انتقد أستاذ القانون الدولي الدكتور محمد علي السقاف مشروع الفدرالية الذي تروج له قيادات جنوبية سابقة معتبراً أن هذه القيادات وجميع من حكموا الجنوب حتى العام 1994 ثقافتهم ضحلة, مؤكداً على ضرورة أن لا يتكرر هذا في الحراك.


وقال السقاف في مداخلة مطولة بندوة حملت اسم "نحو رؤية موحدة لأبناء الجنوب في حق تقرير المصير" أن السيد حيدر أبوبكر العطاس ربما تأثر بمهنته ككهربائي مضيفاً "لهذا هو طفي لصي يتحدث مرة عن الفدرالية ومرة عن فك الارتباط ومرة أخرى عن الفدرالية" لكنه أكد أنه يحترم العطاس, وأنه أراد بهذا المثل تقريب الصورة للمستمع.


وتطرق السقاف إلى الخطوات التي يجب أن يقوم بها الجنوبيون خلال مرحلة ماقبل استعادة الدولة وبعدها, مؤكداً أن العالم لن يلتفت إلى الجنوبيين إلا إذا كان هناك شيء كبير يلفته إليهم.
وقال "إذا اخترنا النضال السلمي فلا مانع أن يكون هناك استثناء", مضيفاً "يجب اختيار منطقة هامة والسيطرة عليها للفت انتباه العالم للتفاوض مع الجنوبيين كمنطقة باب المندب", مؤكداً أن العالم لن يتلفت للجنوبيين لأنه مشغول بمذابح ومجازر وثورات, وإذا وقع النظام في مذبحة في الجنوب سيلتفت العالم, أو سيطر الجنوبيون على منطقة مهمة.
واعتبر أن أكبر نضال يقف أمام الجنوبيين هو التعليم مقترحاً أن يضغط المحتجون في "الجنوب الجديد" على وضع ميزانية للتعليم أكبر من ميزانية الدفاع والأمن.
وفيما يتعلق بالتسمية نصح السقاف أن يتم استعمال لفظ جنوب اليمن وليس اليمن الجنوبي معتبراً أن هذا اللفظ يشير إلى دولة جارة تقع جنوب دولة اليمن, بخلاف الاسم الآخر الذي يعني دولة تحمل اسم اليمن, وانتقد ظهور هذا الاسم في الجمهورية العربية اليمنية (الشمال) كمسمى رسمي للدولة, وقال أن مصر هي التي ضغطت لتغيير الاسم إلى الجمهورية العربية اليمنية بعد أن كان يحمل اسم اليمن دون لفظ "العربية", كما أشار إلى أن اسم دولة الوحدة كان يفترض أن يتم باتحاد تقوم على إثره دولة تحمل اسم جمهورية اليمن المتحدة وليس الجمهورية اليمنية التي تمنح الطرف الآخر فرصة لتصوير أي محاولة لاستعادة الدولة بأنها "انفصال" مشيراً إلى عدد من الدول التي أدانت فيها القوى الدولية انفصالها, لكنه انتقد بالمقابل ترك المسؤولين الجنوبيين السابقين لقضيتهم بعد الحرب لافتاً إلى أنه كان يجب أن يتم تأسيس حكومة في المنفى.
وانتقد السقاف استجداء الاعتراف من الطرف الآخر بالقضية الجنوبية, متسائلاً نطلب ممن أن يعترف بها, هم ليسوا دولة عظمى ليعترفوا بها, ولا يجب الارتهان لاعترافهم.
وقال السقاف أن وجود الدول غير مرتبط بالاعتراف بأي طرف, مشيراً إلى أن هناك دول موجودة ومن دون اعتراف مثل تايوان وغيرها.
وأشاد السقاف بتضامن الحراك مع ثورة التغيير في الشمال معتبراً أن هذا "تصرف ذكي" رغم وجود من حاربونا في 94 في ساحة صنعاء اليوم حسب وصفه, لكنه قال أن هناك فرق بين مايجري في الجنوب ومايجري في الشمال, وأضاف أن الدول دائماً ما تبحث عن دولة ديمقراطية ليبرالية إلى جوارها لضمان عدم الدخول في حروب معها لأن الدول الديمقراطية لا تحارب بعضها البعض لافتاً بذلك إلى وجوب تأييد قيام دولة مدنية ديمقراطية في الشمال.


وقال السقاف أن موقع الجنوب الجيوستراتيجي مهم جداً للملاحة الدولةي ولن يتركه العالم لكنه لن يلتفت للجنوبيين مالم يثبتوا أنفسهم" وأشار إلى أن التقسيم الإداري جعل منطقة باب المندب ضمن التقسيم الإداري لمحافظة تعز الشمالية, وأن الاهتمام الحاصل الآن هو لميناء الحديدة غرب صنعاء, لأن لدى النظام اليمني (الشمالي) قناعة بأن عدن لن تكون تحت سيطرتهم في مرحلة قادمة", لكنه أسف على أن بعض الجنوبيين لا يثقون بأنفسهم ولا تتوفر لديهم هذه القناعة الموجودة لدى النظام نفسه.
وقال أن الحديث عن صوملة اليمن لا يعني الجنوب لأن الصوملة إذا حصلت فستحصل في الشمال, والعالم لن يسمح بوجود عدم استقرار في الجنوب حيث تقع خطوط الملاحة الدولية الهامة, مضيفاً أن الصوملة التي يشار إليها دائماً إنما هي في جنوب الصومال أما الشمال حيث تقوم جمهورية أرض الصومال فالاستقرار موجود, وتقع جمهورية أرض الصومال في الضفة الأخرى من خطوط الملاحة الدولية بمقابل المياه الإقليمية للجنوب.
وقال أنه اقترح في ندوة أقيمت في دولة أوروبية الشهر المنصرم إقامة الدولة الجنوبية العلمانية لمحاربة القاعدة إن وجدت.
وأشاد السقاف بقيادات ونشطاء المرحلة السابقة من الحراك لكنه قال أن المرحلة الحالية تتطلب جيلاً جديداً وقيادات مؤهلة تتماشى مع القرن الحادي والعشرين.


وفيما يتعلق بالفدرالية قال أنها مطلوبة داخل الجنوب بين الوحدات والأقاليم الجنوبية, وليس في العلاقة بين الجنوب والطرف الآخر, وقال أنه لا يجب وجود القيادات الجنوبية السابقة التي شاركت في الصراعات السابقة خلال الفترة الانتقالية في "الجنوب الجديد".
وشدد على ضرورة وجود النظام الاتحادي داخل الجنوب مشيراً إلى أن ليس كل مناطق الجنوب مثل بعضها, فحضرموت على سبيل المثال لايمكن معاملتها كمعاملة منطقة أخرى لا من حيث المساحة ولا من حيث الثروات ولا من حيث الخدمات المطلوبة.
ودعا إلى استعمال لفظ "الجنوب الجديد" للتطلع لدولة جديدة على أسس جديدة.
وفيما يتعلق بالفدرالية مع الشمال قال أن في هذا المشروع الذي طرحه علي ناصر محمد وحيدر أبوبكر العطاس مخاطر كثيرة, مشيراً إلى احتمال نكث الطرف الآخر بها كما حدث مع الوحدة الاندماجية ووثائق أخرى كوثيقة العهد والاتفاق, ملفتاً بذلك إلى غياب الثقة بالطرف الآخر.
وأضاف أن وضع الجنوب يخضع للقانون الدولي وليس للقانون الوطني (المحلي), وقال "في الجنوب دخلنا الوحدة كعضو مستقل ومسجل في المنظمات الدولية, بينما فيتنام توحدت ثم حصلت على العضوية موحدة, وقد تعلمت الكوريتان الدرس فحصلتا على العضوية الدولية قبل إقرار الوحدة, وكذلك فعلت ألمانيا".
وقال السقاف أن الأمم المتحدة كانت بها عضويتان لليمن الشمال والجنوبي, وتم تجميد عضوية الشمال واعتماد عضوية الجنوب للدولة الموحدة, وحينها كانت عضوية الجنوب كممثل عن فئة دولية معينة, معتبراً أن هذا يعزز موقف الجنوب اليوم لكنه اشترط ذلك بقوله "إذا كان هناك قيادة" مضيفاً "هؤلاء ليسوا قيادات أنا أسميهم شخصيات جنوبية".
وأضاف أن من بين مخاوف الفدرالية إصرار الطرف الآخر على حصر التعامل وفق القانون الوطني (المحلي) الأمر الذي يجرم استعادة دولة الجنوب بعد ذلك.
كما أشار إلى التناسل المطرد في الشمال, ومشكلة المياه بسبب القات في الشمال, وقال أن وزير المياه اقترح توطين ملايين الشماليين في حضرموت, وأن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح قال أنه يستطيع توطين عشرين مليون يمني في المنطقة الواقعة بين عدن وباب المندب.
وحذر من تحول الجنوبيين إلى أقلية داخل الجنوب بسبب الإغراق السكاني, بعد وجودهم كأقلية داخل اليمن.
وفيما يخص الإعلام أشار السقاف إلى وجود حصار إعلامي على الجنوب, وقال أن الجزيرة يسيطر عليها تيار سلفي لافتاً إلى أن من حق كل طرف تبني أي توجه, لكن التجاهل للجنوب هو تجاهل ناتج عن ذلك التوجه.
واقترح السقاف أن يقوم الجنوبيون بمقاطعة مشاهدة الجزيرة لمدة زمنية معينة في الأسبوع ثم تصعيدها لتصبح في اليوم الواحد, مشيراً إلى أن رجال المال والأعمال يقدمون إعلاناتهم في الفضائيات وفقاً لإحصائيات دقيقة عن نسبة المشاهدة, وعلمهم بوجود مقاطعة لمشاهدة قناة يعني تأثر أسعار إعلاناتهم وبالتالي تأثر القناة.
وانتقد غياب المشاركة النسوية في الحراك الجنوبي, لافتاً إلى ضرورة إعادة تقييم للأخطاء جميعها.


وعقب كلمة السقاف ألقيت كلمات للدكتور يحيى شائف الجوبعي و الدكتور علي جار الله اليافعي والدكتور فضل الربيعي رفضت الفدرالية كمشروع لحل قضية الجنوب مع احترام كل طرف في وضع رأيه وترك القرار لشعب الجنوب دون وصاية.
وفي مداخلات ألقيت عقب محاضرات المشاركين الرئيسيين في الندوة قال الشخصية الاجتماعية المعروفة "فاروق مكاوي" أنه يرفض استعمال لفظي جنوب وشمال, وأن الواجب استعمال لفظي اليمن والجنوب العربي, وشدد على ضرورة التنظيم المفقود داخل الحراك الذي يستطيع بالتنظيم والعمل المنظم تمويل نفسه وتنفيذ عدة أنشطة وفعاليات يعجز الآن عنها بسبب غياب دعم داخلي أو خارجي.
وفي مداخلة ألقتها الأديبة والناشطة هدى العطاس اعتبرت أن الفدرالية فخ نصب للجنوبيين لجرجرتهم إلى مفاوضات قد لا يخرجون منها سوى بحكم واسع الصلاحيات.
وقال الناشط عبد الله ناجي أن توحيد الجنوبيين في رؤية موحدة يجب أن يكون عبر حوار يضم الجميع, مؤكداً أن الوحدة يفترض أن تعود بفائدة وإذا عادت بالضرر فلايجب التمسك بها, لافتاً إلى أن مشاريع الوحدة جميعها خلال الخمسين سنة الماضية جاءت من أطراف غير جنوبية سواء بإلحاح قومي أو يساري.
وكانت الندوة قد عقدت في قاعة "أرجوانة" بخليج صيرة في مديرية كريتر بمدينة عدن برعاية وحضور منصب عدن الحبيب مصطفى بن زين العيدروس وبتنظيم الحركة الشبابية والطلابية لتحرير واستقلال الجنوب. وافتتحت بآيات من الذكر الحكيم ثم وقفة حداد على أرواح الشهداء, وأعقبتها كلمة لرئيس الحركة الشبابية والطلابية "عبد الفتاح الربيعي" قال أن الجنوبيين مع مشروع واحد هو الاستقلال, وبارك لقاء بروكسل, وطالب بتكثيف العمل للإفراج عن الزعيم حسن أحمد باعوم المعتقل منذ