ماتقى جحاف متابعات
قتل في مدينة سرت واحد من طغاة العالم يدعى معمر القذافي .. كان فرعونا على أهله ، وعلى بلدان العالم الحرة ، كان بابا لافريقيا المسكينة .. كان طاغية ومصدرا للارهاب في العالم .. قتل على يد الثوار الليبيين في المدينة التي شهدت ولادته .
العالم أنتصر يوم الخميس الماضي على أحد طغاته .
لم ينتصر الليبيون وحدهم ! .
كان الرجل الذي حكم ليبيا لأكثر من أربعين عاما واحدا من ارهابيي العالم الذي لا يهدأ الا برؤية الدم والنار تلتهب في بقاع العالم .. ظل يصارع الثورة ، ويصب الزيت في نيرانها طيلة اختبائه في سرت بعد فقدانه العاصمة طرابلس ، وهروبه منها كالجرذ ، وهي المفردة التي كان يصف بها الثوار .
القذافي حرق ليبيا طيلة الأشهر الطويلة الماضية .. جعلها حربا ، ودماء ، ونارا ، وجرحى ، وثكالى ، وأرامل ، وفجائع ، وقتل جماعي ، واغتصاب ، ولو ظل عائشا سيجعلها كذلك حتى يباد ، أو يبيد الثورة ، ويمحقها .
دائما كان الرجل على مدى سنوات حكمه الطويلة يقف في الموقع الخطأ ، ولا يستفيد من الدروس لأنه يرفض أن يتلقى النصح ، حارب العالم بالكلام ، والعمليات الارهابية غير الانسانية كتفجير طائرة لوكربي ، وأفتعال الحروب في افريقيا .
طيلة سنين حكمه كان الشعب الليبي المغلوب على أمره يصفق له ، وهو مذبوح من الألم كحال العرب أجمعين في كل مكان .. العصا لمن عصا .. ذلك كان شعاره .. وليس دائما يستخدم العصا .. كان قريبا من النار .. من الرصاص .. كان شعاره المحبب الرصاص لمن عصا .. والعصا لمن يفكر في العصيان .
كتلة من الجنون والعظمة .. والجميع شارك في صنع هذا الجنون.
نفخوه رؤساء العرب ، ورؤساء أفريقيا بمعسول الكلام ممن كانوا يطلبون أموال الشعب الليبي .. الشعراء العرب أمتدحوه بالمطولات المذهبة مقابل المصوغات المذهبة .. الجميع كان يصنع منه ديكتاتورا على حساب شعب ليبيا الذي انتفض بعد أربعين عاما .
الان .. انطوت صفحة الامبراطور الليبي ، ذهب الى الجحيم ، ولا عزاء .. هل يتعظ الاخرون ؟ .
صفحات التاريخ البشري لا تدل على نجوع تناقل العبرة ، وسريانها في الناس للاعتبار .
القذافي صورة نمطية لنيرون الا أن الاول لم يتمكن من حرق ليبيا ، ولكن تاريخ الرجلين في الاجرام على اختلاف الزمان بينهما واحد .. وهذا السؤال يطرح نفسه في كثير من المواقف .. لماذا لا نتعظ ؟ .
هل ممكن أن نرى صورا مشابهة للقذافي في قادم الايام ؟ .
مات الرجل صريعا .. بالرصاص الذي أعتاد أن يوجه للاخرين من أبناء شعبه بمناسبة ، أو بدون مناسبة .. انتصر الليبيون للحرية .. بعد أربعين عاما .. صبروا .. وصابروا .. ورابطوا .. وأنتفضوا .. وقدموا الشهداء والجرحى والاسرى .. وأنتصروا ، ذلك لأن الشعوب الحرة اذا استجمعت قواها ، ونهضت تطلب الحرية تنتصر بارادة الحق ، ولا يعوقها في سبيل انجاز أهدافها النار .. وذلك ماحدث في ليبيا ، وما سيحدث في كل مكان .