(بقلم: غازي علي أحمد)
فرجينيا – لندن " عدن برس " خاص : 5 – 7 – 2009
إن قضيتنا الجنوبية واضحة ولا يختلف عليها إثنان من أبناء الجنوب وكل شرفاء العالم ، فبعد أن فشلت الوحدة وتحولت إلى إستحمار همجي فقد إنتهت . وعليه أصبح المطلب الجنوبي واضحاً وصريحاً بفك الإرتباط بنظام الجمهورية العربية اليمنية والذي يسيطر عليه علي عبدالله صالح وعصابته ، والعودة إلى ما قبل 22 مايو 1990م إلى دولة الجنوب ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ). وهذا ماعبرعنه شعبنا في الداخل والخارج وقياداته التاريخية كل بطريقته وأسلوبه وظروف المكان والزمان المتواجد فيه.
ولكن للأسف لقد تغيرت المقاييس في هذا الزمان الذي حوله الإنسان الردئ إلى زمان ردئ ، وأصبح والعويل والطبول الجوفاء تصم الآذان وتصيب المرء بالغضب والقرف والغثيان من هذه الأصوات التي تدعي الوطنية مستفيدة من جنونها وأمراضها الكثيرة ، ومستغلة عواطف البسطاء من أبناء شعبنا بأطروحات وشعارات تقود نحو متاهات وضياع وتساؤولات ليس لها أول او آخر. تشتت الجهود وتزرع الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد وذلك نيابة عن سلطة الفيد.
وإننا نطالب اليوم بإنزال وإحراق يافطات البحث عن الوجاهة والزعامة وما أكثرها اليوم في الداخل ولندن وأمريكا، إنها أسماء وتنظيمات وهمية لا هيكل تنظيمي لها ولا برنامج عمل ولارؤية وطنية واضحة المعالم ولا حتى الهدف. دُمْ..دُمْ..دُمْ..أصوات كبيرة لطبول جوفاء ( تجمعات هلامية بلا ملامح لا تعرف لها إنتماءاً سياسياً أو إجتماعياً أو إخلاقيا ً). لذا فأننا نناشد كل الشرفاء أبناء الوطن والذين يحرصون على إنتصار قضية الحق، القضية الجنوبية بالإبتعاد والتجاهل لهذه اليافطات التي وجدت بفعل الحسابات والطموحات الشخصية.
علينا أن نعمل على إيجاد العمل الجبهوي والذي يرقى إلى مستوى قضية الوطن وذلك من خلال الحوار والتشاور بين كل الأطياف السياسية الجنوبية والرجوع لأخذ المشورة والرأي من المرجعية التاريخية ألا وهي القيادات التاريخية الجنوبية في الداخل والخارج.
كما وإننا نطلب وبإلحاح ونترجى من منطلق حرصنا على قضيتنا من رفاقنا في المهجر أمريكا – أوروبا أن تستغل مساحة الحرية والحركة المتاحة لها وتوجه خطاباً سياسيا موحداً وأعلامياً هادئاً بعيد النظر ، ذو مهارة وإحتراف يشرف عليه الوطنيين الأكفاء ذو العلم والخبرة لتتوفر فيه عناصر الوضوح والإقناع أمام الإدارات الرسمية والمنظمات الدولية.
( في 22 مايو 2009م تقدم إلى مسؤول الإستقبال في مبنى الأمم المتحدة - نيويورك شخصان بملفين يحملان وجهتي نظر مختلفتين تماماً وبإسم الجنوب. والمضحك المبكي والمخزي أن الجنوبييَن دخلا معاً إلى مبنى الأمم المتحدة في آن واحد وهما يتسابقان مَنْ سيصل الأول ).
لذا أتقدم ببعض النقاط التي أرجو أن تلقَ أذاناً صاغية وقلوباً مفتوحة وعقولاً ناضجة تعشق الجنوب وتخلص له . ( سبق أن نشرت بعض هذه النقاط في بعض الصحف).
أولاً: التأكيد على أن قضيتنا ونضال شعبنا اليوم في الداخل والخارج وتقديمه لكل التضحيات هو ضد نظام الفيد المتخلف نظام علي عبدالله صالح وعصابته. ونعاهد شعبنا وشهدائنا أننا على الدرب سائرون ولن يتوقف نضالنا جميعاً بالخارج والداخل حتى يتم النصر بإستعادة دولتنا ، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
ثانياً: الحفاظ على إستمرارية قيم التسامح والتصالح وهي التي تَجُبُ ما قبلها.
ثالثاً: الإعتذار الإعتذار لأم المدن عدن عن الماضي والحاضر وإعادة الإعتبار لإبنائها الذين همشوا وقتلوا وسرقت ممتلكاتهم ويضطهدون حتى يومنا هذا ويوصفون بجنسيات أخرى.
- نقل الحراك المدني السلمي إلى العاصمة عدن وجميع المدن الرئيسية في الجنوب فهي المكان الطبيعي والمنطقي للحراك الشعبي السلمي الذي تتصاعد وتيرته حتى يصل للعصيان المدني. وأما الجبال في الأرياف فهي الرديف المساند لحراك المدن والحامي لها.
رابعاً: الإعتذار للداخل والخارج عن كل التناقضات والصراعات الكيخوتية الجنوبية والتأكيد على أن قضيتنا باقية وراسخة رسوخ الجبال وتحقق الإنتصارات على كافة الأصعدة رغم المحاولات اليائسة من نظام الاحتلال لبث الفرقة وتفتيت وإخماد الحراك السلمي لشعبنا.
خامساً: على قيادات الحراك في الداخل أن تنهِ تناقضاتها بأسرع وقت حرصاً على القضية الجنوبية ومعنويات شعبنا والإلتفاف نحو قيادة موحدة والإمتناع عن صدور البيانات والبيانات المضادة والتشكيلات العشوائية.
سادساً: عدم التطاول والإفتاء والتنظير للتاريخ والجغرافية والإنسان ونترك ذلك لذوي الإختصاص رجال القانون والتاريخ وليس هذا مجالنا اليوم .غداً للمستقبل برلمان الدولة الوطنية الجديدة الديمقراطية المرتكز على العلم والمنطق والولاء للوطن سيحدد التاريخ والهوية والجغرافية.
سابعاً: يجب على المكونات السياسية في الخارج وبعض العناصر الجنوبية !!! أن تشارك الإجماع الوطني الجنوبي وتتوقف عن المماحكات الجانبية ومعارضة توحيد قيادة الحراك بالداخل والخارج نتيجة لتخوفهم من أن يتعاظم نفوذ القيادة الموحدة للحراك فتتحول إلى القطب الممثل للجنوب في نظر أبناء الجنوب ونظام صالح والمجتمع الدولي ، بما يجعله مؤهلاً للفوز بقيادة الجنوب نحو استعادة سيادته فتضيع على تلك المكونات والعناصر الأخرى الوصول الى الزعامة.
ثامناً: إلغاء خطاب الإلغاء والإقصاء المتبادل والذي يوضح فقدان الثقة بين جميع الأطراف ويزيد من وطأة الأزمات ويبرز قوى فوضوية في الساحة لم تعد مهمومة بالوطن ولا بمصالح الناس ، بل تحركها عقائد سياسية متخلفة ومتناقضة مع أبسط مبادئ المشروع الوطني لابناء الجنوب .
تاسعاً: الإبتعاد عن الشطط والغلو وقصر النظر (العَمَشْ) وبناء جسور التواصل مع العناصر الوطنية من أبناء الشمال التي تؤمن وتؤيد قضية الجنوب لمساعدتهم بالدفع بعملية الحراك في المناطق الشمالية وكسرها لحاجز الخوف الذي بنته الأئمة والأنظمة المتعاقبة بعد ثورة 26 سبتمبر ، وتطوير الحراك حتى يشمل كل المناطق الشمالية، لتنتصر إرادة الشعب وتُقام دولة الجوار الحديثة التي يسودها العدل والمساواة والبناء والرخاء حتى ننعم بدولتين جارتين راقيتين في حياتهم وتعاملهم وينشرون السلام في المنطقة متخلصين من أعداء الحرية والتقدم.
عاشراً : الحفاظ على الوحدة الجنوبية ورسم ما نحتاجه كجنوبين من خلال رؤية وطنية واضحة المعالم وهدف موحد .
الحادية عشرة : التأكيد للعالم وبكل الوسائل المتاحة بأن الحراك الجنوبي يؤمن إيماناً مطلقاً بالحراك السلمي الحضاري وسيظل متمسكاً بمبادئ السلم رغم همجية ووحشية نظام علي عبدالله صالح حتى يحقق إنتصاره ويستعيد دولته.
الثانية عشرة : إحترام القيادات التاريخية الجنوبية وإعطائها حقها للدور العظيم الذي تؤديه لإنقاذ شعبنا والقراءة بهدوء وعمق وبكل تجرد أو عصبية لكل تصريحاتها وكتاباتها ومقابلاتها الصحفية والتلفزيونية وتفهم ما تقول أو يبحث المرء عن مَنْ يعلمه قبل أن ينحط ويتطاول على هامات وطنية لها إحترامها ومكانتها لدى شعبنا ونعتذرلهم عن ما جاء في بعض الكتابات المتهورة والغير مسؤولة من البعض الذين يبجثون لأنفسهم مكاناً على حساب الآخرين والوطن.
لقد أخطأ الجميع ودُمِرَ وطن وسرقت ثرواته وأستُعبِدَ شعب ولا داعي لسرد الماضي . وعلينا أن نأخذ العبرة منه وأن نتحدث عن الحاضر. ( لا أحد يستطيع أن يغير ماضيه فقط حاضره ومستقبله ).
لهذا فأنني أتسأل : ماذا يحدث اليوم في الداخل ؟ تشكيل وإلغاء هيئات ومجالس وفي الخارج في أمريكا ولندن صراع الديوك ( مناقمة ) تاج، الهيئة، الجمعية، المستقلين، الإشتراكيين ، و........ و....... وما يحصل أيضاً اليوم من تسابق مناطقي في بعض الولايات الأمريكية مَنْ يسبق مَنْ ؟ لإقامة تجمعات مناطقية وإتحادات للمغتربين ( كلمة حق يراد بها باطل ) خطوات إستباقية خوفاً من الآخر حتى لا يقوم بالمشاركة بقيادة العمل . نظرة ضيقة مقيتة تشمئز النفوس منها.
وللأسف تم نشر أخبار هذه التشكيلات المناطقية والمرفوضة من قبل العقل والمنطق والحس الوطني والأخوة ووحدة أبناء الجنوب في بعض المواقع الاليكترونية الجنوبية دون اي تعقيب أو إنتقاد أو نصيحة وكأنها تشجع على هذه الإنقسامات .
إن ذلك يعد مؤشرا خطيرا ، وعلى العقلاء أن يسارعوا بإيقاف هذا الفرز المناطقي الذي عانينا منه في السابق اثناء حكم الحزب الإشتراكي للجنوب ، فكما نعلم جميعاً عندما كان يحدث أي خلاف في المكتب السياسي كان يسارع الأعضاء بالهروب إلى داخل القبيلة وتجييشها قبلياً وليس وطنياً ، قبيلة ضد أخرى حتى وصلنا إلى كارثة 13 يناير 1986م.
واليوم نسخر وننتقد نظام علي عبدالله صالح القبلي وبنفس الوقت نمارس نفس اللعبة القبلية. لما هذا التناقض؟ وماهذه المصيبة ، أواللعنة التي تحوم حولنا ؟ لقد أصبح نزاعنا اليوم جنوبي – جنوبي وتناسينا الغولة وعيالها.
لماذا لا نتجرد من الأنانية وتراكمات السنين الماضية ؟ ويكون الوطن كل الوطن همنا الأول والأخير ، وأن يكون الولاء ثم الولاء للوطن الجنوبي . لا للمناطقية..لا للماضي بكل سيئاتهما اللذان سيؤديان بنا إلى ردة حضارية تتسم بإنهيار فكري وإخلاقي تقودنا إلى التيه والظلمة وقانون الغاب.
والله من وراء القصد