سعودي زار اليمن فماالذي جرى؟
الكاتب : سمير الصلاحي____كاتب يمني
نقلآ من وكالة عدن للانباء

عذرآ ايها الصديق!!

قبل أن اتحدث عن الاعتذار وماهيته دعوني فقط أعرف بالصديق /س.ف.م.العتيبي (سعودي الجنسية) قام بزيارة لليمن قبل ايام قليلة بعد إغراءات عنيفة ومحاولات مستمرة مني ومن زملائي وبعد أن رسمنا له اليمن السعيد كتحفة سياحية نادرة ليس لها مثيل في الوطن العربي هضمها الإعلام ولم يعطيها حقها!! اقتنع بكلامنا وقرر قضاء الإجازة هو وعائلته في اليمن السعيد.

طبعآ كنا جميعآ في الشقيقة السعودية سافرنا مع بعض أنا وهو وعائلته بسيارته الفارهة .كنت طوال الطريق من مكة الى الحدود اليمنية وأنا أصف له بعض المعالم السياحية في اليمن فمثلآ صنعاء بمعالمها التاريخيه ومبانيها الأثرية وزخمها العمراني وأجوائها السحرية تتحدى اسطنبول تركيا وعدن أصبحت تتحدى دبي .. وعروسة البحر الأحمر بشواطئها الرملية وأهلها الطيبيين تجعلك تتلذذ بالحياه.. وسقطرى السحر والجمال الجزيره المنفرده صاحبة المزاج الراقي والأشجار المتنوعة والنباتات النادرة أجمل وأحلى وأروع من جزر اليونان وتايلاند.. وإب الخضراء.. إب الكبرياء إب الطبيعه الخضراء والأجواء المعتدلة المدينة الزاهية التي تجمع بين جمال الريف الخلاب وسحر المدينة العصرية المدينة التي تكره السياسة وتعشق الهدوء والصمت تشعر بمجرد دخولك إليها انك أمام لوحة طبيعية نادرة وتحفة اسطورية رسمها الخلاق سبحانه وتعالى.

طبعا كلامي الجميل المعسول جعل اللعاب يسيل من فمه وأخذ يدوس على محرك السيارة بسرعة مستعجلآ الوصول الى اليمن السعيد!! وصلنا بحمد الله الى الطوال اليمنية بعد صلاة المغرب تمامآ كان التعامل جيد من موظفي الحدود رغم القلق الذي كان ينتابني .. خرجنا إلى حرض وبدأت الرحلة النادره !!

شارع ضيق بلا أنوار يبدو أن الكهرباء كانت مقطوعة كعاداتها ضجيج يجعلك تشعر كما لو أنك في يوم الحشر! نفايات على جانبي الطريق. ورجال بمناظر تبعث على الهم . وجوه محشوه بالقات. المهم طمئنت الصديق بأن الكهرباء مقطوعة والناس في الحدود كما تعلم من كل جنس مؤكدآ له ان معظم المتواجدين في الشارع من الجنسية الصومالية المتواجدين بكثره في اليمن.. تعدينا المنطقه بسلام إلى اول برميل (عفوآ أقصد نقطة) عسكرية كان هناك رجل أمن أجزم أن البدلة تشتكي منه منظر بائس وتخزينه ذهبت بخده وعقله بعيدا تشعر بأنها ستنفجر بمجرد نظرك اليها .

الاستمارة والرخصة والتربتك وجوازاتكم_ابشر يافندم_تفحص الملف ثم قال لا لالا لا نشتي الرخصة اليمنيه_ (انفجر صاحبي من الضحك)_ طيب مافيش زايد ناجص حج الجات_نظرت في الاتجاه الآخر وانا محمر خجلآ ورب الكعبه!! دس صديقنا يده في جيبه واعطاه حج الجات.. انطلقنا قليلآ فنزل صاحبي من على مقود السياره تاركا الأمر لي حتى اتفاهم مع أمثال رجل الأمن هذا ومع الدراجات الناريه التي بضجيجها وتجاوزاتها الخاطئة تجعلك تكره البلاد والعباد.

دخلنا الحديدة وصلنا الى النقطة العسكرية وأنا متخوف... السلام عليكم_وعليكم السلام__ نظر نظرة بسيطه ثم قال تفضلوا اهلآ وسهلآ بكم_كانت فرحتي لا توصف من تعامله الراقي فتحت الكاسيت اغنية لمحمد عبده أحب صنعاء ولي في العشق صنعاء.. مشينا مسافة فأعيانا التعب وغلبنا النعاس فقررنا الاستراحة في إحدى المحطات ما بين الحديدة وتعز ، وهنا كانت الطامة الثانية لم نستطع النزول من شدة المتسولين وبائعي الجلجل والنشالين ول ول ول..المهم نزلنا بعد عناء وأنزل صديقنا زوجته ثم انزل ابنته الحلوة ذو الأربع سنوات وهنا حصلت مفارقة عجيبة .. بكت ابنته بكاء شديد وهي ترتعد خوفآ مشيرة بيدها إلى بعض الناس وهي تقول مجنون مجنون!!!!!!

طبعآ الموجودين ليسو مجانين ولكن هيئتهم أوحى لها بذلك.. مرت الليلة مرور الكرام ولا داعي للتحدث كيف كان الأكل والغرف وانطلقنا في الصباح باتجاه تعز الحالمة وصولآ الى النقطه وفيها رجال الأمن الأشاوس سكارى وماهم بسكارى ولكن يبدوا انهم خزنواا لبارحه بسوطي عبيط!!!اوارجك_تفضل_خلصنا وهات أوراجنا احنا وخلي اوراجك لك عادكم جايين من السعوديه ونشتي نخزن اليوم بابو عجال_رد الصديق واليمني ويش فيها_ إه اليمني منكوبة ومنكوب اللي يتعامل بها(كلمات تبعث على السخريه وتؤكد اللاوعي واللامسئولية لرجل الأمن تجاه بلده) جعل صديقنا يزداد قلقآ ويتوجس خيفة من اليمن السعيد..

وصلنا الى إب كانت الرابعة عصرآ وكانت السماء ملبدة بالغيوم دقائق معدوده فعانقت قطرات المطر تربة الأرض في منظر مهيب يبعث الأمل للنفس بحب الحياة ..الطبيعة خلابة والأجواء معتدلة والجبال تكسوها الخضرة والسيول تمشي بهدوء وسكينة واستحياء على أطراف الشوارع وكأنها تبحث عن مجرى لتختبئ فيه...أوصلته الى شقته المحجوزة مسبقآ وتركته مستئذنآ الذهاب الى اهلي والرجوع إليه بعد يومين_عاجلني في اليوم الثاني ليلا باتصال هاتفي أثار عندي الشك فأجبته وهو يندب حظه مبينا انه تعرض لعملية سرقة كبيرة في السوق مقررا الرحيل عن اليمن السعيد وعن إب ولو كانت تمطر ذهبآ.

حاولت تهدئته دون جدوى فقد أصر على الرحيل مبديا أسفا كبيرا على تصديقه لي ، جمع أغراضه وانطلقت برفقته لتوديعه وفي الطريق حدث مسك الختام بسبب ضيق الشوارع حصل التحام بسيط بين السيارة وباص أجرة فنزل صاحب الباص شاهرآ صميله وهو يتلفظ بأبشع الألفاظ .حاولت تهدئته مؤكدا له بأننا سندفع له ما يريد لإصلاحه.. وهنا صرخ بأعلى صوته وهو يقول (السعودي يتحداني بفلوسه_السعودي يتحداني ببلادي) فتجمع الناس وجاءت الشرطة وحكموا له بمبلغ أجزم أن 5% منه سيصلح الباص بأكمله.. بعدها جاء رجل الشرطة الى صديقنا طالبا منه حق الدورية وكأنها تتبع شركهّ!! فأعطاه صديقنا وهو غير مكترث ولا مبالي .

وقد أقسم ثلاثا وطلق ثلاثا بأن لا يعود إلى هذه البلاد ثم قال لي وأنا أودعه ( يا سمير بلدكم حلو جوه جميل وأراضيه زراعيه ومناظره رائعه ولكن المشكله فيكم انتم مازلتم تركضون وراء الجهل والتخلف والغش والخداع ؟.لقد حولتوه بايديكم من بلد سياحه الى بلد مجاعه....سامحني ياسمير لن تنصلح بلادكم حتى تصلحوا انفسكم ) .

زميت شفتي وعقدت مابين حاجبي وطفقت كما لو أني افكر باهتمام شديد؟؟ ثم تراخت أعضائي وشعرت برغبة كبيرة في الضحك فضحكت وضحكت وضحكت إلى أن اشتد ضحكي بشكل هستيري وأنا اصرخ اين أنت ياهتلر أين أنت؟؟ فهل من حلا ايها السادة ؟؟؟؟ هل هناك أملا في التغيير؟؟؟هل من تعليق أيها القراء؟؟؟؟.