اعتبر مراقبون أن قيام السلطات اليمنية بمحاكمة الأميركي -اليمني الأصل- أنور العولقي غيابيا، واتهامه بالانتماء لتنظيم القاعدة والتحريض على قتل الأجانب، هو مؤشر خطير لتبرير استهدافه أو قتله.
ويعد العولقي -المولود في نيو مكسيكو الأميركية- أحد أهم المطلوبين لواشنطن بتهم التحريض على قتل أميركيين، إضافة إلى الاشتباه في دور تحريضي له في محاولة فاشلة لتفجير طائرة ركاب خلال عيد الميلاد الماضي.
وصنفته وزارة الخزانة هناك بوصفه "إرهابيا دوليا خطيرا" مما يعني تجميد كل الأصول التي يملكها، كما فوضت وكالة الاستخبارات الأميركية باعتقاله أو قتله.
وفي حديث للجزيرة نت رأى المحامي خالد الآنسي في محاكمة العولقي غيابيا أمرا يثير الاستغراب، وقال إن المفترض في مثل هذه القضايا أن يقدم الشخص المتهم ليحاكم حضوريا، كما أن العولقي لا توجد ضده قضية في اليمن، وكذلك لم تقدم الولايات المتحدة ملف استرداد بحقه.
مأزق يمني
واعتبر الآنسي أن "اليمن في مأزق، فهو لا يستطيع أن يسلم العولقي لأميركا لأنه مواطن يمني، والدستور اليمني يمنع تسليم أي مواطن لدولة أجنبية، وليس أمام صنعاء إلا أن تحاكمه في اليمن، في حين أن أميركا لا تقبل بذلك، بل تريد تسلمه أو قتله".
وأضاف أن المؤشر الخطير في محاكمة العولقي وربطه بقضية مقتل الخبير الفرنسي هو استصدار حكم قضائي بالإعدام بحقه، وبحيث يصبح هذا الحكم مبررا فيما بعد لقتل أنور العولقي، إما في ضربة أميركية أو في مواجهات مع قوات الأمن اليمني.
من جانبه لم يستبعد الصحفي المتخصص بشؤون تنظيم القاعدة محمد الأحمدي أن يكون الشروع في محاكمة العولقي جزءا من تداعيات "الطرود المفخخة"، والضغوط الأميركية المتزايدة على اليمن.
واعتبر الأحمدي في حديث للجزيرة نت أن "السلطات اليمنية تبحث عن طريقة لإدانة العولقي من خلال هذه المحاكمة، ليتسنى لها بعد ذلك تصفية الرجل بحكم قضائي صوري، بينما في الواقع سيكون تنفيذا لقرار أميركي.
ورأى أن المشكلة لا تقتصر على العولقي فحسب، فهناك عشرات اليمنيين أعدموا خارج إطار القانون في سياق الحرب على ما يسمى "الإرهاب"، وكانت تتذرع أجهزة الأمن اليمنية بأنهم "مطلوبون أمنيا"، بينما لا يوجد في أي قانون ما يبرر القتل تحت هذه الذريعة.
انتهاكات متوقعة
وعبر الأحمدي عن الخشية من أن يشهد اليمن مزيدا من انتهاكات حقوق الإنسان لإثبات جدية الحكومة في محاربة تنظيم القاعدة، وأشار إلى محاكمة 16 متهما أمس الثلاثاء في حضرموت، وصدور الحكم في نفس الوقت بالسجن أربع سنوات لكل منهم بتهمة "استخراج جوازات سفر للالتحاق بتنظيم القاعدة في العراق".
وكانت المحكمة الجزائية المتخصصة (أمن دولة) في صنعاء، بدأت أمس محاكمة غيابية لأنور العولقي، وقريب له يدعى عثمان العولقي، في الجلسة التي خصصت كذلك لمحاكمة اليمني هشام محمد عاصم، المتهم بقتل خبير فرنسي يعمل مديرا بشركة نفط نمساوية قرب صنعاء يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وإصابة بريطاني بجروح.
وذكر رئيس النيابة في قرار الاتهام أن عاصم كان يتواصل مع أنور العولقي عن طريق الإنترنت عبر بريد إلكتروني خاص بعثمان العولقي، وأضاف أن عاصم طلب السفر إلى الخارج لقتال الأجانب، لكن العولقي عندما علم بأنه يعمل في شركة النفط النمساوية حرضه أكثر من مرة على قتل العاملين الأجانب بالشركة.
كما لفت ممثل النيابة إلى أن المتهم كان يحتفظ على هاتفه المحمول بلقطات لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 التي استهدفت الولايات المتحدة، كما أنه كان يهتف "الله أكبر" وهو يطلق النار على الخبير الفرنسي.
المصدر: الجزيرة نت.