خامنئي ينتقم من "الحبيب" ويوحد السنة والشيعة
محيط - جهان مصطفى
علي خامنئي
فيما اعتبر خطوة حكيمة من شأنها أن تغلق أبواب الفتنة بين السنة والشيعة من جهة وتسد الطريق أمام المخططات الأمريكية والإسرائيلية الهادفة لشق صفوف المسلمين من جهة أخرى ، أصدر مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية على خامنئى في 2 أكتوبر فتوى بتحريم الإساءة إلى الصحابة رضوان الله عليهم أو المساس بأمهات المؤمنين زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
ورغم أن العشرات من الرموز الدينية الشيعية البارزة في إيران أدانوا في وقت سابق حملات الإساءة للسيدة عائشة زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، إلا أن فتوى خامنئي تحمل دلالات هامة جدا بالنظر إلى أنه من أبرز مراجع الشيعة ، كما أنه المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تضم العدد الأكبر من الشيعة في العالم .
هذا بالإضافة إلى أن الفتوى جاءت ردا على رسالة وجهها جمع من علماء ومثقفي الإحساء في المملكة العربية السعودية في أعقاب "الإساءات" التي وجهها مؤخرا رجل الدين الشيعي ياسر الحبيب لزوجة النبي عائشة رضي الله عنها ، وبالنظر إلى أن السعودية لها مكانة خاصة في قلوب المسلمين ، فإن استجابة خامنئي بشكل فوري للرسالة التي وجهها علماء الإحساء يبعث للجميع بتحذير شديد اللهجة مفاده أنه لا أحد من السنة أو الشيعة سيسمح لمثيري الفتنة بالمضي قدما في مخططاتهم ، هذا بالإضافة إلى أن توجه علماء السنة لخامنئي الذي يعتبره البعض أعلى مرجع للشيعة في العالم كان بمثابة خطوة ذكية جدا لاستطلاع موقف خامئني وبالتالي تحديد الموقف منه سواء بالسلب أو بالإيجاب ، هذا بجانب وضع حد نهائي للإساءات التي يوجهها بعض الشيعة للسيدة عائشة باسم المذهب الشيعي وهو بريء منهم .
وكان جمع من علماء ومثقفي الإحساء بعثوا برسالة للمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية طالبوا خلالها بإبداء رأيه حول ما ورد على لسان الناشط الشيعي ياسر الحبيب من إهانة صريحة ومسيئة لزوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين السيدة عائشة .
وفي رده على الرسالة السابقة ، أكد خامنئي أنه يحرم النيل من الرموز الإسلامية لأهل السنة وخاصة أم المؤمنين السيدة عائشة ، قائلا :" من المحرمات والمحظورات الإساءة إلى زوجات الأنبياء وزوجات الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم ".
ترحيب الأزهر
أحمد الطيب
ويبدو أن الفتوى السابقة بعثت على الفور الارتياح في نفوس السنة ليس في السعودية فقط وإنما في العالم الإسلامي بأكمله وخاصة مصر ، حيث أعرب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف في بيان له يوم السبت الموافق 2 أكتوبر عن تقديره وترحيبه بالفتوى التى أصدرها على خامنئى مرشد الجمهورية الإيرانية بتحريم الإساءة إلى الصحابة رضوان الله عليهم أو المساس بأمهات المؤمنين زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
ووصف شيخ الأزهر في بيان له فتوى خامنئي بأنها "صادرة عن علم صحيح وعن إدراك عميق لخطورة ما يقوم به أهل الفتنة وتعبر عن الحرص على وحدة المسلمين , قائلا :" ومما يزيد من أهمية تلك الفتوى أنها صادرة عن عالم من كبار علماء المسلمين ومن أبرز مراجع الشيعة وباعتباره المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية".
ووجه الطيب في هذا الصدد تحية صادقة لخامنئي على "فتواه الكريمة" التى أكد أنها أتت في أوانها لترأب الصدع وتغلق أبواب الفتنة , داعيا الله سبحانه وتعالى أن تكون فاتحة خير وبداية لعمل جاد موصول لجمع المسلمين على كلمة سواء بعيدا عن دعاوى الغلو والتطرف ودعاة الفرقة والخلاف.
ولم يكتف الطيب بما سبق ، بل إنه استطرد قائلا :" إنه من موقع العلم ومن واقع المسئولية الشرعية أقرر أن السعى لوحدة المسلمين فرض وأن الاختلاف بين أصحاب المذاهب الإسلامية ينبغى أن يبقى محصورا فى دائرة الاختلاف في الرأى والاجتهاد بين العلماء وأصحاب الرأى وألا يمس وحدة الأمة ، مصداقا لقوله سبحانه وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم (ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين ) صدق الله العظيم - سورة الانفال الآية (46 ) ".
وبالإضافة إلى ما سبق ، أشار الطيب أيضا إلى أن كل من يتسبب بإذكاء نار الفتنة بين المسلمين آثم مستحق لعقاب الله وانكار الناس ، قائلا :" الأزهر الشريف يدعو المسلمين إلى أن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا وأن يجمعوا جهودهم للعمل من أجل رفعة الإسلام ووحدة المسلمين وعزة الأوطان وإرساء السلام بين الناس على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأجناسهم".
وحول دور مصر في التقريب بين مذاهب المسلمين على منهج الاعتدال والتوسط والاجتماع على القواسم المشتركة ، اختتم الطيب بيانه قائلا :" مصر كانت دائما سباقة للعمل في هذا المجال وإنها بادرت إلى إنشاء دار للتقريب بين المذاهب ضم صفوة من أهل العلم والدين والرأى والثقافة والسياسة من مختلف بلاد الإسلام جمعهم نبل القصد وعمق الفهم وصدق النية والعمل على مرضاة الله سبحانه وتعالى".
انتقام من الحبيب
ياسر الحبيب
ويبدو أن ما سبق هو أفضل انتقام من مثيري الفتنة ، فتوحد رموز السنة والشيعة خلف وحدة المسلمين هو الهدف الأسمى الذي طالما سعى أعداء الإسلام للحيلولة دون ظهوره واستمراره .
بل إن فتوى خامنئي تعتبر بمثابة انتقام سريع من ياسر الحبيب وغيره ممن يتجاوزون الخطوط الحمراء عبر السعي لإثارة الفتنة بين السنة والشيعة دون أدنى مراعاة لأبسط تعاليم الدين الإسلامي الحنيف التي تحث على الوحدة ونبذ الفرقة .
وكان ياسر الحبيب مؤسس جمعية "خدام المهدي" أقام خلال شهر رمضان احتفالا في لندن بمناسبة ذكرى وفاة السيدة عائشة أطلق خلاله تصريحات مستفزة للمسلمين في كافة أنحاء العالم ، حيث وصف أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر بـ "عدوة الله وعدوة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم "، كما اتهمها بأنها "هي من قتلت رسول الله عليه الصلاة والسلام وأنها تتعذب في النار وتأكل الجيف وهي معلقة من رجليها وهي تأكل من لحم جسدها".
وفور إطلاق التصريحات السابقة ، تفجرت عاصفة من الغضب داخل الكويت وطالب نواب من السنة والشيعة على حد سواء الحكومة بالسعي إلى تسلم الحبيب أو سحب الجنسية الكويتية منه وهددوا باستجواب رئيس الوزراء أو وزير الداخلية إذا لم تتحرك الحكومة .
وبالفعل ، استجابت الحكومة الكويتية للمطالب السابقة على الفور حيث قررت في 20 سبتمبر سحب الجنسية الكويتية عن ياسر الحبيب ، بالإضافة إلى التأكيد على ملاحقته قانونيا ومطالبة الإنتربول بتوقيفه.
وكان اللافت للانتباه أن الغضب لم يقتصر على شيعة الكويت ، بل إن "المجمع العالمي لأهل البيت" في إيران أدان هو الآخر بشدة "التهم الباطلة غير اللائقة لبعض زوجات النبي" ، مؤكدا أن من يطلقون تلك التهم لا يمثلون شيعة أهل البيت.
ويبدو أن السيرة الذاتية للناشط الشيعي ياسر الحبيب تؤكد أيضا أنه لا يمثل شيعة الكويت بصفة خاصة والشيعة بصفة عامة ، بل إنه وصف من قبل كثيرين من الشيعة بالانحراف وإثارة الفتنة والجهل والسفاهة والعمالة للقوى المعادية للإسلام .
ومعروف أن ياسر الحبيب يقيم في لندن منذ عام 2004 بعد أن غادر الكويت هربا من حكم بالسجن عشر سنوات بسبب تصريحات مسيئة حول أول وثاني الخلفاء الراشدين .
وبالنظر إلى أنه اعتاد التطاول على الصحابة وأهل البيت ، فإنه بات منبوذا ليس فقط داخل الكويت وإنما في كافة أرجاء العالم الإسلامي أيضا .
وجاءت فتوى خامنئي لتؤكد للجميع أن الحبيب ليس محسوبا على الشيعة بصفة خاصة أو المسلمين بصفة عامة .
وتبقى حقيقة هامة وهي أن قوة المسلمين في وحدتهم ولذا لا بديل عن تجمع السنة والشيعة خلف هدف واحد وهو إجهاض المخططات الأمريكية والإسرائيلية الهادفة لإثارة الفتنة فيما بينهم .
نقلا عن شبكة محيط