جحاف برس -القاهرة-مركز ماعت للدراسات الحقوقية والدستورية
قبل أن يتحول الأطفال إلى قطع غيار بشرية
ماعت يصدر تقريرا عن استغلال الأطفال
22/2/2009
ربما تستطيع الأوطان تعويض ما يهدر من مواردها المادية ، ولكنها قطعا لن تستطيع أن تعوض ما يهدر من مواردها البشرية ، وليس هناك إهدار للموارد البشرية أكبر من السماح بالاتجار فيها ، وتحويل أطفال الوطن إلى سلع تباع وتشترى في أبشع وأسوأ توظيف لذخيرته المستقبلية .
وقد باتت مشكلة استغلال الأطفال ظاهرة مجتمعية وعالمية مؤرقة لأسباب تتمحور بالأساس حول غياب الإجراءات القانونية لمكافحة تلك المشكلة أو لعدم تفعيل القوانين القائمة وفق الاتفاقيات الدولية التي تحمي حقوق الأطفال في مختلف بلدان العالم ، أو للاختلافات حول القواعد أو القيم الأخلاقية والمهنية والدينية ، إلي جانب سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع .
وفي إطار اهتمامه ورصده المستمرين لقضية الاتجار في البشر بكافة أشكالها أصدر " ماعت " تقريرا عن تحليل مضمون لتناول الصحافة المصرية لقضية الاتجار في الأطفال وعمالتهم تحت عنوان " مكافحة استغلال الأطفال في الاتفاقيات الدولية و القوانين الوطنية " .
وتناول " ماعت " في تقريره أشكال الاستغلال للأطفال في مصر التي تتنوع ما بين مجالات زراعية كما في جمع وجني دودة القطن ، مجالات صناعية وتجارية وخدمية كالمحاجر والمناجم وكمائن الطوب والورش . الأعمال المنافية للآداب حيث يتم استغلال الأطفال والأبناء في ممارسة الدعارة ، والشذوذ الجنسي والمجالات الطبية المتعلقة بالتجارة في الأعضاء أو في علاقات الزيجة " الزواج " خاصة الزواج الصيفي من الأثرياء العرب في عدد كبير من القرى والأرياف المصرية .
كما تناول التقرير مخاطر استغلال الأطفال الاجتماعية والاقتصادية والإجرامية والصحية والأخلاقية ، كما تعرض لموقف التشريعات والقوانين الوطنية والمواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر فيما يتعلق بعمالة الأطفال والظروف التي يجب أن تتوافر في هذا العمل ، كذلك تناول التقرير دور المنظمات الحكومية والأهلية في حماية الأطفال ومنع الاتجار فيهم .
وقد كشف التقرير عن أن مجمل الصحف أولت اهتماما بالغاً بمسألة استغلال الأطفال ، وأجمعت الصحف علي ضرورة مكافحة هذه الظاهرة ، وتشاركت مقالات الرأي في الصحف المصرية في طرح رؤى تحليلية للظاهرة ، ولكن الاختلاف كان في حجم التغطية والجوانب التي تم التركيز عليها من جانب كل صحيفة تبعا لموقفها السياسي وانتمائها الحزبي ، وقد كانت أكثر الصحف تغطية للقضية هي صحيفة البديل تلاها الأهرام ثم نهضة مصر والمصري اليوم ، وكان أقلها تناولا للموضوع هي صحف الأسبوع والأهالي .
كما كشف التقرير عن أن المحافظات المصرية تتباين من حيث نوعية استغلال الأطفال ، فتعتبر محافظات مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية من أكثر المحافظات المصرية من حيث عدد أطفال الشوارع ، بجانب أن محافظات كالمنوفية من أكثر المحافظات من حيث عدد عمال التراحيل . وقد لوحظ من خلال الرصد اليومي للصحف المصرية تأخر الحسم القانوني والتشريعي لقضية الاتجار في البشر عامة فلم يصدر بعد قانون مصري لمنع الاتجار في الأعضاء البشرية أو قانون لتنظيم عملية نقل الأعضاء .
وقد أوصى التقرير بأنه قد بات من الضروري الإفصاح عن إستراتجية كاملة وحصرية لكافة المجالات الواجب مراعاتها " سياسياً ، اجتماعياً ، نفسياً واقتصادياً " بشأن حماية الأطفال المصريين من الاستغلال والاتجار فيهم بكافة الأشكال والصور .
كما أوصى بأهمية تطوير مؤسسات الرعاية الاجتماعية علي كافة تخصصاتها سواء التعليم أو التدريب المهني أو الخدمات النفسية والاجتماعية للأطفال والأسرة ، لاستيعاب وحماية الأطفال الذين لا مأوي لهم من مخاطر الإقامة بالشارع والتعرض للاستغلال .