ملتقى جحاف - عدن الغد
أنشئ مطار عدن العسكري في عام 1917 م في منطقة خور مكسر, وكان يضم حينها القوات الجوية الملكية البريطانية التي كانت أعظم قوة آنذاك, و قد تم اختيار عدن كمنطقة وسطى بين الهند و قناة السويس للإمداد و التموين قبل أن تصبح عدن هي الأساس في خطوط الإمدادات.
و ضم المطار أقوى الطائرات الحربية البريطانية آنذاك وكان مطار عدن من المطارات الهامة وكانت تهبط على أرضه الكثير من الطائرات القادمة من بريطانيا أو من أرجاء الإمبراطورية قبل أن تنشئ شركات الطيران الخاصة في عدن .
وتحول المطار بعد الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 م إلى مطار عدن الدولي. و أقيمت بالمطار الكثير من المرافق التي تلبي احتياجات المطار و احتياجات القوات البريطانية المحتلة سواءً المرافق السكنية أو الخدمية و التي مازالت بعض آثارها موجودة كبعض الأكواخ الخشبية أو بعض المباني التي حولت إلى مرافق مدنية فيما بعد .
البدايات الأولى لدخول الطيران المدني في عدن:
تاريخ الطيران المدني الفعلي في عدن يعود إلى العام 1936 , حينما قام رجل الأعمال أنتوني بيس (Antonin Besse ) و هو فرنسي الأصل جاء إلى عدن موظفًا صغيرًا في شركة فرنسية (Bardey – Co ) لتصدير البن, ثم أسس شركته الخاصة (A. Besse - Co. Aden Ltd ) في عدن و المخا إلى أن أصبح ملك البن في العالم إلى جانب أعمال أخرى كشركة الملاحة ( حلال ) و مصنع للصابون و غيرها من الأعمال التي أسسها في عدن .
و في إحدى رحلاته للمكلا على ظهر إحدى السفن التابعة لشركة(Cowasjee Dinshaw ) أصيب أنتوني بس بالإرهاق فقرر إنشاء شركة طيران خاصة, و كان يزمع تنفيذ رحلات جوية إلى المكلا و الشحر في حضرموت بالإضافة إلى صنعاء و أديس أبابا, فقام في عام 1936 م بتأسيس شركة الخطوط الجوية العربية المحدودة (Arabian Airways ) برأس مال قدره خمسة آلاف جنيه إسترليني .
أشترى أنتوني بس طائرتين من نوع Monospar ST.25 سجلت بكود G-AEJB سعة أربع مقاعد والأخرى من نوع Short Scion أضيفت في العام التالي تحت كود التسجيل G-AEJL ..
و قد تحطمت الطائرة الأولى بعد شهر واحد من بدء العمل و استبدلت بواحدة أخرى من نفس النوع, و في ديسمبر من عام 1937م تحطمت طائرة Short Scion في تريم – حضرموت و كلفت عملية إصلاحها 2000 جنيه إسترليني و هي تكلفة كبيرة بالمقارنة مع رأس مال الشركة
. في عام 1939 م قرر السيد أنتوني بيس إغلاق شركة الطيران بسبب الخسائر التي منيت بها الشركة, و انظم كابتن الطائرتين و المهندس الأرضي إلى سلاح الطيران الملكي البريطاني RAF , و يبدو أن سوء الحظ كان ملازمًا للسيد أنتوني بيس في مجال الملاحة الجوية بعد إغلاق الشركة فقد استبقى طائرة Short Scion لتسيير رحلاته الخاصة لكنها تحطمت بدورها عام 1940م في مكيراس بعد إقلاعها عائدة إلى عدن, و قد أصيب السيد بيس في عموده الفقري, عولج على إثرها في المستشفى في عدن ثم قضى فترة نقاهة بضعة أشهر في ( Le Paradou ) في فرنسا .
ميلاد خطوط عدن الجوية:
في وقت مبكر من شهر مايو عام 1947م, كان هناك اقتراح لتشكيل خطوط عدن الجوية, باستخدام طائرتين من طراز بريستول 170, ولكن لم يُنجز شيئا من ذلك المشروع.
وفي يناير 1948م, قامت الخطوط البريطانية لما وراء البحار ( (BOAC بإنشاء الخط رقم (5), مع قاعدة للصيانة في أسمرة, إريتريا, ولكن مع تمركز العمليات في عدن لتغذية خطوطها الرئيسية في نيروبي والقاهرة, وإقامة صلات مع المراكز حول البحر الأحمر.
في 7 مارس 1949م, أُنشئت خطوط عدن الجوية المتحدة لتستلم العمليات من الخطوط البريطانية لما وراء البحار, مكونة من 6 طائرات من طراز دوجلاس داكوتاس (DC3).
وفي 1 أكتوبر 1949م, بدأت خطوط عدن الجوية عملياتها كشركة مالكة بالكامل لأسهم الخطوط البريطانية لما وراء البحار, وتم تسجيل أسهمها باسم خطوط عدن في 1 فبراير 1950م.
وفي 31 مارس 1950م, أصدرت خطوط عدن أسهم برأس مال وقدره, 800580 ألف روبية بما يعادل 60043 ألف جنيه إسترلينيا, مملوكة للخطوط البريطانية لما وراء البحار.
وقد شهدت أعمال الشركة الجديدة نشاطًا ملحوظًا نتيجة موسم الحج و الرحلات إلى جدة مما شهد زيادة في الأرباح بمقدار 11% ., و لتغطية هذا الاتساع في الرحلات الجوية قامت الخطوط الجوية العدنية باستئجار طائرات من طرازAvro York من شركة Skyways البريطانية بين عامي 1953 -1954 م, مع تلوينها بنفس نمط الألوان الخاصة بالخطوط البريطانية لما وراء البحار.
و في 8 فبراير 1960م قامت الخطوط العدنية بشراء طائرة من نوع Canadair C-4 Argonaut من شركةCanadair North Star وهي تطوير للطائرات من نوع Douglas C-54 / DC-4 .
و في مايو 1960 م تم الطلب على نوع من طائرات Avro 748s التابعة لشركة Avro إحدى شركات تصنيع الطائرات البريطانية, لكن الصفقة ألغيت فيما بعد . منذ الأول من يناير 1962 م تم الدخول باتفاقية عمل مع East African Airways لتسيير رحلات طيران جوية بين عدن – نيروبي و العودة .
وفي العام 1955م, تحولت كل أسهم شركة الخطوط البريطانية لما وراء البحار بالكامل إلى الشركات المساهمة, كشركة الطيران البريطانية للشرق الأوسط المتحدة, وفي العام 1957م, نفدت طائرات داكوتاس الجزء الأكبر من حركات المرور لمناطق المحميات البريطانية في الجنوب آنذاك إلى 42 رحلة أسبوعية, وذلك بعد بدء العمليات من قبل الطائرات الكندية التابعة لشركة الخطوط البريطانية لما وراء البحار سابقا, (C4 Argonauts) تلتها (V760 Viscounts) في سبتمبر 1963م.
في 1 يناير 1962م, تم الاتفاق مع شركة ((EAAC لجمع الخدمات بين نيروبي وعدن, واستمرت الخدمات الجوية في ظل صعوبات متزايدة بسبب الاضطرابات السياسية في عدن, وكان ذلك سبباً في توقف عمليات خطوط عدن الجوية في 30 يونيو 1967م, أي قُبيل انسحاب القوات البريطانية من الإتحاد ومحمية الجنوب العربي, حيث ألت أصول الشركة بعد شرائها من قبل أل باهارون وشركتهم المسماة (شركة باسكو).
كانت ايدن ايرويز مدرسة عظيمة لتخريج الكوادر الفنية والإدارية، وفي العام 1967 قامت شركة الطيران الكويتية بتوظيف كل الموظفين من أبناء عدن في ايدن ايرويز الذين رحلوا إلى الكويت الشقيقة . .
ومن ايدن ايرويز أنطلقت أول نقابة عمالية أنشأها السياسي والنقابي الشيخ عبدالله عبدالمجيد الأصنج، الذي كان من أوائل الموظفين في ايدن ايرويز. ومن أوائل هذه الكوادر المتفوقة: المرحوم محمود حمزه أمان، محمد مقبل غالب الطهماز، محمد عبده قاسم، النقابي عتيق عبدالرحمن، صالح زوقري، عبدالكريم جاوي، محمد ميه، المهندس سعيد يريمي، الحاج محمود صديق، الشهيد عباس بهري.
هذه عدن بلادنا بلد يزخر بالتاريخ ، عدن محراب التاريخ والحضارة ، أنظروا إلى الأسماء التي ورد ذكرها وتاريخها العظيم، لقد رحل هؤلاء العظماء إلى المهجر ليساعدوا في البناء والتطوير في بلدان الكثير من جيراننا وأخوتنا في الجزيرة العربية، ووجدوا في هذه البلدان الكريمة الشقيقة .. الوطن الثاني والاحترام والتقدير. وبهذا نكون قد عرفنا القارئ الكريم عن تاريخ أهم صرح اقتصادي كانت تملكه عدن أبان الحقبة الذهبية.