أود من خلال هذه القصص أن أنقل لكم بعض العبر والمواقف التي نسيناها أو نتناسها البعض في حياتنا اليوميّة:
الموقف الأول:
كان رجلاً عجوزاً جالساً مع ابن له يبلغ من العمر 25 سنة في القطار . وبدأ الكثير من البهجة والفضول على وجه الشاب الذي كان يجلس بجانب النافذة.
أخرج يديه من النافذة وشعر بمرور الهواء وصرخ "أبي أنظر جميع الأشجار تسير ورائنا"!! فتبسم الرجل العجوز متماشياً مع فرحة ابنه.
وكان يجلس بجانبهم زوجان ويستمعون إلى ما يدور من حديث بين الأب وابنه . وشعروا بقليل من الإحراج فكيف يتصرف شاب في عمر 25 سنة كالطفل!!
فجأة صرخ الشاب مرة أخرى: أبي ، انظر إلى البركة وما فيها من حيوانات، أنظر .. الغيوم تسير مع القطار. واستمر تعجب الزوجين من حديث الشاب مرة أخرى.
ثم بدأ هطول الأمطار ، وقطرات الماء تتساقط على يد الشاب ، الذي إمتلأ وجهه بالسعادة وصرخ مرة أخرى ، أبي إنها تمطر ، والماء لمس يدي ، انظر يا أبي.
وفي هذه اللحظة لم يستطع الزوجان السكوت وسألوا الرجل العجوز: لماذا لا تقوم بزيارة الطبيب والحصول على علاج لإبنك؟
هنا قال الرجل العجوز: إننا قادمون من المستشفى حيث أن إبني قد أصبح بصيراً لأول مرة في حياته .
سبحان الله .. دائماً ما تنتابنا الفضولية و الاستعجال في الحكم على مشهد ما في حياتنا اليومية فما ضرّنا لو تريّثنا حتى تتضح لنا صورة هذا المشهد عن قرب..
الموقف الثاني:
أنّه وقف أحدهم عند إشارة المرور فإذا به يسمع صوتاً عالياً لأغانٍ غربيةٍ فتحيّر من أين هذا الصوت!! و أخذ يلتفت يبحث عن مصدره فإذا هو من السيارة المجاورة..
و إذ بصاحبها قد زاد صوت المذياع إلى أعلى درجاته حتى أسمع البعيد و القريب..
فأراد تنبيهه بضرب منبه سيارته محاولاً أن يخفض صوت مذياعه لكن الرجل لم يلتفت ..
وازداد العجب ..عندما رأى رجل كبير ويظهر عليه الوقار مما جعله يصر على نصيحته ،فمشى خلف سيارته حتى توقف أمام أحد الدكاكين ، و بعد أن اشترى حاجته ، لم يصبر فناداه.. ومع ذلك لم يردْ عليه ، فنزل من سيارته غاضباً و نظر الرجل إليه عندما أقبل إليه مبتسماً ، ثم شغل سيارته فاشتغل المذياع مباشرة بصوت مزعج جداً ..
فثار و قال له :يا أخي حرام عليك ..أزعجت الناس فازدادت ابتسامة الرجل..ثم أخرج دفتراً صغيراً مكتوب على أول ورقة منه: أنا رجل أصم لا أسمع ..
فضلاً اكتب ما تريد..!!
حقاً (و كان الإنسان عجولاً)
فواجب علينا أن ننتبه حتى لا تغلب عجلتنا تؤدتنا..
ما أكثر ما نقفز إلى خلاصات زائفة لأننا نظن أنا ما عندنا من علمٍ كافٍ (وحده) للحكم واستخلاص النتائج.
كثيرٌ من قناعاتنا مغلوطة لأنها مجرد نتيجة لتسرعنا في الحكم على الآخرين والولع بتصنيف الناس بحسب ما يظهر من سلوكيات ، قد تكون آنية ولها ما يبررها في وقتها.
كم من مشاهد ومواقف مرت علينا بنينا عليها أحكاماً متسرعة ، ثم تحولت هذه الأحكام إلى قناعاتٍ تعلوها أيقونات موسومة بعبارة: خطر ممنوع الاقتراب !
في النهاية (إن الظن لا يغني من الحق شيئاً)
يقال:
لا تستخلص النتائج حتى تعرف كل الحقائق..
مع تقديري لكل الآراء .................................الهدالية
