بقلم / عبدالله الصحّاف ..

منذ سنوات طويلة ونحن نهتم بالساحة السياسية لا أدري ما شأننا في هذا الباب بما أننا " مواطنين بسطاء ... ربما فرض علينا أن نمضي فيه لمعرفة " الوطن " وعبر الأثير كان المعرفة لمن يستهويه معرفة أخبار الوطن .. فمنذ سنوات طويلة كان الأمر بخلاف ما نتناوله الآن " فمن الصعوبة بمكان أن تحصل على الأخبار إلى بشق الأنفس .. بخلاف الآن في الوقت المعاصر من السهولة المعرفة والإطلاع على كل "شئ" .. بل إننا نعرف بالحدث قبل " الداخل " في الوطن ... ونتواصل معهم ويستغربون كيف عرف " الخارج " بالأخبار بينما نحن بجواره ولم نعلم هذه الأحداث ؟ هكذا الأمر .. بالطبع هذا بفضل من الله ثم بفضل الثورة العلمية والتقنية والإعلامية التي باتت تخدم الإنسان والإنسانية والبناء ... وفي حال الاستخدام الهادف بلاشك أننا نكون في طريق البناء والتوعية لننأى بأنفسنا من الخطر المتفاقم وإن استخدمت سلبا بلاشك أنها قاتلة أشد من السلاح ... وأيضا ً يساعد المرء على بناء الذات من خلال هذه الثورة العلمية والتقنية والإعلامية الأكثر من رائعة وهي " القوة الفتاكة في العصر الحديث ...

كنت من المغرمين بالصحف الجنوبية وبعدها نتابع الصحف الأخرى وكنت ممن يحب قراءة " مقالات الرأي في صحيفة الأيام وما أروعها من أيام .. أو عمود لكتاب نحبهم في بعض الصحف .. منهم العزيز على قلبي الأستاذ / نجيب يابلي فهو الأستاذ الذي كنت أتوق لقراءة مقالاته خاصة حينما يتواضع ويذكر ومضات من التاريخ وسيرة أعلام الأمة وبما أننا نؤمن بان الكاتب يحمل أمانة تاريخية وإنسانية قبل أن يحمل القلم ليكتب ... وهي التعاطي مع ومضات التاريخ وسيرة الأعلام بتجرد من العاطفة بل استنادا ً إلى أعمالهم ... حقيقة صحيفة الأيام كانت " ثورة إعلامية وثقافية ليس للجنوب فحسب بل للوطن العربي حيث أنها تشكل الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية لتعكس صورته للأمة العربية والعالمية بمهنية عالية الجودة ..

وكان ينتمي لهذه الصحيفة الإنسان في الجنوب وتمثل ثقافته وصورته ... وأيضا تـُحترم من جميع الأعلام والإعلام في الوطن العربي وتعتبر مصدرا ً يؤخذ به .. وبفقدان هذه الصحيفة أراه اغتيالاً للحركة الثقافية والإعلامية في جنوب الجزيرة العربية وهي مؤامرة لتدمير حقوق الإنسان في الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية وكسر المرآة التي تعكس الحقيقة " الثقافية والإعلامية المهنية للإنسان في الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية ... وهنا تتجلى حقيقة المؤامرات على " حركاتنا " الثقافية والإعلامية ...
قرأت كثيرا ً في الإعلام وبما أني مواطن بسيطاً أتشوق وأتوق لأن أقرأ صحافة ً وإعلاما ً مهنيا ً على غرار " صحيفة الأيام " إلا أني أجد نفسي أمام إعلام ٌ موالي لايستند إلى أدنى مهنية في الساحة بل يخدم مآرب الكتل والتجمعات بمعزل عن صرخات الشعوب وتمثيل صوتهم وحقهم في الحياة .... حيث أن المال السياسي بات يلعب بحمران العيون مما فضـّلوا المال السياسي وقدموه عن المهنية والإعلام الحقيقي الذي يعتبر " مرآة الشعوب .. وبالتالي لاغرابة بأن يكون هنالك إعصارا ً في الساحة الثقافية والإعلامية الجنوبية لفقرها للبديل عن صحيفة الأيام ... وهناك أيضا ً أسباباً أخرى وخطيرة منها / أننا لانحترم " مثقفينا وإعلامينا ولا نحافظ عليهم ومن طاح نراه يهوي دون أن نتلقفه ويشعر أنه وحيدا ً يصارع الحياة " هزلت أنى يكون هنالك إعلاما ً وحركة ثقافية وحرية الكلمة ؟ ...

الغريب وهو الأخطر في الجنوب أننا نقرأ اليوم الساحة وما أن نجد " كاتبا ً يكتب لأجل قضايا الأمة إلا ونهرول إليه هرولة ً وكأن بي ظمآ وأخطف كأسه لأروي عطشي والظمأ " إلا أني أرى الهجوم الكاسح بطريق مقززة من بعض ضعاف النفوس ومع الأسف من شخصيات اعتبارية وهامة في الحياة ... ربما أننا في الآونة الأخيرة نعتمد على بعض المواقع الإعلامية والمنتديات لفقر الساحة إلى الجهة " والتوعوية والثقافية ... ومع الأسف لانرى بها إلا العشوائية والإرتجالية والسلوك السيئ الذي افقدت العمل المؤسسي والمنظم والخطاب فاعليته ... لربما أننا جميعنا يتمنى أن نكون في " كاين يملئه " ثقافة التعاطي القوي وإعلام الضرب المبرح المؤدب وينتمي إليه الإنسان شعورا بالفخر ... وهنا يكمن الخلل .. ولكن نقول " وجود الضوء أفضل من الظلام " ... الغريب في الأمر حينما نتابع لبعض الكتاب في المنتديات أو المواقع الإعلامية نحاول جس النبض وكيف التعامل مع المقال .. فتجد هنالك فكرا ً رغم أنه لايرتقي " لمفهوم الفكر " ولكن لنحترم الآخرين والقراء وحريتهم في التعاطي مع الساحة ...و نعتبره فكرا ً أي الفكر السيئ وليس الفكر البناء حينما يرى كاتبا ً يحمل من البلاغة والصياغة وحُسن الأداء والتعامل مع المقال والتمرد على القلم والأحرف { دائما ما تجد الهجوم الكاسح ضده } من شخصيات تحزن حينما تعرف من هي ولهذا يزيد " الحزن " ...

ليس كذلك فحسب بل هناك من الشخصيات الاعتبارية التي نعرفها ترد عليه في بعض المواقع " بالتوبيخ " وتخاطبه بكلمات بذيئة ونابية وقمع وكأنهم يقولون له " بلاش فلسفة وتنظير تعال الميدان أو تكتب وأنت في غرفة مغلقة أو أنت تكتب ليقولوا عنك كاتبا ً أو مغرور وهناك كثيرا ً من الألفاظ التي لانحب ذكرها وهكذا نقرأ كثيرا ً من التوبيخ والكلمات ضد بعض " كتاب الرأي " و التي تدل على أننا لاندرك " ثورة القلم والفكر الحقيقي والتوعوي " الذي يحافظ على حياة الشعوب ونهضويتها وشموخها وإبرازها في ظل العالم المتقدم الذي ركزيته الأساسية " الإعلام والحركة الثقافية " وهو المرآة العاكسة لصورة الإنسان وحضارته وما أن استخدم إلا وكان " كالرصاص " لايختلف عنها .. وأيضا ً المرتـّب والمنظم لهذه الحياة ... حيث أن الله خلق " القلم " قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وأمره بالكتابة ... وهكذا ندرك أهمية القلم ..

ليس كذلك فحسب بل أن هؤلاء الذين يحملون " التوبيخ أو الحقد أو الحسد أو الشطحات لايعلمون أن " من يحمل القلم يتعرض لأخطر الحالات وأصعبها وهو الذي يخشاه الفاسدين بل وهو من يساعد على نهضوية الأمة وتوجيهها ليس بالضرورة أن يطبق المرء ما يقول وخاصة في عالم " الكتابة " إلا أنه يتركها للساحة ولمن يبحث عن الفائدة ليعمل بها وهي أيضا تخصصات وهواية ومهنة ورغم هذا إنه الأقوى في المواجهات ووقت الحاجة ... وهو من يجعل الساحة تصمد وتستمر بقوتها حينما تتغذاء غذاءا ً نقيا صافيا ً يستمد من منابع العلم والصدق .. ولنفترض أن كل من يكتب لابد أن يعمل به لكان " أرسطو وأفلاطون حاكما ً لأكبر أمبراطورية رومانية .. ولكان محمد حسنين هيكل حاكم لمصر .. إلا أن ثورة القلم تختلف عن الهرولة إلى " الحكم " أو حٌلم القيادة والمصالح وهي قناعات وإيمان ومبادئ حيث أن ثورة القلم خاصة بالأمة وهي النوة لها .. ..

ما يحز بالنفس أن الإنسان في الجنوب لم يعد يعير كليات وتخصصات / الإعلام والأدب والثقافة أدنى الاهتمام بل عمد إلى دراسة عالم اللغات والكمبيوتر وبعض المهن لربما أن الهدف بات " المصلحة ولم يعد هنالك تفكيرا ً من أبنائنا بما تحتاجه الأمة ... وهكذا نرى شبابنا في الجنوب يتجهون إلى تخصصات تستغرب حينما تراهم يحدثون عنها حتى رأيت الجنوب فقيرا ً للحركة الإعلامية والثقافية " وكتاب المقال والتاريخ خلال العشرين سنة الماضية فهل سنستمر على هذا الموال ؟ .. وبالتالي يراودني تساؤلات كثيرة منها كيف تم اغتيال الحركة الثقافية والإعلامية في الجنوب ؟ فهل شبابنا يدرك خطر الإعلام والحركة الثقافية وأهميتها ؟ وهذه المهن ؟ وأيضا هل يدرك شبابنا أن الحركة الثقافية والتوعوية هي العمود الفقري لبناء الذات والأمة ؟؟ متى سنكون ؟

مع خالص تحياتي وكل عام وأنتم بخير ...