لا يقربه شيطان بإذن الله .