د. محمد حيدره مسدوس
هذا التوضيح لقواعد الحراك الوطني السلمي الجنوبي و قياداته في الداخل و الخارج ، و هو حول محاولة السلطه و اللقاء المشترك تضليل وعي الناس و إيهامهم بان الحوار الوطني الشامل هو الآليّه المناسبه لحل القضيه الجنوبيه ، و اهم هذا التضليل ما شاهدناه في برنامج حوارات يمنيه على قناة العربيه . و حسب اعتقادي بان القناه كانت تريد معرفة نوايا السلطه من خلال المتحدث الاول ، و نوايا الحراك الجنوبي من خلال المتحدث الثاني ، و نوايا الحوثيين من خلال المتحدث الثالث ، و نوايا المعارضه من خلال المتحدث الرابع باعتبار ان حزب الاصلاح هو الذي يقود المعارضه . و ما يهمنا هنا هو المتحدث الاول و الثاني ، لأن المتحدث الثالث كان همه الحوثيين ، و المتحدث الرابع اعتبر الانتخابات غايه و ما عداها وسيله . فاذا ما انطلقنا مما قاله المتحدث الاول و الثاني فانه يمكن توضيح التالي :
اولا: يقول المتحدث الاول ان المشكله الاقتصاديه هي جذر الازمه بما فيها ازمة الحوثيين التي هي في طريقها الى النهايه الكامله ( يقصد عبر وساطة قطر ) ، و ان مسألة الحراك الجنوبي مرهونه بالحوار القادم ، و انه متأكد 100% ان المتحاورين سيرفضون مطلب علي سالم البيض بفك الارتباط ......الخ . هكذا قال المتحدث الاول . فماذا يعني ذلك ؟؟؟ . ألم يعني بان الحوار لدفن القضيه الجنوبيه طالما و مشكلة الحوثيين في طريقها الى الحل عبر الوساطه القطريه ، و طالما و جذر الازمه اقتصادي و ليس سياسي ، و طالما و هو متاكد ان المتحاورين سيرفضون المطالب الجنوبيه لانهم شماليين ؟؟؟ .
ثانيا: يقول المتحدث الثاني ان هناك ثقافتين تتنافسان في الوقت الحاضر ، ثقافة الحوار و السلم و ثقافة العنف ، و ان الحديث عن تجزأة القوى السياسيه بين شمالي و جنوبي عمل مرفوض و عمل مأزوم هدفه تقديم رساله الى السلطه بان تعالوا تحاوروا معنا نحن ، و ان الحوار على قاعدة شمال و جنوب مرفوض .... الخ . هكذا قال المتحدث الثاني . فماذا يعني ذلك ؟؟؟ . ألم يعني من حيث المضمون انه يصب في خانة المتحدث الاول ، لانه ابتدع جذر للازمه من عنده و حدده بثقافة العنف بدلا عن جذرها السياسي المحدد موضوعيا باسقاط الوحده بالحرب و تحويلها الى احتلال استيطاني اسوأ من الاحتلال البريطاني ؟؟؟ . و ألم تكن ثقافة العنف من حيث المبدأ موجوده بدرجات متفاوته في كل بلدان العالم ، و إلاَّ لما وجدت الجريمه و المحاكم و السجون ؟؟؟ . و ألم يكن رفضه لفرز القوى السياسيه و رفضه للحوار على قاعدة الشمال و الجنوب رفضا للقضيه الجنوبيه ، خاصة و انه من غير الممكن موضوعيا و من غير المعقول منطقيا حلها حلاً شرعياً بدون قيادة سياسيه جنوبيه لها ؟؟؟ . و ألم يكن الاصرار على وحدة القوى السياسيه في ظل انقسام الواقع بين شمال و جنوب هو من الثقافه الارادويه التي لا علاقه لها بالعلميه و التي عفا عنها الزمن ؟؟؟ . و اود هنا ان اقول بانه ليس لدينا مانع من ان يكون هو ذاته الممثل للجنوب اذا ما قام الحوار على قاعدة الشمال و الجنوب ، لأن الأهم هو تمثيل الجنوب و ليس الأهم من يمثله .
ثالثا: انه ليس هناك من حل شرعي للقضيه الجنوبيه اطلاقا الا بالحوار بين طرفيها اللذان هما الشمال و الجنوب . و تبعا لذلك ليس هناك مفر من الحوار على هذه القاعده وفقا للشرعيه الدوليه بموجب قراري مجلس الامن الدولي اثناء الحرب و تعهد صنعاء للمجتمع الدولي بعد الحرب ، أو وفقاً للشرعيه الشعبيه بموجب استفتاء شعب الجنوب على تقرير مصيره مهما طال الزمن . و لكنني أتمنى ألاَّ يطول هذا الزمن و ان يجلس الرئيس علي عبدالله صالح للحوار مع الرؤساء الجنوبيين الثلاثه لحل القضيه ، و الذين تُرفع صورهم في عموم فعاليات الحراك من باب المندب غربا الى سلطة عمان شرقا . و اقول للذين يقولون أن الحراك بلا قياده ان يقولوا لنا ما معنى ذلك ؟؟؟ ، و عليهم ان يدركوا بان تجزأة القوى السياسيه و فرزها الى شمال و جنوب قد بدأ من يوم 7 يوليو 1994م ، و انه لا يوجد اليوم اي سياسي جنوبي ضد القضيه الجنوبيه و لا يوجد اي سياسي شمالي معها ، و بالتالي ماذا يعني ذلك ؟؟؟ .
رابعا : ان القضيه الجنوبيه كما قلنا سابقا هي قضيه وطنيه تخص شعب الجنوب بكامل فئاته الاجتماعيه من السلاطين الى المساكين و ليست قضيه حزبيه تخص الاحزاب . و لو كان الرئيس علي سالم البيض و الرئيس علي ناصر محمد و الرئيس حيدر ابو بكر العطاس ما زالوا في الحزب الاشتراكي لما رفعت صورهم في المسيرات و المظاهرات بكل تأكيد ، لأن القضيه الجنوبيه قضيه وطنيه ما فوق الحزبيه و هي التي حتّمت ظهور الحراك الوطني السلمي الجنوبي خارج الاحزاب . فلو كان الحراك تابع للاحزاب لكانت قد مزقته الاحزاب على عددها بالضروره . صحيح ان هناك عناصر في الحراك منحدره من الاحزاب ، و لكنها منخرطه في الحراك بصفتها الجنوبيه و ليست بصفتها الحزبيه . حيث أن الوظيفه السياسيه للاحزاب هي ما بعد الوطنيه و ليست ما قبلها ، و هي وظيفه طبقيه و ليست وظيفه وطنيه بالضروره ايضاً ، و على من يسعى من الجنوبيين الى جر الحراك الى الاحزاب ان يدرك بانه يجر الحراك الى التمزيق و الضايع ، و انه بذلك يشارك في دفن القضيه الجنوبيه دون ادراك .
خامسا: ان قيادات الاحزاب القائمه حاليا لا تقرأ الواقع بشكل صحيح ، و لو كانت تقرأ الواقع بشكل صحيح لما وصلت البلاد الى ما وصلت اليه . فعلى سبيل المثال بعد حرب 1994م مباشره عندما كان الحزب الاشتراكي مازال قائدا للجنوب رفضت قيادته و معها قيادات الاحزاب الاخرى في السلطه و المعارضه ان يبقى الحزب ممثلا للجنوب . و هذا ما أدخله في علاقة نفي النفي الموضوعيه مع القضيه الجنوبيه . و الآن و بعد ان اصبح وجود الحزب نافيا للقضيه الجنوبيه ، و وجودها نافيا له ، سارعت كل هذه القيادات للعمل على إعادة الحزب من جديد كممثل للجنوب خلافا للواقع الموضوعي الملموس الذي أصبح يرفض الحزب في الجنوب أكثر من غيره . و في تقديري انه يستحيل بعد الان ان ينسجم الحزب الاشتراكي مع القضيه الجنوبيه و يخرج من علاقة نفي النفي معها إلاَّ بعودته الى حزبين كما كان قبل اعلان الوحده . و اذا ما حصل ذلك فانه من البديهي بأن يكون حزب الوحده الشعبيه هو الاقرب الى الحزب الاشتراكي و ستظل العلاقه بينهما علاقه عضويه و رفاقيه ومنسجمه افضل من الآن .
سادسا: ان كل مشكلات اليمن هي مشكلات ذاتيه يتوقف وجودها على وجود حامليها باستثناء القضيه الجنوبيه التي هي قضيه موضوعيه يتوقف وجودها على حلها و ليس على وجود حامليها . فعلى سبيل المثال لو غاب الحوثيون غابت مشكلتهم ، و لو غاب تنظيم القاعده في اليمن غابت مشكلته ، و لو غاب اللقاء المشترك غابت قضيته ، لانها كلها مشكلات ذاتيه أوجدها حامليها و ليست هي التي أوجدت حامليها و مرتبط وجودها بوجود حامليها . أما القضيه الجنوبيه فهي قضيه موضوعيه وُجدت قبل وجود حامليها و هي التي أوجدت حامليها و مرتبط وجودها بحلها و ليس بوجود حامليها . فلو غاب الحراك الوطني السلمي الجنوبي و غاب كل السياسيين الجنوبيين ، فان القضيه الجنوبيه ستظل قائمه بقوة الواقع . و لو كانت القضيه الجنوبيه قضيه ذاتيه تتعلق بالافراد لكانت قد حُلت عبر المليارات التي صرفها النظام على الجنوبيين في شراء الذمم و في السيارات و الهبات و غيرها ، ناهيك عما صرفه النظام للموظفين معه في السلطه .
سابعا : إننا هنا نود القول بإننا لسنا ضد الوحده من حيث المبدأ ، و انما نحن ضد الاحتلال الذي جاءت به الحرب . و نحن ندعوا السلطه للحوار حول الوضع القائم ما اذا كان هو وحده أم انه احتلال ؟؟؟ . و نطلب ممن يخالفنا المسلمات التاليه ان يدحضها أو يأتي بغيرها ، و أولها : ان أية وحده سياسيه بين دولتين هي وحدة السياده الوطنيه و ليست حكم طرف على الطرف الاخر و نهب ارضه و ثروته و حرمانه منها و طمس تاريخه السياسي و هويته لصالح غيره . و ثانيها : ان ما هو قائم حاليا في الجنوب ليس وحده و انما هو احتلال ، لأنه قائم على نتائج الحرب و ليس على إتفاقيات الوحده و دستورها . و ثالثها : بانها لا توجد شرعيه لاي حل مهما كان صائبا الا باستفتاء شعب الجنوب على هذا الحل ، سواءً كان هذا الحل هو فك الارتباط او الجنوب العربي او الفيدراليه او الحكم المحلي او غيره ، لانه لا يوجد و لن يوجد اي حل مشروع الا برضى الشعب صاحب الشأن . و لذلك فانه لا يجوز من حيث المبدأ القبول بأي حل ما لم يكن مربوطا باستفتاء شعب الجنوب على هذا الحل ، و لا يجوز من حيث المبدأ رفض اي حل اذا ما رُبط باستفتاء شعب الجنوب عليه حتى و لو كان الوضع القائم ذاته . و رابعها : ان الجنوب ملك لأهله و ليس ملكا لغيرهم ، و انه ليس هناك من حل الا بذلك . وخامسها : ان الجنوبيين ليسوا ملزمين بدستور الحرب و قوانينه ، و ليسوا ملزمين بما ترتب على الحرب بما في ذلك العمله النقديه الشماليه التي حلت محل عملة الوحده التي هي الدرهم المتفق عليها في اتفاقية اعلان الوحده . و بالتالي أين هي الوحده لمن يدعونها ؟؟؟ .
4/10/2010م