في السنوات التي أعقبت اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري كان بعض السوريين المسافرين إلى لبنان وقبل ان تتجاوز سياراتهم الأراضي السورية يتمنون الا تكون الدوريات المناوبة في نقاط الجمارك اللبنانية من صفوف فريق '14 آذار' فكراً أو تعاطفاً أو تأييداً لأن ذلك يعني تأخيراً في إجراءات عبورهم أو تدقيقاً في سياراتهم أو مقابلة متجهمة على الأقل وهو ما كان يحدث أحياناً قليلة.
اليوم، إجراءات التدقيق على السيارات القادمة من سورية باتت أقل من الماضي مع الحفاظ على المستوى الاحترازي الذي تقتضيه أية معابر حدودية عموماً.
على الحدود في معبر جديدة يابوس الشهير بين لبنان وسورية وخلال نهاية الأسبوع الماضي، ارتفعت وتيرة حركة المسافرين من دمشق إلى بيروت وبالعكس، مع توقعات بموسم سياحي لم يشهده البلدان منذ سنوات إلا إذا حصلت مفاجأة ما من نوع عسكري تقوم به إسرائيل ضد البلدين. وشاهدنا خلال نصف ساعة عشرات السيارات اللبنانية تعبر إلى دمشق، ويُظهر موظف في الجمارك السورية في أمانة جديدة يابوس، طلب عدم ذكر اسمه ارتياحاً شديداً لما آلت إليه الحال مؤخراً بين سورية ولبنان، ويكشف أن أعداد السوريين الذين استحصلوا خلال الأشهر الأخيرة على موافقات حدودية على الخروج بسياراتهم الخاصة إلى لبنان تضاعفت جداً دون أن يقدم رقماً دقيقاً، وفي المقابل يؤكد أن 'هذا الصيف سيكون الصيف الطبيعي الذي اعتدنا عليه كسوريين من حيث أعداد اللبنانيين الذين سيأتون الى سورية'.
اللافت فيما قاله موظف الجمارك ان مديره وضع في خزانته عدة بدلات رسمية لارتدائها عندما يأتي مسؤولون لبنانيون وما يقتضيه الأمر من لزوم حسن استقبالهم وضيافتهم في قاعة الشرف هناك، ويتوقع ان يشهد مركز جديدة يابوس الحدودي عبوراً شبه يومي إلى سورية من جانب مسؤولين وشخصيات لبنانية في زيارات سياسية أو سياحية واجتماعية، 'بالتأكيد عدنا إلى ما قبل العام 2005' ختم الموظف حديثه. ويتردد في أوساط الحكومة السورية أن لجان ضبط الحدود اللبنانية السورية تدرس إقامة مشاريع استثمارية على الحدود بهدف تنشيطها وتحسين حالها الاقتصادية.
في الأراضي السورية على بعد ثمانية عشر كيلو متراً فقط من نقطة الحدود اللبنانية حيث فندق 'مونتي روزا' الذي ذاع صيته سياسياً لا سياحياً خلال عامي 2005 و2006، كانت أشهُر المصالحة كفيلة بمحو آثار اللقاءات وجلسات الاستماع التي شهدها الفندق في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري والتي قادها المحقق الألماني ديتلف ميلس. وأفاد مسؤولو الفندق أن استعدادات من نوع خاص جرت لهذا الموسم تركز على إعادة تهيئة إمكانات الفندق السياحية والجاهزية التامة مبكراً لاستقبال النزلاء.
ونبقى في خانة المصالحة إذ بدأت طلائع السياحة السعودية مبكراً هذا العام مستفيدة من جو الدفء السوري السعودي على المستوى السياسي والاقتصادي والمصالحة التي تمت بين الرئيس السوري بشار الأسد والعاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز، وحسب مصادر سعودية معنية فإن سفارة الرياض بدمشق تستعد لصيف استثنائي لم تشهده منذ أعوام على مستوى سفر المواطنين السعوديين إلى سورية لغرض السياحة والتبضع من أسواق الشام التي طالما قلت زيارتها حتى كادت تنعدم في فترات التشنج السياسي الشديد، واليوم وحسب ما أفاد مسؤول من وزارة السياحة السورية فإن الوزارة وضعت خطة لدعم النشاط السياحي في سورية عموماً وهي تستعد لمعرض التراث الثقافي الذي سيقام في السعودية مع حملات إعلانية تطال مختلف دول مجلس التعاون الخليجي.
الوزارة لا تتوفر لديها في الوقت الحالي أرقام دقيقة عن أعداد السياح اللبنانيين والسعوديين لهذه الفترة كون الموسم السياحي ما زال في بدايته.
في منطقة بلودان والزبداني السياحيتين بدت واضحة معالم التصالح السياسي الذي تم في المنطقة وانعكس بعشرات السيارات التي تحمل لوحات لبنانية وسعودية تجوب شوارع البلدتين التابعتين لريف دمشق القريبتين من الحدود اللبنانية السورية.