بقلم/عبده النقيب
من أين يشع النصر !! .. أمن خلف جبال ودروب التاريخ في بوابة العرب الأولى.. هناك حيث يتراكم المجد والعزة الموغلين في تاريخ البشرية جمعاء.. إنه الجنوب العربي حيث قدم في مسيرته التاريخية التي تمتد لسبعة آلاف عام معينا تزودت به الإنسانية والأمم.
هناك من موطن الأنبياء انبعث الإلهام والحكمة شعاعا أضاء سطح البسيطة من أقصاها إلى أقصاها.. من أحقاف عاد وثمود وصالح وتبع .. من بادية الأبطال الكواسر في جنوب جزيرة العرب إلى فرسان الشعر وفطاحلة اللغة السفينة .. التي أبحرت بالأمة العربية بين الرياح العاتية والأمواج المتلاطمة على مدى ثلاثة آلاف عام لتخرجها إلى مجد الخلود...من ثورة الفتح العربي وجيوش التنوير التي جالت الأرض من أقصاها إلى أدناها نشرا للعلم والمعرفة والدين.. إلى قمم ردفان الشامخة التي تكسرت عليها دروع وتروس ورماح الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.. من ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة إلى هدير وزخم الحراك الجنوبي السلمي الجارف للاحتلال اليمني القبلي العسكري المتخلف.. حلقات متصلة كالموج تلحق ببعضها بعضا تتفجر بين ثنايا الدهر وعاديات الزمن.
لم تكن ثورة أكتوبر صدفة أو انقلاب خطط له عدد من الضباط والعسكر بل إنها زئير العراقة وهمة التاريخ التي تراكمت فوق بعضها صفحات مشرقة فخرا وبهاء.
هكذا شكلت ثورة الربع عشر من أكتوبر لحظة وصل بين ماض تليد و حاضر منكسر في غفوة الزمن فكانت الرد الأقوى لتوكيد الحضور العربي الذي يأبى أن يغيب .. ومثلت الثورة معبرا لشعبنا من زمن الأمية والتخلف والجهل إلى زمن التمرد والمواجهة والاستنهاض. وليست صدفة أيضا أن يتفجر اليوم الجنوب العربي حمماً في وجه الغزاة المجوس الذين عقدوا العزم على تدمير وتدنيس هذا المجد والعزة والأصالة.
في ذكراها السابعة والأربعين تمدنا ثورة التحرير الأولى بزخات الحماس والمقاومة فتلتحم الصفوف الممتدة من أكتوبر 1963 حتى أكتوبر 2010م في واحدة من معارك المقاومة والصراع على الهوية والوجود. ليس غريبا أن يتميز شعبنا بهذه الروح النضالية التي جعلته نموذجاً حياً متميزاً في الفداء والتضحية وملاحم الشهداء والشجعان الذين يواجهون الاحتلال اليمني اليوم بصدور عارية وببطون لا تجد من ما تسد به رمقها ليشكلوا جميعا هرما نعلوا به بين السحب والنجوم .. ذلك الهرم الذي صنعت أحجاره من أرواح ودماء الأبطال الشيخ محمد بن عواس والشيخ راجح غالب بن لبوزة وعبود ومدرم وعباس والحدي وعمر علي والدرويش وحنش ثابت وطاهر هادي والقحوم وبن رجاش ويحي الصوملي وجميل عوض ولوله احمد بن احمد وعوض الدابية والخضر ناصر السعيدي ومبارك سالم محمد العولقي وأحمد عبدالله سالم العولقي وصالح علي عوض القهرة ومحمد صالح القطيبي ومحمد صالح مرشد والجمل والمعكر وكل الشهداء الأبطال الذين رووا بدمائهم الزكية أرض الجنوب من المهرة إلى المندب.
اليوم واليوم هنا نعلن للتاريخ أننا شعب لا يقهر فتاريخه يزخر بالبطولات والتحدي.. تاريخ يأبى أن يتكسر أو ينقطع.
حقاً الشعوب الحية لاتموت