هناك فيلم كوميدي رائع من بطولة الزعيم (عادل إمام) يحمل عنوان: "البحث عن فضيحة" ! فكلما حاول البحث عن الفضيحة هربت منه، لتلقي بشباكها العتيقة حول رقبة صاحبه وأستاذه ومخطط عملياته (سمير صبري) الذي وقع في شر أعماله، لأنه حفر كم حفرة لصديقه فوقع فيها شر وقعة!!.
البحث عن فضيحة..يترأى أمامي كلما سمعت منافقاً، أو مخبولاً، أو باحثاً عن أضواء وشهرة، وفي أسوأ الأحوال فضيحة من باب "خالف تعرف، وهو شارب حبوب النقاهة والنشوة..ليتساءل بغرابة عن ذلك الجنوب الذي يتحدثون عنه، وقضيته العادلة، في إشارة للحراك الجنوبي العارم المزلزل لكيان عشاق "الاستعمار الجديد" ! وكأنه بذلك التساؤل ينفي (جنوبنا) الأبي من نضاله وسعيه، لمعانقة كاس الحرية والعدل والمساواة..وليس مجرد تابع لنظام مجنون قاد البلاد إلى محرقة سحيقة، كحال (صاحبنا) المتعلق بحبال المصلحة البالية، التابع المخلص لأسياده!.
الجنوب.. يا سادة..هو من اجبر الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس على الرحيل عن ترابه، بعد (احتلال) دام 129عاماً، وجعلها تجر أذيال الهزيمة!.
هو ذلك الجزء الذي علمنا معنى الحرية، النضال، وعدم السكوت عن الأخطاء، هو من نشر فينا أريج العلم، ووزع مبدأ المساواة والعدل بين الناس كأسنان المشط، الجنوب الذي علّم أصحابه في ركنه المبادئ والأخلاقيات والمثل العليا.
الجنوب.. الذي سارع إلى الوحدة_ التي ينعمون بخيراتها_ وأحضر كفن دولته (التي يعرفونها حق معرفة) ليوارى الثرى في مقبرة (خزيمة) وأجهزوا على فرحته مبكراً، باغتيال كوادره واحداً تلو الآخر بدم بارد، واستمرت عملية الذبح بطمس ماهو جنوبي، بداءً بالدينار (أحمر العين) ونهاية بدبة (البوتوجاز) وبينهما ظهر (المحتلون) لاغتصاب الأرض الطيبة وخيراتها، والإقصاء والتهميش، فماذا تبقى للجنوب مع شريكه سوى جزء من ذلك العلم المرفرف، وتحت رايته ذبحت الوحدة من عدن إلى المهرة..من الوريد إلى الوريد؟!!.
الجنوب.. الذي تتساءلون عنه..لازال حياً يستنشق هواء الحرية، ينبض بوريد النضال، هاهي شوارع محافظاته الست، شاهدة عيان على ثورته على الباطل، والضم والإقصاء، ودماء الشهداء التي سالت وتسيل في ساحات الحرية والشرف بمدنه المختلفة، ستروي الضماء، وستكون الزاد الذي يضخ، لمواصلة مشوار الألف ميل، وأي تراجع عن ذلك يعد (خيانة عظمى) لأولئك الشهداء، ودماؤهم الزكية.
الجنوب.. يا من تقرأون العربية من اليسار، ثار على الباطل الجاثم على صدره، وتصدح جماهيره ليل نهار بشعاره المدوي: "نستلهم الإيمان والمبدأ من معتقل باعوم والنوبة_ والله مانهدى والأرض والثروات منهوبة" !!.
كثير من القيادات والزعامات (الشمالية) أرادت من الجنوب أن يلعب دور (ذكر النحل) أي يقوم بتلقيح الملكة ثم يموت! والشاهد من ذلك، أن الوحدة قامت على ظهر الجنوب، وترسيخها تم في الأرض الجنوبية، وبدعائم جنوبية، وبعد أن تحقق الغرض والمنال يريدونه أن يموت، أو يعيش تحت رحمتهم، حاله كحال أي محافظة شمالية!!.
وهذا محال، فالجنوب حي، حي، حي، وعاد بذمتكم تتساءلون عن أي جنوب نتحدث، ألا تباً وسحقاً لمزوري التاريخ.