هآرتس- بقلم تسفي بارئيل
النجاح الاستخباري الذي أدى الى العثور على العبوات، والذي يعود مصدره الى نشيط القاعدة الذي نقل المعلومات الى الاستخبارات السعودية، جدير بكل ثناء، ولكنه جاء مصادفة. فاليمن ستبقى قاعدة هامة للقاعدة طالما الحكم هناك غير قادر على أن يبني منظومة مدنية تساعده في مكافحة المنظمة.
المكالمة الهاتفية بين الرئيس الامريكي والملك السعودي في أعقاب اكتشاف العبوتين الناسفتين اللتين بعث بهما رجال القاعدة الى الكنيس في شيكاغو، شذت عن المعتاد. فالرئيس براك اوباما لم يكتفِ بشكر عادي على تعاون السعودية بل استغل المكالمة مع الملك عبدالله للكشف عن الدور المركزي الذي قامت به الاستخبارات السعودية في العثور على العبوات. كما اعترف عمليا بان الاستخبارات الامريكية وحدها ما كان بوسعها أن تعطل نشاط القاعدة.
الكشف عن الدور الذي قامت به الاستخبارات السعودية في القضية لا ينبغي أن يثير العجب. فقيادة القاعدة في اليمين تتشكل اساسا من نشطاء سعوديين، ممن نقلوا قواعدهم الى اليمن بسبب الضغط الشديد الذي تمارسه عليهم السلطات في وطنهم. هؤلاء النشطاء السعوديون، الذين بعضهم ابناء لعائلات محترمة، جمعوا تجربة كبيرة ليس فقط في النشاط الارهابي في السعودية بل وايضا في عمليات القاعدة في العراق. وهم يعرفون جيدا طرق العبور بين العراق والسعودية ويعرفون بان الحدود بين اليمن والسعودية فالتة وان الانتقال من دولة الى اخرى يكاد يكون مفتوحا.
ولكن القاعدة لم تنتظر الاحداث الاخيرة كي تضرب جذورها في اليمن. اسامة بن لادن، الذي يتدفق في عروقه دم يمني جند مجموعات كبيرة من المتطوعين اليمنيين للحرب ضد الاحتلال السوفييتي لافغانستان. وفي وقت لاحق طور في اليمن قاعدة دعم تعتبر احدى أكبر قواعد القاعدة. حسب الاحصاءات الاخيرة، المجموعة العرقية الاكبر في أوساط المعتقلين في سجن غوانتنامو هي المجموعة اليمنية.
بعد انسحاب القوات السوفييتية من افغانستان، عاد معظم المتطوعين اليمنيين الى الديار واصبحوا اليد اليمنى للرئيس علي عبدالله صالح. وحسب منشورات في اليمن، ساعدوه في الانتصار في الحرب الاهلية في 1994. في نهاية التسعينيات وصل الرئيس اليمني وقيادة القاعدة في بلاده الى اتفاق: هم لن يمسوا بمؤسسات حكمه وهو لا يقاتلهم مثلما طلبت الولايات المتحدة.
حتى بعد الضربة التي تلقتها البارجة الامريكية "كول" على مسافة غير بعيدة من شواطىء اليمن في العام 2000، حيث قتل 17 ملاحا، جرت اليمن اقدامها حين طولبت بالتعاون مع الاستخبارات الامريكية. ولكن قبل وقت قصير من عمليات 11 ايلول قررت اليمن تغيير الاتجاه. سجناء يمنيون، من نشطاء القاعدة، قدموا معلومات كثيرة أثبتت العلاقة بين المنظمة وهذه العمليات.
قرار حكومة اليمن العمل ضد القاعدة وجه ضربة حقيقية لخلايا المنظمة في الدولة. منذ 2006 بدأوا ينتعشون والنشطاء الذين عادوا من السعودية ساهموا فيها كثيرا. منذ العام 2009 تعمل المنظمة في اليمن تحت قيادة يمنية – سعودية مشتركة. على رأس المنظمة في اليمن يقف اليمني ناصر الوحيشي. نائبه هو سعودي يدعى سعيد الشهري، في السابق سجين في غوانتنامو.
يندمجون في القبيلة
المنظمة التي تسمى "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" تعمل على عدة مستويات. من ناحية ايديولوجية لا تختلف عن فروع اخرى في القاعدة. وكما هو دارج فيها، فان النشطاء في اليمن هم ايضا ينتهجون، في تخطيط كفاحهم، مبدأ "العدو البعيد والعدو القريب". العدو البعيد هو الولايات المتحدة والغرب بشكل عام؛ والعدو القريب هو الانظمة العربية التي يجب ازالتها لانها "انحرفت عن الاسلام الصحيح".
الحرب ضد العدوين يجب أن تدار في آن واحد، ولكن لاعتبارات تكتيكية مسموح تأجيل أحد الكفاحين والتركز على الاخر. قيادة القاعدة في اليمن، مثلا، قررت في فترة معينة التعاون مع نظام علي عبدالله صالح. وهكذا كسبت "هدوءا أمنيا"، سمح لها بتثبيت المنظمة والعمل ضد أهداف أبعد مثل السعودية، العراق وأهداف أمريكية.
القدرة المحدودة لقوات الامن اليمنية وغياب سيطرة الحكم المركزي على اجزاء واسعة من الدولة يجعلها قاعدة ارهاب ممتازة. نشطاء القاعدة السعوديون ينخرطون بين السكان القبليين في اليمن، يتزوجون بنساء محليات ويقيمون العائلات.
قريبا من الصدر
يمكن للحكم اليمني أن يستغل انخراط نشطاء القاعدة في النسيج القبلي كي يحصل على معلومات استخبارية عنهم، ولكنه يجب صعوبة في تحقيق التعاون المدني الحيوي للمكافحة ضد منظمات الارهاب. كما ان هذه هي مشكلة الاستخبارات الامريكية التي تساعد السلطات اليمنية في العثور على أماكن اجتماع نشطاء القاعدة. المعلومات الاستخبارية الجديدة تتيح اطلاق الصواريخ على نشطاء القاعدة وقتلهم مثلما حصل في كانون الاول 2009.
الـ سي.أي.ايه التي ستحصل قريبا على الاذن باستخدام طائرات بدون طيار في اليمن، يمكنها أن تضرب بواسطتها اهدافا مدنية، ولكن المشكلة تبقى هي الحصول على معلومات استخبارية جيدة. في 2009، مثلا، لم تعرف الاستخبارات الامريكية اذا كان أنور العولقي، الواعظ الذي أصبح أحد زعماء المنظمة، قد قتل في الهجوم. وهذا الاسبوع ايضا لم تعرف الاستخبارات الامريكية هوية 15 نشيطا من القاعدة سلموا أنفسهم للسلطات اليمنية.
من هنا تأتي الحاجة الى التعاون الوثيق مع أذرع الاستخبارات في المنطقة مثل تلك في السعودية واتحاد امارات الخليج. كما أن هذا التعاون بعيد عن الكمال. الحرب التي تديرها السعودية ضد الارهاب ليست حرب الولايات المتحدة. فالسعوديون حتى لو يرووا لرؤساء الاستخبارات في اتحاد الامارات بان العبوات الناسفة ستمر عبر دبي. قائد شرطة أبو ظبي ضاحي الخلفان (الذي يذكر من قضية اغتيال كبير حماس محمود المبحوح) وبخ بأدب ما السعوديين بسبب عدم نقل المعلومات عن العبوات.
صحيح أن للسعودية علاقات وثيقة مع اليمن، ولكن في الشؤون الاستخبارية درجت على ابقاء الاوراق قريبة الى الصدر. فالشك بين الدولتين عميق. أساسا بسبب الفهم بانه يحتمل ان يكون جزءا ممن يخدمون في قوات الامن اليمنية مؤيدين للقاعدة.
ثمة وجه شبه بين اليمن وشبه الجزيرة العربية، وفي افغانستان والعراق، حيث وجدت واشنطن صعوبة في تحقيق التعاون الاستخباري للدول المجاورة. النجاح الاستخباري الذي أدى الى العثور على العبوات، والذي يعود مصدره الى نشيط القاعدة الذي نقل المعلومات الى الاستخبارات السعودية، جدير بكل ثناء، ولكنه جاء مصادفة. فاليمن ستبقى قاعدة هامة للقاعدة طالما الحكم هناك غير قادر على أن يبني منظومة مدنية تساعده في مكافحة المنظمة.