رائد الجحافيمؤسس الملتقى
عدد المساهمات : 2797
تاريخ التسجيل : 30/06/2008
العمر : 45
الموقع : الجنوب العربي - عدن
| موضوع: حقوق الإنسان في الإسلام الخميس 23 يوليو - 16:52 | |
| | بتاريخ : 2009-03-07 الكاتب : راشد الغنوشي | | | الإنسان وحريته في الإسلام | هل هناك مفهوم لحقوق الإنسان في الإسلام؟ ما سنده الفلسفي إن وجد؟ ما العلاقة بينه وبين الإعلانات الحديثة؟ تعد حقوق الإنسان في عصرنا كما تبلورت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في ديسمبر/كانون الأول 1948 عن الأمم المتحدة وما تلاه من العهدين الدوليين الصادرين سنة 1966 للحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية وما لحقهما من اتفاقات دولية ضد كل ضروب التمييز.. المقياس الرئيسي الذي تقاس إليه الدول والجماعات والمذاهب تقدما أو تأخرا، تحضرا أو تخلفا، بحسب احترامه أو انتهاكه. ولقد عمدت المنظمة الأممية نفسها إلى إقامة مؤسسة لمراقبة مدى التزام الدول الأعضاء باحترام تعهداتها. كما نهضت شبكات دولية ومحلية من المنظمات متخصصة في إصدار التقارير حول مسالك الدول والجماعات إزاء هذه الإعلانات والمعاهدات. كما تأسست محاكم إقليمية مثل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للفصل في ما تتهم به دول الاتحاد من تجاوز لمبادئ حقوق الإنسان، ومحاكم دولية تطال ولايتها حتى رؤساء الدول، وهو تطور محمود في ذاته. وهذا التطور يعبر عن نوع من يقظة ضمير بشري إزاء ما تعرضت وتتعرض له جماعات بشرية ضعيفة من عدوان على إنسانيتها يبلغ حد الإبادة، وإن كان الأمر لا يخلو من أقدار من النفاق، إذ تبارت حتى أشد الأنظمة والجماعات دكتاتورية في رفع هذه الراية والتحصن بهذا الحصن الإنساني للاستخفاء بجرائمها ضد أساسيات حقوق الإنسان. ولا يخلو كذلك من ازدواجية معايير تسمح بملاحقة الضعفاء (السودان) وغض الطرف عن الأقوياء (الأميركيين والإسرائيليين). لأن شرائع الإسلام جاءت لرعاية مصالح العباد في الدنيا والآخرة، كان من الطبيعي أن تعتبر تلك المصالح هي الإطار العام الذي تنتظم داخله مسالك الأفراد وتمارس فيه الحريات الخاصة والعامة. ومع ذلك يبقى هذا التطور من منظور الإسلام محمودا ولو لمجرد الاعتراف بهوية إنسانية واحدة يستحق حاملها بمجرد هذا الوصف حقوقا متساوية بصرف النظر عن الجنس واللون والدين والطبقة. كيف لا وقد جاء الإسلام معلنا تكريما إلهيا لجنس الإنسان "ولقد كرمنا بني آدم" 70: الإسراء. وجاء ذكر "الناس" مكررا خمس مرات في آخر وأقصر سور القرآن الكريم، وكانت خطبة الوداع لنبي الإسلام عليه السلام إعلانا عاما لحقوق الإنسان، مؤكدا القيمة المركزية -في رسالته الخاتمة- للإنسان وحقوقه، قيمة المساواة بين البشر، موصيا بالنساء خيرا، مسقطا كل الفوارق بين الأجناس والألوان.. وأي سند لاستغلال الإنسان لحاجة أخيه الإنسان. الإنسان في الإسلام مستخلف عن الله، وضمن عهد الاستخلاف –الشريعة الإسلامية- تتنزل جملة حقوقه وواجباته. ويتم التوفيق في الإسلام بين الحقوق الفردية والمصلحة العامة، فقد تضمّن كل حق للفرد حقا لله، أي للجماعة، مع أولوية حق الجماعة كلما حدث التصادم. ولأن شرائع الإسلام إنما جاءت لرعاية مصالح العباد في الدنيا والآخرة، وهي مصالح متدرجة من الضروري إلى التحسيني الكمالي، كان من الطبيعي أن تعتبر تلك المصالح هي الإطار العام الذي تنتظم داخله مسالك الأفراد وتمارس فيه الحريات الخاصة والعامة. ولذلك كان مبحث المقاصد الشرعية الذي اختطه بتوفيق العلامة الأندلسي أبو إسحق الشاطبي في رائعته "الموافقات"، قد حظي بالقبول لدى المفكرين الإسلاميين المعاصرين أساسا وإطارا لنظرية الحقوق والحريات العامة والخاصة في التصور الإسلامي. إن الحرية في الإسلام وفي تجربته الحضارية -على ما شابها- قيمة أساسية أصيلة باعتبارها أساس صحة الشهادة؛ أما العقائد الإسلامية وأساس الحقوق والواجبات، فقبل أن يؤكد المؤمن إقراره بوجود الله وصدق الرسول، يؤكد ذاته كائنا عاقلا حرا. إن "الأنا" في لحظة وعي وحرية تقرر "أشهد (أنا) أن لا إله إلا الله وأشهد (أنا) أن محمدا رسول الله". إن الحرية كدح متواصل ومجاهدة يومية من أجل تجسيد المثل العليا (أسماء الله الحسنى) في الآفاق والأنفس. الإنسان هنا، وكما ذكر بعض الفلاسفة المحدثين، ليس حرا وإنما يتحرّر بقدر كفاحه ضد قوى القهر داخله وخارجه، وبقدر تحقيقه المثل الأعلى لدستور الأخلاق، كما كشفت عنه أسماء الله الحسنى. ومن حقوق الإنسان المضمونة في الإسلام حرية الاعتقاد، وقد تواترت في تأكيدها آيات القرآن وترجمتها صحيفة المدينة، إذ اعترفت بحقوق وحريات لكل المكونات الدينية والعرقية فيها، فبرأ تاريخ الإسلام من حروب التطهير الديني والعرقي، بسبب الإعلان القطعي لمبدأ "لا إكراه في الدين" 255: البقرة. المبدأ الأعظم في الإسلام والأساس الأصلب للحقوق والحريات، بما يجعله حاكما على كل ما يخالفه. فكل ما يخالفه من نصوص –حسب تفسير "التحرير والتنوير"- منسوخ أو مؤول. وتتفرع عن حرية الاعتقاد جملة من الحقوق منها المساواة قاعدة التعامل في المجتمع الإسلامي. فلا يتفاضل الناس في المجتمع الإسلامي بلون ولا بجنس ولا باعتقاد، هم سواسية أمام القانون. قال الإمام علي (رضي الله عنه) عن حقوق المواطنين غير المسلمين في دولته "فإنما أعطوا الذمة (أي الجنسية) ليكون لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، ولا ترد الاستثناءات من قاعدة المساواة بين المواطنين إلا في حدود ضيقة هي من مقتضيات النظام العام وهوية المجتمع وتوزيع الأعمال في الأسرة والمجتمع، كالاختلاف في بعض أنصبة التوارث. والجدير بالملاحظة أنه رغم أنه ليس في مصطلح "أهل الذمة" -أي غير المسلمين المتمتعين بحماية الدولة- ما يعاب، فإنه ليس من ألفاظ الشريعة لازمة الاستعمال في الفكر السياسي الإسلامي مهما تحقق الاندماج بين المواطنين وقامت الدولة على أساس المواطنة، أي المساواة حقوقا وواجبات. وقد كفل الإسلام لأهل كل عقيدة إقامة معابدهم وشعائرهم بها إعمالا لأصل الحرية الدينية وعدم الإكراه. دار الإسلام حفلت بتعايش مختلف المذاهب الإسلامية، فلم تعرف حروب الإبادة والتطهير العرقي بل كانت ملجأ للمضطهدين من كل ملة. ولقد كانت وصايا الخلفاء للقادة والعسكريين صارمة في أن يتركوا العبّاد وما نذروا أنفسهم له، فتعايشت كل الديانات تحت حكم الإسلام القوي، حتى إذا تحولت موازين القوة لغير صالح المسلمين كان مآلهم ومساجدهم -غالبا- التنكيل وحتى الإبادة، قديما وحديثا، وما حل بمسلمي الأندلس والبوسنة وكوسوفا والشيشان.. من حرب تطهير عرقي وديني شاهد. وكذا فشوّ العداء للإسلام (الإسلاموفوبيا) بسبب رفض الاعتراف بالإسلام وبحق الحرية والتعدد الديني، بينما اعترف الإسلام ابتداء بحرية المعتقد "لكم دينكم ولي دين"، فكانت دعوته متكررة إلى الجدل بالتي هي أحسن وإلى اللقاء على المشترك من توحيد لله ومحاربة للظلم "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباب من دون الله" 62: آل عمران. ولذلك لا عجب أن توفرت دار الإسلام على أقدم بيع اليهود وكنائس النصارى وحتى المعابد الوثنية، تمتعت وأهلها بحماية شرائع الإسلام السمحاء، بينما لم يكد يمر على أقدم مسجد في الحواضر الأوروبية قرن. كما حفلت دار الإسلام بتعايش مختلف المذاهب الإسلامية، فلم تعرف حروب الإبادة والتطهير العرقي –عدا حوادث استثنائية- بل كانت ملجأ للمضطهدين من كل ملة. ومن حقوق الانسان التي كفلها الإسلام حرية الفكر والدعوة والإعلام والمناقشات الدينية باعتبارها فروعا لقاعدة "لا إكراه في الدين". يقول المودودي وهو المنعوت عادة بالتشدد "سيكون لغير المسلمين في الدولة الإسلامية من حرية الخطابة والكتابة والرأي والتفكير والاجتماع ما هو للمسلمين سواء بسواء، وسيكون عليهم من القيود والالتزامات في هذا الباب ما على المسلمين أنفسهم.. فسيجوز لهم أن ينتقدوا الحكومة وعمالها، حتى رئيس الحكومة نفسه ضمن حدود القانون. سيكون لهم الحق في انتقاد الدين الإسلامي مثل ما للمسلمين من الحق في نقد مذاهبهم ونحلهم. ويجب على المسلمين أن يلتزموا حدود القانون في نقدهم هذا كوجوب ذلك على غير المسلمين، وسيكون لهم الحرية كاملة في مدح نحلهم وإن ارتد –أي المسلم- فسيقع وبال ارتداده على نفسه، ولا يؤخذ به غير المسلم، ولن يكره غير المسلمين في الدولة الإسلامية على عقيدة أو عمل يخالف ضميرهم. وسيكون لهم أن يأتوا كل ما يوافق ضميرهم من أعمال ما دام لا يصطدم بقانون الدولة". (أبو الأعلى المودودي، نظرية الإسلام وهديه في السياسة والقانون والدستور، بيروت، دمشق، دار الفكر، 1964، ص 316). وقد يعترض على هذا الحق بمسألة الردة، مع أن القرآن ولئن توعد المرتدين بأشد العقاب يوم القيامة فإنه لم ينص على عقوبة في الدنيا، وإنما جاء النص على ذلك في الحديث، بما أمكن لمفكرين إسلاميين حمله على أنه من تصرفات النبي السلطانية، فيترك لهيآت الدولة في كل عصر تقدير مدى خطر الظاهرة، ومعالجتها بحسب ذلك، تمييزا بين ردة فردية لا خطر منها، وردة جماعية تهدد الكيان، كالتي حدثت في أول الإسلام، فكانت تمردا سياسيا مسلحا مهددا للنظام العام أي جريمة سياسية، ولم تكن مجرد فكرة فتعالج بمثلها، وهو ما يزيل التصادم ومبدأ حرية الاعتقاد المكفولة شرعا. كما يؤكد الإسلام حق الفرد في التملك، والتمتع بثمار عمله، واعتبار الملكية وظيفة اجتماعية يمارسها الفرد تحت رقابة ضميره الديني وسلطة المجتمع ضمن مصلحة الجماعة وفي حدود الشريعة في إطار نظرية الاستخلاف، دون أن يغيب عنا أن القصد من الملك هو حفظ التوازن الاجتماعي بما يعينه من تحريم وجود طبقات مبنية على التفاوت وبالخصوص إذا استند إلى أساس غير مشروع كالغش والاحتكار والسرقة واستغلال حاجة الفقير (الربا) والنفوذ السياسي. الملكية هنا مضمونة ولكنها تختلف جذريا عن التصور الرأسمالي. ملكية أساسها العمل المشروع، وملتزمة بالمصلحة العامة. وبالنسبة للحقوق الاجتماعية فالعمل واجب ديني، وأن في مال الأغنياء حقا معلوما للفقراء، يمكن المحتاج انتزاعه إن لم تفعل الدولة. ولا حرمة لمال ما دام في المجتمع محتاج. ومن الحقوق الاجتماعية حق التعليم، وهو إلزامي (فريضة)، والحق الصحي، والحق في السكن والكساء وإقامة أسرة، وحرية التنقل، وحرمة المسكن، وحق الإضراب عن العمل لتغيير عقود ظالمة فرضها الأقوياء على الضعفاء، فلا يجب الوفاء بها. "وليملل الذي عليه الحق" 282: البقرة، أي شروط العقد. ومن الحقوق أيضا المشاركة في الشؤون العامة. فانطلاقا من مبدأ المساواة والعدل الإلهي وواجب كل مسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جاء الإسلام ثورة على الفراعنة، داعيا إلى الاشتراك في الأمر العام "وأمرهم شورى بينهم" 38: الشورى. فلا جرم أن يكون الإسلام سعيدا بما توفّق إليه البشر من تطوير لأدوات الشورى المعبر عنها بالنظام الديمقراطي في عصرنا، بما يسمح بتجسيد سلطة الأمة وقوامتها على حكامها تولية ومراقبة وعزلا، على أساس المساواة بين المواطنين والتعددية السياسية وحرية التعبير وتداول السلطة عبر انتخابات دورية تعددية نزيهة واستقلال القضاء وفصل السلطات. ليس في تعاليم الإسلام ولا في مقاصده ما يتنافى مع مقومات الديمقراطية بل هي أفضل ما تمخض عنه العقل البشري حتى الآن من ترتيبات حسنة لتقليم أظافر الفراعنة، وكل خير فالإسلام أولى به فليس في تعاليم الإسلام ولا في مقاصده ما يتنافى مع مقومات الديمقراطية بل هي أفضل ما تمخض عنه العقل البشري حتى الآن من ترتيبات حسنة لتقليم أظافر الفراعنة، وكل خير فالإسلام أولى به. ومعلوم عند علماء الإسلام أن السياسة لئن كانت أصولها ثابتة في الإسلام فإن أدواتها التطبيقية من أمور الدنيا التي تتطور وتتحسن بتطور العقول والتجارب. قال رسول الله صلى الله صلى عليه وسلم "أنتم أعلم بأمور دنياكم"، بمعنى تقنيات ووسائل تنظيم أمور معاشكم من زراعة وصناعة ومواصلات وتدبير شؤون الحكم بما هي مصالح تحقق مقاصد الشريعة ولا تتصادم مع ثوابتها. إن من حق المسلم بل من واجبه أن يغير المنكر ويثور على الظلم وأن يحرض على ذلك متوسلا بكل سبيل احتجاجي لتغيير المنكر كالمسيرات والاعتصامات والحملات الإعلامية وتأسيس التجمعات والجبهات، فلا يقر له قرار حتى يطيح بالظلم ويقيم العدل، وإلا وقع في الإثم. وضمن الإسلام الحق في العدل والأمن من العسف، إذ أقام الإسلام نظام المجتمع على أساس مبدأ العدل "اعدلوا". العدل في الحكم والعدل في القضاء وفي كل المجالات. وما يقتضيه ذلك من حق الأمن من الظلم والتعسف، ومن ذلك الأمن من التعذيب، فقد أخبر النبي عليه السلام أن امرأة دخلت النار في هرة. وأخيرا حق الأمان أو اللجوء السياسي، وهو حق تكفله الدولة الإسلامية لكل إنسان بقطع النظر عن جنسه وملته، من استنجد بالمسلمين وطلب الأمان عندهم فالواجب تمكينه من هذا الحق وحمايته حتى يقرر العودة إلى وطنه أو إلى مكان آخر وذلك مقتضى آية التوبة: 5 "وإن أحد من المؤمنين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه". يقول المفسر ابن كثير: "إن من قدم من دار الحرب إلى دار الإسلام في أداء رسالة أو تجارة أو طلب صلح أو مهادنة أو نحو ذلك من الأسباب وطلب من الإمام أو نائبه أمانا أعطي أمانا ما دام مترددا في دار الإسلام وحتى يرجع إلى مأمنه ووطنه". وختاما فإن الاتجاه العام لإعلانات حقوق الإنسان والعهود الدولية يتساوق مع شرائع الإسلام ومقاصده في العدل والحرية والمساواة في التكريم الإلهي للإنسان، بما يجعلنا إزاء تطور محمود لو أنه تعزز بواقع مطابق له، إلا أن حقوق الإنسان في الإسلام تمتلك ميزات تفوّق. تجربة التاريخ أثبتت أن الإنسان لا يعيش دون أن يتخذ لنفسه إلها، "ففي النفس البشرية جوعة لا يسدها غير الإقبال على الله"، كما ذكر ابن القيم. الخلل الأساسي في إعلانات حقوق الإنسان استنادها -غالبا- إلى فلسفة دهرية، تزعم إمكان استقلال الإنسان عن خالقه في تنظيم حياته وتحصيله للسعادة، وكانت النتيجة رغم التقدم الجزئي تسلط الأقوياء على الضعفاء وتدمير البيئة وتفكيك أنسجة التواصل والتراحم بين البشر. بينما استناد حقوق الإنسان إلى خالق الإنسان يعطيها من جهة قدسية تحد من العبث بها، ويجعلها أمانة في عنق كل المؤمنين، على اعتبار حمايتها واجبا دينيا يثاب على فعله ويعاقب على تركه. كما يعطيها أبعادها الإنسانية بمنأى عن كل الفوارق الجنسية والإقليمية والاجتماعية، إذ إن الله رب العالمين وليس لقوم أو أمة وحسب. فالخلق كلهم عيال الله. واستناد الحقوق إلى خالق الإنسان يعطيها شمولا وإيجابية تخرج بهما عن الشكلانية والجزئية، لأن الله خالق الإنسان وهو أعلم بالحاجات الحقيقة لمخلوقاته، ويعزز سلطة القانون الحامي لتلك الحقوق بسلطة الضمير الديني المتمثل في شعور المؤمن برقابة الله الدائمة. أما لماذا دول الإسلام المعاصرة معدودة في مؤخرة دول العالم بمقاييس حقوق الإنسان، فليس ذلك عائدا بحال لا إلى الإسلام، فمبادئه وتجربته الحضارية شاهدان على سموه وانفتاح مجتمعاته، ولا إلى المسلمين لأنهم محكومون بحكومات لا تمثلهم بل تمثّل عليهم، بل حتى تمثّل بهم، مستظهرة عليهم بميزان قوة دولي متغلب، إلى حين "وتلك الأيام نداولها بين الناس".
|
|
|