ملتقى جحاف
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


ملتقى جحاف: موقع ومنتدى إخباري سياسي اجتماعي ثقافي عام يختص بنشر الأخبار وقضايا السياسة والاجتماع والثقافة، يركز على قضايا الثورة السلمية الجنوبية والانتهكات التي تطال شعب الجنوب من قبل الاحتلال اليمني
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر|

تأملات تربوية في قصة أهل الكهف

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة
ياسين النقيب
ياسين النقيب
نائب المدير
اس ام اس اللهم أرني الحق حقاً وأرزقني اتباعه,وأرني الباطل باطلاً ورزقني اجتنابه

عدد المساهمات : 1740

تاريخ التسجيل : 16/02/2009

تأملات تربوية في قصة أهل الكهف Empty
مُساهمةموضوع: تأملات تربوية في قصة أهل الكهف تأملات تربوية في قصة أهل الكهف Emptyالإثنين 4 يناير - 6:09

المتأمل في سَوْق القصة يجدها جواباً لما ذُكر في افتتاحية السورة ودليلاً على صحته وإمكانِ حدوثه . ففي المقدمة أولاً: تنبيه إلى العقاب الشديد للكافرين " لينذر بأساً شديداً من لدنه " وفيها ثانياً : مدح وبشرى لمن آمن وعمل صالحاً " ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً " . وفيها ثالثاً :أن الحياة دار ابتلاء :" إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً " وفيها رابعاً: أنه سبحانه يعيد الأرض كما كانت لا نبات فيها ولا عمارة :" وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جُرُزاً " . وجاءت القصة تحمل في حناياها آداباً تربوية رائعة نجملها فيما يلي :

1- ليس في قصة أصحاب الكهف عجب ، فقدرة الله تعالى لا حدود لها ، وخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس . ولئن عجب الكفار من بعثهم بعد الموت إن الأنبياء وأولي البصائر يدركون قدرة الله عز وجل ، فيزيدهم ذلك إيماناً " أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً ؟ "

2- اللجوء إلى الله تعالى سمة المؤمن ، فهو سبحانه عونه ونصيره " ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً " فلما لجؤوا إليه داعين ، وأسلموا قيادهم له سبحانه واعتمدوا عليه آواهم الله وحفظهم إذ دلهم على الكهف ، وأغدق عليهم مما طلبوا من الرحمة والهدى والرشاد " فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ، ويهيئ لكم من أمركم مرفقاً " ولا حظ معي التوافق بين الإيواء إلى الله سبحانه ونشر الرحمة . وهكذا العلاقة بين العبد وربه . ومن لجأ إلى ربه واعتمد عليه ثبته الله وأيده " وربطنا على قلوبهم " .

3- القصة في القرآن حق لا مراء فيه " نحن نقص عليك نبأهم بالحق " وقد ادعى طه حسين أن قصة إبراهيم وغيرها في القرآن ليست على سبيل الحقيقة إنما على سبيل العبرة والعظة فقط . وهو بذلك ينفي حقائق التنزيل " نحن نقص عليك أحسن القصص " وأحسن القصص ما كان حقيقة . وعلى هذا نفهم قوله تعالى " إن هذا لهو القصص الحق " فما ورد في القرآن الكريم حق لا مراء فيه .

4- للشباب الدور الكبير في نشر الدعوة والذود عنها . فإيمان الشباب اندفاعي قوي " إنهم فتية آمنوا بربهم ، وزدناهم هدى " ويصدعون بالحق " إذ قاموا فقالوا : ربنا رب السماوات والأرض " ويعلنون دعوة التوحيد بثبات " لن ندعو من دونه إلهاً " من أشرك فقد تطاول على الحق وابتعد عنه " لقد قلنا إذاً شططاً " . وهنا نلحظ في كلمة الشطط التشنيع على المتطاولين الذين يغيرون الحقائق وينشرون الباطل .

5- لا بد لكل فكرة أو مبدأ من دليل أو برهان وإلا سقط في أول لقاء " لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن " وإذا لم يكن هناك حجة قوية أو دليل ساطع فهو ضعيف ، ولن تقنع أحداً بفكرتك إن لم تؤيدها بالنور الساطع الذي يكشف الغشاوة عن العيون وينير سبيل الحق . أما فرض الفكرة بالقوة والإرهاب المادي فدليل على الإفلاس وضحالة ما تدعو إليه وُيعَدّ افتئاتاً عل الحق وظلماً له " فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً " فالميل عن الحق افتراء على الله وتضليل للناس .

6- يعلمنا الله تعالى بقوله :" فأووا إلى الكهف " اعتزال الناس في الفتن ، وقد يكون مرة في الجبال والشعاب ، ومرة في السواحل والرباط ، ومرة في البيوت وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " يأتي على الناس زمان يكون خير مال الرجل المسلم الغنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر ، يفر بدينه من الفتن " ... ولعل هذا يكون في آخر الزمان عند مجيء المسيخ الدجال ، أو عندما تشتد الفتن وتطغى . وقد جاء في الخبر :" إذا كانت الفتنة فأخفِ مكانك وكُفَّ لسانك " ولم يخص موضعاً . . ومن هذا نفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم لعقبة بن عامر حين سأله : ما النجاة يا رسول الله ؟ " يا عقبة أمسك عليك لسانك ، ولْيسعْك بيتُك ، وابك على خطيئتك "
وقد جعلت طائفة العلماء العزلةَ اعتزالَ الشر وأهله بقلبك وعملك إن كنت بين أظهر الناس . قال ابن المبارك رحمه الله في تفسير العزلة : أنْ تكون مع القوم ، فإن خاضوا في ذكر الله فخض معهم ، وإن خاضوا في غير ذلك فاسكت . وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام – من مراسيل الحسن- " نعْمَ صوامع المؤمنين بيوتهم " اي وهم في مجتمعهم يدعونهم ويتعرضون إليهم بالنصح والموعظة ، فإن اشتدوا عليهم أوَوْا إلى بيوتهم ، ثم عاودوا الكرّة . ويؤكد هذه الفكرة قول النبي صلى الله عليه وسلم :" المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم .

7- لا بد من الجهر بالدعوة بين الناس لتصل إليهم ، وتكون حجة عليهم . ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الواضحة البيّنة ، ولنا بهؤلاء الفتية الأطهار القدوة الحسنة ، فحين سألوا الله القوة أمدّهم بها " وربطنا على قلوبهم " فثبتهم على الحق فقاموا يدعون إليه سبحانه فأعلنوا عقيدة التوحيد خالصة دون لبس ولا خوف " .. إذ قاموا فقالوا : ربنا رب السماوات والأرض ، لن ندعوَ من دونه إلهاً .. " . فكانوا قدوة للدعاة يأتسونهم .. قالوها ،فخلّدهم الله في كتابه الكريم إلى يوم القيامة .

8- كما أن مقامهم في الكهف أكثر من ثلاثة قرون ، تميل الشمس عنهم حين طلوعها – ولاحِظْ كلمة تزاور الدالة على قدرة الله في حركة مخلوقاته – وانظر كلمة تقرضهم عند غروبها فلا تصيبهم البتة في حركتها بزوغاً وغروباً وقد قيل : تقرضهم : تنثر عليهم شعاعاً خفيفاً لإصلاح أجسادهم ، وهم في فجوة من الكهف لا يتأذون بقرّ ولا حرّ عيونهم مفتحة ، " و تحسبهم أيقاظاً وهم رقود " يحركهم الله تعالى كي لا تأكل الأرض أجسادهم " ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال " يحرسهم كلبهم في مدخل الباب ماداً قائمتيه كأنه حي متوثب " وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد " ... تصوير بديع لهم في رقدتهم الطويلة هذه التي تدل توهم من يراهم أنهم أحياء .. مع إدخال الهيبة في قلوب من اطلع عليهم – إن اطلع – أن يتجاوزهم مبتعداً عنهم . مقامهم هذا دليل على قدرة الله تعالى في إماتتهم وحفظهم من التلف ، وإخافة من ينظر إليهم ، ثم على بعثهم .. فسبحان الله مالك الملك ، المتصرف في مخلوقاته كما يشاء .

9- الحذر في كل حالات الحياة – حلوها ومرها ، أمنها وخوفها – مطلوب ، فالتخفي والكتمان والتلميح من أنواع الحذر . فماذا فعل الفتيان حين أحياهم الله تعالى ؟ شعروا بالجوع .. فقد استيقظوا بعد ساعات طويلة استغرقت يوماً أو بعض يوم – كما ظنوا – والطعام والشراب وسيلة الحياة . والعدو الذي هربوا منه يطلبهم ويرسل العيون والجند بحثاً عنهم . فينبغي الحذر في التحرك . ماذا يفعلون ؟
- أرسلوا واحداً فقط يشتري لهم طعاماً فالواحد أقدر على التخفي ولا ينتبه له أحد . وهروبه أسهل إذا شعرت به عيون العدو وإذا وقع في أيدي الظلمة فهو فدائي واحد ، ولن تسقط المجموعة كلها .
- وأمروه باللطف في الشراء واللين في الطلب ، وليتكلم المختصر المفيد.
- وليكن تصرفه حكيماً وحركاته بعيدة عن الريبة لكي لا ينطبق عليه المثل القائل " كاد المريب أن يقول خذوني " .
- وليختر أطيب الطعام وأزكاه ، فالطعام الطيب الحلال أنفع للجسم ، وأرفع للروح.
صحيح أن الحذر لا ينجي من القدر لكن على الإنسان أن يأخذ بالأسباب ، ويعد للأمر عدته كي لا يُؤْخذ على غرة ، فالعدو الذي لا يخاف الله تعالى لا يرحم " إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أويعيدوكم في ملتهم " ألم يعلن كبير المجرمين فرعون رغبته في قتل النبي موسى عليه السلام ؟" ذروني أقتلْ موسى .. " مدعياً أنه بذلك يقضي على الفتنة ويحفظ الناس من الفساد؟! " إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد "؟َ ! . وقد دمغهم الله تعالى بالعدوان وكره المؤمنين ونقض العهود " لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة ، وأولئك هم المعتدون " وإذا قتل المسلم في سبيل الله فقد نال الشهادة ، أما إذا كان إيمانه ضعيفاً فلم يحتمل العذاب وكفر بدينه لينجو منه فقد خاب وخسر ".. أو يعيدوكم في ملتهم ، ولن تفلحوا إذاً أبداً " .

10- لا ينبغي أن نمر على قصص القرآن مروراً سريعاً إنما يجب التفكر والتدبّر للعظة والعبرة واستخلاص الدروس، فتكون نبراساً نسير على هديه ونستضيء بنوره ، وإلاّ كنا كمثل الحمار يحمل أسفاراً . قال المفسرون : إن الملك الذي هرب الفتيان من ظلمه وبطشه مات ، ومات الكفر معه . وانتشر الإسلام في البلاد ، واختلف المؤمنون في طريقة البعث والنشور . فمن قائل تحشر الأرواح فقط ، ومن قائل يحشر الناس بأرواحهم وأجسادهم . فكان عثورهم على الفتية دليلاً على حشر الناس بأجسادهم وأرواحهم كما كانوا في الدنيا ، فالله قادر على كل شيء . هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى كان بعث هؤلاء الفتية دليلاً باهراً على أن يوم القيامة حقيقة لا شك فيها " وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق ، وأن الساعة لا ريب فيها " .

11- المراء في أمر لا فائدة فيه لا حاجة إليه . وقتك أيها المسلم ثمين ، وحديثك موزون ، ولن يزيدك علماُ وفهماً أن تخوض فيما لاطائل له ، .. فماذا يزيدك لو عرفت عدد الفتية ؟ أو أسماءهم ، أو أعمارهم ؟ أو أعمالهم؟ .. الفائدة المرجوة تجدها في أفعالهم وثباتهم على المبدأ وفرارهم بدينهم يحافظون عليه . وحذرهم في تصرفاتهم ، وأخوّتهم في الله تعالى ...

12- أمر أخير ينبغي الوقوف عنده ، هو تعليق الأمر بمشيئة الله " ولا تقولن لشيء : إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله " فقد عاتب الله تعالى نبيه الكريم على قوله للكفار حين سألوه عن الفتية والروح وذي القرنين : غداً أخبركم بجواب أسئلتكم . ولم يستثنِ في ذلك ، فاحتبس الوحي عنه خمسة عشر يوماً حتى شق ذلك عليه ، وأرجف الكفار به . فنزلت عليه هذه السورة مفرِّجة ، وأمر في هذه الآية أن لا يقول في أمر من الأمور : إني أفعل غداً كذا وكذا إلا أن يعلق الأمر بمشيئة الله تعالى .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

تأملات تربوية في قصة أهل الكهف

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» تأملات رائــــعــــــه جدا» أصحاب الكهف» المعجزة الرياضية في سورة الكهف» تأملات العلاقة المتبادلة بين الإنسان والطبيعة في الإسـلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى جحاف :: الملتقيات العامة :: ملتقى الحوار والمناقشة-