ويروى أن بثينة دخلت على عبد الملك بن مروان، فحدد النظر إليها، وقال يا بثينة: ما رأى فيك جميل
حين قال فيك ما قال؟ قالت: يا أمير المؤمنين، ما رأى فيك الناس حين ولوك الخلافة، فضحك عبد الملك
حتى بدت له سن سوداء، كان يخفيها، وما ترك لها من حاجة إلا قضاها يومئذ.
ومر نصر بن سيار(والي خرسان) بأبي الهندي، وهو يتمايل سكراً، فقال له نصر: أفسدت شرفك بإدمانك الخمر، فقال
أبو الهندي: لو لم أفسد شرفي لم تكن والي خرسان.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه - لرجل: من سيد قومك؟ قال: أنا، قال: كذبت، لو كنت كذلك
لم تقله.
وقال أبو حنيفة للأعمش - وأتاه عائداً في مرضه -: لولا أن أثقل عليك يا أبا محمد لعدتك في كل يوم
مرتين، فقال له الأعمش: والله يا ابن أخي، إنك لتثقل علي وأنت في بيتك، فكيف لو جئتني في كل يوم
مرتين؟
وقال المنصور لأهل الشام: ألا تحمدون الله الذي رفع عنكم الطاعون منذ ولينا أمركم؟ فقال له رجل:
الله أعدل من أن يجمعك والطاعون علينا، فسكت.
وضع المأمون طعاماً، وكان عنده أعرابي، فقال: يا أعرابي، هلم، قال: إني صائم، فاختلفت الألوان، فرأى
جدياً مشوياً فغسل يده، فقال له المأمون: ألم تقل إنك صائم، قال: أقدر على صيام يوم واحد، ولا أقدر
على إعادة جدي مثل هذا.
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: لا تغالوا صدقات النساء؛ فإنه لا يبلغني عن
أحد، أنه ساق أكثر من شيء ساقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سيق إليه، إلا جعلت فضل ذلك
في بيت المال، فقامت امرأة طويلة فقالت: ليس لك ذلك يا أمير المؤمنين، قال: ولم؟ قالت: كتاب الله
أحق أن يتبع أم قولك؟ قال: كتاب الله، قالت: فإن الله تعالى يقول: "وأتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا
منه شيئاً" فقال عمر رضي الله عنه: امرأة أصاب، ورجل أخطأ، ثم قال: كنت يتكم عن أن تغالوا
صدقات النساء، فليفعل كل واحد في ماله ما أحب.
وقال خالد بن الوليد لعبد المسيح بن عمرو الغساني وهو ابن ثلاثمائة وخمسين سنة، من أين أفضي أمرك؟
قال: من صلب أبي، قال: من أين خرجت؟ قال: من بطن أمي، قال: فعلام أنت؟ قال: على الأرض،
قال: ففيم أنت؟ قال: في ثيابي، قال: أتعقل؟ قال: إي والله وأقيد، قال: ابن كم أنت؟ قال: ابن رجل
واحد، قال: فما سنك؟ قال عظم، قال: ما تزيد في مسألتك إلا عناء، قال: ما أجبتك إلا عن مسألتك.
وأذن بشار لأصحابه في الدخول عليه، والطعام بين يديه، فلم يدعهم، ثم دعا بطست، وكشف عن
سؤاله فبال، ثم حضر الظهر والعصر، فلم يصل، فقالوا له: أنت أستأذنا، وقد رأينا منك أشياء أنكرناها
عليك، قال: وما هي؟ قالوا: دخلنا والطعام بين يديك فلم تدعنا إليه، قال: إنما أذنت لكم بالدخول
لتأكلوا، ولو لم أرد هذا لما أذنت لكم، ثم ماذا؟ قالوا: دعوت بالطست، ونحن حضور، فبلت، ونحن نراك
فقال: أنا مكفوف وأنتم بصراء، وأنتم المأمورون بغض البصر دوني، ثم ماذا؟ قالوا: حضرت الصلاة ولم
تصل قال: إن الذي يقبلها تفاريق يقبلها جملة. أحسن في الثنتين، ولم يحسن في الثالثة.
وترك رجل النبيذ، فقيل له: لم تركته، وهو رسول السرور إلى القلب؟ فقال: ولكنه بئس الرسول يبعث
إلى الجوف فيذهب إلى الرأس.
ودخل رجل على الشعبي - وهو مع امرأته - فقال: أيكما الشعبي؟ فقال: هذه، فقال: ما تقول -
أصلحك الله - في رجل شتمني في أول يوم من رمضان؟ هل يؤجر؟ فقال له الشعبي: إن كان قال لك:
أحمق فأرجو له الأجر.