البعد النفسي للتوبة قد تكون من أقوى أسباب العصبية والانهيار النفسي هي لحظة كون الإنسان لا يشعر من هو والأمرّ من ذلك أن يبقى على حاله هذه إلى حين موته ، فتكون حياته رجل بلا ماضي كما يعبر عن الشخص الذي يبقى مبهما في اغلب تصرفاته ، حتى انه لا يجد ما يصل إليه لتحقيق هدف ما بغض النظر عن كون هذا الهدف ماديا أم معنويا ، ومن البديهي أن الهدف المعنوي بطبيعته أثره أقوى من اثر الهدف المادي لان تحقق المعنوي يكون في غالبه يحقق جميع جوانبه وبدون أي خلل يذكر ، ومنها المادي أيضا . إذن نصل إلى نتيجة مفادها إن الهدف المعنوي كل وجزئه الهدف المادي وبما أن المهم هو الهدف المعنوي فعلى الإنسان الواعي أن يكون جلّ اهتمامه هو ذاك الهدف اللامادي الذي يرقى بالإنسان إلى أعلى مراتبه وسمو مقامه ويرفع شانه مما يؤدي به إلى بر الأمان وشاطئ السعادة بعيدا عن أمواج الغضب والترهل النفسي واللاشعوري . ولا اعتقد أن هناك هدف أسمى وأعلى وذو نقاوة لا توصف أكثر من التوبة إلى الله سبحانه وتعالى ، وذلك لما لها من آثار جانبية ايجابية بعيدة كل البعد عن السلبية بل تكون هي الجانب الايجابي الموازي لجانب الإنسان المظلم هذا في حالة إذا قسمنا الإنسان إلى نصفين جانب سلبي وأخر ايجابي . وظهور الجانب الايجابي لدى الإنسان في كل جوانب حياته بسبب وجود التوبة سوف يكون وبدون نقاش الإنسان المثالي في المجتمع لأنه قد تخلص بإذن الله تعالى من شوائب النفس الأمارة بالسوء وفخاخ الشيطان ، وسوف يستعين بِعضة نفسه ومراقبتها ومحاسبتها مما يؤدي إلى خلو عمله من الأخطاء . وبما أن كون هذه النقطة في حياة الإنسان وما لها من اثر فاعل في شخصيته تكاد تكون محل بحث للعديد من العلماء المسلمين وحتى غير المسلمين ، حتى انه في قصة النبي يوسف (ع) ، وما فعلوه أخوته به من ظلم وإجحاف في حقه أدى في نهاية الأمر إلى قذفه في البئر بعد ما كادوا يقتلونه . فكان أبيهم النبي يعقوب (ع) ، يذكرهم بالتوبة دائما والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ولكن لم يفعلوا ، حتى استبان أمرهم في يوم من الأيام وتابوا بعد نيف وثلاثين سنة من فعلتهم . إذن الرجوع إلى الله والتوبة النصوحة يحتاجان إلى إخلاص ونية صادقة بعيدا عن الماديات ومغريات النفس الأمارة بالسوء إذن علينا جميعا أن نعي التوبة وان نسارع لها من اجل الوصول إلى بر الأمان والابتعاد عن كافة الأمراض النفسية والدنيوية والرقي بالمجتمع إلى أعلى مستوياته ، وان اليوم المناسب لها هو هذا اليوم الذي نحن فيه والوقت المناسب هي هذه الساعة وما بعدها حتى طلوع الفجر