أن
معادلات الخوف التي صنعتها القوى الدولية شكلت ووسمت علاقة شعب الجنوب
بجواره, ولقد عانى من تلك المعادلات ومازال يعاني إذ قست عليه معادلات
الحرب الباردة وتخلى الجوار عن مسؤوليات النصرة بل لم يفرق بين شعب سني
مسلم وسلطة سياسية طارئة فرضتها معادلات تلك الحرب .
ولم
يتدخل أيضا لاحتواء نتائج تلك الحرب أو حتى مساعدة شعب الجنوب في احتواء
أثارها حتى أصبح يرزح تحت نظام يعارضه شعب الجنوب بحراك سلمي لكن النظام
بمؤسساته ووسائله المتعددة وعلاقاته كدوله يريد أن يعرض نضالهم السلمي في
"بازار"الحرب العالمية على الإرهاب ويجعله جزءا من معادلات تلك الحرب, وان
على دول الجوار حكاماً و شعوباً بان تفرد خصوصية لمحافظات الجنوب وإلا
فإنها سترتكب خطيئة أخرى في حق هذا الشعب إذا ما ساندت النظام ودعمت رغبته
في أن يجعل أبناء الجنوب جزءا من وقود تلك الحرب .
أن
تضخيم حجم القاعدة في محافظات الجنوب ما هو إلا وسيلة دفع بها النظام لخلط
الأوراق السياسية والهروب من استحقاقات حراك الجنوب السلمي بعد إن بدا
صوته يفتح ثغرات في الأسوار الأمنية والاستخباراتية والسياسية والحزبية
والإعلامية والدبلوماسية وحتى الاستثمارية والتجارية ... الخ وهي أسوار
احكم النظام بناءها لكي تمنع الحراك أن يصل بأهدافه - التي لا علاقة لها
بأجندة القاعدة – إلى المحافل الإقليمية والدولية وجند لتلك المهمة سيادته
ومؤسساته على محافظات الجنوب وكذا مراكز بحوث وباحثين ومحللين ومراسلين
وأكاديميين وصحفيين وقله قليله من مشائخ محليين مأجورين حولهم إلى حناجر
مبحوحة تفتقد شرف مهنية البحث والباحث والمحلل والمراسل وهيبة الشيخ
ومكانته بل تقوم بدور تكميلي لأجهزة الأمن والاستخبارات في التلفيق
واختلاق الوقائع فهي لا تنقل حقيقة مايجري في الجنوب كما هو بل كما تريد
تقارير أمنها السياسي والقومي أن يفهمه العالم والجوار عن الجنوب وحراكه
السلمي .
أن القاعدة في هذه
المرحلة في الجنوب ليست إلا صنيعة مخترقة من المؤسسات الأمنية للنظام حيث
ظل يرعاها خلال عقدين من الزمن تحت مسمى "سياسة الدمج في المجتمع" وهو
ألان يبعثها ويوجهها لتصفية حساباته مع الحراك السلمي الجنوبي سواء باتفاق
مع قيادات القاعدة أم بغيره . إما مسالة الضربات النوعية ضد الإرهاب فان
حصيلتها دماء وأشلاء لعشرات من شيوخ ونساء وأطفال أبرياء ولا مانع لدى
النظام أن يضحي بفرد أو اثنين من قاعدته ممن استهلكوا دورهم أو إن تصفيتهم
أصبحت ضرورة لأمن النظام .
أن
الإيمان والعقلانية يتطلبان من الجوار إن يتعظ من "الحوثية" التي صنعها
النظام - باعترافه - وقواها وأراد بها أن تواجه السلفية والإخوان في
حساباته السياسية الداخلية ولما استقوت ولم يجاريه الإخوان والسلفية في
أهدافه ومكائده انقلب السحر على الساحر فدخلت الحوثية في ستة حروب مع
النظام لأنها سارت وفقا لأجندتها وما فرضته المظلوميات الواقعة عليا وهي
في الحرب الأخيرة طرقت أبواب الجوار وعندها قال النظام إمام الملا : أن
الحرب الفعلية على الحوثية قد بدأت ألان . وان النظام في بعثه للقاعدة في
هذه المرحلة إنما يريد أن يجيش الإقليم ويستقوي به لسحق الحراك السلمي
الجنوبي وسفك دماء حاضنته الشعبية التي يطحنها الفقر والعوز في معركة لا
علاقة لها بالإرهاب والحرب عليه .
أن
النظام بأساليبه الباطنية وممارسات التقية السياسية التي هي جزء من ثقافته
وعقيدته إذا ما استطاع ان "يفبرك" الوقائع ويقنع الجوار والعالم بان حربه
الحالية في محافظات الجنوب ضد القاعدة فان الجوار خاصة بنخبه السياسية
ومراكز بحوثه وأجهزة أمنه واستخباراته لا يملك المعلومات الصادقة الحقيقية
التي يصنع بها رؤية حقيقية لمفردات الخريطة المذهبية والاثنية والسياسية
وكذا الحجم الحقيقي للقاعدة في جزيرة العرب وأماكن تواجدها الفعلية وان
ترك محافظات الجنوب لعبث تخريجات النظام وتصنيفاته سوف يخلق بؤر خطرة
مدمرة بل انه قد يخلق قاعدة حقيقية لا تخضع لتخريجات النظام وتقاريره ,
وعندها سوف تشتعل الأجندة اشتعالاً حقيقياً وسوف يصطلي الجوار لا محالة
بنارها وقد يخرج النظام عندما تصل نار الإرهاب فعلياً للجوار ليقول على
رؤوس الإشهاد : إن الحرب الفعلية على الإرهاب قد بداءت ألان .