إن ما قرره مؤتمر القاهرة من رؤية للفيدرالية [ أمر خطير ] فهي تضليل وتلاعب بالألفاظ لدغدغة عواطف المواطن وما تخفيه من معاني [الا وهي أخطر من الوحدة ] فأن ما تخفيه من معاني لا وكذا تؤدي إلى تراجع القضية الجنوبية فحسب وإنما تؤدي إلى طمس الهوية كاملة وهنا تكمن الخطورة ، وبالإمعان فيما تمخض عنه مؤتمر القاهرة من رؤية فيما يلي :
( تحويل اليمن الحالية إلى فيدرالية من إقليمين شمالي وجنوبي لفترة انتقالية تستمر خمس سنوات كحد أقصى على أن يمنح شعب الجنوب حق تقرير المصير أو البقاء في دولة الوحدة ) .
ـ فإن القول [ بحق تقرير المصير ] وما يعنيه في القانون الدولي المصطلح الانجليزي بالآتي : [تقرر مصطلح منذ البداية إلى السكان الذين تربط بينهم لغة مشتركة وثقافة مشتركة ("قومية") والمقيمين في منطقة محددة جرى تطبيق حق تقرير المصير من خلال الإعلان عن المنطقة وعن الجمهور المقيم عليها كدولة قومية أو كجزء يتمتع بحكم ذاتي اتحاد فيدرالي]
ومن خلال هذا التعريف فأنه يتبين ان تقرير المصير يعطي لسكان أو قومية [ التمتع بحكم ذاتي ] داخل الاتحاد الفيدرالي إذا كانت دولة فيدرالية أو داخل دولة مركزية كما هو الحال في العراق.
وخاصة ان اتفاق الوحدة الاندماجية في دولة مركزية واحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية والجمهورية العربية اليمنية هو المعترف به أمام المجتمع الدولي.
وأما المفهوم الآخر [ لحق تقرير المصير بالنسبة للدولة المحتلة أو المستعمرة ] هو مفهوم صحيح ولكن هذا التعريف والمفهوم [ لا تقر به الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي لدولة الجنوب حالياً ] ولهذا [ فإننا نستبعد هذا التعريف عن تقرير حق المصير للدول المحتلة والمستعمرة بالنسبة للجنوب ] إلا إذا تم الإعتراف دولياً بأن [ الجنوب دولة مستعمرة ومحتلة من قبل الجمهورية العربية اليمنية ] ومن هنا يمكن [ الأخذ والمطالبة بحق تقرير مصير شعب الجنوب من الاحتلال اليمني بعد الاعتراف دولياً بأنه محتل.. وأما في ظل عدم الاعتراف بأن شعب الجنوب محتل فلا مجال للمطالبة ( بحق تقرير المصير ) لأنه يقع ضمن مطالبة إقليم في إطار دولة مركزية بموجب اتفاق الوحدة.
ـ ومن هنا فأن [ المطالبة بحق تقرير المصير لإقليم ] يعني علينا الاعتراف بأننا [ اقليم في أرض اليمن ] ..!! وهذا يسقط هويتنا السابقة كلها [ومثال على ذلك لا يمكن أن تكون حضرموت ذات هوية وكيان مستقل بذاتها وهي كذلك منذ فجر التاريخ ونعترف أخيراً [ بأننا أقليم من أقاليم اليمن ] وهذا الاعتراف لم يحصل عليه اليمنيين منا حتى في الدويلات السابقة فقد بقية حضرموت كدولة باسمها ضمن دويلات اليمن ( سباء وقتبان ويمنت حضرموت ) فهي لم تضيع هويتها حينها . ولكن اليوم يطالبون بالإقرار والاعتراف بأننا اقيلم تابع لليمن .
فأن مجرد الاتفاق على المطالبة بحق تقرير المصير لإقليم وهو ضمن دولة اليمن المركزية فأنك بذلك تعترف بأننا أقليم ضمن دولة اليمن وهذه هي الضربة القاضية لهوية كاملة وهي أعظم وأخطر من اتفاق الوحدة الذي سلبا دولتنا وحقوقنا فقط وبعد أن تفقد هويتك واعترافك بانك اقليم يمني فلا حقوق لك في استعادة أي دولة مستقبلاً.
ـ وأما القول بدولة فيدرالية فهنا يتضح التضليل [ فإن الفيدرالية هي اتحاد دول ] وليس دولة !!! فلا يوجد تعريف [ دولة فدرالية مركزية ] فهذا التضليل بعينه.
ـ وأما القول [ بإقليمين ] فأن الفيدرالية [ ليست اتحاد أقاليم ] وإنما الأقاليم تكون ضمن دولة مركزية والفيدرالية هي اتحاد بين دول مستقلة ومن خصائصها :
ـ لها دستور ـ لها علم ـ لها حكومة ـ لها قوانين ـ لها قضاء ـ لها شرطة وأما الاقاليم ليست لها أي خصائص من الخصائص المذكورة آنفاً .
ـ وكذلك فأن من خصائص الفيدرالية [ أن من حقها الانفصال عن الاتحاد الفيدرالي في أي وقت ... وليس لها أي مدة.
ـ ولهذا فإن ما جاء في مقررات القاهرة عن [ مدة خمس سنوات ] فهم لا يقصدون الفدرالية بمعناها وفق القانون الدولي وإنما يقصدون [ الاقليم التابع لليمن ] فإن الاقليم هو الذي يطلب الانفصال وليس حق تقرير المصير كما هو الحال [ لجنوب السودان ] ومن هنا تعطي [ مهله ] ومن ثم يتم الاستفتاء على الانفصال بإعتبارها اقليم داخل دولة مركزية ...
ـ وأما الفدرالية ليس لها أي استفتاء أو مدة عندما تقرر الانفصال فمن حقها تقرير ذلك متى شاءت.
وهنا يكمن التضليل في المصطلحات والمعاني لتضليل المواطنين لعدم معرفتهم بمعاني المصطلحات والتعاريف القانونية وهذا الغش بعينه.
1 ديسمبر 2011م
* محامي وناشط سياسي ونقيب المحاميين في محافظة حضرموت الوادي .