كتبت الصحافية الأميركية التي سبق وأن اعتقلت أثناء تسللها إلى مناطق تحظر الحكومة اليمنية زيارتها في جنوب اليمن، هيثر ميردوك، مقالاً نشر عبر مؤسسة "صوت أميركا" الإعلامية بعنوان "انفصاليو اليمن يدعون إلى الإنتفاضة الجنوبية", حيث تطرقت إلى آراء بعض قادة الحراك الجنوبي وعامة من الناس في منطقة يافع في جنوب اليمن التي قالت أنها "ليست تحت سيطرة الحكومة اليمنية وإنما تحت سيطرة شبكة من المشايخ وقادة الحراك الجنوبي".
وكانت "ميردوك" قد كتبت مقالاً سابقاً أواخر مايو أيار بعنوان "كيف اعتقلت وكيف حظرت من دخول اليمن بشكل دائم"، حكت فيه قصة دخولها إلى مناطق تحت سيطرة الحراك الجنوبي في جنوب اليمن التي وصفتها بـ"المحررة"، والتي "لا يستطيع أن يدخلها النظام"، كما حكت فيها قصة اعتقالها هي وزميلها المصور "آدم رينولدز" أثناء عودتهما من المناطق الشمالية مما يعرف بدولة اليمن الجنوبي السابقة متخفين بعباءات نسائية.
وكانت "ميردوك" وزميلها "رينولدز" قد اعتقلا في مدينة عدن كبرى مدن جنوب اليمن في التاسع من مايو أيار الماضي وهما متنكران بعباءات نسائية شعبية.
وافتتحت الصحفية الأميركية مقالها الجديد عن زيارتها إلى يافع في جنوب اليمن متحدثةً عن الطفل "مدين" ذو الـ 15 ربيعاً، الذي كان بحوزته قنابل وسلاح آلي AK-47 والذي خاطبها قائلاً "إذا امتلكت سلاحاً، فالحكومة لن تستطيع القبض علي".
وأضافت عن "مدين" الذي كان يحدثها وهو يقف على منحدر تلة في يافع بجنوب اليمن, المنطقة التي تعرف لدى السكان المحليين بـ"الجنوب الحر"، أنه تحدث قائلاً أن خمسة عشر رجلاً قد حاولوا أخذ مسدسه عندما هاجم مكتباً للأمن بقنبلة. قائلاُ بأنه يتمنى أن يصير جندياً عندما يكبر، كما يتمنى أن تكون "الثورة الجنوبية قريبة".
وأضافت "ميردوك" قائلةً أن منطقة يافع هي "ليست محكومة بواسطة الحكومة اليمنية وإنما بواسطة شبكة من المشايخ وقادة الحراك الجنوبي".
وتحدثث "ميردوك" عن القائد في الحراك الجنوبي "محمد طماح" الذي كان يبدو عليه الفخر بينما كان يستمع للطفل "مدين" وهو يتحدث عن الجنوب وحلمه بالثورة. وعندها بدأ الناس يتجمعون ليدلوا بتصريحات متفرقة من بينها أن بعضهم جنوداً لم يتسلموا مرتباتهم لأشهر وبعضهم لسنوات، بل وعقود، الشيء الذي يعد سببُ رئيسي لعدم الاستقرار في اليمن.
وواصلت الصحفية الأميركية نقل شكاوى الناس، منها أن البعض يقول أنه لدية أقارب أو أصدقاء قد اعتقلوا بينما كانوا يحتجون ضد ما يسمونه "الاحتلال الشمالي".
ونقلت عنهم أيضاً أن "المتظاهرين الجنوبيين غالباً ما يقتلوا عندما يفتح الجيش اليمني النار على حشود المتظاهرين. كما أن الناس بلا عمل، وليس هناك مدرسين كافين لتدريس أولادهم، كما أنهم يريدون بلداً مستقلاً".وقالت "ميردوك" في مقالها أنها قامت بسؤال حشد من الناس عما إذا كانوا يريدون الحرب، فما كان الجواب أن أتى إلا على شكل زئير بالإجابة بــ"نعم". وأضافت: "أتعجب إن كان وجود القائد البارز محمد الطماح هو من يرفع حماس هذه الجماهير لما يبدو أنه كارثة". منوهةً بأن هناك حرب قصيرة دامية جرت بين الشمال والجنوب في العام 19994، فقط بعد أربع سنوات من الوحدة ولكن حكومة الشمال في النهاية انتصرت.
وصرحت الصحافية "ميردوك" بأنها قد حضرت اجتماعاً لقيادات الحراك الجنوبي في بيت الشيخ عبد الرب النقيب، أحد أبرز قيادات الحراك الجنوبي، الذي قالت أنه "حاكم المنطقة"، والذي كان يلبس "قبعة أميركية" ليعبر عن "تأييد الحراك الجنوبي للغرب".
ومضت الصحافية ناقلة عن القادة في الاجتماع أنهم اعتقدوا أن التوحد مع شمال اليمن كان فكرة جيدة في العام 1990، ونقلت عن طماح قوله "لقد كنا حمقى" مضيفاً "لم نعلم ماذا كان يخطط له في الشمال، فحكومة الشمال استغلت الوحدة لاستنزاف موارد، أعمال وأرض الجنوب".
وقالت ناقلة عن تصريحات رسمية للحكومة اليمنية أن قادة الحراك الجنوبي هم عبارة عن "مجرمين يستغلون معاناة الناس العاديين للمكاسب الشخصية". كما نقلت عن وكيل محافظة عدن سلطان م. الشعيبي قائلاً أن "الجنوبيين فقراء كما هو حال بقية الناس في كل البلد".
وقالت أنه قام بعد ذلك بأخذها في جولة بسيارته الفضية رباعية الدفع، مشيراً إلى المباني الحديثة ومشاريع التنمية في المدينة قائلاً أن هذه كلها قد بنيت في عهد الوحدة.
كما نقلت عن الشعيبي تصريحه أن "الحراك الجنوبي ليس ذو قوة أو شعبية كافية لإشعال ثورة". مضيفاً أن "الاحتجاج السلمي مرحب به في اليمن ولكن أعمال العنف سَيتعامل معها كأي عمل إجرامي آخر يهدد استقرار البلد". ضارباً لها مثلاً "رجل يسير في الطريق يأخذوه ويقتلوه أمام عائلته، فقط لسبب أنه ينتمي إلى هذه المنطقة أو تلك".
وقالت "ميردوك" أن الاحتجاجات في جنوب اليمن قد أصبحت شيئاً مألوفاً. وأن مطالب "الانفصاليين معقدة في ظل تواجد القاعدة". فالانفصاليون يقولون أنهم "منظمة علمانية وليست لها شأن بالتطرف ولا بالقاعدة". مضيفة أنه "من الملاحظ وجود هدف للقاعدة والحراك وهو إفقاد الحكومة اليمنية لتوازنها".
وأضافت أنها لم تقل ملاحظتها في بيت الشيخ النقيب لأن "الانفصاليين كانوا لا يزالون في وضع الترافع" قائلين أن "الحكومة اليمنية تلصق القاعدة بهم لتستخدم الإيرادات العالمية للحرب ضد الإرهاب لتهاجمهم".
وقالت أن المجتمعيين في بيت النقيب كانوا قد ناقشوا إن كان من الممكن أن ينجزوا الاستقلال بدون زعزعة الحكومة اليمنية. كما أن البعض قال بـ"عدم جدوى الاحتجاجات السلمية"، والبعض حث على المزيد من المظاهرات "والانفصال السلمي"، كما أن البعض قال أن "المعركة قادمة لا محالة سواء بدعمهم أو بدونه".
ونقلت الصحافية عن الحكومة اليمنية دعوتها "للحوار مع الانفصاليين"، وحث الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الجنوبيين على الاعتراف بالوحدة كشرط للدخول في المفاوضات. كما نقلت عن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح قوله أنه "متأكد أن الأعلام الشطرية ستحرق خلال الأيام والأسابيع القادمة، لأن هناك علم واحد قد اتفقنا عليه بقناعتنا". وأضافت "ميردوك" أنه رغم تصريحات الرئيس، فإنك بعد دقائق من ابتعادك من النقاط الأمنية المحيطة بعدن فستجد أعلام دولة اليمن الجنوبي السابقة مرسومة على جوانب الجبال، المباني، خزانات المياه والأبواب. كما تجد شعارات "الجنوب الحر" و "وطن لا نحميه لا نستحقه!" أيضاً مكتوبة بالطلاء البخاخ على الجداران الخالية والصخور".
وختمت الكاتبة والصحافية الأمريكية "هيذر ميردوك" مقالها بأن محمد الطماح بينما كان يسير تجاه حشد من الأنصار قال لها "هل ترين.. كل مسن يريد المشاركة في الحرب". وأنه دعاها – أي الطماح – إلى أن تقوم بإطلاق بعض الطلقات النارية من سلاح صديقه الآلي AK-47، إلا أنها "رفضت العرض!".