نشرت "وكالة رويترز" العالمية للأنباء تقريرا مطولا عن نشاط القاعدة في اليمن أشار فيه الكاتب إلى وجود علاقة وثيقة بين الرئيس اليمني وعناصر متطرف في تنظيم القاعدة الإرهابي.
وقال التقرير الذي نشرته "رويترز " اليوم الخميس واعده احد صحفييه المخضرمين وهو أندرو هاموند ان صالح يملك صلات بمجموعات من الجهاديين اليمنيين الذين يقدر عددهم بنحو 20 الفا والذين قاتلوا السوفيت في أفغانستان بين عامي 1979 و1989 وانه يستخدم هذه المجموعات كجنود في الصراعين في شمال اليمن وجنوبه.
وأشار التقرير المطول الذي تعيد "وكالة أنباء عدن " نشره إلى ان صالح لجأ للاسلاميين للحصول على دعمهم للمرة الاولى بعد أن اتحد شمال اليمن تحت قيادته مع جنوبه الذي كان يقوده الاشتراكيون في عام 1990 وتمت الاستعانة بالاسلاميين على اختلاف ميولهم لقتال العلمانيين في الجنوب في حرب أهلية قصيرة عام 1994موضحا ان المعارضة الجنوبية باتت تشعر بخيبة أمل بسبب ما تصفه بسنوات من الحكم الاستغلالي من قبل صنعاء وكيف ان عناصر القاعدة التي تقاتل الحكومة الان في محافظات شبوة ومأرب وأبين في الجنوب عاشت هناك طويلا في هدوء وبموافقة الحكومة اليمنية.
نص التقرير
حين ظهر أنور العولقي في تسجيل فيديو مؤخرا بنظارته المميزة وقد وضع خنجره اليمني في جراب لفه حول خصره ربما كانت ثقته المفرطة في نفسه هي اكثر ما يلفت الانتباه.
وانتقد رجل الدين الامريكي المولد علماء الدين في بلاده اليمن وخارجها لطاعتهم لزعماء وصفهم بالخونة وقال انهم باعوا أنفسهم للمصالح الامريكية والاسرائيلية.
وقال العولقي وقد وضع على وجهه ابتسامة متكلفة ان هؤلاء الحكام والملوك والامراء لا يستحقون قيادة الامة ولا يستحقون حتى أن يقودوا قطيعا من الغنم ناهيك عن اكثر من مليار مسلم.
وتقول حكومة الرئيس علي عبد الله صالح ان اليمن البالغ عدد سكانه 23 مليون نسمة يبذل أقصى ما في وسعه لالقاء القبض على هذا الرجل الذي تصنفه واشنطن "ارهابيا دوليا."
لكن ما أبداه العولقي من غرور في التسجيل الذي نشر على مواقع يستخدمها متشددون اسلاميون على الانترنت قبل أيام من أحدث محاولة لمتشددي القاعدة في اليمن لمهاجمة الولايات المتحدة يقول الكثير عن مدى التزام صنعاء بشن حرب على التشدد.
وقالت سارة فيليبس المتخصصة في الشؤون اليمنية بجامعة سيدني "في حين أن تنظيم القاعدة يمثل تهديدا أمنيا حقيقيا للنظام اليمني فانه يبدو أن البعض لا يزال قلقا من القضاء على الجماعة تماما."
فالسلطات اليمنية لم تصدر أمرا باحضاره حيا أو ميتا وتبدأ محاكمته غيابيا بوصفه عضوا في عصابة مسلحة الا بعد أن تم ارسال طردين ملغومين في أواخر اكتوبر تشرين الاول من اليمن على متن طائرتين متجهتين الى الولايات المتحدة.
ويرى محللون أن أحد أسباب احجام حكومة صالح عن كبح جماح شخصيات مثل العولقي هو أن التحرك بناء على أوامر من واشنطن تكون له اثار سلبية على الرأي العام في الداخل.
وقالت السلطات للمواطنين اليمنيين انها هي التي تسيطر على العمليات ضد متشددي القاعدة المشتبه بهم هذا العام غير أن برقيات دبلوماسية أمريكية نشرها موقع ويكيليكس هذا الاسبوع تشير الى أن هذه كانت كذبة للتغطية على الغارات الجوية الامريكية.
وقال حسن ابو طالب المحلل المتخصص في الشؤون اليمنية بمؤسسة بحثية مصرية حكومية ان الناس يتهمون الحكومة اليمنية دوما بالتخلي عن سيادتها واستقلالها وهو ما قد يعطي الناس مبررا للانضمام الى القاعدة.
لكن شعبية شخصيات مثل العولقي تشير الى مسألة جوهرية وهي أن اليمن بجباله ووديانه وصحاريه الوعرة لا يوفر بيئة مثالية للقاعدة من ناحية التضاريس وحسب كما هو الحال بالنسبة لافغانستان وانما يوفر لها ايضا مناخا ايديولوجيا مثاليا.
وفي الشهر الماضي بدأ الداعية المصري عمرو خالد سلسلة من المحاضرات بدعوة من حكومة حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس اليمني في محاولة جاءت متأخرة لمكافحة مشاعر التطرف التي يقول منتقدون ان الحكومة أسهمت في تشجيعها.
ويقول خبراء ان نظام صالح الذي يدعمه الجيش يميل الى تفضيل المحسوبية القبلية على القمع الصريح حتى يستمر في الحكم وله صلات بمجموعات من الجهاديين اليمنيين الذين يقدر عددهم بنحو 20 الفا والذين قاتلوا السوفيت في أفغانستان بين عامي 1979 و1989 وانه يستخدم هذه المجموعات كجنود في الصراعين في شمال اليمن وجنوبه.
وعلى الرغم من أنه يجري الان التعامل بجدية مع تنظيم القاعدة باليمن الذي نشط على مدى العامين الاخيرين فان تمرد الحوثيين الشيعة في الشمال وتهديد الانفصاليين في الجنوب احتلا دائما موقعين اكثر تقدما على قائمة الاولويات الامنية لصنعاء وتحاول الحكومة تصوير الصراعين لحلفائها الامريكيين على أنهما مرتبطان بالقاعدة.
وفي برقيات من دبلوماسيين أمريكيين نشرها موقع ويكيليكس هذا الاسبوع يشكو حكام دول خليجية من أن صالح يعتمد على دفع أموال لاشخاص لحل مشاكل اليمن وأنه لا يعير اهتماما كافيا لتنظيم القاعدة.
ولجأ صالح للاسلاميين للحصول على دعمهم للمرة الاولى بعد أن اتحد شمال اليمن تحت قيادته مع جنوبه الذي كان يقوده الاشتراكيون في عام 1990 وتمت الاستعانة بالاسلاميين على اختلاف ميولهم لقتال العلمانيين في الجنوب في حرب أهلية قصيرة عام 1994 .
وكان حزب الاصلاح الاسلامي المعتدل حليف صالح في الحكومة لبعض الوقت كما استقبل اليمنيون الذين شكلوا مجموعة كبيرة من المقاتلين المسلمين في أفغانستان في الثمانينات بالترحاب لدى عودتهم باعتبارهم مصدر دعم للنظام.
وأصبح وضع السلفيين قويا في المجتمع اليمني.
وقال كريستوفر بوكك المحلل بمعهد كارنيجي للسلام الدولي "استيراد السلفية السعودية المتشددة كان له أثر."
ومولت السعودية المعاهد الدينية وساندت رجال دين بعينهم. كما طردت نحو مليون يمني خلال أزمة حرب الخليج في عامي 1990 و1991 . وقال بوكك "حين عاد هؤلاء اليمنيين عادوا بتفسيرات سعودية للاسلام."
وأظهرت حوادث متكررة لهروب سجناء من السجن في الاعوام الاخيرة انتشار التعاطف في اليمن على نطاق واسع مع نوعية التشدد المناهض للغرب الذي يروج له تنظيم القاعدة. وفر 23 رجلا من السجن عام 2006 بينهم رجال أدينوا في تفجير المدمرة الامريكية كول الذي نفذه تنظيم القاعدة عام 2000 .
وتقول المعارضة الجنوبية التي تشعر بخيبة أمل بسبب ما تصفه بسنوات من الحكم الاستغلالي من قبل صنعاء ان عناصر القاعدة التي تقاتل الحكومة الان في محافظات شبوة ومأرب وأبين في الجنوب عاشت هناك طويلا في هدوء وبموافقة الحكومة.
وقال فيصل الصفواني الكاتب في موقع عدن نيوز المعارض ان النظام يريد القاعدة في الجنوب لانه يواجه حركة شعبية هناك وأضاف أنه يريد اسكات صوت الرفض في الجنوب.
وتتهم وسائل اعلام حكومية الجنوبيين بالتحالف مع تنظيم القاعدة وهو اتهام يقذف به ايضا الشيعة اليمنيون الذين يتمردون على الحكومة المركزية من وقت لاخر منذ عام 2004 .
وكانت عمليات أمريكية يمنية مشتركة قد أسفرت عن سحق تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 . وبحلول عام 2008 أعادت القاعدة تنظيم نفسها كتحالف سعودي يمني تحت اسم القاعدة في جزيرة العرب برغبة جديدة في استهداف الدولة اليمنية نفسها.
وقال بوكك "كان اليمن مكانا للتدريب والراحة بين فترات الجهاد لكن القاعدة في جزيرة العرب حولته الى مكان للانخراط في جهاد ضد نظام ظالم وغير شرعي."
من أندرو هاموند