رفع معلم لِـ تلاميذه ورقة نقدية ذا قيمة وسألهم من يريدها؟ فرفع الجميع أياديهم .... ثم كرمشها بقوة بيديه! وعاد يقول ... من يريدها الآن؟ فرفع الجميع أياديهم مرة أخرى ثم رماها على الأرض فاتسخت تماماً! وسأل مرة أخرى .. من يريدها الآن؟ فرفع الجميع أياديهم للمرة الثالثة, فقال لهم ... هذا هو درسكم اليوم, مهما حاولت تغيير هيئة هذه الورقة تبقى قيمتها لم تتأثر, مهما تعرضتم للتقليل والإهمال والتهميش و الاستنقاص والسخرية يجب أن تؤمنوا أن قيمتكم الحقيقة لم تمس... عندها ستستمرون في الوقوف بعد كل محنة, وستبقون دوماً بالمقدمة مجبرين الكل على الاعتراف بقيمتكم لأنكم حافظتم عليها!
محاولات استباق الرياح لم يسبق أن نجح بها حصان ولم يمتطيها فارس ومحاولات ركوب الغمام وجعل السحاب مراكب كلها فشلت ومثلما فشل كل ذلك فقد فشلت كل الحملات التي استهدفت ثورة الجنوب الشعبية بنية القضاء عليها ووئدها فكلما تراءى لهم أن الحراك بهت وانتهى اذ بعجلته تعاود السير على قضبان الإستقلال بإسرع مما كانت عليه مدفوعة بإرادة الشعب الجنوبي وبصدور الشباب العارية ليعود الحراك معها اقوى مما كان و بخطاب سياسي ثابت يتجاوز مرحله الكفر بالوحدة اليمنية او هكذا يحب انصارها تسميتها الى مرحلة مقاومتها.
لقد مثل الخروج الحاشد للجنوبيين في ذكرى 7- 7 في أكثر من منطقة قطعاً للحبل المهترئ الذي ربُط به بقاء الحراك ببقاء صالح وان ذهاب الثاني يعني تلاشي وجود الأول بحجة أن الحراك الجنوبي نتاج طبيعي لسياسات شخص صالح وسيزول بمجرد زواله أو قيام ثورة شعبية كبرى ضده.
لقد تناسى مروجو هذا ان الحراك أصبح مشروع ثوري مجرد من دوافع قيامه الحقوقية متجاوزاً ذلك نحو تأطير سياسي متعلق بقضية وطن وإستعادة دولة ومهما كانت الظروف المحيطة ومتغيراتها فهو باق على هدفه وغايته.
غير ذلك فقد مثلت الهبة الشعبية الجنوبية الأخيرة استفتاءاً شعبياً جديداً رافضاً لخيار "الوحدة" ولو بقناع الفيدرالية التي ابتدع أمرها بعض رموز التاريخ السياسي وهم في ذلك غير آبهين إلا أن عاصفة الواقع الثوري الجنوبي قد تجاوزت مثل هذه المشاريع وبذرت ثمرة تعطيل غسيل المخ الذى مُورس سنين طويلة ضد العقل الجنوبي في ظل حكمهم القديم فالعقل الجنوبي قد تحرر اليوم من مظلة احتلاله ولم يعد بالإمكان إعادته إلى زنزانة التاريخ ولا إلى بيت طاعة الحزب وما خرج به لقاء القاهرة المروج لمثل هذه المشاريع التي تستنقص الحق الجنوبي لا يمكن أن تفهم إلا كأساليب جديدة لمصادرة القرار الشعبي الجنوبي وإعادة الوصاية عليه بحلول معلبة من قبيل ما أريكم إلا ما أرى ومن دون أدنى اعتبار للرغبة الشعبية الجنوبية.
لا احد يملك حق وكالة الشعب الجنوبي و لكن إن كان لكم تأثير في الفعل الجماهيري فانزلوا الميدان وقوموا بإخراج حراك مشاريعكم ولا نريد منكم فعالية مليونية بل فعالية قودوها أنتم ولو بألف شخص وبعدها تعالوا لتطرحوا مشاريعكم مستندين على قوة وجودكم على الأرض فحراك الاستقلال الجنوبي لم يعد ظهراً يركب ولا ضرعاً يحلب ومشاريع الإفلاس هذه لم تعد ذى نفع ولا جدوى وتضحيات الجماهير التي تفتح صدورها للرصاص الحي وتقبل الموت بروح الحياة لا يمكن أن تفرغ بطماش مشروع الفيدرالية.
إشارة...
قبل قرابة شهرين تقريباً أطل علينا قيادي اشتراكي في الحراك ليعلن أن الحراك الجنوبي قد أهدى حرية الجنوب ومشروعه في الاستقلال للشباب في ساحات ثورة التبديل.... أظن أنه و بعد فعاليات ذكرى النكبة تبين للجميع أن الرجل لم يهدي سوى ضميره ومبدأه أما الحراك فمتمسك بحق الجنوب ومستحقه, وهو سائر في طريقه ومستمر في ذلك بأمثال هذا أو من دونهم.