إبراهيم القديمي-عدن
تراجعت صادرات النفط الخام اليمني بصورة كبيرة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري وهبطت عائداتها إلى 308.4 ملايين دولار، مقارنة بأكثر من ثلاثة مليارات دولار للفترة نفسها من العام الماضي.
وعزا تقرير حديث صادر عن البنك المركزي اليمني أسباب التراجع إلى انخفاض حصة الحكومة اليمنية من إجمالي الصادرات النفطية إلى 15 مليون برميل مقابل 27 مليون و300 ألف برميل للأشهر السبعة من العام الماضي. وأشار أيضا إلى التأثير السلبي لانخفاض الأسعار العالمية على أسعار الخام اليمني.
كما ذكر التقرير أن الاستهلاك المحلي للنفط سجل ارتفاعا ملحوظا خلال الفترة ذاتها بمقدار 2.4 مليون برميل ليصل إلى 15.60 مليون برميل، مقارنة بـ13.20 مليون برميل لنفس الفترة من العام الماضي.
وقد شكك خبراء اقتصاديون في مبررات البنك المركزي بشأن تراجع الصادرات النفطية, وألقوا باللائمة على السياسة المتبعة في القطاع النفطي الذي يشهد -في رأيهم- الكثير من الاختلالات والأخطاء وعدم وضوح الرؤية.
الشفافية والفساد
ويرى مدير مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر أن السياسة النفطية تفتقر إلى الشفافية في الإفصاح عن الأرقام الحقيقية المتعلقة بإنتاج وتسويق وبيع النفط الخام للرأي العام اليمني.
وقال نصر في حديث للجزيرة نت إن هذه الإشكالية أثيرت في البرلمان اليمني لكنها لم تجد أي حلول نتيجة قوى نافذة في الدولة، على حد وصفه.
وأوضح أن مجلس الشفافية الذي شكل مؤخرا لمحاربة الخروقات ويضم في عضويته مجلس الوزراء ومنظمات المجتمع المدني وهيئة مكافحة الفساد، قد وصل إلى طريق مسدود بسبب رفض الشركات النفطية كشف حساباتها الحقيقية حول الإنتاج، وهو ما دفع منظمات المجتمع المدني إلى الانسحاب من المجلس.
ويرى نصر في إلغاء اتفاقية النفط مع إحدى الشركات البريطانية في "القطاع 53" في محافظة حضرموت من قبل مجلس النواب, وإنهاء عقد شركة "هنت" الأميركية بسبب سماسرة أصروا على استمرارها, "دليلا على الفساد المستشري في قطاع النفط اليمني الذي لا يزال يكتنفه الكثير من الغموض".
من جهته لم يستبعد أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة صنعاء الدكتور حسن ثابت فرحان انتشار الفساد في قطاع النفط الذي يعتبر الأعلى مردودية في اليمن. وأشار فرحان في حديث للجزيرة نت إلى أن قطاع النفط يكتنفه الغموض خاصة فيما يتعلق بعقود الشركات الأجنبية وكيفية إدارتها.
ورأى أن اكتشاف قضية بيع حقل نفطي لإحدى الشركات الأجنبية بمبلغ 13 مليون دولار من قبل البرلمان وإيقافها دليلا على الفساد.
تهرب ضريبي
وثمة من يرى أن الشركات النفطية الأجنبية استغلت بيئة الفساد الموجودة وتهربت من دفع ضرائب مبيعاتها في النفط والغاز المستحقة عليها لخزينة الدولة والبالغة 88.8 مليار ريال (440.4 مليون دولار).
وانتقد الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور علي الفقيه بشدة السياسات التي تتبعها وزارة النفط متهما إياها بتبديد الثروة النفطية، مشيرا إلى تجاوزات كثيرة في القطاع النفطي تتلخص أساسا في الرقابة.
وأشار أيضا إلى إغفال إثبات القيود النظامية الخاصة بحركة الضمانات البنكية المقدمة من قبل الشركات الأجنبية خلال مرحلة الاستكشاف وعدم الالتزام بالقرارات النافذة الخاصة بتنظيم عملية صرف المخصصات البترولية.
لكن المسؤولين في وزارة النفط والثروات المعدنية يؤكدون أن الوزارة تعمل باستمرار على تطوير أدائها وتحديث سياساتها النفطية والغازية والمعدنية عن طريق فتح باب النشاط الاقتصادي أمام الاستثمارات الأجنبية وبنزاهة.
ويشير المدير العام للإعلام بوزارة النفط عبد القوي العديني إلى أن الوزارة حازت إعجاب وثقة الشركات الأجنبية بعد أن طورت تشريعاتها المستندة إلى مبدأ الشفافية والأفضلية والكفاءة.
وأضاف أن تطبيق هذه المعايير في عمل الوزارة جذب كبرى الشركات العالمية من مختلف الجنسيات للاستثمار في القطاع النفطي باليمن.
المصدر: الجزيرة