صنعاء - رائد الجحافي
يواصل الغموض تربع عرش المشهد السياسي اليمني ويغيب التحليل السياسي الحصيف ليصبح كل ما قيل أو يقال في هكذا مشهد سياسي جرى تناوله من أرباب السياسة وربما ما جرى تسريبها من معلومات خرجت من قصور ومراكز قوى إقليمية وعالمية جميعها أضحت مجرد تكهنات لا غير خصوصاً في ضل المتغيرات وتسارع الأحداث التي وان بدت متسارعة في حركتها إلا أنها تدور في حلقة مفرغة تماماً، وحتى كبار الشخصيات في السلطة اليمنية ومقربون من الرئيس صالح باتوا أنفسهم لا يفقهون ابسط الأمور حول ما يجري ويجهلون ماهية الإستراتيجية التي يتحتم عليهم المضي عليها باعتبارهم جزء من النظام وشركاء في الهم والمصير، مصادر قريبة جداً من شخصية قيادية في الحزب الحاكم ومن مقربي الرئيس صالح يؤكد حقيقة ما سلف من حديث، وهكذا يتأكد لنا من خلال ما يلحظه المراقب لحال أقارب رجال السلطة والحكومة اليمنية وبالذات أقارب بعض الشخصيات القيادية التي قيل أنها قد أصيبت في حادث جامع النهدين أضحوا لا يعلمون حقيقة ما جرى لذويهم أو صحة الواقعة من عدمها، ويقول احد أقارب شخصية قيادية تنتمي إلى الجنوب ممن تم الإعلان عن إصابتهم في الحادث إن الذي بلغهم عبارة عن طمأنة من قبل أشخاص في السلطة ابلغوهم يوم الحادث إن لا يقلقوا، وتوقع ذلك الشخص إن حادث التفجير غير حقيقي، وان الذي يجري مجرد ألعوبة سياسية تعد مصيرية بالنسبة للرئيس صالح ورجالات السلطة الذين يجري التحفظ عليهم حتى اللحظة.
عوامل تأخير الحسم الثوري:
وعن أسباب تأخير حسم الشارع اليمني من جانب الثورة الشعبية في ساحات التغيير يشير مراقبون إلى وجود عوامل داخلية وأخرى خارجية أسهمت وتسهم في تأخير الحسم وربما تقود إلى فشل الثورة لاحقاً، ومن العوامل الداخلية عدم ترابط قوى المعارضة ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك وارتباط بعض قادتها بالنظام الحاكم وبمصالح شخصية مع قيادات الرئيس صالح، ضف إلى ذلك انضمام شخصيات عسكرية محسوبة على السلطة ولها سوابق غير حميدة إلى صفوف الثورة، واهم عوامل تهدد فشل الثورة هي السياسة المنتهجة لقوى تمثل الثورة والتي تقوم سياستها الراهنة على ذات الأخطاء التي أنتجت الأزمات السياسية والاقتصادية في السنوات الماضية وقادت إلى تصدع أركان سلطة الرئيس صالح، هذه السياسة القائمة على تجاوز أهم واخطر القضايا والمشاكل الرئيسية الداخلية والمتمثلة بالقضية الجنوبية وقضية الحوثي، فقضية الجنوب الذي يصر غالبية أبنائه إن لم يكونوا جميعهم على فك الارتباط واستعادة دولتهم السابقة هذه القضية التي تمثل أهم وابرز مشكلة لم يجري معالجتها من منطلق صحيح بل جاءت الثورة الجديدة وكأنها تسير وفق السياسة التي سار عليها الرئيس صالح تجاه الجنوب، بل عمدت قوى ثورية أو قوى مؤثرة في الثورة اليمنية على إتباع سياسة التضليل الإعلامي على ما يجري في الجنوب وتحت سياق مبررات واهية تعمل على قلب الحقائق حيث تلبس فعاليات الحراك الجنوبي ثياب التغيير وهي دون ذلك في ظل اتساع الهوة بين القوى الجنوبية الفاعلة وقوى الثورة اليمنية، والركون على أشخاص بعينهم في تواصلها وهو ما ولد لدى الجنوبيين القناعة بخطورة المجهول القادم في حالة رحيل نظام الرئيس صالح، ولكون القضية الجنوبية لن تحل اليوم إلا وفق قناعة الشعب الجنوبي الذي يقرر مصيره بنفسه دون وصاية فان الهروب من هذه الحقيقة الواقعية تظل أم المشاكل وتهديد حقيقي يعرقل أية نجاح للثورة اليمنية، أما القضية أو المشكلة الأخرى تتمثل بقضية الحوثي أو ما يسمى مشكلة صعدة التي تعد حصيلة ستة حروب وحرب لم تنته بعد يزيد تعقيدها لارتباطها بقوى ومصالح إقليمية من ناحية ولكونها أساسا تمثل أهم قطب صراع فيها مقابل الحوثي هو القائد العسكري علي محسن الأحمر والى جانبه أنصاره من مواطنين ومشايخ قبائل وحملة الفكر الوهابي يشمل هذا المعنى رموز حزب الإصلاح الإسلامي، والأحمر باعتباره اليوم وبعد إعلان انشقاقه عن النظام الحاكم يمثل عنصر رئيسي في الثورة القائمة يبقى رهن صراع مستقبلي في نظر الحوثيين وغيرهم مع ارتباط المشكلة برمتها بتأثيرات خارجية إذ إن السعودية وهي البلد المجاور لمناطق الصراع الزيدي – السني تمثل العدو الأبرز للحوثيين وتنظر إلى وجودهم في محافظات تقع على التماس الحدودي لمناطق سعودية ينتشر فيها المذهب الزيدي بقوة على أنهم الخطر الأكبر الذي يهدد مملكة آل سعود بالزوال، ومن هنا يبرز المؤثر الخارجي والعامل الذي يؤثر على إمكانية انهيار الثورة الراهنة، فالسعودية التي تحافظ على صالح حتى اليوم باعتباره حليفها الاستراتيجي في الحرب على الحوثيين والزيود في شمال اليمن لم تكن شديدة الحرص على استمراره في السلطة بقدر حرصها على إيجاد البديل الذي سيواصل العمل على خدمتها سواء في الحرب على الحوثيين أو مسالة الحدود بين البلدين، وهكذا مطلب يستحيل تحقيقه في حالة وجود انتصار حقيقي للثورة وإقامة دولة ديمقراطية.