وأنكحوا الأيامى منكم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره وتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ،أما بعد:
فحديثنا الليلة بعنوان ]وأنكحوا الأيامى منكم[ وهو صدر آية كريمة في سورة النور.
وقفة حول العنوان:
أول مايستوقفنا في هذا العنوان هو معنى كلمة الأيامى:
الأيامى في اللغة الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء . قال ابن سيدة:"الأيم من النساء التي لازوج لها بكراً كانت أو ثيباً، ومن الرجال الذي لا امرأة له" . والأيم على الصحيح يطلق على الذكر والأنثى كما قيل :
فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي يد الدهر مالم تنكحي أتأيم
ومن قول ابن القيم :
وكن أيما مما سواها فإنها لمثلك في جنات عدن تأيم
والأغلب إطلاقه على الأنثى، وهي في الآية الكريمة تشمل الذكر والأنثى .
من منافع الزواج:
للزواج منافع وآثار دينية ودنيوية عدة، منها:
1 - أن الله قد امتن بالزواج على عباده فقال :]ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم ومودة ورحمة[: وكما جعل الزوجة سكناً فقد جعلها لباساً، قال تعالى: ]هن لباس لكم وأنتم لباس لهن[، وجعلها حرثاً فقال :]نساؤكم حرث لكم[.
2 - أن الزواج من سنن المرسلين فقد ذكر الله تبارك وتعالى ذلك عنهم فقال : ]ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم وجعلنا لهم أزواجاً وذرية[ .
وذكر الله تبارك وتعالى عن نبيه موسى أنه بقي سنين يرعى الغنم مهراً للزواج.
وذكر r عن سليمان عليه السلام أنه كان له نساء عدة؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي r قال:" قال سليمان بن داود لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، تحمل كل امرأة فارسا يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: -أي الملك- إن شاء الله، فلم يقل، ولم تحمل شيئا إلا واحدا ساقطا أحد شقيه" فقال النبي r :"لو قالها لجاهدوا في سبيل الله" متفق عليه.
وحين جاء طائفة من أصحاب النبي r وسألوا عن عبادته، فاعتقدوا أن لهم شأنا ليس كشأنهم، فمنهم من اعتزل الناس، أخبر r أن الزواج من سنته وهديه، ففي الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه -أن نفرا من أصحاب النبي r سألوا أزواج النبي r عن عمله في السر فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، فحمد الله وأثنى عليه فقال:"ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
فإذا كان المرسلون قد جعل الله تعالى لهم أزواجاً، وكان الزواج من سنتهم، وهم أعبد الناس وأعلم الناس، وأكثر الناس شغلاً، فلا مناص ولا مجال لأحد بعد ذلك أن يعتذر عن الزواج إلا أن يكون قد خالف سنة المرسلين، أو يكون فيه ما يمنعه من النكاح.
3 - أن الله قد أمر الأولياء -وهو أمر للمجتمع – بتزويج الأيامى، وهم من لاأزواج لهم من الرجال والنساء –ما سبق بيانه-]وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم[.
4 - لقد أمر النبي r أمراً عامًّا لأمته يخاطب فيه كل شاب على مدى عمر هذه الأمة الزمني " يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليع بالصوم فإنه له وجاء " والخطاب الذي للرجال تدخل فيه النساء.
5 - الزواج فيه تحصيل لخير متاع الدنيا؛ فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة " . رواه مسلم . وروى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة، قلباً شاكراً، ولساناً ذاكراً، وبدناً على البلاء صابراً، وزوجة لاتبغيه حوباً في نفسها وماله " .
6- الزواج فيه إكمال لشطر الدين؛ فقد روى الحاكم عن أنس رضي الله عنه أن النبي r قال : " من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي " وفي رواية للبيهقي " إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي " .
وإنما كان الزواج نصف الدين لأن النبي r قال في الحديث الآخر:"من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة" رواه البخاري من حديث سهل بن سعد، فإذا تزوج أعف مابين رجليه.
7 - وكما أنه صلى الله عليه وسلم قد أمر بالزواج وحث عليه، فقد نهى عن التبتل والانقطاع فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: رد رسول الله r على عثمان بن مضعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا .
8- نهى صلى الله عليه وسلم عن المبالغة في التعبد على حساب حق الأهل والزوجة، فقال لعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما – "يا عبد الله، ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل؟ فقلت –عبدالله بن عمرو- بلى يا رسول الله، قال:"فلا تفعل، صم وأفطر، وقم ونم؛ فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا…." فدل ذلك على أن الزواج أفضل من التفرغ للعبادة، فكيف بغيرها.
9 - أن النكاح سبب لعون الله وتوفيقه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة حق على الله عونهم : المكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله " رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه.
10 - أن ذلك سبب لزيادة عدد الأمم، ومكاثرة النبي صلى الله عليه وسلم . فقد قال صلى الله عليه وسلم : " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم " رواه أبو داود والنسائي.
11 – الزواج له أثر صحي فقد أجرى عالمان نفسيان في جامعة شيكاغو إحصاءات دقيقة عن حالات من الجنون التي قاما بفحصها بين من يعالجونهم فوجدا أن بين كل مئة مجنون ومجنونة 83 مريضاً من العزاب و17 من المتزوجين والمتزوجات . كما أن معدل الإجرام أكثر عند العزاب منه عند المتزوجين . حيث بلغ في إحدى الإحصائيات 38 مجرماً أعزب مقابل 17 متزوجاً .
12- ومن أهم مقاصد النكاح وفوائده تحصين النفس، وحمايتها من الوقوع في الفاحشة، وهو ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: " فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج .. " وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ماتركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء وإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " . ويتأكد ذلك في العصر الحاضر الذي انتشرت فيه فتنة النساء وعمت بلاد المسلمين.
13 - الزواج يتيسر فيه للرجل والمرأة أنواع من العبادة والقرب لاتتيسر في غيره من حسن العشرة، والصحبة بالمعروف، وقضاء حق العيال والرحمة بهم، والانشغال بمصالحهم كل ذلك قربة إلى الله عز وجل . بل إن اللقاء بينهما وتحصيل الشهوة أمر يثابان عليه، ففي صحيح مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : " وفي بضع أحدكم صدقة " ،قالوا : يارسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : " أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " .
السلف والزواج:
ولإدراك السلف رضوان الله عليهم لسنة النبي r واعتنائهم بها، فكان مما أثر عنهم الاعتناء بالزواج والحث عليه، وهذه طائفة من أقوالهم وأخبارهم تدل على ذلك:
روى البخاري عن سعيد بن جبير قال : قال لي ابن عباس : هل تزوجت ؟ قلت لا . قال: فتزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً . وفي رواية لأحمد بن منيع وذلك قبل أن يخرج وجهي - أي يلتحي .
روى ابن أبي شيبة عن شداد بن أوس رضي الله عنه - وكان قد ذهب بصره – قال: زوجوني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن لا ألقى الله عزباً .
وروى عن معاذ أنه قال في مرضه الذي مات فيه: زوجوني إني أكره أن ألقى الله عزباً .
وروى عن ميسرة أنه قال : قال لي طاوس : لتنكحن أو لأقولن لك ماقال عمر لأبي الزوائر : مايمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور .
وروى عن طاووس أنه قال: لايتم نسك الشاب حتى يتزوج.
وروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :لو لم أعش أو لم أكن في الدنيا إلا عشراً لأحببت أن يكون عندي فيهن امرأة .
وقال المروزي قال الإمام أبو عبدالله - يعني أحمد بن حنبل -: ليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء، النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أربع عشرة، ومات عن تسع، ولو تزوج بشر ابن حارث لتم أمره، ولو ترك الناس النكاح لم يكن غزو، ولا حج ولا كذا، ولاكذا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح وما عنده شيء ومات عن تسع، وكان يختار النكاح ويحث عليه، ونهى عن التبتل، فمن رغب عن سنة النبي صلى الله عليه فهو على غير الحق، ويعقوب في حزنه قد تزوج وولد له، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " حبب إلي النساء " قلت له - المروزي - فإن إبراهيم بن أدهم يحكى عنه أنه قال : " لروعة صاحب العيال .." فما قدرت أن أتم الحديث حتى صاح بي وقال : وقعت في بنيات الطريق : انظر ماكان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم قال : بكاء الصبي بين يدي أبيه يطلب منه الخبز أفضل من كذا وكذا، أين يلحق المتعبد العزب؟
ونقل ابن قدامة عن الإمام أحمد أيضا أنه قال :" من دعاك إلى غير التزويج فقد دعاك إلى غير الإسلام " .
وتزوج الإمام أحمد في اليوم الثاني لوفاة أم ولده عبدالله .
وكان يعقوب يدخل على المهدي ليلا ويرفع إليه النصائح في الأمور الحسنة الجميلة من أمر الثغور، وتقوية الغزاة، وتزويج العزاب .
وقال عبدالمؤمن المغربي : " ورجل بلا بعل كرِجْل بلا نعل ، والعزوبة مفتاح الزنى والنكاح ملواح الغنى، ومن نكح فقد صفد بعض شياطينه، ومن تزوج فقد حصن نصف دينه، ألا فاتقوا الله في النصف الثاني، فإن خراب الدين بشهوتين : شهوة البطن وهي الصغرى، وشهوة الفرج وهي الكبرى، فاعمر الركعتين وأحكم الحصنين .
الفقهاء والزواج :
يتحدث الفقهاء في مبدأ كتاب النكاح عن حكم الزواج وأهميته فلنورد مايسمح به المقام من أقوالهم في ذلك :-
وقد أعقب الأحناف باب العبادات بالنكاح . وعلل ذلك الكمال ابن الهمام في شرح فتح القدير فقال : " وهو أقرب إلى العبادات حتى أن الاشتغال به أفضل من التخلي لمحض العبادة على مانبين إن شاء الله تعالى فلذا أولاه العبادات ... ثم ذكر حكمه واختلافهم فيه، ورجح تفضيله على التخلي للعبادة وقال :" وبالجملة فالأفضلية في الاتباع لافيما يخيل للنفس أنه أفضل نظراً إلى ظاهر عبادة وتوجه، ولم يكن الله عز وجل يرضى لأشرف أنبيائه إلا بأشرف الأحوال، وكان حاله إلى الوفاة النكاح، فيستحيل أن يقرره على ترك الأفضل مدة حياته "... ومن تأمل مايشتمل عليه النكاح من تهذيب الأخلاق، وتوسعة الباطن بالتحمل في معاشرة أبناء النوع، وتربية الولد، والقيام بمصالح المسلم العاجز عن القيام بها، والنفقة على الأقارب والمستضعفين، وإعفاف الحرم ونفسه، ودفع الفتنة عنه وعنهن ودفع التقتير عنهن ... لم يكد يقف عن الجزم بأنه أفضل من التخلي " .
وقال ابن رشد :- فأما النكاح فإنه في الجملة مرغب فيه ومندوب إليه . .. وأما من احتاج إلى النكاح ولم يقدر على الصبر دون النساء، ولاكان عنده مايتسرى به وخشي على نفسه العنت إن لم يتزوج، فالنكاح عليه واجب .
وقال الكاساني : لاخلاف أن النكاح فرض في حالة التوقان، حتى أن من تاقت نفسه إلى النساء بحيث لايمكنه الصبر عنهن وهو قادر على المهر والنفقة ولم يتزوج يأثم .
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني :" والناس في النكاح على ثلاثة أضرب ؛ منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء، لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح . الثاني من يستحب له، وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور فهذا الاشتغال له به أولى من التخلي لنوافل العبادة . وهو قول أصحاب الرأي . وهو ظاهر قول الصحابة رضي الله عنهم، وفعلهم … وساق بعض الآثار التي أوردنا طرفاً منها ".
قال القرطبي :" المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لايختلف في وجوب التزويج عليه " .
وقال شيخ الإسلام : " وإن احتاج الإنسان إلى النكاح وخشي العنت بتركه قدمه على الحج الواجب وإن لم يخف قدم الحج، ونص عليه الإمام أحمد في رواية صالح وغيره، واختاره أبو بكر " .
غيرنا والزواج :
الزواج أمر فطر الله تبارك وتعالى عليه خلقه، ولذا فقد كان غيرنا من الأمم الكافرة لهم عناية بموضوع الزواج واهتمام به؛ لما رأوا من مصالحه، أو لما بقي لدى بعضهم من الديانة المحرفة.
وقد كانت العناية به لدى الأمم القديمة ، فقد كانت العزوبة عندهم عيباً، بل في كثير من معتقداتهم أنه من مات ولم يتزوج فإنه قد خرج من رحمة الله، وكانوا يصفونه بصفات يستحى منها بل لا يحب أن يقابل الناس.
وفي عام 1661 م أصدر لويس الرابع عشر مرسوماً يقضي بإعفاء الذين تزوجوا وكان سنهم أقل من عشرين سنة حتى الخامسة والعشرين . وفي عام 1798م سن قانون لقيمة الإيجارات وفرض الجباية فضاعف الضرائب على العزاب الذين سنهم عشرون عاماً فما فوق .
وهاهم عقلاء الغرب -إن كان فيهم من يعقل - هاهم ومع هذه الإباحية السافرة، والفجور تتنادى أصواتهم في المطالبة بالزواج المبكر يقول ول ديورانت: " ولسنا نرى مقدار الشر الاجتماعي الذي يمكن أن نجعل تأخير الزواج مسؤولاً عنه، ولاريب أن بعض هذا الشر يرجع إلى ما فينا من رغبة في التعدد لم تهذب .. ولكن معظم هذا الشر يرجع في أكبر الظن في عصرنا الحاضر إلى التأجيل غير الطبيعي للحياة الزوجية، وما يحدث من إباحة بعد الزواج فهو في الغالب ثمرة التعود قبله، وقد نحاول فهم العلل الحيوية والاجتماعية في هذه الصناعة المزدهرة، وقد نتجاوز عنها باعتبار أنها أمر لامفر منه في عالم خلقه الإنسان، وهذا هو الرأي لمعظم المفكرين في الوقت الحاضر غير أنه من المخجل أن نرضى في سرور عن صورة نصف مليون فتاة أمريكية يقدمن أنفسهن ضحايا على مذبح الإباحية، ولايقل الجانب الآخر من الصورة كآبة لأن كل رجل حين يؤجل الزواج يصاحب فتيات الشوارع ممن يتسكعن في ابتذال ظاهر " .
ويقول : " كان البشر في الماضي يتزوجون باكراً، وكان ذلك حلاًّ صحيحاً للمشكلة الجنسية ، أما اليوم فقد أخذ سن الزواج يتأخر، كما أن هناك أشخاصاً لايتوانون عن تبديل خواتم الخطبة مراراً عديدة، فالحكومات التي ستنجح في نص القوانين التي تسهل الزواج الباكر ستكون جديرة بالتقدير لأنها تكشف بذلك أعظم حل لمشكلة الجنس في عصرنا هذا " .
فلئن كان أولئك الذين عاشوا في مجتمعات الانحلال والإباحية، والذين لايرون بأساً بالمعاشرة المحرمة ينادون بأهمية الزواج، فغيرهم ممن حماه الله من الرذيلة وأدرك شؤمها أولى من هؤلاء.
ماذا نجني من الزواج المبكر ؟
حين يبادر الشاب والفتاة بالزواج المبكر فإنهم يجنون ثمرات عدة، منها:
1 – تحصيل منافع الزواج وفضائله التي سبق الحديث عنها.
2 – أن الشباب والفتيات اليوم يعانون من المغريات والمثيرات التي تبدو أمامهم في كل موطن، فهو حين يتأخر في الزواج بين أمرين لا ثالث لهما، إما أن يقع في الحرام فيشعر بالألم والندم –وهذا المؤمل فيه- ،وإما أن يحميه الله عز وجل؛ فينتصر على شهوته ونفسه الأمارة بالسوء، فيعيش في حيرة وخوف على نفسه ومعاناة.
3 - الاستقرار النفسي والراحة؛ فالزواج سكن كما أخبر تبارك وتعالى ]:ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة[ .
وقد دلت الدراسات المعاصرة اليوم على أثر الزواج على الاستقرار النفسي والاجتماعي على صاحبه، يقول أحد الغربيين:"إن العزوبة الدائمة تعرض صاحبها إلى اضطراب نفسي مختلف الأنواع والصفات، فيفسد النفس، ويجعلها مجبولة تتحلى بعدم الرحمة والقسوة والخفة والطيش، وعدم الاتزان " . ويقول جورج انكتيل :" منذ مطلع القرن العشرين والعزوبة تمثل على مسرح هذه الحياة شقاء ينتهي غالباً بالانتحار والجنون " .
وحين يتأخر الشاب والفتاة في الزواج فإنهما يفوتان على أنفسهما فرصة تحصيل الاستقرار في هذه المرحلة المهمة من مراحل العمر.
4 - الشعور بالمسؤولية: فالتعليم والتربية في هذا العصر صاغ حياة الشاب والفتاة بصورة تجعل الفرد يعتمد على غيره، ولا يتحمل المسؤولية، فهو يسير في الدراسة ستة عشر عاماً أو أكثر، وخلال فترة الدراسة ليس له دخل ثابت؛ فهو يعتمد على أهله في الأغلب، والحاجة للمسؤولية حاجة مهمة للشاب، ومن ثم فالتبكير في الزواج ينمي هذه الحاجة لديه.
5 - التربية السليمة للأبناء والبنات، فهو حين يتزوج في وقت مبكر ستكون الفجوة بينه وبين أولاده –وبالأخص الكبار منهم- غير واسعة، فسوف يبلغ ولده الأكبر سن التكليف والأب دون الأربعين، وهذا له أثره في سهولة تعامله معه، واستيعابه لمشكلاته، وقدرته على تربيته.
6 - وجود من يقوم بأعباء المنزل للوالدين، فحين يتزوج الشاب والفتاة في سن مبكرة فما أن يبلغا الأربعين إلا وقد وجد من يقوم بأعباء المنزل من البنين والبنات، وهذا له أثره في تحقيق قدر من الفراغ يمكن أن يثمر فيه الأب وينتج نتاجاً يتناسب مع فترة الرشد والنضج التي يعيشها.
7 – الزواج المبكر مدعاة لحصول الأبوين على الولد الصالح، فهو أدعى لحسن تربيته كما سبق، وهو أدعى لكثرة الولد، والولد الصالح امتداد للمرء بعد موته، كما ثبت عنه r :"إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
8 - نجابة الولد : الزواج المبكر سبب في الأغلب للإنجاب المبكر، وهذا له أثره على نجابة الولد، قال الماوردي : " إن أنجب الأولاد خلقاً وخلقاً من كان سن أمه بين العشرين والثلاثين " .
وتوصلت بعض الدراسات الحديثة إلى أن الأمهات دون العشرين وفوق الخامسة والثلاثين يزيد احتمال إنجابهن للأطفال المتأخرين عن الأمهات اللاتي تقع أعمارهن فيما بين العشرين والخامسة والثلاثين .
وتوصلت بعض الدراسات الحديثة إلى أن نسبة الأطفال المشوهين والمعتوهين تزداد تبعاً لعمر الأب، وخاصة بعد الخامسة والأربعين.