قضية الجنوبية رؤية وطنية
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض عام
يمر الجنوب اليوم بلحظة تاريخية هامة ، وهو يقف على مفترق طرق،وليس هناك خيارات كثيرة،فهو أما أن يكون أو لا يكون،وهذه هي المشكلة.إما أن يذهب بالفرصة التاريخية التي صارت بين يدي ابناءه اليوم نحو نهايتها على طريق استعادة حقوقهم الوطنية الثابتة والمشروعة في تقرير مصيرهم، واسترداد ارضهم المنهوبة، والحفاظ على هويتهم الخاصة التي تتعرض للطمس والالغاء والتذويب ،أو يتم تضييع هذه الفرصة بالركض وراء سراب أوهام،لا يقل تأثيرها فداحة على المشروع الوطني الجنوبي، من تلك الآثار السلبية التي ألقت بظلالها على النضال الوطني الفلسطيني،الذي وقع في فخ الأوهام،وفوت على الشعب الفلسطيني فرصة جني ثمرة نضاله وتضحياته وصموده المتواصل منذ ستين سنة.
إن قضية أهل الجنوب اليوم أمام منعطف حرج لعدة اسباب:
الأول/ انهم يخوضون مواجهة في ظل جو عام تختلط فيه الاوراق، وتتعدد فيه الاجتهادات وتكثر بالونات الأوهام.فمن جهة هناك من يزايد عليهم من الداخل والخارج بقضية الوحدة والانفصال،دون أن يرى ان لهم حق تقرير مصير بلادهم وفق الصيغة التي يرونها مناسبة.ومن جهة أخرى هناك من يحاول أن يحرف مسار حراكهم السلمي عن هدفه العام، من خلال التلويح بتسويات قصيرة النظر،مجحفة ومشبوهة ومبيتة،يجري طبخها فعليا في مطابخ صنعاء،وكلها تصب في خانة تبريد الساحة الجنوبية مؤقتا، وتشتيت قواها التي باتت ملتحمة من وراء القرار الذي اتخذه الرئيس علي سالم البيض ب"فك الارتباط" في 21 /مايو سنة 2009.
ثانيا/لقد وصلت تجربة الحراك الوطني الجنوبي إلى مكان متقدم بعد ثلاث سنوات من النضال والتضحيات الكبيرة،وقد جرى تثبيتها على الارض بفضل تضحيات الشهداء والجرحى والمعتقلين والمطاردين والمنفيين،وبدفع من تكاتف ابناء الجنوب من وراء هدف واحد ووحيد،وهو تقرير المصير،واستعادة دولتهم على اساس قرار "فك الارتباط"، الذي هو قانوني بكل المواصفات الدولية،كون النظام الاتحادي الذي جرى الاتفاق على قيامه بين دولتي اليمن الديموقراطية الشعبية والجمهورية اليمنية وفق اتفاق /نوفمبر عام 1989،انهار بسبب اعلان علي عبد الله صالح الحرب على الجنوب واهله في 27 ابريل سنة 1994،والتي كانت نتيجتها فرض واقع احتلالي بالحراب والدم.
وهنا يجدر التوقف عند علامتين هامتين: الأولى هي ان العودة إلى الوراء غير مقبولة،كما هو الأمر بالنسبة للوقوف في منتصف الطريق،والخيار الوطني الوحيد هو الذهاب الى الامام.وهذا لا يعني ان الحراك يرفض التسوية السياسية في المطلق،بل هو لا يمكن ان يدخل في مساومات وصفقات سياسية على حساب الحقوق الثابتة.
ولعل العاقل والمراقب الوطني النزيه يدرك تماما انه بقدر ما أن هناك مهمة نقلة نوعية هامة ملقاة على عاتق الحراك تسبق أي حديث آخر،بقدر ما انه يتوجب على الباحثين عن تسويات مؤقتة أن يغلبوا الرؤية الوطنية على أي اغراء بحل قد لا يأتي بغير كارثة جديدة على الجنوب واهله وقضيته.
والنقطة الثانية هي ان قرار فك الارتباط الذي اتخذه الرئيس علي سالم البيض قد وضع الحراك ضمن كادر قانوني شرعي،كون الرئيس علي سالم البيض هو الذي وقع اتفاق الوحدة سنة 1990،وبالتالي ان ذلك يسقط عن القضية الجنوبية كل النعوت السلبية التي لا تنفك صنعها ترميها بها،لكونه يميز بين "فك الارتباط" والانفصال كمفهومين وواقعين مختلفين.
ويتعين على الجنوبيين ان يتمسكوا بهذه الورقة بقوة، لأنها هي المدخل والمفتاح لاستعادة حقوقهم من وجهة نظر قانونية وشرعية على الصعيدين الاقليمي والدولي،ولحسن الحظ ان هذا الامر انعكس جليا من خلال استجابة الشارع العام الجنوبي لهذا الامر،فهو عبر بحسه الوطني التلقائي،عن التفاف وإجماع تام من وراء هذا التوجه.فالشرعية الجنوبية هي تعبير عن الحق في وجه سلاح القوة الذي لا تمتلك صنعاء غيره ،كما ان تثبيتها على الارض مستمد من وراء سير الشارع الجنوبي من خلف قرار "فك الارتباط"، وقبوله به طوعا وتبنيه كخيار وحيد من دون قسر أو إكراه.وأحد أسباب قوة هذه الشرعية انها ليست مفروضة على الناس،بل هي خيار سياسي هدفه تحقيق الهدف الوطني لكافة ابناء الجنوب.
ثالثا/ طور الحراك الوطني السلمي من اساليب عمله منذ قرار فك الارتباط،وتعددت اساليب عمله، بين المظاهرات والاضرابات والفعاليات ذات الطابع الشعبي والعمل الميداني،وصار الناظر اليه يرى فيه حركة مد يتعاظم موجة وراء موجه،وهو في كل مرة يضيف الى رصيده العام نقاط جديدة ،فمن جهة يتجذر في التربة الجنوبية ويتغلغل في عقل ووجدان كل جنوبي،ومن جهة ثانية يعلو صدى صوته ليصل إلى اسماع العالم قاطبة.
ولعل المراقب يلاحظ مدى الاهتمام الاعلامي العربي والدولي بقضية الجنوب منذ قرار "فك الارتباط" حتى اليوم،والأمر المهم هنا هو ان هناك اجماعا وسط الرأي العام الاعلامي على ان الحراك الوطني الجنوبي هو تعبير فعلي عن توق الجنوبيين للانعتاق من الاحتلال،وأن ما يصدر عن صنعاء من مواقف غير مقنع،ويفتقر للحجة،وهو ليس سوى "بروباغندا" بالية قائمة على تراث في تزوير الحقائق و"شيطنة" الخصوم.
إن الحراك اليوم محط مراقبة عربية ودولية،وقد تطورت المواقف حياله من عدم الاكتراث في البداية، إلى ابداء الاهتمام وحاليا التفهم،وهذا ما انعكس في المواقف السياسية الاقليمية والعربية والدولية منذ مطلع هذه السنة وحتى الآن،وتجلى في صورة اساسية في "مؤتمر لندن"، الذي انعقد في السابع والعشرين من /يناير الماضي،حيث تحدثت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بصراحة ووضوح عن القضية الجنوبية.وقد شكل ذلك مؤشرا هاما،وسيبقى كذلك،طالما ان المجتمع الدولي قد وضع نظام صنعاء تحت المراقبة،وصار يتعامل معه بوصفه المسؤول المباشر عن توليد وانتاج الأزمات.
رابعا/ لقد بات واضحا اليوم لدى الاطراف العربية والدولية بأن المعنى العميق للقضية الجنوبية هو حق تقرير المصير لأهل الجنوب،وصار جليا من دون أي شك بأن المرادف الحرفي لحراك الجنوبيين هو استعادة دولتهم،وأن المحرك الفعلي لهم هو فشل المشروع الاتحادي مع الشمال،والذي تحول إلى احتلال صريح،لا يختلف عن أي احتلال آخر مهما تفنن في اساليب التمويه والخداع والتزوير.
انطلاقا من هذه الاسباب الاربعة يجدر بنا التوقف والنظر إلى الموقف بروية، من اجل تمييز ما هو صالح لنا كجنوبيين وما يضرنا،ما هو ممكن وماهو غير ممكن،في أي الطرق يجب أن نذهب وأي الطرق يجب ان نحرم على انفسنا سلوكها،ما يمكن قبوله وما علينا رفضه،ما هو الاساسي بالنسبة لنا وما هو الثانوي.؟
قبل محاولة الدخول في ثنايا وتداخلات هذه الاسئلة،لابد من تسجيل مبدأ أساسي وهو تحريم المساومة على القضية الجنوبية أو التعامل معها بخفة أو التفريط بها،فالناس الذين ضحوا ويضحون على الأرض قد حددوا سقفا واضحا، لكل من يريد أن يدلي بدلوه في عملية ايجاد حل وطني ومشرف، ينصف اهل الجنوب ويعيد لهم حقوقهم المسلوبة.
الخيار السلمي
لقد برهنت تجربة الحراك الوطني الجنوبي خلال السنوات الثلاث الماضية على صواب الخيار السلمي في تعامل اهل الجنوب مع وجود الاحتلال،ورغم محاولات صنعاء المتواصلة لحرف الحراك عن هذا الخط فإن وعي شعبنا في الجنوب فوت عليها الفرصة،وحشرها في الزاوية.وقد تبين من خلال المعاينة الدقيقة مدى التأثير الذي تركه هذا النهج على الصعيد الخارجي،وتجلى ذلك من خلال فشل نظام الاحتلال في تسويق وصف حركة شعبنا بالتخريبية والارهابية. فهو لم يتمكن من اقناع احد بأن الحراك الوطني الجنوبي عبارة عن هبة عابرة هدفها التخريب وهز الاستقرار،بل ان الاعلام الدولي برمته يقف على مسافة بعيدة عن هذا الطرح،وما يثلج صدور ابناء الجنوب ان الاعلام عكس قضيتهم على نحو صحيح،وهذا امر أخذ يترك اثرآ لدى صناع القرار السياسي.
بات اليوم واضحا للعيان ان هناك شعبا برمته ينزل الى الشارع ليقول اننا لا نريد هذا الجيش الاجنبي المحتل، ولا هذه الجحافل الامنية التي تمارس قتل الابرياء وتهدم بيوتهم وتحرق أرزاقهم،اننا نرفض كليا هذا الواقع المفروض علينا بقوة السلاح،وبالتالي نحن نريدكم ان ترحلوا عن ارضنا وتخرجوا من حياتنا،وهذا مكسب سياسي واخلاقي كبير تحقق بفضل التضحيات والوعي الجنوبي،الذي عبر عن حس مدني عال من جهة، ومن جهة ثانية عن مسؤولية ونضج في رؤية الهدف الاكبر، كما كشف وعرى الواقع المزيف، وعكس صورته الحقيقية بوصفه احتلالا قائما على منطق القوة.
إن تعزيز الخيار السلمي المدني واجب وطني جنوبي قبل كل شيء،وهو يتطلب منا التحرك في عدة اتجاهات:
الاتجاه الأول ، هو تعزيز الوعي الجنوبي في أهمية هذا الخيار،والعمل على تحصين النفس ضد محاولات جر الحراك إلى فخ ردود الفعل غير المحسوبة من اجل ضربه عسكريا.ثانيا،يتطلب الامر منا العمل في اوساط الناس من اجل تقديم صورة ناضجة ومسؤولة عن الحراك ، وهذا يستدعي بناء مؤسسات ولجان تتولى ادارة شؤون الناس ميدانيا سياسيا واعلاميا واقتصاديا.
والاتجاه الثالث هو العمل على ابتكار وسائل واساليب وطرق عمل لتطوير الاحتجاج السلمي، ليصل الى نوع من المقاومة المدنية الشاملة، التي تنخرط فيها كافة فئات الشعب، وعلى جميع المستويات السياسية والاعلامية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.وهنا في وسع كل جنوبي أن يؤدي قسطه من الاحتجاج بدءا من التظاهر في الشارع، الى مقاطعة بضائع الاحتلال، ورفض التعامل مع جنوده ورجال امنه ورموزه السياسية والاقتصادية والاجتماعية،وعدم الانصياع إلى أوامره في ميدان الوظيفة العامة،ونخص بالذكر ابناء الجنوب في الجيش والامن،وندعو هؤلاء بأن يرفضوا اطلاق النار على اهلهم،وأن يراجعوا انفسهم بضمير وطني.
رابعا،إن المحصلة المنطقية لهذا العمل سوف تقود إلى حرق اوراق الاحتلال بالتدريج،وتبطل من مفعول قوته بصورة تلقائية،وتعزله كليا.لقد كسر الحراك الوطني السلمي حاجز الخوف،وبقي ان نرتقي بالوضع الحالي إلى مصاف العصيان المدني الشامل،الذي سيكون بمثابة الموجة الأخيرة، التي سوف تجرف الاحتلال وتلقي به خارج حدود بلادنا.
إن كل من يعي التاريخ جيدا،وينظر اليه من منظور الحق الوطني، لابد أن يجد في الحراك الوطني الجنوبي مسألة هامة، وهي ان شعب الجنوب اليوم في طوركتابة تاريخ جديد على اسس الحقوق الوطنية في ارضه وثرواته،وسيكون اليوم الأول في هذا التاريخ هو يوم رفع علم الاستقلال الثاني.
في الماضي القريب، أدى انهيار النموذج السوفياتي وشيوع الأفكار الديمقراطية وقيم الحريات وحقوق الإنسان، إلى تنامي حس إنساني عام راغب في محاكمة أساليب الصراع السياسي ومعايرتها أخلاقياً، ولم يعد مقبولاً اللجوء إلى وسائل غير مشروعة إنسانياً أو لا ديمقراطية من أجل تحقيق هدف أو غرض سياسي ما، الأمر الذي ساعد على حضور موقف عالمي مؤثر يأنف العنف، ويضع حياة الإنسان وحريته في مركز كل اهتمام.
إن طريق القتل والعنف التي تسلكها جحافل صنعاء ضد أهلنا في الجنوب مسدودة، وهي عار انساني وسياسي واخلاقي عليهم ،لأنها مليئة بالآلام والنكبات،وهذا ما سوف يدفع ثمنه محترفي الجريمة في صنعاء حين تدق ساعة الحساب،ويوم يساقون أمام العدالة لينالوا جزاءهم على كل ما اقترفوه من جرائم وانتهاكات وتعديات على شعب الجنوب وثرواته.
الوحدة الوطنية
برهن الحراك الوطني الجنوبي على ان مصدر قوته الاساسية هي وحدته من وراء هدف وحيد،ولذلك باءت محاولات اختراقه او شقه او حرفه عن خطه العام.ولقد عبر شعبنا عن وعي كبير بأهمية هذه القضية،ومدى خطورة المحاولات الرامية لاجهاضها،ولذا فإن مطلب تعزيز الوحدة الوطنية يبقى على رأس اهداف الحراك الوطني السلمي.
ليس من المسموح للجنوبيين ان يختلفوا على تحقيق هدف تقرير المصير،ومن غير المقبول ان يتحرك أحد إلا تحت هذا السقف ، فاستعادة حقوق شعب الجنوب كاملة وغير منقوصة،تبقى الهدف الأسمى .
نعم للتعدد والاجتهاد وتنوع اساليب العمل،ولا للاختلاف،والميدان هو الذي سيحكم على الجميع،ولذا لا يجوز الخروج عن هذا الخط،وإلا فإن القضية الجنوبية سوف تتعرض للتصفية،وما يحميها ويصونها اليوم ويجعلها امل كل جنوبي هو ان كلمة ابناء الجنوب واحدة وصفهم واحد،وهذا الصف ليس من لون واحد ،بل هو يتضمن كافة الوان الطيف بلا استثناء لأحد،وكل من يجد لديه القدرة على الاسهام في معركة شعب الجنوب من اجل تقرير مصيره هو صاحب حق شرعي مثل بقية الاطراف.
لا لاقصاء أحد،ولا لتفضيل أحد على أحد،فانتصار قضية ابناء الجنوب مسؤوليتهم جميعا،وهم لن يصلوا الى تحقيق هدفهم إلا على اساس توحيد صفوفهم وتعزيزها،وحشد كافة الطاقات ضمن هارموني شامل،تتعدد فيه الأصوات وتتحد لتصبح صوتا واحدا.
إن الحراك الجنوبي برهن خلال السنوات الثلاث الماضية على مسألة في غاية الاهمية، وهي ان شعب الجنوب يعيش مرحلة الارادة العامة،وهو من الآن فصاعدا محكوم بقانون الوحدة الوطنية.ومن دواعي اعتزاز اهل الجنوب انهم عبروا خلال هذه التجربة الفريدة في الحراك السلمي عن وعي مدني اصيل،وهذا دليل قوة وعلامة من علامات حيوية هذا الشعب،وبرهان أكيد على انه سوف ينتزع حقوقه كاملة، ولن تثنيه عن ذلك سياسات القوة والقتل والمجازر والحصار والتجويع.
لكن النضج السياسي الذي لا تدعمه إرادة جماهيرية واعية، يبقى فجاً ناقصاً يفتقر لأدني درجات القبول والأبعد عن تحقيق الأهداف ، فالوحدة الوطنية ليست شعاراً يرفع بقدر ما هي ممارسة وسلوك بشكل شامل ،وهنا تجدر الاشارة إلى نقطة هامة وهي حالة الهارموني العام لمكونات الحراك الوطني،التي تعد مؤشراً واضحاً لنضج سياسي ساعدت على تكامله إرادة جماهيرية صلبة، كخطوة أساسية على درب تحقيق أهدافنا الوطنية، ولعل ذلك يتطلب منا جميعا أن نضع في اعتبارنا جملة من الخطوات التي لابد من دراستها، والعمل على تطبيقها ميدانياً للوصول إلى أهدافنا،لكي لا يضيع الجهد، أو يكون الفشل مصير هذه الخطوة الرائدة، وكي لا تصاب الجماهير بانتكاسة تؤدي إلى هدم كل ما حاولنا بناءه حتى الآن.
من هذه الاعتبارات أن يكون هناك وعي وإدراك لمخططات الاحتلال، الذي سيبذل كل ما في وسعه لإفشال هذه الوحدة، وعلينا أن نضع في حساباتنا قدرات الاحتلال وإمكاناته .إضافة إلى ترسيخ مفهوم الوحدة الوطنية كهدف استراتيجي في أذهان الجميع، والابتعاد لا بل إلغاء أسلوب المراوغة والتكتيك، من أجل الوصول إلى أهداف ذاتية قصيرة المدى آنية المكاسب .فالعمل على غرس مفهوم الوحدة الوطنية بمعناه الشامل في أذهان الجماهير، وعمل القادة على تحقيق ذلك ميدانياً أمر لابد منه، لأن الوحدة السياسية بحاجة إلى منظومة متكاملة من أشكال الوحدة تردفها، وتعمل على شد أزرها فوحدة المجتمع بتشعباته نحو هدف واحد عامل أساسي ووحدة الاقتصاد المدروس المنتج رادف آخر ، ووحدة التوجه الإعلامي والثقافي أساس لابد من حصوله .
كل ذلك سيؤدي إلى ترسيخ مفهوم الوحدة، خاصة إذا تلمست الجماهير أثر ذلك على شؤون حياتها اليومية .إن الوحدة تعني صدق الانتماء والعمل المخلص ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وبذلك تذوب الأحقاد وتقل الظغونات وتختفي مظاهر التبعية والفساد وينفرط عقد المحسوبية . كما أنها تعني الارتقاء بمستوى الإنسان وكرامته وشعوره بالفخر والاعتزاز لدى ذكر اسم وطنه، معتبراً نفسه وحدة بناء مهما كان اتجاهه ومهما كان ميدان عمله .
إن الوحدة الوطنية تعني الأمن الموحد الحامي للجميع ، والقانون السيد المطبّق على الجميع ، فالأمم لا تبني مهابتها ولا تحقق أهدافها وكرامتها بحنكة قادتها فقط، وإنما بما تمتلكه من مخزون إيماني بوجودها وقدراتها على البقاء والتنمية .
إن الشراكة السياسية جانب مهم من جوانب الوحدة الوطنية، ولكن الأهم أن تبنى هذه الشراكة وفقاً برنامج هادف، قادر على تحقيق الآمال مهما اختلفت الأساليب، فالإبداع لا يتأتى بانسياق الجميع خلف فكرة واحدة أو رأي واحد، بقدر ما يتولد نتيجة تلاقح الأفكار واختلاف الرؤى باتجاه الهدف الواحد.
إن خيمة الوحدة الوطنية الجنوبية تجمع تحت سقفها كل الجنوبيين، في ظل راية الجنوب من أجل تحقيق المصير،وهو الهدف السامي الذي يجب أن يظل فوق أي خلاف أو تحزب، في ظل ولاء أسمى يدين به كل فرد من أفراد الجنوب لوطنهم.
الحقوق الوطنية
إن من الامور الجوهرية بالنسبة للحراك الوطني الجنوبي، ان يتزامن التعبير عن الوعي المدني مع المطالبة بالحقوق الوطنية المشروعة لهذا الشعب.وبما ان الفكرة الحاضرة للعالم الحر هي الحرية،فإن من هذا المنطلق يأتي رفض الاحتلال،لأن التحرر من الاحتلال شرط الحرية.
من هنا فإن حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم امر سابق لأي مشاريع أخرى، تريد ان تصرف الحراك الجنوبي عن هدفه العام من خلال تحويل القضية الجنوبية الى حقوق دستورية.ولابد من التنبه هنا إلى ان البعض يحاول ان يغري الناس بمشاريع وهمية مثل الفيدرالية والكونفيدرالية من خلال تسويات دستورية،لكنه من الواضح في كلتا الحالتين ان مفهوم الخلاص من الاحتلال لا يتم اطلاقا عبر تسويات من هذا القبيل.
ليكن واضحا بالنسبة للجنوبيين ان الخلاص من الاحتلال هو نهاية ومرحلة،والبداية بالنسبة لنا كجنوبيين لا يمكن ان تتأسس فوق هذا البناء المهترئ، بل على ارضية تمكيننا من ممارسة حقنا في تقرير مصيرنا بصورة مشروعة كحق غير منقوص،فنحن لا نطلب شيئا ليس لنا،ومن هنا جاء قرار "فك الارتباط"،لأنه يعني في العمق حق أهل الجنوب في تقرير مصيرهم.
ولا يغيب عن ذهننا ابدا ان تسويات منقوصة من نمط الفيدرالية والكونفيدرالية، لا يمكن ان تقود سوى إلا تمديد أمد الاحتلال،وتطيل في عمر المحتل،وهي من الخطورة بمكان انها مطروحة كأوراق للمناورة، وليست مشاريع جدية لتسوية القضية الجنوبية من منظور عادل،ونحن على قناعة تامة انها مشاريع مفبركة في مطابخ صنعاء السرية،وهدفها امتصاص قوة الحراك،والقضاء عليه من خلال ترقيعات للوضع القائم،وادخال تحسينات عليه لكي يصبح الاحتلال امرا مشروعا،بعد أن برهن شعبنا في الميدان عن رفضه الكامل للاحتلال.
هناك محاولة لاعادة الوضع الجنوبي الى ما تحت نقطة الصفر، لكي يتم تجميده في صورة دائمة،من خلال مشاريع تسووية مشبوهه يلعب فيها المال السياسي المحلي والخارجي دورا مشبوها،لأنه مستفيد في صورة اساسية من استمرار الفئات التي تتحكم وتنهب ثروات الجنوب واراضيه.
إن كافة الاستشارات التي اجراها فريق الرئيس علي سالم البيض، والمداولات التي تمت مع اطراف سياسية وقانونية دولية، تؤكد على شرعية استقلال الجنوب من منظور القانون الدولي . واعتبرت كافة الآراء، أن تاريخ حكم علي عبد الله صالح في الجنوب، والذي قام على نتائج حرب عام 1994، لم يسمح بتحقيق تقدم على صعيد بناء نظام اتحادي بين دولتي اليمن الديموقراطية والجمهورية العربية اليمينة . وأن القانون الدولي يعطي الشعوب الحق في تقرير مصيرها ، كحل نهائي ، في حال لم يحصلوا على حقوقهم كاملة داخل الدولة ، أو تعرضوا للتمييز والاضطهاد .وأن غير ذلك يمكن أن يتم من خلال المسار السياسي ، والحوار وبالاتفاق . إن كافة المحاولات التي قام بها الجنوبيون منذ توقيع اتفاق الوحدة سنة 1990 ،ومن ثم "وثيقة العهد والاتفاق" في سنة 1994، وبعد ذلك دعوات اصلاح مسار الوحدة، قد تم ضربها عرض الحائط من طرف نظام صنعاء ، ولذا لم يعد هناك بديل أمام شعب الجنوب عن الاستقلال ،هذا إذا أخذنا في عين الاعتبار ان دعوات الحكم الذاتي الواسع الصلاحيات والفيدرالية والكونفيدرالية كلها مرفوضة من قبل أغلبية سكان الجنوب. وهناك حالات عديدة تم فيها "فك الارتباط" في العصر الحديث سلميا من بينها ، الجبل الأسود ، وتشيكيا وسلوفاكيا ، وتيمور الشرقية .
ونحن نؤكد على ان حقنا لا لبس فيه،وقد اكد قانونيون دوليون أن " خرق حقوق الجنوبيين في بلدهم لعقدين من الزمن، وإلغاء اتفاق الوحدة ووثيقة العهد والاتفاق بالحرب، ومن ثم جرائم الحرب التي ارتكبت بحق الجنوبيين في سنة 1994، والتي نجم عنها هجرة الآلاف من الجنوبيين،ومن ثم عمليات تسريح كادر دولة الجنوب، وما أحصته التقارير من نهب لثروات وأرض الجنوب ، وما اتخذه مجلس الامن من قرارات خاصة بالجنوب سنة 1994 (القراران 924 و931) ، جميعها تؤكد بأن استقلال الجنوب هو الحل الوحيد، بعد أن فشلت كافة المحاولات لالزام علي عبدا الله صالح باتفاقات الوحدة بين الدولتين.
ويقول رأي قانوني دولي أن " القانون الدولي لا يمنع حق تقرير المصير للشعوب ، وفق رغبة أغلبية السكان " . كما اعتبر أن " اعلان فك الارتباط لا يمكن اعتباره تعديا على حدود وسيادة الجمهورية العربية اليمنية ،بل هو استعادة للدولة الشريكة في اتفاقية الوحدة وهي دولة الجنوب، التي كانت كيانا مختلفا من حيث التركيبة السكانية وكذلك التاريخ والوضع الداخلي " ،والمبرر القانوني لذلك هو فشل اتفاقية الوحدة،وسيطرة الجمهورية العربية اليمنية على الجنوب عن طريق القوة العسكرية،وفرض نظام حكم عسكري مخالف لإرادة الجنوبيين، الذي يعيشون اليوم حالة من الحصار والنهب لثرواتهم، حتى باتت الغالبية العظمى منهم تعيش تحت خط الفقر، بينما تشكل ثروات بلادهم ثلثي عائدات الخزانة الرسمية في صنعاء،من دون الاشارة الى النهب المنظم لهذه الثروات، من نفط وثروة سمكية وزراعية،والسيطرة على كافة الاراضي الخصبة من قبل الفئة الحاكمة.
إن الطريق واضح امامنا،ولن نستجدي حلا من أحد ، وهو طريق محكمة العدل الدولية في لاهاي، المختصة بالنظر في هذا النزاع،والتي سبقت لها ان نظرت في قضايا مماثلة وكان حكمها لصالح حق الشعوب في تقرير مصيرها.وسنتقدم امامها بملف شامل لتعطي حكمها النهائي في اقرب فرصة ممكنة.و تنطلق رؤيتنا في هذا الصدد من النقاط التالية:
اولا/ اتفاقية الوحدة كانت مشروع شراكة بين دولتين وشعبين بشكل متساو ومتكافئ.
ثانيا/مشروع بناء نظام اتحادي بين الدولتين فشل في بدايته، واصبح طرف واحد يسيطر عليه بالقوة وهو الجمهورية العربية اليمنية،واغتصب حقوق الشريك الآخر وهو جمهورية اليمن الديموقراطية.
ثالثا/ إن اعلان الحرب سنة 1994 على الجنوب والسيطرة عليه عسكريا هو نوع من الاحتلال، قائم من ناحية على التفريق بين الشماليين والجنوبيين،ومن ناحية ثانية يستند على التمييز العنصري الذي يعتبر الجنوبيين مواطنين من الدرجة الثانية،وبالتالي ليست هناك مساواة،بالاضافة للنهب المنهجي لثروات الجنوب، وافقار أهله وتدمير مؤسسات دولته السابقة.
لهذه الاعتبارات يعطي القانون الدولي الحق للجنوبيين بالمطالبة بحق تقرير المصير من خلال مبدأين واضحين:
الاول/ ان اخضاع الجنوبيين بالقوة العسكرية، ونهب ثرواتهم، ومنعهم من التعبير يشكل انتهاكا لحقوق الانسان الاساسية.
الثاني/ لكل الشعوب الحق في تقرير مصيرها بكل حرية لاقامة نظامها السياسي الذي ترتضيه.
كمين "اوسلو" لتصفية الحراك الجنوبي
اشرنا في مستهل هذه الورقة إلى ان هناك محاولات للتآمر على الحراك وتصفيته،وهذا أمر ليس من باب عقلية المؤامرة أو الرجم بالغيب،بل يمكن ملاحظته في ما يروج من شائعات منذ عدة اشهر تدور من حول حلول مطروحة لايجاد تسوية مع صنعاء، بعيدا عن حق تقرير المصير واستعادة دولة الجنوب.
نحن نعلم من اين يتم ترويج هذه الشائعات، ومن هو الذي يطلق هذه البالونات بين حين وآخر،وما هو الهدف منها.وقد علمتنا التجربة ان نظام صنعاء استمر طيلة هذه المدة على اساس سياسية، تعتمد اولا على تشتيت صفوف خصومه كلما ضاق عليه الحصار،إما من خلال الحيلة السياسية او اللجوء للقوة،وهذا أمر واضح وضوح الشمس في كبد النهار،وهو ما كان له ان يستمر الى هذا اليوم، لو لم يتقن لعب هذه الورقة على كافة الصعد القبلية والحزبية والسياسية،فكم من حرب قبلية افتعل من اجل ان يخرج من ورطة معينة،وكم من حلف سياسي قام بشقه وتفريق صفوفه من اجل ان يهرب من مواجهة استحقاقات سياسية؟
جرى الترويج مؤخرا للقاء يعقد بين علي عبد الله صالح وقيادات جنوبية في القاهرة من اجل تسوية سياسية،وتم ذكر الاخ الرئيس علي سالم البيض من خلال تسريبات اعلامية،كما تم الهمس باسماء اخرى مثل الاخوة علي ناصر محمد وحيدر ابو بكر العطاس. ولكن شيئا من هذا القبيل لم يحصل . وفي هذه الأيام تروج من جديد قصة اغرب من الأولى، ومفادها ان هناك بوادر تسوية برعاية اطراف عربية ودولية، تقوم على اساس اقتراح نظام فيدرالي او كونفيدرالي.
قبل الدخول في تفنيد هذه التسريبات السياسية التي تتم لاهداف سياسية مدروسة وواضحة،لابد من ابداء الأسف، كون بعض الشخصيات المعروفة بنضجها وحنكتها وعمق تجربتها تبدي في بعض الاحيان ميلا الى هذه الأوهام السياسية والسراب السياسي العقيم،وتأخذها الاغراءات للتعاطي معها،وتقوم ببناء تصورات على اساسها،في حين ان المختبر الفعلي الذي سيولد منه الحل للقضية الجنوبية هو الحراك الوطني السلمي في الجنوب،وليس غير سواه،فلا ينغش أو ينخدع أحد، ويبدأ ببناء ناطحات سحاب سياسية على الرمال،ويتعلق بحبال الهواء،لأن مفاعيل هذا السلوك خطيرة وسلبية، وسوف ترتد على نضال شعبنا على الارض،هذا النضال الذي يتعاظم كل يوم حتى يطرد الاحتلال بارادته وقوة ايمانه بالحق.
يقول الحديث النبوي الشريف "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"،وتقول الحكمة الأثيرة "من جرب مجرب عقله مخرب"،ولكي يكون المرء منصفا عليه ان يعترف اننا كجنوبيين لدغنا من جحرنا اكثر من مرة،وجربنا المجرب اكثر من مرة . لقد سرنا الى بناء وحدة مع الجمهورية العربية اليمنية، ونحن نعرف ان هناك ثمنا سوف ندفعه،وكان رأينا انه إذا كان الثمن سوف يصب في الصالح العام،فإنه لن يضيع،ولكن للأسف تبين بعد وقت قصير بأن الطرف الآخر ابعد، ما يكون عن النظرة الوطنية ولا يهمه الصالح العام،فقد استمرئ فساده وعاش هو وبطانته ضمن قلعة محصنة بالمكاسب المادية لا أكثر.وآخر ما يعنيه أو يفكر فيه هو الوطن والوطنية والصالح العام.
إن من يطلق اليوم دعوات الحوار المشبوهة مع نظام علي عبد الله صالح من اجل تسوية سياسية،أو من يروج لمشاريع فيدرالية وكونفودرالية أو حكومة وحدة وطنية،هو المطبخ السياسي في صنعاء،والهدف من ذلك خلق البلبلة في صفوف الجنوبيين،من اجل تمييع الحراك الوطني الجنوبي، وشق صفوفه، واغراق الجنوبيين في حالة من اليأس، بعد أن امتلأت نفوسهم بأمل الخلاص من الاحتلال،واستعادة دولتهم.
بعد أن فشل علي عبد الله صالح بمحاصرة الحراك الوطني السلمي، والقضاء عليه بالقوة العسكرية والاعتقالات والاحكام بالسجون للنشطاء الشجعان ومطاردة كافة الشخصيات الجنوبية الفاعلة،وحينما صار يدرك قرب نهاية احتلاله للجنوب،عاد إلى ألعابه البهلوانية ووسائل مكره وخداعه المعهودة ،فصار يعمل من جديد في العتمة لكي يفرق شمل الحراك،ولهذا لا يمر يوم من دون أن نجد شائعة او قنبلة دخانية تزين للجنوبيين بعض الحلول،وترمي إلى دب الوهم في صفوفهم.
نقول بكل صراحة ان هذا الجو المسموم يتطلب يقظة وطنية عالية،وقدرا كبيرا من الاحساس بالمسؤولية لدى كافة الجنوبيين قادة وكوادر،في الداخل والخارج،ونود هنا تسجيل جملة من النقاط التي نعتبرها اساسية في هذه المرحلة:
أولا/ اننا نحذر من الانسياق وراء الاوهام،والجري وراء سراب الحلول،لأن هذا السلوك لن يسفر في نهاية المطاف، إلا عن خلق حالة من التشويش السياسي على الحراك الوطني الجنوبي السلمي،ومن شأنه أن يؤدي إلى تثبيط الهمم وخلق حالة من اليأس.
إن كل من يصور لنفسه محاسن السير في هذا الطريق مدعو لمراجعة حساباته على ضوء معطيين هامين:الأول هو ان شعب الجنوب قد حدد هدفه بحق تقرير المصير واستعادة دولته المستقلة،وأي ترويج لتسوية تحت سقف غير ذلك لا يعد مجحفا ومرفوضا فحسب،بل ان من شأنه اعادة الوضع الى نقطة الصفر.والمعطى الثاني وهو ان علي عبد الله صالح ليس في وارد أي تنازل للجنوبيين،ولذلك سوف يظل يلعب ويناور،وستكون ادوات لعبته في المرحلة المقبلة اغراق الجنوبيين في كم كبير من الاوهام،واشغالهم ببعضهم البعض،لكي يتسنى له اعادة بسط سلطته من جديد وتصفيه الحراك الوطني الجنوبي.
ثانيا/ ان الحراك الوطني الجنوبي اليوم في حالة تقدم، وهو يحقق في كل يوم خطوة نوعية جديدة،وقد تجاوز اكثر من نصف الطريق لتحقيق اهدافه،ولكن الخطورة تكمن في بقية الطريق المليئة بالالغام والكمائن والمكائد،ونعتقد ان ابناء الجنوب قاطبة يدركون ذلك،وخصوصا اولئك الذين يعملون في الميدان على تفكيك الاحتلال وشل قدراته،مقدمين التضحيات الكبيرة في سبيل قضية شعبهم.
إن ادراك الهدف الاساسي يتطلب قبل كل شيء وضوحا في الرؤوية وشفافية ومخاطبة الجماهير بصدق واطلاعها على الحقائق،والابتعاد عن اللعب السياسي المحترف في الخفاء والصالونات السياسية، التي تحفل بالكلام البعيد عن حقائق الواقع،ويجدر بالسياسيين قبل غيرهم ان يتنبهوا إلى خطورة المرحلة المقبلة،وان يتسلحلوا بالصبر والارادة، لكي نكمل طريقنا نحو الاستقلال الثاني،ونطرد الاحتلال.
لكي يتم لنا ذلك لابد من ان يكون هاجسنا الأساسي، هو تمتين صفوف الحراك الوطني الجنوبي وتعزيز صفوف الوحدة الوطنية،ومواصلة المبادرات لزج كافة الطاقات الجنوبية في الداخل والخارج في هذه المعركة الوطنية،التي لا فضل لأحد فيها غير مدى اسهامه الصادق وتضحيته من اجل قضية شعبه.
نحن ندرك ان آخر الليل هو الاكثر ظلمة،ولكن الانجازات الكبيرة التي حققها شعبنا على الارض خلال السنوات الثلاث الماضية،تجعل نور فجر الاستقلال غير بعيد،وإن غدا لناظره قريب.
ثالثا/ إن الحراك الوطني السلمي ليس ملكية خاصة لأي شخص، مهما بلغ دوره أو حجم عطاؤه وتضحياته،هو حركة ابناء الجنوب والتعبير الوطني عن قضيتهم،ولذا فهو ليس مطروحا للمساومة او المقايضة،والأولوية اليوم هي لطرد الاحتلال،وليس البحث عن تسويات سياسية.
انطلاقا من كل ما سبق، علينا ان نتعظ بدروس غيرنا،ونتعلم من تجاربنا،ونرى بعين مفتوحة حركة نضال شعبنا،الذي اكد على انه لن يقبل بديلا عن حقه في تقرير مصيره،واستعادة دولته مستقلة على كامل ترابه،وعاصمتها عدن الأبية.
عاش الجنوب حرا مستقلا
مكتب الرئيس
نقلا عن الضالع بوابة الجنوب