كلنا نعلم حال أبين وحال أهلها,وكلنا نعلم أنها كانت كبش فداء وقربان أكلنه نار السياسات والمنكافات والمكايدات ونزعة الأنتقام والعداء لهذه المحافظة وأهلها البسطاء.
ولو سلمنا جدلاً أنها تحررت من براثن المفسدين والمخربين وعادة الحياة فيها لطبيعتها وعاد أهلها إليها وتخلصنا كلياً من المعاناة التي رزح تحتها أهل أبين ردحاً من الزمن والتي كان سببها موت الضمير وعدم مخافة الله,وإيثار مصالح الذات على مصلحة الجماعه,واللهث خلف مغريات وملذات شخصية كانت دائماً على حساب خراب المحافظة برمتها.
للأسف كان سادتها وكبرائها هم من أوصلها الى هذا الحال وهذه النهاية التي منيت بها أبين وأهلها البسطاء والشرفاء الذين كانوا هم الضحية والطرف الخاسر في هذه المعادلة التي لم تكن يوماً متزنة أو متعادلة,بل كانت تميل لجهة السادة وكبار القوم وأصحاب النفوذ الذين لا زالوا حتى اللحظة يتربعون كراسي العروش,ويتقلدون المناصب ويزاولون أعمالهم ونشاطهم وكأن المحافظة لم يحدث فيها شيء ولا تعاني من ويلات الحرب التي أتت على كل شيء فيها وحولتها الى مدينة أشباح وأطلال محافظة بالامس كانت واليوم أصبحت لأشيء..
هؤلاء من ولوا الأدبار وقدموها على طبقة من ذهب وتركوها عرضة للأخطار وفريسة سهلة للعابثين وللحرب والدمار..هؤلاء الذين أحتضنتهم في الأمس وأمنتهم على خيراتها ومدخراتها كانوا أول الهاربين وأول الفارين,ولم يعقبوا ولم ينطقوا ببنت شفة,ولم يؤازروا المحافظة أو يقفوا الى جانبها ويساندوها في لحظات ضعفها وأنكسارها وضياعها,ولم يشفقوا على أهلها النازحين والمشردين الذين يذوقون صنوف العذاب والحرمان والجوع والفقر والحنين للوطن ولم ينالوا حقهم الكامل أو حتى أقل القليل منه بل ذهب الى " كروش" السادة والمسئولين والى جيوبهم,أما هؤلاء النازحين فلم يصلهم سوء فتات "لا يسمن ولا يغني من جوع" حتى بلغ بهم مبلغ,ونال منهم العناء والحرمان والحزن والقهر,وسادتنا يفترشون الديباج ويلبسون الحرير ويسكنون الشقق المفروشة ويعتلون الفنادق الفارهة وينعمون بالملذات الولائم والعزائم وأطايب الأكل,متناسياً كلياً المحافظة وما تعانيه والنازحين وكافة أهلها وما يقاسون ويتجرعون جراء النزوح والحرب والضروس التي تدور رحاها في المحافظة ولم تضع أوزارها حتى اللحظة,ولم يكلف هؤلاء السادة أنفسهم عناء الأدانة والتنديد أو حتى المواساة,متناسياً أنهم سيعودون يوماً إليها وأنها أمهم التي أرضعتهم من "ثديها" وأعطتهم خيرها ولا يجوز أن يكونوا "عاقين" لها ناكرين معروفها وخيرها وفضلها بعد الله عليهم ولولاها لما وصولوا إلى ما وصلوا إليه وأصبحوا من سادة القوم وكبرائها.
تناسى هؤلاء أنهم يطمحون للعودة الىها محتفظين بمناصبهم ومكانتهم وأعمالهم رافعين أنوفهم رؤوسهم متباهين بأنفسهم وبمكانتهم,ولكن أنى لهم هذا؟؟وبأي وجه سيدخلونها,ويمشون على ترابها؟؟ أنى لهم هذا وهم لم يحركوا ساكناً ولم يسكنوا متحركاً؟؟وهل ستقبل هي بمن خذلها وتخلى عنها؟وهل ستعفو وستسامح كل من تأمر عليها؟هل سيقبل أهلها أن يحكمهم ويسير شئونهم أناس لم يلتفتوا نحوهم,ولم يشعروا بمعاناتهم والمهم وحزنهم؟ هل سيتناسون كرامتهم التي أهدرت وهم في المدراس والخيام والشوارع؟؟هل سيتناسون عويل نسائهم وصراخ أطفالهم ودموع امهاتهم وأنين أبائهم لحظات جوعهم وسهدهم وأرقهم؟؟هل سيقبل أهل أبين بالمفسدين والخربين وبمن يؤثرون أنفسهم ومصالحهم على حساب محافظتهم وأهلها؟هل سيقبلون بالمزايدين والمنافقين؟ هل سيقبلون بأصحاب النفوس المريضة وأصحاب المشاريع الصغيرة وأصحاب الأطماع الذين يضحون بكل شيء ويتخلون عن أي شيء في سبيل أن يحققوا غاياتهم وأهدافهم واطماعهم ومآربهم؟ هل؟ وهل؟ تساؤلات تحتدم بها أفكار المواطنين تبحث عن الإجابة من أبين وأهلها تحمل في باطنها الخوف الحرص والحزن على هذه المحافظة ليس فيه مصالح أو غيايات أو أهداف وليس فيها حقد لأحد أو تحريض ضد أحد إنما هي معاناة نابعة من حرقة وقهر والم على محافظة تنكر لها أهلها وتركوها تنزف وتئن وتتوجع..