رائد الجحافيمؤسس الملتقى
عدد المساهمات : 2797
تاريخ التسجيل : 30/06/2008
العمر : 45
الموقع : الجنوب العربي - عدن
| موضوع: الجنوب ... إمّا حراك مؤسسي وإمّا إلى نفق آخر !- بقلم/ عبدالله باعباد الأربعاء 22 ديسمبر - 6:02 | |
| عبد الله باعبّاد من الجلي أن أبناء الجنوب يواجهون اليوم إمتحانا جديّا ومصيريا مركبّا ، فالسلطة في صنعاء لا تضيّع وقتا ولا تألوا جهدا في تسخير كل إمكانياتها ومواردها وعلاقاتها لإذلالهم وقمعهم والإستحواذ على مقدراتهم وعلى أرضهم ، وهناك من بين بني جلدتهم من يسعى لوأد حلمهم وزرع الشقاق بين صفوفهم . كلنا نفهم انه في ظرف كالذي يمر به الجنوب اليوم ان التباين والخلاف في الرأي أمر وارد ، وليس في ذلك ما يضر أو يسيء لأحد طالما ظل الجميع يتعاطون بموضوعية ومسؤولية مع ما يواجههم، لكن ذلك لا يعطي الحق لأحد بالتعالي على الآخرين، ولإتهامهم بوطنيتهم ،وللإدعاء بأنه وحده صاحب الحل والعقد ومالك الحقيقة والشرعية، أو ان يدمر البناء على من فيه إذا لم يذعنوا لمطالبه وشروطه ورغباته . لقد كان أحد مظاهر العبث الذي أستهدف الحراك في الداخل والخارج هو إفتعال سلسلة غير مبررة من الإنقسامات، وتفريخ لمسميات وتشكيلات عديدة أضعفت الحراك وحرفته عن مساره وعن أولوياته ،ترافق ذلك مع وضع عراقيل عديدة لمنع قيام عمل مؤسسي جنوبي، وكان آخر ما تمخض عن هذه السلسلة من الأعمال المدمرة ،هو ما جرى بشأن التعامل غير المسؤول مع البرنامج السياسي للحراك السلمي الشعبي الجنوبي الذي أعده الرئيس الجنوبي حيدر ابوبكر العطاس وعدد من القيادات الجنوبية الأخرى، والذي صيغ بأسلوب مهني رفيع ،وبلغة واضحة ومباشرة لا تقبل التأويل، وتم فيه تشخيص التحدي ومكامن الخطر، وحددت فيه الرؤى والأهداف والوسائل من أجل السير نحو المستقبل وبناء "الجنوب الجديد" . ولكون هذه المشروع قد جاء مستوعبا لتجربة الماضي بإيجابياتها وبأخطائها وخطاياها ، ومستندا على منهاج العمل المؤسسي الذي لا مكان فيه للفردية او الإرتجال والمزاجية ، فأن البعض قد رأى فيه مصدر إقلاق وخطر، فتم الإيعاز لوأد هذا المشروع ،تحت ذريعة انه "ليس من المعقول او من المنطقي إصدار وصايا ووثائق وبرامج وهياكل تنظيمية من الخارج تفرض على الداخل "، فإذا كان ذلك هو الحال حقا فلماذا ولأجل ماذا خرج الأستاذ علي سالم البيض من منفاه على عجل بعد صمت طويل ، أم ان ذلك التوصيف لا ينطبق عليه . لقد ظن الجنوبيون في زمن الحراك أنهم قد تجاوزوا تصنيفات وتقسيمات الماضي ، لكننا للأسف نجد اليوم من يستحضر تلك الأساليب المدمرة ليقسم الجنوبيين وليوزع الصكوك بأن هذا استقلالي وهذا فدرالي ، وهذا حراكي وهذا مشتركي، وهذا من الداخل وذلك من الخارج ، مما يعيد الى الأذهان التجربة المرة التي عاشها الجنوب منذ نوفمبر 1967 والتي ذبحت الجنوب من الوريد الى الوريد ،حينما قُسّم الجنوبيون بين تقدمي ورجعي،ومبدأي وانتهازي ، ويساري ويميني وغيرها من النعوت والتصنيفات المقيتة. ولقد كان الجنوبيون يأملون بخروج الأستاذ علي سالم البيض من منفاه ان يخطو الحراك خطوات كبيرة الى الأمام، وان يتم إيلاء الداخل إلإهتمام والأولوية المطلوبة، وان يتم الإلتفات الى القضايا الإستراتيجية لتعزيز الحراك وتأمينه من خلال برنامج سياسي واضح ومتفق عليه وتشكيل قيادة موحدة للحراك وكذا توفير كل سبل الدعم المادي والمعنوي اللازمة لمساعدة الإخوة في الداخل للإنطلاق الى أفاق أبعد ، وكذا لحشد الطاقات الجنوبية في الخارج وتفعيل التحرك الإقليمي والدولي لإسناد الحراك ولنقل القضية الجنوبية فعليا الى دائرة إهتمام مراكز صنع القرار الإقليمي والدولي. كما كان من المأمول ان يتم التعاطي بشكل إيجابي مع مشروع البرنامج السياسي وبقية الوثائق التي أعدها الرئيس العطاس وعدد آخر من القيادات الجنوبية الذين حرصوا على عرض المشروع على الأستاذ علي سالم البيض منذ شهر أغسطس، بهدف الوصول الى رؤية مشتركة ومن أجل إجراء نقاش معمّق لهذا المشروع وغيره من الوثائق المرفقة به بمشاركة كل القيادات والشخصيات الجنوبية وفي مقدمتهم قادة قوى الحراك في الداخل ،وكذا عرضه على أبناء الجنوب في الداخل والخارج لإثرائه بالملاحظات، والآراء، والنقد ، بل والرفض إن وجد انه لا يلبي مصالح وتطلعات شعب الجنوب. إن محاولة البعض تقسيم الجنوبيين بين الداخل والخارج ، وتصوير المشروع المقدم من الرئيس العطاس بأنه إملاءات على الداخل يعد قصورا وخطأ يضر ضررا بالغا بالقضية الوطنية ، فلم يدّعي أحد من القادة الجنوبيين ،المتواجدين في الخارج لأسباب قهرية معروفة منذ 1994، انه بديل للداخل، بل ان الجميع يرون أن ما يقومون به لخدمة القضية الجنوبية هو صدى إيجابي يتفاعل مع الداخل ويصب في صميم خدمة الحراك الذي يواجه قادته ونشطائه وضعا إستثنائيا ليس بخاف على أحد. ان الجميع في الخارج يفهمون بأن العلاقة بين الداخل والخارج هي علاقة عضوية تكاملية لا تنفصم، وأن الخارج يتحمل مسؤولية ذات شقين ،الأول بالمشاركة القيادية ، والثاني بتوفير الدعم اللوجستي المادي وفي التحرك السياسي إقليميا ودوليا. ان العمل من خارج الهيئات وغياب البرنامج السياسي وعدم تشكيل قيادة موحدة للحراك تمثل بها كل محافظات الجنوب بصورة عادلة هي المعضلة الحقيقية التي أربكت الداخل وحدّت من إنطلاقة الحراك، والتي لابد من حلها وحسمها من دون مزيد من التأخير. ان الإيعاز لبعض أخوتنا في الداخل ممن لا نزال نظن بهم خيرا ونكن لهم الإحترام لإصدار "برنامج آخر " صيغ على عجل وصدر " بقرار" ، لهو سلوك مقلق يثير المزيد من الإنقسام ويتناقض مع متطلبات العمل المؤسسي ويضر ضررا بالغا بالقضية الوطنية برمتها . إن من يقرأ "البرنامج الآخر" سيجد انه يفتقر لكثير من مقومات البرامج السياسية، حيث يتحول في أجزاء منه إلى صيغة بيان سياسي ،طغى عليه أسلوب إنشائي غير مترابط ، فلم يقيّم الماضي ولم يستوعب بشكل دقيق معطيات الحاضر، وعجز عن الإقناع بشأن رؤيته للمستقبل،وشابت نقاط عديدة منه أخطاء وتناقضات. كذلك وفي تناقض ملفت في الموقف من مشروع الرئيس العطاس فقد جرى نقل حرفي للعديد من النقاط الأساسية والمهمة فيه ، وفي أكثر من فصل ، بما فيها تعريف الحراك السلمي الجنوبي نفسه. وطالما ان البعض يصرون على إتخاذ مواقف غير مفهومة ، وغير مبرر ة، ولا تتفق مع أبجديات العمل السياسي الوطني، ولا تخدم مسيرة الحراك السلمي الجنوبي الشعبي ، ولا المصلحة الجنوبية العليا، بما فيها الموقف السلبي غير المبرر من مشروع الرئيس العطاس، فأنه بات من الواجب القيام بإجراء مقارنة سريعة لما جاء في مشروع الرئيس العطاس وما جاء في "المشروع الآخر" المدفوع على عجل والذي حاول البعض إقحام يافع به لحسابات غير نزيهة. ويمكن بإيجاز شديد الإشارة الى التالي: 1 - ان بناء "الجنوب الجديد"، كان جوهر ومحور برنامج الرئيس العطاس، وقد كانت هذه القضية بارزة ومجسدة في ما تضمنته كل بنود برنامجه وفي المذكرة الغطائية المرفقة بالبرنامج ، ابتداء من تقييم ونقد تجربة الحكم التي عاشها الجنوب منذ الإستقلال عن بريطانيا وحتى 22 مايو 1990 ، مرورا بتشخيص الواقع الجنوبي بتحدياته ومخاطره الماثلة ، والشروط اللازمة لإنتصار قضيته ،عبر عمل مؤسسي يمثل ويشارك فيه كل ابناء الجنوب بكل محافظاته الست وبكل ابنائه من مختلف الأطياف السياسية والإجتماعية ، وإنتهاء بشكل وجوهر الدولة الجنوبية المستقبلية القائمة على نظام جمهوري برلماني فدرالي برؤى وبفكر وبدستور جديد . بينما "البرنامج الآخر" يصر على إعادة الجنوب القديم ، ، فإسم الدولة قد حُسم بالدولة السابقة "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" ، كما حسمت تسمية رئيس الدولة، وكذلك فرض الدستور الشمولي لدولة الحزب الواحد، لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ، وعلمها الذي كانت فيه الدولة مجرد أداة تابعة للحزب الإشتراكي، ولم يترك لشعب الجنوب شيء واحد ليقول رأيه فيه حتى النشيد الوطني الذي حسم أمره هو الآخر، وكأن ليس للجنوبيين من خيار سوى الإذعان والسير خلف نفس الربان الذي أغرق السفينة. 2- لقد تمحور مشروع الرئيس العطاس حول إقامة وترسيخ العمل المؤسسي الذي يؤمن ديمومة العمل ويوفر أفضل الشروط لإنجاز مهام وأهداف الحراك ، وبما ينأى بالحراك عن تأثيرات الخلافات والأهواء الذاتية والتعصب والتحزّب ، ونجد ان مشروع الرئيس العطاس والمذكرة المرفقة به قد امتلأتا بمفردات ذات مدلولات عميقة تحمل رسائل هامة مثل: مؤسسي ، خطط ،أولويات ،أخصائيين ، مهنية ، كفؤة ،مدروسة ،رؤى ،مبادئ ، تنسيق برامج .تكتيك ، إستراتيجية ،ضوابط ، إجماع ، إقناع ، تمثيل ، إستفتاء، تفويض،إستعادة الثقة ،اعتذار وإعتراف، وغيرها من المفردات التي تعكس مسارا وفكرا جديدا متحررا من إرث الماضي المثقل بالصراع والأخطاء ، بينما نرى في "المشروع الآخر" عنادا وجنوحا ملفتا إلى شخصنة الحراك، كمشروع مضاد للعمل المؤسسي الذي يخدم ويلبي تطلعات ومصالح شعب الجنوب في كافة محافظاته،وحنينا الى الماضي بمفرداته وخطابه وبممارساته التي لن يقبل شعب الجنوب بتكرارها . 3- لقد تضمن المشروع الذي قدمه الرئيس العطاس آلية متكاملة وجدولا زمنيا بشأن التعاطي معه وإغناءه ، كما انه لم يحصر المشاركة بقوى الحراك أو بجهة أو فصيل جنوبي بعينه ، بل أكد على حق كل جنوبي في إبداء الملاحظات على المشروع بما في ذلك إنفتاحه على المشاريع الأخرى التي قدمت أو ستقدم للمناقشة وللحوار بين ومع كل أبناء الجنوب ، بينما كرر المشروع الآخر التقليد "الحزبي" القديم - المتجدد في تجاوز شعب الجنوب، حيث لم يشر الى حق المواطنين في إبداء الرأي، ولم يحدد جدولا زمنيا ولا كيفية التواصل مع لجنة الصياغة ،حتى لمن هم ضمن قوى الحراك ، وحصرت المشاركة بمجالس المحافظات والمديريات و"الأُطر التحتية" . 4- في الوقت الذي أحتوى مشروع برنامج الرئيس العطاس على بناء متماسك وطرح منطقي للأحداث في تتابعها ونتائجها بخطاب موجه لكل أبناء الجنوب ، بالإضافة إلى تقديمه معلومات تاريخية وسياسية دقيقة ومباشرة تخاطب وتبيّن للمتابعين والمهتمين الآخرين من غير الجنوبيين ما هو الجنوب وما هي القضية التي يناضل الجنوبيون من أجلها، فأن ذلك الأمر قد غاب عن ذهن معدي "المشروع الآخر"، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فأن هذا "المشروع" قد أستهل "المقدمة" بمخاطبة الذات ، وبالحديث عن إحتلال الجنوب من قبل (ج .ع. ي) ، بينما كان من المنطقي أن تبدأ المقدمة بالحديث عن الجنوب وما يمثله تاريخيا وسياسيا ، وهو الأمر الذي تأخر تناوله الى الفصل الأول ، مع تضمنه لنقل حرفي لجزء من الخلفية التاريخية التي وردت في مشروع الرئيس العطاس. 5- كذلك فأن "المقدمة" أشارت إلى الحراك السلمي الجنوبي من دون ان تعرُّفه أو تحدد مهامه ، وتأخر هذا الموضوع الأساسي ،إلى الفصل الثالث المخصص" للأهداف والمهام النضالية للحراك" ، حيث جرى تعريف الحراك وبنقل حرفي أيضا من مشروع البرنامج المقدم من الرئيس العطاس. 6- كان من الواضح في "المشروع الآخر" خلال تناوله التاريخي للجنوب انه كان يريد وبأي ثمن تحاشي الوقوف أمام تجربة الحكم السابقة في الجنوب والأخطاء التي صاحبتها ؛ فعلى الرغم من فترة حكم الحزب الإشتراكي للجنوب التي استمرت لحوالي ثلاثة وعشرين عاما، بكل ما صاحبها من إيجابيات وسلبيات، وبما أدت اليه من نتائج كارثية ، بعد بتسليم الجنوب كاملا في مايو 1990 قبل إحتلاله والإجهاز عليه عسكريا في 7\7 1994 ، إلا ان الإشارة الوحيدة لموضوع التجربة الجنوبية السابقة لم تزد عن سطر واحد ، بالقول أن (ج .ي.د.ش) كانت دولة ب" نهج سياسي واقتصادي تأثر بالأفكار الإشتراكية والقومية في فترة الحرب الباردة"، وهذا البتر لمرحلة من أهم وأخطر مراحل التاريخ الجنوبي خطأ على الأرجح انه مقصود ولم يكن عفويا ،وما كان يجب السماح بحدوثه ، إحتراما لشعب الجنوب ولذاكرته التي وإن تسامحت إلا أنها لن تنسى. أن ذلك الحجب لحقائق تاريخية مهمة قد فوّت على القائمين وراء "المشروع الآخر" فرصة ثمينة للتأكيد لشعب الجنوب وللآخرين بأن هناك تغيّر ونضج في تفكيرهم ، وان لديهم الآن رغبة أكيدة وإستعدادا تاما للإستفادة وللتعلم من دروس وأخطاء الماضي. وكما يتبين للجميع فأن مشروع الرئيس العطاس لم يسمح بمثل هذا الخطأ ، حيث اتسم مشروعة بقدر عال من الشفافية والشجاعة ، فتم الوقوف بصدق وصراحة أمام كل ما أكتنف تجربة الحكم في الجنوب منذ الإستقلال عن بريطانيا وحتى مايو 1990 ، ولا شك ان ذلك التناول المسؤول قد أكسب مشروعه إلتفافا داخليا أكبر، كما ان ذلك وغيره من الخطوات يخدم وجهة النظر الجنوبية ويزيد من مصداقيتها إقليميا ودوليا. 7- ورد في بداية في "المشروع الآخر" في الفصل الأول ، العنوان الفرعي "مسار الوحدة بين الدولتين- لمحة تاريخية " ، إلآ ان من يقرأ ذلك العنوان لا يجد شيء عن مسار الوحدة ولا لمحة تاريخية ، وما جرى تناوله تحت هذا العنوان لا يمت للعنوان بأي صلة. ويبدو ان إلإستعجال الشديد ممن دفعوا بهذا المشروع لم يمكّن الإخوة الذين قاموا بالصياغة من إنجاز المهمة وفقا لما هو مطلوب. بينما تضّمن مشروع الرئيس العطاس تقييما وتحليلا دقيقا لتجربة الوحدة وأزمتها ولأسباب فشلها، والدور والمسؤولية التي تتحملها سلطات (ج.ع.ي) عن هذا الفشل ، وكذا المسؤولية التي تتحملها القوى السياسية الأخرى في صنعاء ،كما انه حرص على عدم إستعداء مواطني (ج.ع.ي) ، وتأكيده على الرهان على المستقبل في إقامة علاقات تفضيلية ومصالح متبادلة معهم ، بينما وقع "المشروع الآخر" في خطأ الإشارة الى "الصراع الثقافي والحضاري" ، وهو أمر لا يخدم القضية الجنوبية ، حيث انه يستعدي عامة الناس في (ج.ع.ي) ويخدم السلطة في حملتها وفي تحريضها ضد القضية الجنوبية ، كما ان ذلك من دون شك سيثير تساؤلات جدية لدى مراقبين دوليين عن تفكير وفهم الجنوبيين للمستقبل ولعلاقاتهم بالآخرين. 8- كذلك فأنه وفي "المشروع الآخر" ، الفصل الأول - في البنود- ثانيا ، وثالثا ، ورابعا، جميع هذه البنود بها قدر من الإطالة والتكرار، وهي بحاجة لإعادة الصياغة كليا. كما انها وفي فصول أخرى احتوت كلاما غير دقيقا كالذي جاء في هذا الفصل - ثانيا: فشل مشروع الوحدة، حيث ورد فيه: "إن أجلى صور فشل مشروع وحدة مايو1990م تقرر في نتائج انتخابات 1993م حيث صوت شعب الجنوب بنسبة 100% لممثلي دولته "، والواقع هو ان شعب الجنوب لم يصوت بنسبة 100%، بل ان الذين صوتوا في إنتخابات 1993 من الجنوبيين لم يزد عن 44% ممن يحق لهم التصويت، أي أقل من نصف مليون شخص فقط ( 476479) من إجمالي الذين لهم حق التصويت حينها والبالغ عددهم مليون وستة وسبعون ألفا ومأتين وثلاثة (1076203) ، ولعل هذه النسبة من الإقبال على التصويت في الجنوب، وخاصة في محافظات عدن وحضرموت وشبوه كانت إحدى المؤشرات التي استند عليها نظام صنعاء في قرائته للمزاج العام في الجنوب في إطار تحضيره للحرب من أجل السيطرة و إحتلال الجنوب؛ أما إذا كان المقصود القول فوز مرشحي الحزب الإشتراكي والمستقلين المدعومين أو المنسقين مع الحزب في تلك الإنتخابات ، فقد كان يجب ان يصاغ الكلام بصورة مختلفة تماما ، مع التذكير هنا بان الجنوبيين الذين صوتوا في تلك الإنتخابات لم يكن لديهم أية خيارات أخرى أو بدائل أفضل . 9- كذلك فقد جاء في الفصل الأول- العنوان الفرعي خامسا: حق شعب الجنوب في التخلص من الإحتلال ما يلي: "إن حق شعبنا في التحرر والاستقلال في استعادة دولته ، لا كحق إنساني تكفله الشرائع السماوية وقوانين الأرض وحسب ، بل ووفقاَ لقرار فك الارتباط لإستعادة دولة ( ج.ي.د.ش) من قبل قيادة دولة الجنوب التي وقعت أتفاقيات مشروع الوحدة بين الدولتين" إن هذه الصيغة بحاجة لمراجعة حتى يستقيم معناها ، كما أنها من الناحية السياسية غير دقيقة فوثيقة إعلان قيام (ج.ي.د.ش) في 21 مايو 1994 لم تتضمن مفردة" فك الإرتباط" ، والأهم من كل ذلك أن شعب الجنوب ، ولا أحد سواه، هو صاحب الحق ومالك الشرعية في المطالبة بالتحرر والإستقلال ، كونه لم يُستشر ولم يُستفت ولم يوافق على وحدة فرضت عليه من قبل نظام حزبي شمولي ومن دون أية ضمانات تكفل حقوقه ومصالحه. 10- جاء في الفصل الثاني من "المشروع الآخر" – في العنوان الفرعي - القضية الجنوبية ،التعبير التالي: "إن سياسات الإحتلال والإلغاء والجور والمعاناة قد أنتجت وعيا ناضجا ورافضا لها في الشارع الجنوبي , أدت إلى نشؤ الحراك السلمي" ، وهذا التعبير يفهم منه انه ليس الإحتلال، بل سياسات الإحتلال من أنتج "الوعي والنضج.. "، مما يعني بصورة أخرى ان الإحتلال لو كان أختط سياسات أخرى، لما كانت هناك مشكلة و لربما ما سُمي الإحتلال إحتلالا. 11- كذلك فقد ورد خطأ في تاريخ تأسيس الجبهة الوطنية للمعارضة "موج" حيث ورد أنها تأسست في نوفمبر 1994، بينما الواقع أنها تأسست في نهاية سبتمبر من نفس العام. 12- وعند إستعراض تاريخ نشأة الحراك السلمي الجنوبي منذ 1994 ، في الفصل الثاني من "المشروع الآخر"، تمت الإشارة الى مساهمات الهيئات والتشكيلات والفعاليات الجنوبية السياسية والشعبية والإعلامية ، لكنه لم يشر الى الدور المهم والجهود المتواصلة منذ 1994 ، التي تقوم بها الكثير من الشخصيات الوطنية الجنوبية وتجمعات الجاليات الجنوبية في شتى بقاع الأرض لدعم وإسناد نضال شعب الجنوب ،وفقا لما تسمح به القوانين في كل بلد من بلدان ومناطق إقامتهم. 13- وفي نفس العنوان الفرعي استخدم التعبير التالي : " إن المجلس الأعلى للحراك السلمي هو الممثل الشرعي , وليس الوحيد لنضال الشعب " ، وهذا التعبير يحمل تناقضا وغموضا ، ولا يعرف هل بوضع مفردة ممثل "ليس وحيد" المقصود هنا التقاسم والمشاركة بالتمثيل مع "الرئيس" الذي يتحدث عنه هذا المشروع ، أم أن المقصود به القوى الجنوبية الأخرى، وأي كان الحال، فأن على من يقف وراء هذا المشروع ان يصحح وان يوضح المقصود ب"ليس وحيد"، فإذا كان المقصود هنا الأستاذ على سالم البيض فأنه من " أهل الخارج " وعليه مثل بقية القيادات الجنوبية في الخارج " أن يحتكم للداخل" ، وان "يكون صدى وعاملا مساعدا ... " هذا وفقا لما كتبه مؤخرا الأخ احمد عمر بن فريد. أما إذا كان المقصود بالمشاركة القوى الجنوبية الأخرى، فأن هذا التشارك في التمثيل من دون شك أمر أساسي ويعزز القضية الجنوبية ، لكن تحقيقه يصطدم للأسف الشديد مع النص الذي ورد في الفصل الرابع- في العنوان الفرعي : أسس وقواعد تنظيم المرحلة الإنتقالية - أولا - والذي ينص على التالي : "ان تشكل جمعية وطنية تشريعية من قبل الرئيس وبالاشتراك مع قيادة المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب ..." . وهذا يعني ان مجلس الحراك و"الرئيس" الذي أختاره مجلس الحراك، هم الوحيدون المعنيون بتمثيل نضال شعب الجنوب وفي الإنفراد بتشكيل الهيئات الوطنية. وهذا الحال يتناقض مع النص الذي ورد بشأن التمثيل وبالتالي فأن من الأفضل حذفه ، مع العلم أن تمثيل القضية الجنوبية قد حُسم في الفصل الثالث بتعريف الحراك بإعتباره "الحامل الشرعي للقضية الجنوبية والمعّبر السياسي عنها محليا وإقليميا ودوليا" والذي نقل هو الآخر حرفيا من مشروع الرئيس العطاس. 14- لوحظ ان "المشروع الآخر" قد صدر بنسخة أولى مرفقة "ببيان يافع" في 28 نوفمبر 2010، ثم أُلحق بنسخة معدلة صدرت في 10 ديسمبر 2010 ، وفي النسخة المعدّلة تم نقل وإضافة نقاط أخرى جديدة من البرنامج المقدم من الرئيس العطاس فاتت إضافتها في المشروع المرفق ببيان يافع ،وهي نقاط أساسية وفي غاية الأهمية وتتعلق بملامح وشكل النظام السياسي الموضوعة في الفصل الرابع من "المشروع الآخر" والنقاط الجديدة المضافة على عجل إلى المشروع الصادر يوم 10 ديسمبر بهذا الصدد كالتالي: - شكل النظام السياسي جمهوري- برلماني - فدرالي - الشعب مصدر السلطات ومالكها - الفصل بين السلطات الثلاث - التنفيذية والتشريعية والقضائية 15-على الرغم من ان "المشروع الآخر" قد قبل بأن شكل الدولة فدرالي ،كما ورد في مشروع الرئيس العطاس، إلا انه استدرك لاحقا بإشتراط إجراء استفتاء لشعب الجنوب – وليس للمحافظات الجنوبية - على الفدرالية. ولاتعرف الحكمة من طرح الموضوع للإستفتاء مع أن الفدرالية قد ثبتت في "المشروع" كونها واحدة من ثلاثة أعمدة لشكل النظام السياسي في الجنوب: "جمهورية – برلمانية – فدرالية" ، فهل هناك نيّة أيضا لعرض موضوع أن تكون البلاد جمهورية للإستفتاء ، أو في أن يكون نظاما الدولة برلمانيا. كذلك وفي نفس الموضوع ، وبما يشير إلى أن الداعمين " للمشروع الآخر" لم يقبلوا إلآ على مضض بإدراج مسالة الفدرالية في مشروعهم ، حيث لم يشر لها لاحقا لا من قريب ولا بعيد بما في ذلك عند تناول مهام المرحلة المؤقتة ،سواء بالنسبة للمجلس الوطني أو الحكومة أو مجلس الرئاسة ، على الرغم من تناول "المشروع الآخر" لقضايا عديدة أخرى أقل أهمية من الفدرالية كقانون الصحافة والمطبوعات مثلا. إن تجاهل أو عدم قراءة متغيرات الواقع الجنوبي بدقة هي العدو الأخطر وهي الخطأ القاتل الذي يجب الإنتباه له، ولذلك فأن تعامل قوى الحراك بإيجابية مع قيام نظام فدرالي جنوبي سيصب من دون شك في خدمة الحراك وفي إلتفاف أوسع حوله في كافة أنحاء الجنوب وفي مصلحة الجنوب بأسره. 16- كذلك فقد تضمن الفصل الرابع في "المشروع الآخر" أيضا ان يتحول أعضاء الحكومة المؤقتة الى ما سمي بالمجلس الإستشاري الأعلى ، ولا يعرف الأساس القانوني او الدستوري الذي بموجبه يمنح أعضاء الحكومة المؤقتة هذا الحق التلقائي وهذه المكافأة بعضوية المجلس الإستشاري، الذي يفترض ان يعكس تمثيلا متساويا للمحافظات، بينما الحكومة ووفقا لما جاء بهذا المشروع قد لا تعكس تمثيلا وطنيا دقيقا ، فأقصى ما وعد به "المشروع الآخر " هو التالي: "مراعاة التمثيل الوطني ما أمكن". ولا شك ان مثل هذا التوجه وهذه الوعود بالمكافآت التلقائية لكبار القيادات والمسؤولين يكشف عن مؤشر غير إيجابي عن التصورات التي لدى البعض عن كيفية إدارة الدولة الجنوبية القادمة كما ان ذلك يؤسس لقاعدة غير حميدة في الممارسة السياسية. 17- ان "المشروع الآخر" لم يكتف بالنقل الحرفي من مشروع الرئيس العطاس في نقاط عديدة وهامة جرت الإشارة اليها في سلفا في سياق الحديث بل ان النقل جرى ايضا فيما يتعلق بالعلاقة مع الأشقاء في دول الجوار وأهمية السعي لإقامة أفضل علاقات الشراكة معهم في كافة المجالات . 18- كذلك فان إستخدام مفردات لا تتفق مع مدلولاتها على أرض الواقع مثل "الإبادة الجماعية" ،و"الدولة التاريخية"، "دولة بنيت عبر مئات السنين" وغيرها لن تضيف شيء بقدر ما تضعف من حُجة صاحب الحق. إن ما ورد هنا من ملاحظات بشأن ما ورد في "المشروع الآخر"هي غيض من فيض فهناك ملاحظات عديدة أخرى لا يتسع الحيز لها الآن. وخلاصة القول: - إن الجنوب يتسع للجميع وخدمة قضيته واجب ومسؤولية على كل من انتمى اليه وان تؤدى بإخلاص. - إن الجنوب اليوم غير الجنوب الأمس ، والجنوب الجديد لن يقام إلآ بمشاركة كاملة وبتمثيل عادل لكل أهله ، فعدن وحضرموت والمهرة وشبوة وغيرها من مناطق الجنوب لن تقبل بالتهميش مرة أخرى. - إن محاولة الزج بيافع في هذا الخلاف لن يحقق مآربه ، فيافع كانت عبر تاريخها درعا صلبا للذود عن الجنوب، و حكماء يافع ورجالها لن يقبلوا ان تكون يافع مطية لأحد لتفريق ولتقسيم الجنوبيين أو لنحر القضية الجنوبية. - إن الحراك الجنوبي السلمي الشعبي ملك كل الجنوبيين ،وتحقيق أهدافه لن يتم من دون عمل مؤسسي ، والجنوبيون لن يقبلوا مطلقا بأن يقسموا أو يصنفوا ، أوان يفسد الحراك أو ان يُفصّل على مقاس أحد. إن على القيادات الجنوبية السابقة مسؤولية وواجب أخلاقي ووطني ان يتفانوا لتصحيح وإصلاح ما أوقعوه بشعب الجنوب من دون أي منّة أو تعالٍ أو حسابات مصالح ، والتاريخ سيحدد مكانهم بقدر ما يبذله كل واحد منهم في هذا السبيل. والله من وراء القصد.. |
|