في القرن الثاني قبل الميلاد، كتب أحد المهندسين الإغريق، ويُعرف باسم «فيلون من بيزنطيا»، مقالة من سبع صفحات عنوانها «عجائب الدنيا السبع». ووصف في الصفحات السبع هذه الإنشاءات الهندسية الكبيرة التي كانت تبنى لتميز المدن بعضها عن بعض، ولتعطيها قوة ودعماً فريداً يميّزانها بين حضارات العالم القديم. واختار فيلون: الأهرام في مصر (الحضارة الفرعونية)، وحدائق بابل المعلقة (الحضارة البابلية)، ومنارة الاسكندرية (الحضارة الهلنستية)، وهيكل ارتميس في افسوس (الحضارة الهلنستية)، وضريح موسولوس (الحضارة الهلنستية)، وعملاق رودوس (الحضارة الهلنستية)، وتمثال زوس في أولمبيا (الحضارة الإغريقية). وبمجرد إلقاء نظرة سريعة على اللائحة يتبين أنها مجرد «دعاية» أُطلقت لإبراز الحضارة الهلنستية، ودور الإسكندر المقدوني في بناء الثقافة في العالم القديم. ويقول المؤرخون إن فيلون لم يزر كل تلك الأماكن، بل اتكل على سفر علماء ورحالة وصفوا له هذه المباني التي كانت ضخامة حجمها سبب اختيارها. وأول من وصف المباني الضخمة كان هيرودوت، أبو التاريخ، الذي وصف في كتابه كلاً من أهرام الجيزة وأسوار بابل، لكنه لم يضعها في أي لائحة، ولم يعمل حتى على وصلها بعضها ببعض. وهذا ما يفرق العمل العلمي البحت عن العمل «الدعائي»، الذي يرتكز منذ ألفي سنة على مبدأ المنافسة بين الشعوب. وبما أن للمنافسة مردوداً مادياً ومعنوياً عالياً، وخاصة لمن يضع هذه اللوائح، حاولت البشرية جاهدة أن تعيد النظر في هذه اللائحة للحد من الهيمنة الهلنستية عليها... لكنها لم تنجح، وباتت اليوم تعرف بـ«العجائب السبع للعالم
القديم».