بقلم : المواطن الجنوبي/ محمد عباس ناجي.
شهدت وتشهد الساحة العربية بشكل عام والساحة اليمنية بشكل خاص متغيرات كبيرة لم تكن متوقعة, وفي ظل هذه المتغيرات توجد القضية الجنوبية. فكيف نحافظ على قضيتنا كشعب جنوبي ؟؟ إن الإجابة على هذا السؤال صعبة للغاية, ونأمل أن نجد مساهمات مثقفي وسياسيي وقادة الجنوب بالرد على هذا السؤال, ومبادرة منا في الإجابة على هذا السؤال, نقول أن الخطر الحقيقي على قضية شعب الجنوب يأتي من قوى التطرف الجنوبية, وسوف نثبت صحة جوابنا بما يلي:
1. اعتمدت ثورة شعب الجنوب على مبدأين أساسيين هما: التصالح والتسامح والتآخي, والنضال السلمي, لكن المبدأ الأول لم يتم استكماله بين أقطاب سياسية جنوبية هامة,ولاسيما قيادات الخارج, ومع الأسف أن البعض في الداخل يدرك ذلك, ويحاول التغاضي عن الحقيقة, خشية منه أن طرح هذا الأمر على بساط البحث قد يؤدي إلى انقسامات في الصف الجنوبي في الوقت الحاضر, ويعتقد أن الفترة المقبلة كفيلة بحل الإشكالية, وهذا ما يجعل القضية الجنوبية في خطر حقيقي حاليا وغدا. فإذا كانت هذه الأطراف لم تتصالح وهي في اضعف قوتها كيف لها أن تتصالح في وضع آخر.
2. بدأت تباشير هذا الوضع المتنافر بين الأطراف الجنوبية الموجودة في الخارج تنعكس في اختلاف رؤيتها للتعامل مع المتغيرات التي تحدث في الساحة المحلية, وكيفية الحلول الممكنة للقضية الجنوبية. فطرف ينادي بالاستقلال الفوري وليس لديه رؤية لمتطلبات تحقيق هذا الاستقلال داخليا وخارجيا. وطرف آخر يري أن الحل يأتي عبر التدرج بالخطوات الهادفة للوصول إلى حل ناجع للقضية الجنوبية, وكنا نتمنى أن هاتين الرئويتين بمثابة لعب ادوار متفق عليها. ولكن لان الاتفاق غير موجود فهذه كارثة.
3. أما قيادات الحراك السلمي الجنوبي في داخل الوطن فقد اتبعت تجاه ما يجري على الساحة اليمنية نهج وممارسة وخطاب إعلامي ذكي اعتمد على الصمت الايجابي والحديث الحصيف, والمراقبة للأوضاع عن قرب, والقيام بعمل منظم يخدم قضية شعبنا.. نفس النهج اتبعته في تعاملها وردة فعلها مع انقسام الخطاب الإعلامي الجنوبي الصادر من الخارج, واعتبرت هذا الخطاب بشقيه يعتقد أصحابه انه لصالح القضية الجنوبية, وهي على ثقة أنهم جميعا مخلصون لوطنهم, ولكن في نهاية المطاف رأي أي من الطرفين غير ملزم لها. وبهذا التوجه رغم بعض العيوب لديها برهنت أنها قيادات كفيلة بالوصول بشعب الجنوب إلى تحقيق أهدافه.
4. أنا كمواطن جنوبي كنت أتمنى من أخواننا الجنوبيين في الخارج أن يهتدوا بنهج قيادة الحراك في الداخل, أو في أكثر الأحوال أن يكتفوا بالتعبير عن رؤيتهم تجاه حل القضية الجنوبية, وأن لا يعتبروا من خالفهم الرأي انه خائن للوطن, وأنه عميل لفلان أو علان, بل أنهم بخطابهم هذا يستعدون قوى موجودة في الساحة, وكأن مهمتهم تطويق ثورة شعب الجنوب بما لا تقدر على مجابهته, وبالتالي فشلها, والحقيقة أن مثل هذا الخطاب وجدته لدى من يدعون أنهم قوى الاستقلال في الخارج وأتباعهم في الداخل ممن يحصلون على الفتات, ويدعون أنهم القوة الفاعلة في الحراك الجنوبي وليس لهم قدرة على إخراج عشرة نفر إلى ساحات النضال, ولهذا أن أفضل تسمية تطلق عليهم قوى الاستهبال, والقوة غير الفاعلة. فأنا اندهش أن مثل هؤلاء يدعون أنهم قوى الاستقلال ومعظمهم حتى وهم في الخارج يكتبون مقالتهم وتعليقاتهم بأسماء مستعارة خوفا من سلطات الاحتلال .. فهل مثل هؤلاء يمكن لهم تحرير وطن؟
5. وأخيرا إن الخطر الحقيقي على قضية شعب الجنوب ليس من سلطات الاحتلال فقط , ولكن من عدم الاعتراف بأن مبدأ التصالح والتسامح لم تقوم قيادات الخارج بتطبيقه, وأن قوى التطرف كانت سبب إيصال شعبنا إلى ما وصل إليه,لأنها مسئولة عما ما يسمى بالوحدة, وكانت سبب تمزيق وحدة الصف الجنوبي, وتبذر اليوم عوامل تمزيق وحدة الشعب الجنوبي, من خلال محاولاتها فرض عليه رؤيتها بما فيها تسميات ومصطلحات مثل الجنوب العربي, وتشوه تاريخ الجنوب بما فيه تاريخ ثورة 14 أكتوبر ومنجزاتها , ومن يخالفها في الرأي هو خائن.