من خلال التجربة الماضية لحركة سير مسيرة الحراك السلمي منذ نشوء الحراك في الجنوب المحتل علينا أن نحاول ان نغوص في مسائل جوهرية وصميمية للحراك حتى يتم تصويب وتصحيح مسار الحراك.
فمن خلال تتبع المرحلة الماضية نرى أن المنحنى قد وصل إلى ما وصل إليه الحراك الجنوبي السلمي من حالة التعظيم في قليل الأيام الماضية وخاصة بعد ما عاد التوازن إلى الحراك الجنوبي وبعد أن عاد اللون الجنوبي السائد وتعمم النفس الجنوبي بكل محافظات الجنوب وتم لتسونامي الحراك أن يكتسح تسونامي التغيير وهي بديهية فمصالح الجنوب ومصالح الشعب ومستقبل أجياله تكمن في استعادة النفس الجنوبي ولونه الجنوبي العام.
إن الحراك الجنوبي السلمي اليوم يعيش حالة من التراجع بعد وصوله إلى حالة التعظيم ولكن الهجمة بعد ما وصل إليه من نجاح حتى صار ثورة جنوبية سلمية عارمة فإذا بقوى التخلف والرجعية التدميرية التي اكتسحت بعض من محافظات الجنوب وأخلت بالتوازن الجنوبي العام والمتحقق بشكل طبيعي عبر مراحل العمل الثوري ولكن للتجربة اليمنية والمخططة منذ سنوات فقد سقطت محافظات وستسقط محافظات أخرى بيد أنصار الشريعة اليمنيين وهم من كوابح العمل النضالي والثوري الجنوبي وقد حقق هذا لهم وفق الخطة المرسومة حين قال الرئيس صالح ستسقط خمس محافظات جنوبية محذراً قبل حادث المسجد وإلا لماذا لم نشاهد أنصار الشريعة في محافظة يمنية أخرى غير جنوبية.
إن مشكلة الجنوب وشعب الجنوب تكمن في حلها بالجنوب وداخل الجنوب ومن قبل شعب الجنوب والتضحيات الجنوبية يجب أن تكون بالجنوب وليس بمنطقة غير الجنوب (فمن الجنوب وإلى الجنوب).
لقد استوعب الأخوة اليمنيون أن مكمن القوة الجنوبية يتجسد في حضرموت لذا فقد كان التركيز على يمننة الجنوب من خلال يمننة حضرموت.. وقد قال يوماً الحكيم الجنوبي المناضل فيصل العطاس حين تم تجاوزه في لقاء عام باليمن.. في صنعاء .. كيف يكون هذا ولم ندعو لهذا اللقاء ونحن من يمنن حضرموت قالها بالسليقة وبحسن نية.
كما قالها محمد علي هيثم في وقت سابق وماضي حين سأل الرئيس قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف الشعبي عن تسمية الجنوب فحينها قال عبدالفتاح اليمن الجنوبي وقالوا جميعاً من سبق ذكرهم يجب أن تسمى حضرموت وقد رفض ذلك جماعة من الحضور ومنهم من قال ليكن الجنوب العربي ولكن من المعلوم أن السلطان القعيطي قد رفض هذا الاتحاد بحجة أن السلطان القعيطي لم ولن يكون له نفس الميزات ما للعقربي وسلاطين آخرين وهو من يملك دولة كبيرة ذات مؤسسات فنحن لم نسمع يوما أن هناك وزراء للجنوب العربي من حضرموت ولكن يقول البعض أن حضرموت دخلت آخر عهدها قبل الاستقلال لاتحاد الجنوب العربي؟؟؟؟ .. ولكن جوهر الموضوع أن مسمى الجنوب العربي رفض لكونه مسمى من مسميات المستعمر لذا تم استبعاده ورفضه.
إن مشايخ اليمن قد استوعبوا أن مكامن القوة في حضرموت التاريخ والثقافة والمنهاج والمساحة والثروة والقوة والثروة البشرية لذا نجد أن شيخ مشايخ حاشد واليمن قال بعد انتصارهم في صيف 1994م ووثق ذلك ضمن مذكراته أنه يكفي جلب مليونيين مستوطن يمني إلى حضرموت وتنتهي القضية الجنوبية.. وهذه رؤية فيها دقة توصيف من شيخ حاشد القبيلة التي حكمت اليمن عبر مراحل طويلة فقد كانت حاسمة وعنصر من عناصر الحسم اليمني عبر التاريخ.
لقد ذكر هذا الموقف من كل النخبة اليمنية عامة وتجسد من أسلوب استيطان لليمنيين في حضرموت من قبل كثير من المشايخ وهم الحكام الفعليين باليمن وصمام أمان هذا الحكم والنظام وقد تجسدت روح الفعل ليمننة حضرموت من خلال كثير من المؤسسات والنقابات والإدارات والوزارات المناهج والبرامج ومنها ما تجسد في الكتاب المدرسي للطلاب وغيره الكثير عبر مرحلة طويلة من صراع اليمن مع حضرموت ومنذ ما قبل الاستقلال.
إن الحرب على الهوية الحضرمية قديم وعمره عمر الثورة الجنوبية ومن خلال الجبهات التي تتناقض ومفهوم حضرموت الثوري والمنهاج الديني المدرسي الذي تجسد من خلال مدرستها الدينية العالمية وشهرتها بمدرسة الحكمة الموعظة الحسنة وقد سادت في جميع مناطق تواجدها وكذا الحزب الذي توصل إلى ما قبل الاستقلال إلى وعد بالاستقلال من قبل المحتل البريطاني وهو حزب رابطة الجنوب العربي فثقافة الحرب دخيلة على حضرموت والجنوب عامة.
على جميع المناضلين ضمن الحراك الجنوبي السلمي التركيز على مكامن القوة في منطقة حضرموت مع عدم التخاذل في باقي مناطق الجنوب وتنشيط الحركة التوعوية الثورية في حضرموت خاصة وأن الزخم النضالي للحراك في أوجه فإن تكثيف العمل وحشد الطاقات بحضرموت مجدي وفعال أكثر من بقية مناطق الجنوب فحضرموت هي منطقة الصراع والصدام الحضاري وهي العمق ومن يملك الموروث التاريخي المشع وأن هزيمة اليمني بحضرموت هي بوابة النصر وبوابة الخروج للمحتل اليمني وهي مصلحة يمنية إذا استوعب اليمنيون ذلك لبناء مستقبل للعلاقات البناءة بين اليمن وحضرموت والمستفيد من هذا هو اليمن وليس حضرموت فعليهم استباق هذا الزمن قبل أن يذهب عليهم ويفوتهم قطار الحكمة.