هكذا
تتخلى السلطة من تحمل مسئولياتها
2010/05/02 الساعة 18:02:43
د.عيدروس نصر النقيب
آخر الطرف السياسية (جمع طرفة) ما تقدمت
به السلطة اليمنية من طلب تجاه أحزاب المشترك بتسليم عدد من الشخصيات
الجنوبية على خلفيات مختلفة تتركز في الاتهامات التي توجهها السلطة لهؤلاء
الناشطين.
لن نتحدث عن فرضية براءة البعض من الاتهامات الموجهة لهم ـ
وإن كنت شخصيا أعرف الغالبية من الأسماء الواردة في القائمة ممن لا نشاط
لهم سوى الاشتراك في الفعاليات الاحتجاجية السلمية التي تنظم في العلن
وتصورها القنوات الفضائية وتنشرها الصحف المحلية وتعلن بياناتها ومطالباتها
على الملا دونما مواربة أو تزويغ.
ومع هذا سأتحدث من فرضية إن هؤلاء متهمون المفروض أن يقدموا
للقضاء اليمني الذي يفترض أنه قضاء مستقلا عادلا لا يعاقب إلا المجرم ويطلق
سراح الأبرياء، فما الذي تريده السلطة من إعلان هذه القائمة، ولماذا تتوجه
بطلبها هذا إلى الأحزاب السياسية التي جزء كبير من كوادرها مطارد بتهم ما
أنزل الله بها من سلطان، ولماذا لا تتجه السلطات بأجهزتها الأمنية التي
تعتقل في بعض الأيام الآلاف من الناشطين المدنيين، وما تزال حتى اليوم
تحتفظ بالمئات من الناشطين السياسيين في سجونها دونما تهمة محددة ودونما
دعوى قضائية ودونما محاكمة ودونما سماح لهم بأبجديات إجراءات التقاضي وهي
اختيار المحامي والسماح له بزيارتهم.
إنها آخر التقليعات السياسية التي أطلت علينا بها سلطاتنا
الموقرة لتثبت عجزها عن القيام بمهماتها والطلب من الآخرين القيام بهذه
المهمات وذلك هو الغرؤض الأول من هذه الخطوة.
أما الغرض الآخر من هذا الطلب فهو التمهيد لعملية قمعية قد
تقدم عليها السلطة وأجهزتها الأمنية تجاه الناشطين السياسيين وتحويل الجنوب
إلى سجن كبير لاعتقال كل من لا تروق للسلطة سلوكهم ومواقفهم السياسية.
ودعونا نطل على وجه آخر للقضية: إن السلطة تتحدث عن الاعتداء
على جنود وقتل مواطنين أبرياء والاعتداء على ممتلكات ومحلات تجارية تعود
لمواطنين شماليين، وجميع هذه الأفعال التي حصلت منذ أشهر قد أدانها الجميع
من أحزاب المشترك حتى فعاليات الحراك السلمي وقد سمعنا الكثير ممن نسبت
إليهم هذه الأفعال ينكرون إقدامهم على ارتكابها ويدينونها، لكن يظل السؤال:
لما لا تقوم السلطة بإحالة هؤلاء المتهمين إلى القضاء ليقول كلمته ويدين
من تثبت إدانته ويبرئ من تثبت براءته؟
إن السلطة لا ترغب القيام بذلك لأنه سيكشف الكثير مما وراء
الأكمة مما ترغب السلطات الأمنية إبقاءه طي الكتمان حتى إشعار آخر.
ومن حقنا أن نتساءل: أهذه هي فقط حالات القتل والاعتداء التي
أزهقت فيها الأرواح وأريقت فيها الدماء؟
ألم تسمع سلطاتنا الموقرة بحادثة الاعتداء على المواطنين
العزل من السلاح من قبل القوات الخاصة وقوات الأمن المركزي وقوات الطيران
وغيرها من الأسماء التي لا حصر لها والتي استخدم فيها القنابل الدخانية
والرصاص الحي والآر بي جي، وصواريخ البرشينج والكروز، سواء في ساحة الهاشمي
أو مدينة الضالع، وفي طور الباحة ومنصة الحبيلين ومدينة المكلا، ومنطق
المعجلة ومدينة زنجبار في أبين، وفي مدينة عتق ومنطقة رفض بشبوة والتي راح
ضحيتها أكثر من ثلاثمائة مواطن جنوبي، ناهيك عن أكثر من خمسمائة جريح جرحوا
في اعتداءات مباشرة وبالرصاص الحي من قبل قوات الحكومة، فضلا عن تدمير
المنازل وقتل الحيوانات، أليست لهؤلاء أرواح يفترض صيانتها والقصاص لها ممن
أزهقها؟ أليس هؤلاء مواطنين يمنيين يستحقون أن تطالب السلطة بالإمساك
بقتلتهم؟ ولماذا لم تطلب السلطة من أحزاب المشترك القبض على الوزراء الذين
وجهوا بقتل هؤلاء المواطنين؟
إن السلطة الموقرة في بلادنا تتستر على المجرم وتطلب من طرف
من الضحية القبض على الطرف الآخر من نفس الضحية، وكما يعلم الجميع إن
الأحزاب السياسية وحركة النضال السلمي ليست مسئولة عن الملف الأمني وأن
لدينا من الأجهزة الأمنية ما هو معلن وما هو غير معلن ما يكفي لحماية الأمن
في أكثر من أربعة بلدان بحجم اليمن لكن هذه الأجهزة مشغولة بحماية
المسئولين الكبار الذين نهبوا أراضي الحديدة وعبثوا بثروات الجنوب وقتلوا
أبناء لحج وأبين ويافع وردفان وصعدة وشبوة وحضرموت ودمروا دولة الجنوب
وتقاسموا منشآتها، ولذلك فهي ليست مشغولة بحفظ الأمن وترغب في تحويل
الأحزاب السياسية إلى شرطة تقوم بالمهمات التي لا تريد القيام بها.
برقيات:
· ما تعرض له المواطن اليافعي فارس المشألي على يد قوات الأمن
في منطقة العسكرية يؤكد أن القائمين على أجهزة الأمن لم يتعظوا من دروس
الماضي القريب والبعيد في الاستخفاف بأرواح الناس واتقاء شر الفتنة النائمة
التي لعن الله من أيقضها.
· قال الشاعر الكبير محمد عبده غانم:
أماه هل فجرٌ يبـــــــدّد من مسالكنا الظلاما
هل رحمةٌ تحـيي المحـبةَ والعدالةَ والسلاما
أو لا فهل من نقمةٍ تجتاح من نقض الذماما
وتذيقه الحتف
الوبيل وتنــثر الباغي حطاما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* رئيس
الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي اليمني