زعيم «الجهاد» اليمني لـ «الشرق الأوسط»: «القاعدة» شماعة ولا علاقة لنا بالمقصوفين.. والجنوب فتن وتناحر
أبدى استعداده لدخول الحراك إذا «طبق الشرع».. وقال عن البيض والقيادات الجنوبية: عليهم التوبة أولا..
صنعاء: عرفات مدابش
انتقد خالد عبد النبي، القيادي البارز في تنظيم الجهاد الإسلامي المحظور في اليمن وزعيمه في أبين، الغارة الجوية التي أعلنت السلطات اليمنية أنها شنتها على معسكر للقاعدة في أبين الخميس قبل الماضي. لكنه نفى في الوقت ذاته علاقته «بالجماعة» المستهدفة بالقصف. واتهم عبد النبي الولايات المتحدة بالوقوف وراء ما سماها «جريمة المحفد» والتي قال إن معظم القتلى فيها من النساء والأطفال والشيوخ، مؤكدا أنها ليست المرة الأولى التي تجري في اليمن، وذلك بحجة «القاعدة»، وقال عبد النبي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن تنظيم القاعدة هو عبارة عن «مسمى وشماعة للمجازر التي ترتكب، حتى تعطي المبررات أمام الناس، ناهيك عن التشويهات والأكاذيب التي تقترف بحق كثير من الناس». وتعليقا على التعاون الأمني والعسكري بين السلطات اليمنية والولايات المتحدة قال إن السلطات اليمنية «بصراحة تسير في طريق غير صحيح، وكان الأولى بهذه القوات، أساسا، أن توجه تلك الضربات للمفسدين الحقيقيين الذين يريدون أن يخربوا البلاد ويفسدوا فيها، أما إذا ظهر شخص أو جماعة تدعو إلى تحكيم شريعة الله وإعادة الناس إليها فهذا ليس باطلا أو جرما». وكان عبد النبي يشير في اتهاماته إلى الضربة الاستباقية التي وجهتها السلطات اليمنية إلى «القاعدة» في غارة جوية يوم الخميس قبل الماضي، وأعلن في أعقابها أنه قتل 34 عنصرا من قيادات «القاعدة»، بينما قالت المعارضة اليمنية إن مدنيين قتلوا فيها. ورد نائب رئيس الوزراء اليمني الدكتور رشاد العليمي على ذلك في البرلمان يوم الأربعاء، معبرا عن الأسف لسقوط بعض المدنيين الذي جلبهم تنظيم القاعدة للقيام بأعمال الطبخ لأسرهم في المعسكر الذي استهدف بالقصف، مؤكدا أن أجهزة الأمن كان لديها معلومات مؤكدة بوجود معسكر لتنظيم القاعدة في المحفد بأبين. كما أكد استعداد الدولة لتعويض المدنيين في ضوء ما تتوصل إليه لجنة تقصي حقائق شكلها الرئيس اليمني. وأشار العليمي إلى أن تنظيم القاعدة نفذ 61 عملية في اليمن منذ 1992 ضد منشآت وسفارات وسياح، بما كبد اليمن خسائر سنوية تبلغ 144 مليون دولار. ونفى عبد النبي أن تكون له أية علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالجماعة التي استهدفت بالقصف في مديرية المحفد، ولكنه قال «أنا أتكلم كمسلم وهؤلاء مسلمون إخوان لنا والذين تآمروا عليهم الأميركان، ويجب على الشعب اليمني أن يفهم هذا الكلام».
كما نفى عبد النبي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» وجود أية علاقة تربطه بالدولة أو برموز فيها مثل اللواء علي محسن الأحمر، شقيق الرئيس علي عبد الله صالح، قائد الفرقة الأولى مدرعة، كما يتردد في اليمن، واعتبر تلك «إشاعات» من صنع «مصادر أمنية لأهداف في أنفسهم»، واستطرد قائلا: «أما بالنسبة لتحالفات، ما تحالفات، فالنبي (ص) يقول المرء يحشر مع من أحب، والذي يريد أن يكون النبي قائده، يعرف الطريق والذي يسلك مسلك بوش وأوباما، هو يعرف المآل»، كما تجنب الرد على أسئلة مباشرة تتعلق بموقفه من الوحدة اليمنية، خاصة أن العديد من رموز التيار الإسلامي في الجنوب ومنهم قيادات حزبية في حزب التجمع اليمني للإصلاح المعارض، انضموا علانية إلى الحراك الجنوبي الداعي إلى «فك الارتباط» بين شمال اليمن وجنوبه، لكنه قال «ما يسمونها الآن مسألة جنوبي وشمالي وانفصالي وكذا قضايا كثيرة متشعبة، والحقيقة أن هذه الأمور كلها عبارة عن مخالفات شرعية»، وردا على سؤال حول الحدة التي اتسمت بها إجاباته، قال «نحن ضد العنصرية والدعوات الجاهلية، لأنها ضد الشريعة، والشريعة جاءت لتجمع الناس، ولم تأت لتفرق المسلمين»، لكنه في الوقت ذاته، أردف: «في الحقيقة الواقع هو الذي يتكلم، ما رأينا منهم إلا الكذب وعدم المصداقية، ما رأينا منهم إلا الظلم، وهذا هو ما جعل أطرافا كثيرة جدا تستغل عواطف المواطنين في المناطق الجنوبية وتثيرهم على الدولة باسم الحراك والانفصال»، كما أنه يرى أن الحل هو بالعودة إلى الإسلام.
وتحدث خالد عبد النبي عن «الحراك الجنوبي» وما تشهده الساحة الجنوبية واعتبر أنها «فتن وفوضى وتناحر»، كما اعتبر الدعوة إلى «الانفصال» ترجع إلى «الظلم والعنصرية، أخذ أموال الناس، نهب الأراضي، التسلط والهمجية، استخدام العنف والقوة، القضاء الفاسد، الأمن الفاسد، وأسباب كثيرة جدا، وفي الحقيقة عندما تنظر إلى أحوال الشعب في المناطق الجنوبية، ممكن أن تعذرهم لأنهم يطالبون بالانفصال، لأن الدولة هي من أعطت أبناء الجنوب هذه الأعذار لأنها قصرت في أشياء كثيرة، حتى أنهم انفجروا وخرجوا إلى الشوارع ومنهم من يخرج بالسلاح من أبناء الشعب، المواطنين».
ورغم ما سبق من طروحاته، فإن عبد النبي نفى نفيا قطعيا وجود أي اتصالات بينه وبين نائب الرئيس الأسبق علي سالم البيض وغيره من القيادات الجنوبية المعارضة في الخارج، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هؤلاء في واد ونحن في واد، وهؤلاء معروفون وتاريخهم أسود وأيديهم ملطخة بدماء أبناء الشعب اليمني، وأفكارهم ملوثة، سوداء من تراث الحزب الشيوعي، ولدينا كمسلمين، ليس لهم مكان إلا أن يتوبوا ويرجعوا إلى الله»، حسب قوله، وحول علاقته بالشيخ طارق الفضلي ابن محافظته وزميل منهجه وفكره وجهاده والذي بات «حراكيا»، أكد أن علاقته به «عادية جدا» وما يربطهما علاقة «المجاورة» كأبناء مناطق متجاورة وعلاقة «مصاهرة»، معتبرا التحاق الفضلي بالحراك «رأيه وطريقه، إذا اختار هذا الطريق، واعتبره الأنسب».
أما عن علاقته بالشيخ عبد المجيد الزنداني، فلم يرد واكتفى بالدعوة بأن «يحفظه الله» وبأنه «من أفضل العلماء المسلمين».
وفي رد ضمني عن احتمال التحاقه بالحراك الجنوبي مستقبلا، رد بالقول: «لا أحد يستبق الأحداث أو أي شيء»، ولكنه اشترط أن «يكون الأمر خاضعا لشريعة الله وكل ما كان الأمر خاضعا لشريعة الله فنحن معه، سواء باسم الحراك، أو باسم الدولة، من خضع للشريعة فنحن معه»، لكنه أضاف أنه «إذا لم تلتزم الدولة بالشريعة» فإنهم مع الحراك الجنوبي «إذا كان سيطبق شرع الله».
وفي حين تزداد المخاوف من قيام جماعات كالتي يقودها خالد عبد النبي في مدينة جعار بمحافظة أبين، بأعمال إرهابية ضد الأجانب والمصالح الأجنبية، يرد الجهادي عبد النبي بأنهم «حتى الآن ليس لنا أي نشاط، ولكني أشتم رائحة من خلال ما ينشر في الجرائد الرسمية بأن هناك عناصر أمنية أو مدسوسة في الأمن، تريد أن تستدرجنا إلى الساحة، ولكن إذا ضيقوا علينا وما تركونا في شأننا ونحن مشغولون في الدعوة إلى الله، فلن نكون سوى مدافعين عن أنفسنا، سواء ضد الأميركان أو غيرهم وحتى القوات اليمنية وهذا حق شرعي لنا»، مؤكدا أنهم وفي دعوتهم، حاليا، متفرغون للدعوة، نافيا أن يكون هو أحد الأشخاص الذين ظهروا في التسجيل المصور الذي بثته الفضائيات، قبل أيام، يتوعد باسم «القاعدة»، الحكومة اليمنية والأميركيين، وقال «إن ما نشرته بعض الصحف الرسمية اليمنية، غير صحيح إطلاقا وكذب».
المصدر : صحيفة الشرق الاوسط